أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !















المزيد.....

لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 14:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأردن فقط، دون بلدان العالم كلها في مشارق الأرض ومغاربها، يمكن أن يتعين وزيرٌ خلال 45 دقيقة قبل أداء القسم، كما حصل في الحكومة الآفلة. في الأردن، دون بني البشر أجمعين، يمكن أن يتعاقب على وزارة ما خمسة وزراء خلال أقل من ثلاث سنوات. في الأردن بالذات دون سواه، في طول الأرض وعرضها، يتعين وزير لشهر واحد مثلاً وربما أقل، ثم يعود لبيته أو لعمله الخاص. في الأردن على وجه الخصوص، يمكن تعيين وزير ليتبين أن تعيينه تشوبه شبهة مخالفة دستورية. في الأردن، تحديدا بين دول العالم ودويلاته قاطبة، لا يعرف معظم الوزراء لماذا أصبحوا وزراء وعلى أية أساس استُبدِل بهم غيرهم فجأة.
في الأردن حصرًا، يمكن أن تُقال حكومة ويكسر الشعب وراءها أو خلف بعض وزرائها دزينة من جرار الفخار، ويعود هؤلاء وزراء من جديد في تعديل وزاري أو تشكيل جديد. فالحكومة الحالية، تبدو كما لو أنها تعديل على سابقتها شمل رئيس الوزراء السابق وعدد من الوزراء. أما تشكيلها في هذا الوقت، ففيه ركلة على قفا مجلس النواب الجديد "بلا قافية"، كما نقول في دارجتنا، تستبطن رسالة قاطعة لا تحتمل غير تفسير واحد:"أنتم ديكور ليس أكثر، وعليكم فهم ذلك حتى قبل أن تجتمعوا وتتعارفوا". فقد كان من الممكن تأجيل تشكيل الحكومة ريثما يُدعى الديكور، عفوًا، مجلس النواب، و"يُستأنس" برأيه على الأقل، ولو من قبيل ذر الرماد في العيون. لكن الأردن يفتقر إلى الحد الأدنى من المؤسسية في تشكيل الحكومات، والفاعل الرئيس في التوزير هو "التنفيع" إما على أرضية الولاء أو العلاقات الشخصية. لم يشعر الأردني ذات يوم من عمر الدولة، البالغ 103 سنوات، أن له يدٌ في تشكيل الحكومة. ولم نسمع يومًا أن وزيرًا خضع للمساءلة والمحاسبة، وهو ما يطرح التساؤل: إذا الوزراء على هذا المستوى من الكفاءة والقدرات الفارقة، التي جنبتهم المحاسبة، فكيف ناخت بكلكلها ثقيل الوطء على صدور الأردنيين هذه المشكلات المخيفة بدءًا بالبطالة والفقر مرورًا بغلاء المعيشة وصولًا إلى أزمة اقتصادية خانقة؟!!!
أما آفة الآفات على هذا الصعيد، فنجدها في كُرَة التشكيلات والتعديلات الحكومية المتدحرجة.
الحكومة الحالية، هي الثالثة بعد المئة منذ اعلان إمارة شرق الأردن سنة 1921، أي أن متوسط عمر الحكومة في الأردن سنة واحدة. أُعلنت هذه الحكومة رسمياً يوم 18 أيلول 2024، ونحن على ثقة تامة أن بانتظارها سلسلة تعديلات لن تقل عما حصل مع سابقتها وسابقاتها. الحكومة السابقة، ناف عدد وزرائها على الخمسين، نتيجة التعديلات، في بلد يعاني أزمة اقتصادية خانقة تُلقي بظلالها الداكنة على الغالبية العظمى من أبنائه.
عرف الأردن حكومة دامت خمسة أيام فقط(هزاع المجالي 15/12/1955)، ، بل وحكومة اليوم الواحد(محمد داود 16 أيلول 1970). وشهد الأردن حكومة استمرت أربعين يوماً فقط(سمير الرفاعي الحفيد 2011). أما التعديلات، فلم تخطئ حكومة واحدة تراوح عمرها بين بضعة أشهر وعام وأكثر، حيث تبدو وكأنها مطلوبة بحد ذاتها رغم أن عوارها أظهر من أن نتبينه. سنتخطى زيادة أعباء المالية العامة المنهكة أصلاً، برواتب عالية لأصحاب المعالي، إلى ما هو أخطر من وجهة نظرنا، ونعني بداية تدوير الوزراء. فما الذي سيضيفه وزير إلى وزارة سبق وأن تسلم حقيبتها أكثر من مرة؟!!! وعلى صعيد التوزير ببراشوت التعديلات، كم من الوقت سيصرفه الوزير في فهم وزارته ووعي آلية عملها، وخاصة عندما يتعاقب خمسة وزراء على وزارة ما خلال أقل من ثلاث سنوات، على سبيل المثال لا الحصر؟! نظنه لا يكاد يصيب نُجحاً في ذينك الفهم والوعي إلا وقد شمله تعديل جديد، أو شارف عليه. فأي تطوير إداري يُتوخى ويُؤمَل به في وضع كهذا؟! وكيف تتخلق تنمية إدارية حقيقية تتقدم وتتمأسس، بوجود حكومات ضعيفة لا بصمة لها أو انجاز يميزها عن غيرها، بدليل تشكيلها خلف أبواب موصدة وعلى أساس التنفيع ليس غير، وترقيعها بتعديلات لا مبرر لها ولا دور في تحسين الأداء وتطويره؟! وإذا علمنا، ونحن نعلم ومتأكدون أن لا نهوض ولا تقدم لهما من اسميهما نصيب يُعتد به، في الإقتصاد وفي السياسة وفي شؤون الإجتماع الإنساني كافة، ما لم يكونا محمولين على تجربة إدارية حديثة ممأسسة. هذه التجربة من شأنها احداث تنمية اقتصادية حقيقية، واعتماد على الذات بالفعل وليس بالشعار. لكن هذا الطموح يبدو بعيد المنال، إن لم يكن إلى المستحيل أقرب، في ظل متوالية تشكيل الحكومات الأردنية وتعديلاتها.
في دولة، عُمرها مئة سنة وثلاث سنوات، لا اجتراء على الحقيقة قيد أنملة في القول بأن التشكيلات والتعديلات الحكومية المتتالية مؤشر سلبي على عدم الاستقرار السياسي. أما تشكيل الحكومات، وتدوير الوزراء، فينهضان دليلين إضافيين على أن التوزير غاية بحد ذاته.
ولكن لماذا التمسك بنهج بائن العوار، وظاهر الخلل؟! الجواب الذي لا نرى سواه، تأسيساً على ما قدمنا، نجده في التنفيع بما يستتبعه ويترتب عليه. وللتنفيع وجهان، مادي وسياسي. فلا مِرية أن توزير هذا العدد الكبير من الأردنيين بالمحاصصة ومن شتى الأصول والمنابت في مجتمع صغير، يصب في اتجاه الحيلولة دون تبلور حالة سياسية مدنية شعبية ضاغطة، بمنأى عن سيطرة السيستم الرسمي وتحكمه.
وليس يفوتنا التذكير بالمؤكد، ومفاده أن تغيير الوزراء يعني تباين التوجهات. وعليه، يصبح الكلام عن تنفيذ الخطط والتنمية المستدامة لغواً. إذن، نهج التشكيلات الحكومية وترقيعها بالتعديلات يُضعف الحكومات وليس العكس، ويجعل أدوارها وظيفية بحتة تنحصر في تصريف الأمور الروتينية اليومية وإدارة الأزمات، لكنها أعجز من أن تضع الحلول. وبناءً على ما سبق لنا تأكيده بخصوص التلازم بين التجربة الإدارية المؤسسية الحديثة والتنمية الشاملة، فلا يمكن بوجود حكومات من هذا النوع تبلور مثل هذه التجربة، لتكون رافعة أداء تنموي ينهض على استثمار الموارد الطبيعية.
كأنه كُتِب على الأردن الاعتماد على المساعدات الخارجية بشكل أساس، ليقرر مصيره مانحوها في الوقت الذي يشاؤون!
أخيراً، نعتقد أننا قدمنا ما يكفي لنخلص إلى أن نهج التشكيلات والتعديلات الحكومية المتتالية في الأردن إنما يجسد التبدي الأجلى للامعقول في إدارة الدولة!



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعلام الدولة واعلام الحكومات !
- مخاطر التطبيع في مجال الإعلام *
- الوهم التوراتي الأسطوري -أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ...
- من تجليات التمحل الثقافي في واقعنا العربي !
- مجرم حرب يتحدث عن أيديولوجيا قاتلة تحيط بكيانه !
- نكشة مخ 23
- انتزاع الآيات القرآنية من سياقاتها !
- أوضاعنا أكثر من مقلقة !
- ردًّا على رأي مسموم !
- العم سام وتوظيف الدين!
- أسئلة حائرة في رؤوس تائهة !
- أين مكمن الداء؟!
- أسئلة الطوفان !
- ما أشبه يومنا بأمسنا !
- نكشة مخ (22)
- تقديس الرقم -7- في الديانات السامية
- آدم وحواء الكنعانيان
- لماذا الإصرار على الغباء؟!
- أول معراجٍ سماوي
- ديوان العرب قبيل الإسلام


المزيد.....




- هل يعيد تاريخ الصين نفسه ولكن في الولايات المتحدة؟.. وما علا ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يناقش مشروع قانون ترامب للإنفاق وسط انق ...
- محكمة إسرائيلية توافق على تأجيل جلسات محاكمة نتانياهو في قضا ...
- يضم معارضين سياسيين ومواطنين أجانب... القصف الإسرائيلي يلحق ...
- فرنسا تعتزم أداء -دور محوري- في مفاوضات النووي وطهران تبدي - ...
- مشاهد للجزيرة توثق قصف مسيّرة للاحتلال فلسطينيا يحمل كيسا من ...
- ماذا تعرف عن إنفلونزا العيون؟
- الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب
- غزة تنزف منذ 630 يوما.. إبادة ممنهجة ومعاناة لا تنتهي في ظل ...
- للمرة الأولى.. أطباء أسناء يركّبون سنًّا لدب بني


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !