أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوتان زيباري - أطياف الصراع: قراءة فلسفية في تداعيات الضربة الإيرانية والرد الإسرائيلي














المزيد.....

أطياف الصراع: قراءة فلسفية في تداعيات الضربة الإيرانية والرد الإسرائيلي


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 09:28
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


ما زال المشهد السياسي يُحاك بخيوطٍ من الغموض، تتداخل فيها الأحداث السريعة مع التأويلات البطيئة، كأنما التاريخ يعيد كتابة نفسه بلغةٍ من الرماد والدخان. ففي مساء الأمس، عند منعطف الساعة السابعة، انفجر الواقع فجأةً بضربة صاروخية إيرانية على القاعدة الأمريكية في "العديد" القطرية، كأنها رسالةٌ محفوفةٌ باللهب والحديد، تلتها إشاعاتٌ عن ضرباتٍ أخرى في العراق. ثم جاء رد قطر، متحفظًا بحق الرد، كمن يمسك بورقةٍ أخيرة في لعبةٍ مصيرية. وبعد ساعات، عند منتصف الليل، تحوّل الموقف إلى وساطةٍ قطريّة لوقف إطلاق النار، ليعلن الرئيس الأمريكي لاحقًا اتفاقًا هشًّا عند الرابعة فجرًا بتوقيت طهران. لكنّ المفاجأة كانت كالخنجر الهادئ: هجومٌ إيرانيٌّ جديدٌ على إسرائيل، ليُطرح السؤال الأكبر: هل نحن أمام هدنةٍ مؤقتة، أم أن الحرب تُخفي تحت رمادها جمرًا لم ينطفئ؟
هذا الضباب الذي يلفّ المشهد لا يختلف عن ضباب التاريخ نفسه، حيث تُكتب النهايات قبل أن تُفهم البدايات. فقبل نصف ساعةٍ من هذا النقاش، كان الإعلام الإسرائيلي يترنح بين شعورين: انتصارٌ مُتخيَّل، أو حربٌ لم تنتهِ بعد. فهل نتعامل مع هذه الضربة كاستثناءٍ عابر، أم أنها إشارةٌ إلى أن طهران ما زالت تلوح بخياراتها، كشخصٍ يتراجع خطوةً ليُقدّم ضربةً أقسى؟ الساعات القادمة ستكشف، لكنّ التصريحات الإسرائيلية، مثل تصريح وزير الدفاع "يؤاف غالانت" عن ردٍّ "مزلزل" لأي خرق، تُذكّرنا بأنّ العنف قد يكون لغةً وحيدةً في حوار الأضداد.

الانتصار الوهمي والنشوة العابرة
في قلب هذا المشهد، تُطرح أسئلةٌ وجودية: ما الذي حققته إسرائيل بعد اثني عشر يومًا من الحرب؟ لقد حدّد "نتنياهو" أهدافًا ثلاثة: تقويض البرنامج النووي الإيراني، تحييد تهديد الصواريخ الباليستية، وتجفيف منابع الإرهاب المدعوم من طهران. لكنّ السؤال الفلسفي الأعمق: هل يمكن قياس النصر بأعداد القتلى، أم بزعزعة الروح المعنوية للخصم؟ التقييمات الإسرائيلية تتحدث عن "نصرٍ نسبي"، حيث أعادت الضربات البرنامج النووي سنواتٍ إلى الوراء، لكنها لم تقضِ عليه. هل هذا كافٍ؟
هنا نستحضر "نشوة 1967"، ذلك الشعور بالتفوق الذي اختبرته إسرائيل بعد حرب الأيام الستة، حين تحوّل الانتصار العسكري إلى أسطورةٍ قومية. اليوم، يعيش الإسرائيليون نشوةً مشابهة، مدعومةً بارتفاع الثقة في مؤسسات الدولة، كالموساد (82%) والحكومة (من 23% إلى 30%). لكنّ التاريخ يُعلّمنا أن النشوة قد تكون مقدمةً للسقوط، كما حدث بعد انتصار 1973 الذي تبعه صدمة "حرب أكتوبر". فهل يُدرك الإسرائيليون أنهم يبنون انتصارًا على رمالٍ متحركة؟

السيناريوهات المُظلمة: بين التهريب والنووي الخفي
في زوايا الغرف المغلقة، تُناقش سيناريوهاتٌ أكثر قتامة. فبعض المحللين يتحدثون عن احتمال تهريب إيران لليورانيوم المخصب إلى كوريا الشمالية أو باكستان، كي تُجري تجاربها النووية بعيدًا عن الأعين. هل هذا مجرد خيالٍ استراتيجي، أم أنه كابوسٌ قد يصبح حقيقة؟ السيناريو الآخر هو انسحاب إيران من معاهدة الحدّ من الانتشار النووي، وإعلانها امتلاك القنبلة، كردٍّ على الضربات. هنا يصبح السؤال: هل كانت الحرب وسيلةً لتعطيل البرنامج النووي، أم دافعًا لإيران لتسريعه؟

الجدار الحديدي: فلسفة القوة التي لا تنتهي
لا يمكن فهم الاستراتيجية الإسرائيلية دون العودة إلى "عقيدة الجدار الحديدي" التي صاغها "زئيف جابوتنسكي" عام 1922. فالفكرة الأساسية هي أن المستعمَر (الفلسطيني) لن يقبل بالمستعمِر (الصهيوني) إلا إذا فَقَدَ الأمل في المقاومة. وهذا يتطلب، بحسب جابوتنسكي، "ضربًا ضربًا ضربًا حتى الانهيار". اليوم، يُطبّق "نتنياهو" هذه العقيدة بحذافيرها: ضرب غزة، تدمير سوريا، مواجهة حزب الله، والآن ضرب إيران. الهدف؟ "شرق أوسط جديد" بلا تهديدات، حيث تُهيمن إسرائيل بقوةٍ لا تُقهر.
لكنّ الفلسفة تُعلّمنا أن القوة المطلقة تُنتج مقاومةً مطلقة. فهل يُدرك "نتنياهو" أن جداره الحديدي قد يصبح سجنًا لإسرائيل نفسها؟

الخاتمة: هدنة أم هدوء ما قبل العاصفة؟
اللحظة الراهنة تشبه مقطعًا من مسرحية بانتظار نهايتها. فوقف إطلاق النار الحالي قد يكون مجرد فاصلٍ في حربٍ أطول، خصوصًا مع غياب الشروط التفاوضية الواضحة. ما الذي اتفقت عليه إيران وأمريكا وإسرائيل خلف الأبواب المغلقة؟ هل هناك ضماناتٌ بوقف التصعيد، أم أن الهدنة مجرد وقتٍ لإعادة ترتيب الصفوف؟
حتى هذه اللحظة، يبدو أن إسرائيل تعيش لحظةً من النشوة الاستراتيجية، لكنّ الأسئلة المصيرية ما زالت معلقة: مصير البرنامج النووي الإيراني، ومصير "اتفاقات إبراهيم" التي قد تتحول إلى أطلالٍ بفعل هذه الحرب. الساعات القادمة قد تحمل إجاباتٍ، أو قد تثبت أن الواقع أكثر تعقيدًا من أي تحليل. ففي النهاية، كما قال أحد الفلاسفة: "الحرب لا تُحدّد من هو على حق، بل من بقي على قيد الحياة.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة الصراع الإيراني-الإسرائيلي وتصدعات الشرق المكسور
- صراع الوجود وأسئلة المصير: الهجوم الإسرائيلي على إيران بين ا ...
- سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة
- تأملات في الخطاب والهوية بين السجال والوجود
- رياح التمرد والهشاشة: الكورد بين مطرقة الذات وسندان الجوار
- اللامركزية بين مطرقة السلطة وسندان الحرية: تأملات في فلسفة ا ...
- صراع الجبابرة: إيران وسوريا في دوامة الشرق الأوسط الدامية
- الكوردايتي: سيمفونية تحوّلٍ من البقاء إلى الازدهار
- تأملات في الحرية والذات والهوية
- صوت المثقّف في مواجهة دوّامة التفاهة والانقياد
- حين ينهش القناع مَن يلبسه
- سوريا بين رُكام الشرق وحُمى الغرب: عن الأويغور، إسرائيل، وخر ...
- تركيا والكورد في مفترق الطرق
- انفصال المعنى عن الفعل الإنساني: المأساة الصامتة للمجتمع الح ...
- رحلة الكُرد نحو الذات السياسية
- بين سُحب التقسيم ووهج الاتفاق: رقصة الأضداد في ظل الشرق المض ...
- أقنعة الاستبداد: سوريا بين مطرقة التقديس وسندان التماثل الخف ...
- لعبة التوازن بين الحوار والقمع في الملف الكوردي التركي
- انفتاح الغرب... نافذة خلاص أم قيد ناعم؟
- شاطئ الخوف: تأملات في ظل صمت البنادق


المزيد.....




- ترامب يعترف بتقييم الاستخبارات حول وضع مواقع إيران النووية ب ...
- بعد وقف إطلاق النار.. وزير دفاع إيران يصل الصين في زيارة تست ...
- موجة حر غير مسبوقة تجتاح شرق روسيا: حرارة قياسية وحرائق تهدد ...
- عاجل | حماس: جرائم الاحتلال ومستوطنيه وآخرها في كفر مالك تست ...
- انقسام المخابرات حول فاعلية الضربة يثير الشكوك بشأن مصير نوو ...
- خلاف أميركي سويسري بشأن أسعار -إف 35-
- مجددا.. ويتكوف يحدد -خطوط إيران الحمراء-
- -سي آي إيه-: منشآت إيران النووية الرئيسية -دُمرت-
- هجوم لمستوطنين في الضفة والجيش الإسرائيلي يقتل 3 فلسطينيين
- فيديو منسوب لمشاهد دمار في إسرائيل جراء الصواريخ الإيرانية.. ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بوتان زيباري - أطياف الصراع: قراءة فلسفية في تداعيات الضربة الإيرانية والرد الإسرائيلي