أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق














المزيد.....

إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 02:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حول سؤال الاختراق الأمني الرّهيب الذي تعرّضت له إيران

الدولة الإيرانية بعد الثورة كانت في عزلة قاتلة. لم يكن لها حلفاء. لكن الثورة كان لها أصدقاء.
في البداية لم يكن هنالك تصديرا منظما للثورة، بل الثورة، من تلقاء نفسها، هي التي غادرت الحدود كأي ثورة في التاريخ.

طيلة الحرب مع العراق كانت إيران في عزلة. وحين خرجت من الحرب كانت محطمة في الشكل وفي المضمون.
سياسيًا كانت معزولة دوليِا. واقتصاديًا مدمَّرة بالكامل: بنيتها التحتية متهالكة. منشآت النفط والغاز دمّرها الطيران العراقي ولم يترك حجرا على حجر.
على الصعيد المجتمعي، خرجت البلاد بتركيبة اجتماعية مشوّهة. فالحرب أعادت صياغة المجتمع من حيث لا تدري إيران ولا تنوي. حيث نشأت شرائح اجتماعية جديدة لم تكن موجودة قبل الحرب، مثل:
معاقي الحرب وضحاياها،
العائدين من الجبهات،
عائلات المفقودين،
عائلات الشهداء،
الأسرى
عائلات الأسرى.

بمعنى أن الحرب أعادت تشكيل البنية الاجتماعية بالقوة، وضربت المقدّرات البشرية في الصميم، ولسنوات طويلة، وقد دفعت إيران فاتورة ثقيلة جدًّا بموجب ذلك التشوّه.

بالمعنى العسكري، وخاصة في المرحلة الأخيرة، لم تكن إيران تخوض حربًا عادية، بل كانت ملحمة حقيقية. كانت شعب يقاوم بجسده. قُتل في الحرب نحو مليون ونصف إنسان لاستعادة الأراضي التي كان الجيش العراقي قد احتلّها.

باختصار، دامت الحرب ثمانية سنوات في ظل تفوق عراقي مطلق. وانتهت بعد أن استفزّت حضارةً وثقافةً وتاريخًا عريقًا لأمة من أقدم أمم الشرق. الحرب لم تمس الجنود والأرض والاقتصاد فقط، بل طعنت الهوية الوطنية، والمذهب، والذاكرة الجريحة. ومن الحرب إلى حصار سيستمرّ لستة وأربعين عاما دون رحمة ولا شفقة.

مسألة أخرى: الجغرافيا السياسية لإيران معقدة وشديدة الخطورة. فبالرغم من تمتعها بموقع جغرافي حيوي يجعلها طرفًا محوريًا في معادلات الشرق برمته. فقد انهار الاتحاد السوفييتي مباشرة بعد خروج إيران من تلك الحرب المدمرة، وفجأة، ودفعة واحدة، ولدت على حدودها أربعة دول جديد مضطربة (أذربيجان، تركمانستان، أرمينيا، روسيا، وواجهة بحرية على القزوين)، وأصبحت محاطة بإثني عشرة دولة. معظمها يشتعل: عدم استقرار في الجمهوريات السوفياتية المنفصلة حديثا. حرب في أفغانستان، سلسلة انقلابات في الباكستان. وسرعان ما انفجرت أزمة احتلال العراق للكويت في أوت 1990، فتشظّت الحالة العربية، وعادت القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة لتحتل المنطقة بقواعدها العسكرية.

أكثر من هذا، التّركيبة السكانية الإيرانية متنوعة أقواميا بقدر التنوّع الثقافي لجوارها الجغرافي. بحيث يرتبط كل مكوّن داخلي بألف رابط ثقافي بدولة مجاورة. وهذا جعلها، بحكم الجغرافيا والديمغرافيا، دولة لا تنام، إذا غفلت سقطت. إذ يتطلب موقعها تأهُّبا دائمًا وخوفًا مستمرّا، وكلّما كان نفوذها خارج حدودها أبعد، كان القلب مرتاحا. وكلما انكفأت، خصوصا في ظل الحصار، ازداد التهديد الوجودي وفقدت الدولة مقومات الحفاظ على مكانتها الإقليمية.

من هنا، من هذه الهوية الوطنية المعقدة بسبب تعدد الأعراق والمذاهب داخل البلاد، حيث يعيش الفرس والاذريين والعرب والأكراد والبلوش وغيرهم تحت مظلة الدولة. تسعى إيران إلى حماية وحدتها الداخلية وأمنها القومي عبر مدّ نفوذها خارج حدودها. لأن ضعف التأثير في الإقليم يؤدي إلى تزايد الأصوات المطالبة بالانفصال أو الاستقلال الذاتي، ما يجعل هذا النفوذ الخارجي جزءًا أساسيًا من الأمن القومي الإيراني.

من هذه الضرورة، ولأن الدولة بلا حلفاء، ولد محور المقاومة وولدت معه نظرية "الدفاع عن الدفاع".

الحصار الذي دام ستة وأربعين عاما متواصلة، أجبر الدولة على الارتباط بقوى "غير دولتية"، منظمات سياسية لها أذرع عسكرية وأمنية تتقدم فيها الايديولوجيا على الاحتراف وحسن التدريب، ما يجعلها عرضة للاختراق وسهولة التوظيف. بحيث تصبح عمليات ضبط الأمن مسألة في غاية الصعوبة. ومن هذه الثغرة تعرّضت المؤسسات الأمنية الإيرانية إلى اختراق فظيع انتهى بكارثة حصد الرؤوس ليلة 13 جوان 2025.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...
- اسرائيل تعتدي على إيران بالوكالة
- مسار الصراع بين مشروعين
- من تحييد مصر إلى العدوان على إيران: معركة اقتلاع روح المقاوم ...
- المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران و ...
- الكيان الصهيوني يتفكّك: فما هي الأسباب البنيوية والعوامل الم ...
- تشوّه البنية الكولونيالية وتحوّلاتها الاقتصادية والسياسية
- أمريكا هي الطاعون
- المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب ا ...
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل
- دولة السبعين عامًا: بيروقراطية المصالح وصراع الطبقات في تونس ...
- مفهوم -الكتلة التاريخية- بين أنطونيو غرامشي والتلقي العربي: ...
- في جوهر سؤال محمد لخضر الزغلامي: نحو نظرية عملية لتنظيم الطب ...
- أوروبا المتأرجحة بين العجز والمراوغة، ما الذي غيّر موقفها من ...
- النهضة أسقطتها جرائمها
- حركة النهضة في أيامها الأخيرة
- التحليل السياسي والفكري يجب أن يتمّ بعيدًا عن العواطف والموا ...
- صوت يأتي من بعيد
- الإمبريالية وتمويل المجتمع المدني في دول الجنوب العالمي
- بين الثورة والإصلاح


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق