حرب إسرائيل الكبرى على إيران - صراع على ملامح النظام العالمي الجديد

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 13:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع




*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


أندريه غوروليوف
جنرال متقاعد، ناشط سياسي ونائب في البرلمان الروسي

13 يونيو 2025

في مشهد يعكس نهاية ما تبقى من توازنات القانون الدولي، أقدمت إسرائيل فجر الثالث عشر من يونيو 2025 على تنفيذ هجوم جوي واسع النطاق ضد أهداف إيرانية، دون إعلان حرب أو توجيه أي تحذير مسبق، في خطوة لم تعرف المجاملة أو الدبلوماسية. مئات الطائرات الحربية، وعشرات الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز، أمطرت مواقع إيرانية بالدمار، في عملية منظمة ومدروسة.

إستهدفت الضربات منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب مصانع عسكرية، ومقرات قيادية، من بينها مقرات كبار قادة الحرس الثوري الإيراني. وقد أسفر الهجوم عن مقتل عدد من القادة العسكريين البارزين، من ضمنهم قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء محمد باقري، فضلًا عن سقوط عدد من علماء الذرة الإيرانيين تحت الأنقاض. كما لم تسلم المناطق المدنية من الهجوم، مما تسبب بسقوط قتلى في صفوف المدنيين.

ما يثير الدهشة – أو بالأحرى الغضب – هو صمت واشنطن، التي إكتفت بإصدار بيانات ضبابية مفادها أنها "لم تكن على علم مسبق بالعملية ولم تؤيدها". هذا الموقف الأمريكي المائع يفسره كثيرون بأنه غطاء سياسي ضمني، يتيح لتل أبيب التصرف بحرية في الإقليم. هكذا، وبدون محاسبة أو عواقب، تقوم إسرائيل بقصف أراضي دولة ذات سيادة، في مشهد يجسد الإنهيار الكامل لمنظومة القانون الدولي.

لقد أصبح واضحًا أن ميزان العلاقات الدولية لم يعد يُقاس بالقوانين والمعاهدات، بل بقوة الصواريخ ودقة الضربات الجوية. من يمتلك القوة العسكرية الأشد، هو من يفرض معادلات الواقع، وهو من يُمنح الحق – غير المشروع – في تحديد مصير الآخرين.

لا يمكن لروسيا أن تنظر إلى ما حدث بعين اللامبالاة. فإيران شريك إستراتيجي لموسكو، يرتبط معها بإتفاق شامل للتعاون، وهو ما يجعل هذا العدوان مدعاة للتعامل الجدي، لا سيما وأن إسكات إيران أو إسقاطها سيمثل ضربة عميقة لمعسكر القوى الصاعدة على حساب الغرب.

المرحلة الراهنة تمثل لحظة مفصلية، قد تعيد تشكيل بنية النظام العالمي. فالهجوم على إيران لا يستهدف فقط منشآتها النووية أو مراكز قوتها الدفاعية، بل يستهدف أساسًا محاولة كبح تحول العالم نحو التعددية القطبية، ومنع تفكك النظام الأحادي الذي ظلت تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها لعقود.

في هذا الصراع تتواجه رؤيتان للمستقبل: الأولى ترى أن القوة يجب أن تُستخدم لفرض الهيمنة وسحق الخصوم، والثانية ترى في السيادة الحقيقية أداة لمقاومة الإستعمار الجديد والإبتزاز الغربي. ومهما كانت كلفة المواجهة، فإن من يتراجع اليوم عن موقعه أو يرضخ، سيتحول غدًا إلى ضحية جديدة على هامش التاريخ.

إن ما يجري اليوم في سماء إيران ليس مجرد إشتباك إقليمي، بل هو إختيار لقوة الفكرة التي تتحدى أحادية القرار العالمي. وإذا كانت طهران هي ساحة المعركة، فإن مصير النظام الدولي برمّته هو ما يوضع على المحك.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل