عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8129 - 2024 / 10 / 13 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لعل من أظهر تجليات الغباء المقصود، الزج بإيران في النقاشات بسبب ومن دون سبب، انطلاقًا من أرضية مذهبية قروسطية الأصل والنشأة. وهي أرضية لطالما كانت، في واقعنا العربي، منطلقًا لضروب التجهيل والتخبيل. هذا النمط من التفكير، يُحطب في حبال سياسات العدو تجاهنا، ونعني صرف الأنظار إلى عدو وهمي مُختلق غيره. هنا، نستحضر "الجهاد المقدس" ضد "الخطر الأحمر" في أفغانستان، والقدس على مرمى طلقة مسدس تئن تحت الاحتلال الصهيوني. لا بل الأنجلوساكسون زارعو الكيان الصهيوني في فلسطين ورعاته وداعموه سياسيا وعسكريًّا، هم الذين خططوا ونفذوا بالمال العربي حشد الألوف من شبابنا المغرر بهم والمضحوك عليهم بإسم الدين، وزجوا بهم في أتون حرب ليست حربهم، في أفغانستان. الغباء ذاته يتكرر وإن بأشكال مختلفة اليوم مع إيران، غباء عن جد منقطع النظير. حتى في النقاشات على صفحات التواصل الاجتماعي، نلحظ تمثلات هذا الغباء في عقدة يبدو أنها تحولت إلى ما يشبه المرض النفسي عند البعض، اسمها إيران، وهي ليست بريئة على أية حال. لنتكلم بصراحة، إيران تسلح المقاومات العربية وتمولها في فلسطين، ولبنان، واليمن وغيرها، وذلك باعتراف قادة المقاومة أنفسهم، ومنهم المرحوم إسماعيل هنية. في المقابل، العجز العربي الرسمي ظاهر للعيان لا يحتمل جدل مُجادل. وليت الأمر يتوقف عند العجز، لا بل يتخطاه بالنسبة لبعض أطراف النظام الرسمي العربي إلى ما هو أخطر، سوف يذكره التاريخ مجلَّلًا بالعار. فهل المطلوب من المقاومة الفلسطينية في غزة وفلسطين المحتلة 1967، وفي لبنان، واليمن، الاستسلام للعدو، كي يرتاح بعض الأغبياء منا و "ربع" أميركا واسرائيل؟!
كل شيء مكشوف في عصر الفضاء المفتوح، والعالم يراقب ويلحظ، ووسائل الإعلام تبث بالصوت والصورة، وتنشر.
إيران تصنع أسلحتها، وتتقدم في الأبحاث العلمية بالمناسبة. أما نحن، فمتخلفون ونتخلف في الثانية، أي الأبحاث العلمية، وأوضاعنا مخجلة مزرية في الأولى. فالبعض منا تهافت على العدو التاريخي لأمة يفترض أنه جزءٌ منها، "يتحالف" معه وينشد حمايته.
ليس دفاعًا عن إيران، لكنها الحقيقة التي لا تجامل. بمعايير الحق والحقيقة، واقعنا بلغ حدود اللامعقول في التخاذل والإنحطاط والإنبطاح أمام عدو شاذ فاشي مجرم. بصراحة، بعض أنماط التفكير المتفشية في مجتمعاتنا على أرضية مذهبية خاصة، تخدم العدو وتصب دائمًا في صالح سياسات الاستسلام والتغطية على التواطؤ !
مقصود القول تأسيسًا على ما تقدم، أضرار الغباء، وبالذات المتدثر بأردية "المقدس، قد تكون أكثر فداحة من التواطؤ مع العدو في مراحل تاريخية معينة.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟