أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي عبد الجليل - تأثيل الدياثة وتأصيلها















المزيد.....

تأثيل الدياثة وتأصيلها


محمد علي عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 22:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


«الدَّيُّوث»، لُغةً، هو «القُعْموث» أو «الكَِـشخان» (بفتح الكاف أو كسرِها، وهو فارسي مولَّد) أو  «القُنْذُعُ» أو «القَرْنان» («الديوث المشارِك في قرينته لزوجته» بحسب الشنقيطي في «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن») أو «القَرطبان» («القَلْطَبان» أو «الكَلْتبان» مِن «الكَلَب» وهي «القيادة»، أيْ صفة «القَوَّاد»، بحسب الأصمعي في «تقويم اللسان» لابن الجوزي)، وهو الرَجُل الذي لا يَغارُ على أَهْلِهِ، وخاصةً زوجته، أو القَوَّادُ على أَهلِهِ، أو هو الذي يَرَى زَوجتَه تَزني، ويُـقِـرُّها. ولا يُطلَق «الديّوث» على المرأة. وفي الحديث : «تَـحْرُمُ الجَـنَّةُ على الدَيُّوثِ». وقيل إنَّ «الدَّيُّوث» كلمة عِبرانية أو سريانية. («الـمُعَرَّب»، الجواليقي [1073 – 1144 م]، و«جَمهرة اللغة»، ابن دريد [837 – 933 م]).

أمّا «القَرنان» فأصلُه غير مؤكَّد. فَـرُبَّـما مِن «القَـرْن» بمعنى القِران والـجَمع والوصل، على صيغة «فَعْلان» التي تَدُلُّ علَى الحدوث والحالة المؤقَّتة بخلاف صيغة «فَعيل» التي تَدُلُّ علَى الثبوت. فالفَرق بين «القَرنان» و«القَرين» هو أنَّ «القَرنان» حادثٌ جديد طارئ مؤَقَّـت، بينما «القَرين» ثابت دائم. فالفَرق بين «قَرنان» و«قَرين» كالفرق في بعض العاميات بين «ضَعفان» و«ضَعيف» أو «حَزنان» و«حَزين». فـ«القَرنانُ» بهذا المعنى هو مَن أَدخلَ قَرينًا جديدًا في العلاقة الزوجية أو سمَحَ به، أي شارَكَ زوجتَه مع رَجُل آخَر. ورُبَّما أَصلُ «القَرنان» أيضًا من قُرون الحيوان، تشبيهًا له ببعض ذكور الحيوانات، أو إشارةً إلى علامة القرون الـمُوَثَّـقة منذُ العصور اليونانية القديمة والتي ترمز إلى الخيانة الزوجية. ففي الميثيولوجيا الإغريقية، وُلِدَ المينوتور [Minotaure] مِن علاقةِ زِنا بين مَلِكة كريت، باسيفاي [Pasiphaé]، ابنة هيليوس إله الشمس وزوجة مينوس [Minos] مَلِك كريت، وبين الثور الكريتي. وكان المينوتور كائنًا ذا قرنين. فصار الشعبُ يُذَكِّر المَلِكَ مينوس بهذه الخيانة من خلال القيام بالإشارة المعروفة (إشارة القرنين)، والتي ارتبطَت منذ ذلك الحين بفكرة الخيانة الزوجية والطَّعن في «العِرض».

والأرجح أن كلمة «دَيُّوث» [بتشديد الياء، على وزن «فَـعُّول»] أو «دَيُوث» [بتخفيف الياء، على وزن «فَـعُول» وهو الأصحّ عربيًّا] هي كلمة عربية الأصل، وهي صفة مشبّهة بالفاعل تدلُّ على الثبوت من «داثَ» [«دَيَثَ»]، أيْ لانَ وسَهُلَ، ثُـمَّ صارت تُطلَق مجازًا على من فَـقَـدَ الغَيرة والخجَلَ والحَياء في مجال العلاقات الجسدية بما يُخالِفُ معاييرَ المجتمَع. يقال : «دَيَّثَ» الرَّجُلُ و«أَداثَ» البعيرَ أو الناقةَ وغيرَها : ذَلَّـلَـها ورَوَّضَها وأَخضَعَها ولَـيَّـنَها بكثرة الركوب. و«دَيَّثَ» الجيشُ الأَرضَ : لَـيَّـنَها وسَـهَّلَها. وتُستخدَم كلمةُ «دِثْ» في اللغة السبئية (وهي فِرع أو لهجة من العربية الجنوبية القديمة) للدلالة على الأرض المسطّحة، أي السهلة («مُعجَم الدوحة التاريخي»).

فالجذر العربي «داثَ» يشير إلى مفهومَين أساسيَّينِ هُما :
1- السهولةُ، ومِنهُ التعبير الحديث «امرأة سهلة» (بالفرنسية : femme facile)، أيْ تَقبَلُ العلاقةَ الجنسية الرضائية بسهولة مع أيّ شخص؛ ومنه أيضًا الجذر القديم «دَمُثَ» الرَّجُلُ، أي حَسُنَ ولان خُلُقُه و«دَمِثَ» المكانُ : لانَ وسَهُلَ.
2- الوَطْءُ أو الركوبُ، ومنه «داس» : وَطِئ بقَدَمِهِ، و«دَعَسَ» : داسَ دَوسًا شديدًا.

وصار الفعل «داثَ» يُشير إلى سُهولة وَطْءِ المرأة وإلى قَبول الرَّجُل أنْ يَطَأَ غيرُه امرأتَهَ. وصار الفعلُ «تَدَيَّث» يعني قَـبِـلَ أو قامَ بالدِياثة، على وزن «تــَفَــعَّـــلَ» وهو وزن المُطاوَعة [Forme V] للفعل «دَيَّثَ» والذي يشير إلى : قيام الفاعل بالفعل لنفسه (réfléchi actif [فِعل لاِزِم انعكاسي مبني للمعلوم])، أو إلى وقوع الفِعل على الفاعل (المُطاوَعة السلبية أو المنفعِلة) (réfléchi passif [فِعل لازِم انعكاسي مبني للمجهول]). وفيه معنى الصيرورةِ أيضًا :يُقال : «تَدَيَّثَ» الشخصُ، أيْ صار دَيُّوثًا، أيْ فيهِ دِياثةٌ وهي عَدَمُ الغَيرة علَى العِرض واحتمالُ المرءِ ما يناله من سوء في حُرمتِه. مثالٌ على ذلك ما وَرَد عن عَلِيٍّ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ : «قِيلَ لِي بِالعَسكَرِ، مَا أَبـيَاتٌ تَدَيَّثْتَ فِيها يا أَبا حَسَنٍ؟» فَأَنْشَدَهُم :
- فَلَمَّا بَدا لِي أَنَّها لا تَوَدُّنِي * وَأَنَّ هَوَاها لَيسَ عَنِّي بِـمُنْجَلِي،
- تَـمَّنْيتُ أَنْ تَهْوَى سِوَايَ لَعلَّها * تَذُوقُ حَراراتِ الهَوَى فَتَرِقَّ لِي.
(كتاب «الدلائل في غريب الحديث»، قاسم السرقسطي)

و«التديُّث» : القِيادة، أيْ وساطة الفحشاء أو تسهيل البَغاء، مِن الفعل «قادَ يَقود قِيادةً وقَودًا»، والأصلُ : «قادَ الدَّابَّةَ» إذا أَخَذَ بِقيادها وسَيْرِها [رَسَنِها]، وخاصةً لِلنَّـزو أو التلقيح، فنقولُ مثلاً : «قادَ البقرةَ إلى الثورِ فَـنَـزَا الثَّورُ»، أيْ وَثَبَ الثورُ عَلَيها لِلسِّفَادِ. ثمّ صارت «القيادة» تطلَق على الجمع بين اثنَين على فِعل جنسي غير مسموح اجتماعيًا، أي على الزِّنا أو اللواط أو المساحقة.

وحاليًا، نَستخدِم كلمةَ «القِوادة» لتمييزها عن المفهوم الحديث «للقِيادة» التي هي الزعامة وخاصةً السياسية منها، وإِنْ كان بينَ «القِيادة» [الزعامة] و«القِوادة» [الدِياثة] قَواسِمُ مشترَكة. فلا نُبالِغ إنْ قُلنا إنَّ كثيرًا من «القِيادات» العربية هي «قِوادات» تُـمارِس «الدِياثةَ» السياسية إذْ لا تَغار على «عِرض» أوطانها، وتَتساهل مع الفَسادِ، والخيانةِ، والاحتلالِ، وإهانةِ المواطنين، ولا تتساهل معَ المعارَضة السياسية. وتَتجلَّى «دِياثَـتُها» السياسية بقدر ما تسمح بتدخُّل الأجنبي في شؤون الوطن، أو تَخدم مصالِحَه على حساب أبناء شعبها، وبقدر ما ترتكب من مجازر بِحَقِّ شعوبها أو تصمت عنها أو تُبرِّرها، أو بقدر ما تُفَرِّط في ثروات بلادها وقرارها السيادي، أو تُـجمِّل صورةَ المستبدّ، والمستعمِر، والمحتلّ.

يُعدّ مفهوم «الدَّيُّوث» (و«الدِّياثة») في الثقافة العربية من المفاهيم الإشكالية التي تَـتَّـسِم بالغموض والاتّساع الدلالي الكبير، ويعكس بشكل عميق البنيةَ الذكورية للمجتمَعات العربية. فرَغمَ أنَّ المصطلح يُستخدَم في الظاهر للإشارة إلى رَجُل «يَـقْـبَـل الفُجورَ في امرأتِه»، إلاَّ أنَّ معناه يتباين بشكل كبير بحسب العَصر والمجتمَع والتيَّار الديني أو الثقافي السائد. ففي بعض السياقات المتشدِّدة، يُعدّ مُجَرَّدُ سَماح الرَّجُل لِـزَوجتِه أو أُختِه بمحادثة رَجُل غريب أو رَجُل ليس مِن مَحارِمِها نوعًا من «الدِّياثة»، بينما في أقصى أطراف الاستخدام يُطلَـق الوصفُ على الرَّجُل الذي يَقبَل بزنا زوجته أو يستمتع بمشاهدتها وهي تزني أَمامَه. يُعَدّ الرجُلُ دَيوثًا إذا شاركَ زوجتَه مع رجل آخَر أو قَبِلَ بِزِنا زوجَتِه؛ ولكنْ لا يُعَدُّ دَيوثًا إذا وَطِئَ أو جامَعَ في وقتٍ واحدٍ عِدّةَ جَوارٍ مملوكاتٍ له.

هذا التفاوتُ الواسع في الاستخدام يَكشِف عن هشاشة المفهوم، حيث لا يَستنِد إلى تعريف قانوني أو أخلاقي ثابت، بل إلى أعراف تَتغيَّـر بتغيُّر السياقات. فـ«الدِّياثة» مفهوم ذُكوريٌّ مَحض يُلصَق حصريًا بالرجل، مِـمَّا يُظهِر افتراضًا ثقافيًا ضِمنيًا بأنَّ الغَيرة والكَرامة المرتبطة بـِ«العِرْض» أو «الشَّرَف الجنسي» هي امتيازات ذكورية. في المقابل، تُغيَّـب مَشاعِرُ الغَيرة أو حَقُّ المرأة في الحماية من خيانة شريكها، وكأنها لا تمتلك حقًا مماثلًا في الامتعاض من خيانة الزوج. وبذلك، يُسهِم مفهومُ «الدَّيُّوث» في تكريس صورة المرأة علَى أنها «موضوعُ شَرَف» الرجل فقط، بل هي أداةٌ جنسية، لا فاعِلٌ أخلاقيّ مستقلّ. هذه الرؤيةُ لا تُعبّر فقط عن تحيّز جندري، بل تكشف عن بُنية سُلطوية تُخضِع المرأةَ وتعطي الرَّجُلَ سلطةً أخلاقية وقانونية لا تقابلها مسؤوليةٌ موازية.

فمصطلحُ «الدِياثة» هو إذًا مفهوم ثقافي واجتماعي معقَّـد يُشير إلى عدم غَيرة الرَجل على «شَرَفه الجِنسي» أو على سلوك أفراد أسرته من النساء، وِفقَ المعايير الثقافية السائدة في المجتمعات الأبوية (الذكورية)، وليس مفهومًا بيولوجيًا (حَيَويًا) أو فِطريًا (خَلْقيًا، طبيعيًا، متأصِّلاً)، بل له أصولٌ سوسيولوجية (اجتماعية) وسيكولوجية (نفسانية) يمكن تحليلُها في سياق البـُنى والقِيَم الاجتماعية. فالأصلُ الاجتماعي (السوسيولوجي) للدِياثة هو النظام الأَبَويّ (Patriarchy) الذي يربط «شَرَف» الرجل بالسلوك الجنسي للنساء في أسرَتِه. فالرجل يُقيَّم اجتماعيًا بِـمَدَى «سيطرته» على أجساد نساء عائلتِه. وبناءً على هذا المفهوم، يُـعَـدُّ من لا يُـمارِسُ هذه السيطرةَ أو يتساهلُ فيها «دَيُوثًا» فاقدًا للنخوة.

وفي المجتمعات التقليدية التي تتبنَّى قِيَمًا ذُكوريةً وهُويَّةً جمعية (قَبَلية أو عائلية)، يكون الشَّرَفُ عائليًا وقَـبَليًا وليس تحصيلاً فرديًا، و تُعامَلُ المرأةُ كرمز لشَرَف الجماعة، فيحتلّ مفهومُ «العِرْض» مكانةً مركزية في المنظوم القِيَمي لهذه المجتمعات. و«العِرْضُ»، لُغةً، هو كلُّ ما يُـمْدَحُ ويُذَمُّ من الإنسانِ سواء كان في نفسه، أَو سَلَفِه، أو من يَـلزَمُه أَمرُه. فـ«العِرْضُ» هو السُمعة الاجتماعية، وهو البَدنُ والنَّفْس والحَسَبُ [المناقب والمفخرة والشرَف الحاصل بالكسب]. ويُختزَل «العِرْضُ» و«الشَّرَف» في المجتمعات الذكورية في جسد المرأة وفي السلوك الجِنسي للنساء، خصوصًا فيما يتعلَّق بالعِفّة أو العُذرية، حيثُ تُـحَـمَّلُ المرأةُ وحدَها مسؤوليةَ «العِرض» و«الشَّرَف». ولذلك كان موقفُ المجتمعات العربية من شِعر الغَـزَل مرتبطًا أيضًا بمفهوم «العِرْض»، فَحارَبَت المجتمعاتُ العربية الغَـزَلَ (أو التشبيب) لأنه يَـمَـسُّ بِــ«أَعراض» الـمُحصَنات.

وقد دَرَسَ الباحثُ والأديب المصري اللبناني الأصل بِشْر فارس (1907-1963) مفهومَ «العِرْض» عند العَرَب في رسالة دكتوراه بالفرنسية ناقشها في السوربون عامَ 1932 بعنوان : «العِرْض عند عرب الجاهلية» (L’Honneur chez les Arabes avant l’Islam)، حيثُ يَـرَى أنَّ العِرْض يكاد أنْ يكونَ دِينًا. ولذلك، في المجتمعات العربية، يمكن اعتبارُ عدمِ التديُّثِ تَـدَيُّنًا وعدَمُ الدِياثة دِيانةً.

في المجتمَعات التقليدية الذُكورية، يُتوقَّع مِن الرجل أن يُراقِبَ هذا «الشرَف» ويَحميَه، لأنّه قَوَّامٌ على المرأة مُـتوَلٍّ أمرَها ورئيسُها وحاكِمُها ومؤدِّبُها وعليها أنْ تُـطيعَه («الرجالُ قَوَّامون على النساء بِـما فَـضَّل اللهُ بعضَهم على بعض» [النساء، 34])، وإلّا عُـدَّ مُـفَـرِّطًا في دَورِه. ومَن لا يُشارِك في هذه الثقافة يوصَم بِـ«الدِياثة» و«فقدان النخوة والمروءة» و«انعدام الرجولة». فَـيُـرَبَّى الذكورُ مُنذُ الصِغَر على مفهومَي «الغَيرة» و«الرَّقابة»، وقد يكونُ مِن إفرازات هذه الثقافة ارتباطُ اسم الله «الرَّقيب» في الذهن الشعبي بمفهوم الـمُراقَبة القاسية، وظهورُ شخصية «الرقيب» بشكل بارز في الشِعر العربي الغزلي (ومن الشواهد الشعرية التي تَذكُر الرقيبَ : «أُغايرُ الناسَ في حُبِّ الرقيبِ فَمُذْ * أراه أَبسِطُ آمالي بِقُربِهِمُ»، «وأَهوَى الرقيبَ لأنَّ الرقيب * يكونُ إذا كان حُبّي معي»). بينما تُرَبَّى الإناثُ على الطاعة والاحتشام. ومَن يُظهِر تَساهلاً في هذه المعايير يُعتبر «شاذًّا» عن النموذج الذكوري المهيمِن. فَـيُـضْـطَـرُّ كثيرٌ من الرجال الذين لا يوافقون نفسيًا أو فكريًا على هذه القِيَم أنْ يُـمارِسوا الغَيرةَ ليس بدافعٍ داخلي بل خوفًا من نظرة المجتمع، أي بسبب القلق من الأحكام الاجتماعية الضاغطة.

من ناحية سيكولوجية (نفسانية)، تُبنَى الهُويةُ الذكورية علَى القلق من فقدان السيطرة، فتُفهَم «الغَيرةُ» دليلًا على الفحولة والسيطرة، ويُفهم غِيابُ الغَيرة أو التساهلُ مع سلوكياتٍ «غيرٍ مقبولةٍ اِجتماعيًا» لدى المرأة علَى أنه فقدان للسيطرة، وبالتالي تهديد لهُوية الرجل. فتُستخدَم كلمةُ «دَيوث» شَتيمةً للنيل من رجولة الرجل ومن هُوِيّتِه ولتخويفه من فقدان موقعه الاجتماعي.

ولكنْ هُناك فروقاتٌ فردية في التقبُّـل والانفتاح، فبعضُ الرجال لديهم بُنية نفسية أكثر تسامحًا أو عقلانية تُـجاهَ حُرِّية الشريك، لكنهم يصطدمون بمقاومة اجتماعية قد تكونُ شديدةً. إلاَّ أنّه في بعض النماذج السيكولوجية الحديثة، مثل «نظرية عناصر الشخصية الخمسة»، أو «نموذج الخمسة الكبرى» (Big Five) (وهي : الانفتاح والضمير والانبساط والوِفاق والعُصابية)، يميل الأشخاص إلى درجات عالية من الانفتاح والانخفاض في العُصابية.

من وجهة نظر عِلمية، لا وجود لشيءٍ اسمُه «دِياثة» كتشخيص نفسي. فالمفهومُ هو نتاج ثقافي-اجتماعي يُستخدَم لتثبيت قِيَمِ السلطة الذكورية. وبالتالي فالرَّجُلُ الذي لا يُظهِر «غَيرةً» ليس مضطربًا بل هو مختلف عن المعايير السائدة. لا بل قد تُعتبَـر الغَيرةُ الزائدةُ سلوكًا مَرَضيًا يَرتبط غالبًا بالسيطرة أو انعدام الثقة في المجتمعات الغربية والليبرالية، فتُصبِح فكرةُ «امتلاك» الشريك مرفوضةً.

ومفهومُ «الدِياثة» في المجتمعات الليبرالية لا يحمل المعنى نفسَه الموجودَ في المجتمعات العربية، ولا يَـتَّـسِمُ بالشِّدَّة ذاتِها. ورُبَّـما تُعَدّ أقربُ المفاهيم الغربية إلى «الدياثة» كما تُفهم عربيًا هي : الخيانة الزوجية، ومصطلح Cuck (المخدوع الذي يُخان، المشتقّ مِن cuckold)، وكذلك مفاهيمُ الدعارة، والبغاء، والقِوادة (proxénétisme). ولا تزال الخيانة الزوجية مرفوضة اجتماعيًا في الغرب، لكنها لا تُفضي إلى النتائج أو الوصمة الاجتماعية ذاتها التي تُصاحبها في المجتمعات العربية.



#محمد_علي_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثيل الفِعل «حَوَى» وتطوّراتُه اللهجاتية
- يا رئيسُ !
- تأثيل كلمة «سِكّين»
- أغنية: كيف بدنا نعيش؟
- في معنى المُعجِزة
- «بارود ! اهرُبوا !» : خَطَـرُ الدِّينِ
- قراءة كريستوف لُكسنبرغ: ما لها وما عليها
- حكاية القرآن
- التاريخ البشري باختصار
- أثر العقائد والسياسات
- كلمة سريعة بخصوص اليوم العالمي للغة العربية
- المرشدية دين الحرية
- هجر جميل والراح المستعان
- أعاقر الراح
- ثقافة القطيع
- ظاهرة دافيد رجل الكهف
- من أين جاء نظام الكون؟
- شآم حبك في قلبي وفي الهدب
- أثر الدين (2)
- حاكم عربي يفتخر


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...
- الرئيس السوري يصدر مرسوما بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجل ...
- مسؤول إيراني كبير لشبكة -سي إن إن-: إيران ستستهدف القواعد ال ...


المزيد.....

- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي عبد الجليل - تأثيل الدياثة وتأصيلها