أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم














المزيد.....

حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 18:12
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث تتشابك جذور النخيل مع آثار بابل، وُلد الباحث والمترجم حسين علوان حسين يوم الثلاثين من آذار عام 1951، في زمن كانت فيه الكلمة تحفر طريقها في وعي العراقيين كجذوة مقاومة أو كبذرة أمل. نشأ في مدينة تتكئ على مجد قديم وتقاوم خيبات الحاضر، فكبر وفي يده كتاب، وفي قلبه نزوع حاد إلى المعرفة.
منذ نعومة أظفاره، بدا كأنه لا يكتفي باللغة العربية، تلك التي أنجبت المتنبي والجاحظ، بل كانت عينه على لغات أخرى، فاختار الانكليزية جسراً إلى العالم، والتحق بكلية التربية / جامعة بغداد، متخرجًا من قسم اللغة الإنكليزية عام 1972، ليبدأ رحلته الطويلة في تدريس اللغة وتفكيك النصوص، في المدارس أولًا، ثم بين أروقة الجامعات وقاعات المحاضرات.
لكن حسين علوان لم يكن معلّمًا تقليديًا، بل كان باحثًا يحدّق في الكلمات كما يحدّق الحفار في طبقات الأرض، باحثًا عن المعاني الدفينة، مستقرئًا التاريخ، ناقدًا النص، ومُترجمًا الروح لا الكلمات فحسب.
كان التحوّل الأبرز في حياته حين استأنف دراسته الأكاديمية بعد سنوات من الخدمة، فحصل على شهادة الماجستير من كلية الآداب بجامعة بغداد عام 1997 في الأدب الإنكليزي، ثم الدكتوراه في علم اللغة الإنكليزية عام 2004. ومع ذلك، لم ينفصل أبدًا عن هموم الواقع، ولا عن إرث الحلة الثقافي، ولا عن صدى بابل في أعماقه، بل ظلّ يربط كل ما يكتب ويترجم بهذا الإرث، حتى وهو ينقل إلينا صوت الروائي النرويجي كنوت هامسن في نساء المضخة، أو يُعيد تشكيل الأسطورة في ملحمة كلكامش.
وهو في كل ما كتب وترجم، ظل مخلصًا لنظرة نقدية لا تنخدع بالسطح، بل تغور في المعنى. يرى فيه بعض النقاد أنه جسر ثقافي رصين بين الشرق والغرب، رجلٌ يعرف أن الترجمة ليست مجرد نقل، بل فعل خلق، حيث يعيد الكاتب ولادة النص في سياق جديد، بثقافة جديدة، دون أن يُفقده روحه.
يرى الناقد فاضل ثامر، في مقالة نشرها في إحدى الدوريات، أن حسين علوان "يتعامل مع النص الأجنبي كما يتعامل الجراح مع الجسد المريض: بدقة، بحذر، وبحبٍّ لا يُقال"، بينما أشار الناقد علي حسن الفواز إلى أن "مترجمًا مثل حسين علوان يُثري المكتبة العراقية لأنه يختار نصوصًا تحمل قيمة فكرية وفنية، ويقدّمها بلغة أنيقة وبترجمة مسؤولة".
ولم يكن وفاؤه للترجمة وحدها، بل امتدّ إلى المسرح والرواية والقصة، فكتب بابل تزهو بالنصر، ومعمعة العميان، وحوار الطرشان، وهي مسرحيات تقف على الحافة بين الرمزية والواقعية، وتحمل في نسيجها السياسي والاجتماعي نقدًا ساخرًا وواعيًا، بينما روايته رجع الوجع وزعبيل في بابل تتناول تمزقات الإنسان العراقي، متوغلة في النفس المحلية دون أن تغرق في الانغلاق.
أمّا في كتابه الصراع في ملحمة كلكامش، فقد قرأ التراث بعيون معاصرة، وراح يبحث عن ذلك "الكلكامش" الجديد الذي لا يهزم الموت بالسيف، بل بالمعنى، بالمعرفة، وبفهم الحياة كما هي.
كان أيضًا ناقدًا يُجيد الإصغاء إلى النصوص الشعرية، فاشتغل على مختارات من شعر موفق محمد وجبار الكواز، وكتب في قراءاته الشعرية مقالات تنبض بحسّ تحليلي عميق، لا يفصل الجمال عن الفكر، ولا الوزن عن الرؤيا.
لقد كان عضويته في اتحاد أدباء وكتاب بابل منذ 1984، وجمعية المترجمين العراقيين، انعكاسًا طبيعيًا لمشروعه الثقافي، لا كصفة تكميلية، بل كامتداد لفعله وحضوره. وحين كتب عن احتلال العراق عام 2003، لم يكن شاهدًا فحسب، بل كان يحاكم اللغة، ويفكك الشعارات، ويعيد ترتيب الجُمل لتكشف ما خفي من أهداف وخيانات.
أما مقالاته المنشورة في الصحف الورقية والإلكترونية، فهي مزيج من التأمل التاريخي والنقد اللغوي والسياسي، وهي تكشف عن عقل يُجيد العبور بين السياقات دون أن يتورط في سذاجة الأدلجة أو ضباب الخطابة.
يكتب حسين علوان كمن ينقّب في الحطام عن جواهر لم تُكتشف بعد، مترجمًا وكاتبًا، باحثًا وأستاذًا، ظلّ، رغم تقلبات العراق ومآسيه، وفيًّا للغة، للأثر، للمعنى، ومخلصًا لرسالة ثقافية ظلّت تتأرجح دومًا بين الأمل والانطفاء.
في زمن تعلو فيه الضوضاء على المعنى، يظل حسين علوان أحد الذين اختاروا أن يكونوا أوفياء للحرف، لا كوسيلة، بل كغرسٍ ينبت، ببطء، على شاطئ بابل.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد
- جعفر هجول شاعر مترحل بين الغربة والعشق
- الناقد الذي عبر الظل أمين قاسم خليل
- أحمد سوسة ضميرُ العلمِ ومسافرُ الزمان في خرائط الأرض وذاكرة ...
- خالد الحلّي شاعر المنفى وصوت الطفولة البعيد
- قراءة في قصيدة -النهر والمقصلة- للشاعر موفق محمد
- جعفر الكوّاز حاملُ الهوى ومفهرسُ الذاكرة
- الدكتور عدنان الظاهر سيرة حياة عالم كيميائي مميز
- عبد الإله كمال الدين... العابر بين الخشبة والمكتبة
- أديب كمال الدين شاعر الحرف ومتصوف المعنى
- الدكتور وليد جاسم الزبيدي شاعر الذاكرة والمناسبات
- قاسم عبد الأمير عجام الناقد الذي قتلته الكلمات الحية
- الدكتور علي الربيعي ذاكرة المسرح العراقي
- حسين السلطاني.. الشاعر الذي ظلمه المجتمع
- عادل الياسري.. وردة عراقية نزفت شعراً
- علي الحمداني... شاعر تفتّحت في قلبه حدائق الشعر والوفاء
- حمزة فيصل المردان شاعر يتقاطع فيه النبض العمودي والهمّ الحدا ...
- حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية
- الدكتور جليل كمال الدين المُترجِم الذي أهدى القارئ العربي دف ...
- جبار الكواز.. صائغ الطين وحارس الذاكرة البابلية


المزيد.....




- تحديث مباشر.. نتائج ضربات إيران بإسرائيل ورد طهران على تهديد ...
- -مبالغ مهينة-.. الإسرائيليون ساخطون على تعويضات المتضررين من ...
- روسيا تشيد بتضحيات كوريا الشمالية وبكفاءة عسكرييها في تحرير ...
- -لحسن الحظ لم يكونوا هنا-.. هكذا علق لابيد بعد إصابة صاروخ إ ...
- هجوم سيبراني يشلّ بنكًا حكوميًا في إيران... ما علاقة إسرائيل ...
- تسريبات نووية هزّت العالم: من تشيرنوبل إلى فوكوشيما
- بسبب التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. دول الخليج تحبس أنفاسها
- إنجاز علمي غير مسبوق.. كشف النقاب عن أول كسوف شمسي -من صنع ا ...
- طريقة طبيعية تقضي على الأرق في غضون 24 ساعة
- بكين لن تتخلى عن طهران


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم