سعد محمد مهدي غلام
الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 15:57
المحور:
الادب والفن
"كل مَن يعتقد أنه فهم شيئًا من كتاباتي فقد فهم منّي ما فهم طبقًا لصورته الخاصة، وفي أغلب الأحيان شيئًا مناقضًا لي تمامًا".
"نيتشه"
تقدمة:
هذه ليست شذرات عن الحب،
ولا عن الذاكرة،
بل عن تلك اللحظة التي ينفصل فيها الكلام عن قائله،
وتبقى المعاني ترتجف وحيدةً تحت الجفن.
كلُّ ما في هذا النص لا يُحكى دفعة واحدة،
بل يُقرَأُ مثل تشققٍ في جدار اللغة،
أو كأنّ الذات تهمس لصورتها… دون أن تعترف.
الشذرة هنا ليست بيتًا ولا حكمة،
إنما جرحٌ يُقَطَّر ببطء،
في كأسٍ لا تُرفع.
الشذرات:
الاشْتِيَاقُ: نَوْبَةُ دَهْشَةٍ
يُوقِظُهَا عَوْسَجُ سَرَابِ النِّسْيَانِ
تَحْتَ الشِّغَافِ.
كُلُّ نَفَسٍ يَشُقُّني
كَأَنَّهُ يُعيدُ رَسْمَ جُرْحٍ
نَسِيتُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتمِلْ.
الظِّلُّ: صَمْتُ مَنْ غَابَ،
إِذْ لَمْ يَجِدْ لِصَوْتِهِ مَرْفَأً،
سِوَى الرَّمادِ.
كَيْفَ نَمْسَحُ الدَّمْعَ عَنْ وَجْهِ زَمَنٍ
لَا يُرَادُ لَهُ أَنْ يَعُودَ؟
كُلُّ حُبٍّ مُؤَجَّلٍ، يُقَوِّضُ خَيْمَتَهُ
فِي زُقَاقِ ذَاكِرَةٍ مُكْتَظَّةٍ بِطِيبٍ عَتِيقٍ.
فِي اللَّيْلِ، يُؤَرِّقُني هَجِيرُ صَدًى قَدِيمٍ،
يَلْفَحُ فُؤَادِي، يُبْكِيني،
وَلَا أَدْري: أَأَبْكِي عَلَيَّ، أَمْ عَلَيْهِ؟
الشِّعْرُ: وَمْضَةُ نَجْمٍ تَنْبَثِقُ
مِنْ جِلْدِ اللُّغَةِ عِنْدَ التَّقْشِيرِ.
وَمِنَ الْوَدَاعِ...
مَاءٌ أُجَاجٌ،
يَغْسِلُ وَجْهَ مِرْآةِ الْحَنِينِ.
يَغِيبُونَ،
فَأَبْني مِنْ نَسَائِمِ ذِكْرَاهُمْ
قُمْرَةً أَعْتَصِمُ فِيها.
كُلَّمَا قُلْتُ: أَزِفَتِ الْخَاتِمَةُ،
يَخْرُجُ مِنْ كَفِّي قَلْبِي،
لِيُعِيدَني إِلَى البِدَايَةِ… مِنْ جَدِيدٍ.
فِي المِرْآةِ، كَانَ وَجْهِي يَبْحَثُ عَنِّي،
وَفِي الصَّدَى، يَتَرَدَّدُ صَوْتٌ لَا يَعُودُ لِي.
عِنْدَمَا تَضِيعُ مِنَّا الْكَلِمَاتُ،
يَسْتَبِيحُنَا الوَجَعُ… بِلَا تَفْسِيرٍ،
وَيَغْدُو الصَّمْتُ لُغَةَ الْعُيُونِ.
خَطَرَني طَيْفُها،
فَانْتَابَني وَجِيفٌ…
كَأَنِّي بِهَا بَيْنَ أَحْضَاني.
لَا يَحْضُرُني مَا قَالَتْ،
وَلَكِنَّ عَبِيرَ أَنْفَاسِها
مَا بَرِحَ يُعَبِّقُ المَكَانَ.
كُلَّمَا قُلْتُ: سَأَنْسَاهَا،
قَاطَعَتْني أَنْفَاسُها،
فَأَنْسَتْني أَنْ أَنْسَاهَا.
لَا أَعْرِفُ:
أَأَفْتَقِدُهَا،
أَمْ أَفْتَقِدُ نَفْسِي فِيهَا؟
فَفِي الْحَالَتَيْنِ،
أَنَا الْغَائِبُ.
أَكْتُبُ لِأَتَذَكَّرَ،
فَإِذَا بِي أَنْسَى
أَنَّنِي أَكْتُبُ.
أَدْمَنْتُ الْوَجَعَ،
حَتَّى بَاتَ دَوَاءَ أَوْجَاعي.
بَعْدَ رَحِيلِها،
صِرْتُ أُسْنِدُ ظِلِّي عَلَى الرِّيحِ،
فَقَدْ أَخَذَتْ مَعَهَا كُلَّ الْجُدْرَانِ.
كُلُّ مَا بَقِيَ مِنَ الذِّكْرَيَاتِ لِي،
بَدَّدَهُ صَمْتٌ يَكْتُبُني
نَصًّا يَحْمِلُ الرِّيحَ،
وَيَتْرُكُني…
هَامِشًا عَارِيًا.
خاتمة
عندما تنتهي الكلمات،
لا ينتهي القول…
بل يتحوّل إلى ظلٍّ خفيفٍ على حافة المعنى.
وحين تنقضي الذكرى،
يبقى في الهواء ما يشبهها -
وجعٌ لا نعرف إن كان يُحكى،
أم أننا نحيا في داخله... صامتين.
#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟