عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8072 - 2024 / 8 / 17 - 12:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتعلق الأمر هنا، بأسطورة آدابا السومرية، وتتكون من جُزءَين، عُثر على الأول في مصر، في تل العمارنة على وجه التحديد. وعُثر على الثاني، في مكتبة آشور بانيبال في مدينة نينوى العراقية، ويتكون نص الأسطورة من
120 سطرًا. آدابا، هو أحد أبناء الإله انكي، أحد أهم آلهة السومريين. كان آدابا رجل دين في مدينة أريدو* السومرية، يؤدي طقوس الإله انكي، ويقدم قرابينه من الخبز والسمك لمذبح الإله. ذات يوم، كان آدابا في مركبه يصطاد السمك، بحسب الأسطورة، فما كان من الريح الجنوبية إلا هبت وكادت تُغرق المركب. لكن آدابا بادرها، أي الريح الجنوبية وكانت على هيئة طائر عملاق، بضربة فكسر جناحها، فلم تلبث أن توقفت عن الهبوب. بعد سبعة أيام على وقوع الحادثة، انتبه للأمر إله السماء (آن)، ولم يكن منه إلا أن أصدر أوامره بإحضار آدابا إلى مقامه في عليائه ليعرف منه مباشرة ما الذي جرى بالضبط؟
ويبدو أن الإله (انكي) عرف بالأمر هو الآخر، وأول ما خطر بباله أن صعود آدابا إلى السماء لا بد أن يتيح له معرفة أسرارها، مما يضطر الإله (آن) أن يجعله خالدًا مثل بقية الآلهة. وهذا يصعب قبوله من جانب (انكي)، الذي لم يكن آدابا بالنسبة له سوى أحد أبنائه ومخلوق من مخلوقاته. فكر بالأمر، واستقر رأيه على نُصح آدابا بأن يلبس ملابس الحِداد السوداء ويصعد إلى السماء، ويخبر حراس بوابة السماء حين يلاقوه بأن سبب ارتدائه هذه الملابس هو غياب إلهين من الأرض. كما طلب إليه ألا يقبل ما يقدمه إله السماء له من طعام وشراب، ويبقى على هذه الحال حتى يعود إلى بيته وبلاده. حصل هذا كله، والتزم آدابا بما نصحه به وطلب إليه والده الإله (انكي) فعله.
وكان حارسا بوابة السماء ننكشزيدا وديموزي، قد ثمنا حزن آدابا، فقررا مساعدته أمام إله السماء (آن)، الذي استجوبه بخصوص كسر جناح الريح الجنوبية، وطلبا من (آن) أن يكرمه. قرر (آن) جعله خالدًا كالآلهة وأن يبقيه مع الالهة في السماء. لكن آدابا لم يأكل ولم يشرب، بل ارتدى عباءة ومسح جسده بالزيت، فاغتاظ (آن) وطرده من السماء وأرجعه إلى أريدو. وهكذا فقد آدابا الخلود، وأقر له (آن) بكهانته وكرَّسه كاهنًا أكبر في أريدو حتى نهاية الزمان.
*أريدو السومرية، أقدم مدينة في العالم، وفي وادي الرافدين. وأول ملك حكمها، هو ألولم، أولولو، أولوليم (ربما العليم)، أبو يلم، ألورس. وكلها أسماء لملك واحد يعني اسمه باللغة السومرية، الرجل الأول أو الحكيم، العاقل، العليم، آدم في التراث الديني(د. خزعل الماجدي: أنبياء سومريون، ص 147).
أريدو، مكان ما عُرف بالسومرية (ايدن) أو (عدن) أو جنة عدن التوراتية (المرجع نفسه، ص146).
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟