سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التصريح الذي أطلقه الزميل في مركز دراسات منع الانتشار النووي، مايلز بومبر، بأن “انسحاب إيران من معاهدة عدم الانتشار النووي سيواجه بمضاعفة العقوبات على طهران وتعريضها لضربات أميركية جديدة”، ليس مجرد تحذير عابر في سياق النقاش النووي، بل هو مؤشّر صارخ على أن إيران باتت تتعامل مع ملفها النووي في حالة من التخبّط المتسارع.
فمن جهة، تلوّح طهران بالانسحاب من المعاهدة كورقة ضغط سياسية تهدف إلى ابتزاز الغرب وإعادة ترتيب شروط التفاوض من موقع قوة. لكنها من جهة أخرى، تعلم جيداً أن هذه الخطوة، إن حدثت، ستشكّل نقطة تحوّل خطيرة في نظرة المجتمع الدولي إليها، وتمنح الخصوم – لا سيما واشنطن وتل أبيب – الذريعة الكاملة للتحرك عسكرياً أو أمنياً تحت مظلة “الردع المشروع”.
إيران التي لطالما قدّمت نفسها كطرف “ملتزم ولكن مضغوط”، تحاول اليوم استنزاف الزمن الدبلوماسي عبر تسريبات وتصريحات متناقضة، دون أن تقدّم موقفاً محسوباً يُبقيها في موقع تفاوضي مقبول دولياً. وهو ما يجعلها في نظر كثيرين تنتقل من “فاعل إقليمي” إلى “مُربك إقليمي” بلا استراتيجية واضحة.
المقلق في الأمر، أن الانسحاب من المعاهدة – إن تم فعلاً – لن يحرج الغرب فقط، بل حتى حلفاء إيران مثل روسيا والصين، اللذين سيجدان صعوبة في الدفاع عنها في المحافل الدولية، خصوصاً أن المعاهدة تشكّل أحد أعمدة الأمن الجماعي المرتبط بعدم الانتشار.
ما قاله بومبر يحمل في طيّاته ما يشبه “رسالة الردع المبطّنة”، بأن العالم لن يقف متفرجاً على أي انقلاب إيراني على الالتزامات الدولية، وأن زمن التساهل مع تجاوزات طهران ربما شارف على نهايته.
ختاماً، يبدو أن إيران تعيش اليوم لحظة اللايقين: تتنقّل بين أوراق الضغط دون بوصلة ثابتة، وتحاول أن تلوّح بالانسحاب من النظام الدولي، وهي تدرك أن هذا النظام – رغم هشاشته أحياناً – لا يترك الكثير من المساحات للمناورة، خاصة في ملف حساس كالسلاح النووي.
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟