عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8119 - 2024 / 10 / 3 - 14:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا تحكم النُّظُم السلطوية الديكتاتورية بقوة البوليس فقط، بل هناك قوة أخطر، ونعني وسائل القهر الثقافي المتمثلة بداية في السيطرة "الأمنية" على التعليم أولاً-الجامعات خاصة-، وعلى وسائل الإعلام.
السيطرة على المجتمعات في مراحل تاريخية معينة، لها أسباب موضوعية وذاتية. الأسباب الموضوعية، تتعلق بمستوى التطور المادي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. أما الذاتية، فمرتبطة بمستوى الوعي السائد، فلولا القابلية للعبودية والإستعباد في مراحل تاريخية محددة، لما عرف التاريخ الأسياد والعبيد . هنا نأتي إلى الثقافة، وخاصة تلك التي يشغل الدين فيها مكانة مركزية.
يفرض السياق التذكير بنوعي الأديان، وفق البيئة التي ظهر فيها الدين، ونعني الأديان الرعوية والأديان الزراعية. الأولى، ظهرت في مجتمعات قبائلية بدوية صحراوية، والثانية في مناطق تتوفر على الماء والخضراء. الأديان الرعوية تبني العلاقة بين الإله والإنسان في اتجاهين لا ثالث لهما. فهي إما تحصر هذه العلاقة في بُعد العبودية-عبودية الإنسان للإله-، وبالتالي، تلغي الإنسان وعقله، وترسخ العبودية في نفوس أتباعها، أو تحول الإله إلى خادم ل"شعبه المختار". المثال الأبرز هنا، الديانة اليهودية.
أما الديانات الزراعية، فتقيم العلاقة بين الإله والإنسان على الأبوة والبنوة "الأب والإبن"، ومثالها الأبرز الديانة المسيحية، حيث علاقة ألأب والإبن بين الإله والإنسان.
لكن الخوف "المقدس" ثابت رئيس في الأديان بنوعيها، الرعوية والزراعية. الخوف من عذاب الآخرة، ومن تبعات ارتكاب المعاصي والآثام، فضلًا عن الترغيب بالطاعة والترهيب من نقيضها. ولعل أكثر أشكال الخوف وتجلياته فاعلية في السيطرة على الإنسان، ذاك الممهور بختم المقدس. من هنا نفهم استثمار السلطات السياسية الاستبدادية في هذا النوع من الخوف، على مر العصور وحتى يوم الناس هذا، لترويض الإنسان والسيطرة عليه.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟