أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطوي الطوالبة - المشكلة ليست رُمانة سميرة توفيق !














المزيد.....

المشكلة ليست رُمانة سميرة توفيق !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8109 - 2024 / 9 / 23 - 12:25
المحور: الادب والفن
    


أتحدى إذا تسعون بالمئة من شبابنا وشاباتنا إن لم يكن أكثر، سمعوا باسم سميرة توفيق، أو تعني لهم أغانيها شيئًا. لربما تنقص النسبة قليلًا، بعد الزوبعة المستغربة عن جد، التي أُثيرت أخيرًا على خلفية ادخال فقرة تعريفية بها في منهاج التربية الفنية للصف الرابع الإبتدائي. اللافت للنظر، أن فنانين آخرين أُدخلت معلومات عنهم في المنهاج ذاته، لكن موجة النقاشات العاتية ركزت على سميرة توفيق بالذات. فقد سرني شخصيًّا تضمين المنهاج ذاته مقتطفات من السيرة الفنية لفنانتنا القديرة الراقية جولييت عواد، وفنان الشعب موسى حجازين.
الأجيال الشابة لها ذوق مختلف في الفن، وفي الحياة بوجه عام. ومن المؤكد أنها لا تتذوق الغناء القديم، بأصوات مختلف أساطينه ورموزه. لا نقول ذلك انتقاصًا منه، لكنها سنن الحياة وقوانينها في التباين بين الأجيال، وبشكل خاص في الفن بمختلف ألوانه وتعبيراته.
أما "سَمِّيعة" سميرة توفيق، وأولئك الذين سحرتهم غمزتها الشهيرة وابتساماتها الآسِرة ذات زمن، فلا تجوز على معظمهم سوى الرحمة، مع تمنياتنا لمن لا يزال منهم على قيد الحياة بالصحة والعافية.
ما تضمنه المنهاج المومأ اليه فوق عن سميرة توفيق، لا يتعدى خمسة أسطر، بدأت بالتعريف بها كمغنية لبنانية، اشتهرت بالغناء باللهجة البدوية. وقدم لها شعراءٌ وملحنون من لبنان وسوريا والأردن العديد من الأغاني، التي نالت شهرة كبيرة. وتضمن التعريف إيرادَ خمسٍ من أغانيها، لينتهي بالإشارة إلى مشاركتها في مسلسلات وأفلام عدة مُغَنيةً ومُمَثلةً أمام فنانين كبار من سوريا ولبنان.
أي "تهديد" لقيمنا، وأيُّ "خطر" عليها، في بِضعة السطور هذه؟! وأيُّ قيم تلك التي يتهددها ويشكل خطرًا عليها كلامٌ من هذا النوع؟! ولماذا يصر بعضنا على أن يجعل منا أضحوكة بين الأمم، في عصر الفضاء المفتوح؟!
لا ندري من الذي نصَّب هؤلاء قَيِّمين على المجتمع، وحرَّاسًا للفضيلة، بأيديهم وحدهم مساطر قياسها وتفصيلها بتفويضٍ سماوي؟! ومن قال لكم أن فهومكم للفضيلة هي الفضيلة ذاتها، وأن الأخلاق تُصان بالتحجر والإنغلاق والنفور من التغيير؟!
للعلم، أثبتت الحياة، ناهيك بالدراسات العلمية، أن ثالوث التزمت الكبت والتشدد يعطي نتائج عكسية على صعيد السلوك الأخلاقي. هل تريدون دليلًا فاقعًا قاطعًا؟ هاكموه، ونعني حقيقة أن أعلى نسب التحرش الجنسي عالميًّا نجدها في دول عربية واسلامية معروفة تاريخيًّا بالتشدد الديني وارتفاع نسب التدين والمتدينين فيها. وبمقدور القارئ أن يتأكد من ذلك، بالإستعانة بمحرك البحث غوغل.
في السياق، نشير إلى ظاهرة بائسة في مجتمعنا، سيئة ومسيئة بالفعل. ففي مناسبات كالتي نحن بصددها، يُسارع "الأوصياء على المجتمع" إلى الزج بالدين في الحوارات والنقاشات. وما دراهم أنهم بهذا الأسلوب العقيم يسيؤون للدين ذاته، من حيث توهموا أنهم وحدهم المخولون بالذود عنه. التسلح بالدين للخوض في توافه الأمور والثانوي منها بخاصة، دليل عدم ثقة بالنفس على صعيد القدرة على الإقناع. لذا، يكون التعويض بإشهار سلاح الدين لتحريك العواطف والتلاعب بها، وأخذ البسطاء والعوام بالصوت العالي والترهيب. كما أن الزج بالدين في كل صغيرة وكبيرة إنما يصدر عن عقليات إلغائية اقصائية، بمعايير القرن الحادي والعشرين، انتهت صلاحيتها وباتت عبئًا على مجتمعنا.
أغرب رأي قرأته بخصوص سبب رفض الفقرة التعريفية بسميرة توفيق في المنهاج، أغانيها في "الحب والغرام"، و "غمزتها المحركة للمشاعر". أترك التعليق لكل من يقرأ سطورنا، لكنني أكتفي بعجالة تخص الحب. فأي عقلية تلك التي تنصرف إلى تابو الجنس فقط، عندما يُذكر الحب؟! لماذا لا ترى الحب في إشراقة الشمس، وفي تفتح أزهار الربيع، وفي الجمال، وفي الفن الراقي، وفي إبداعات العقل الإنساني في العلوم والتكنولوجيا؟!
الحب أسمى وأشمل من أن يُختزل بما تحشره فيه أنماط تفكير تدعو للرثاء، وتثير الشفقة. لا معنى للحياة من دون الحب أحد أهم مكوناتها، وجوهر كل شيء جميل فيها.
تأسيسًا على ما تقدم، نرجح أن المشكلة عند مثيري الزوبعة ليست "رمانة" سميرة توفيق، بل التقاط الرمانة إياها للتشنيع على الفن وثلبه.
وعليه، إذا كانت خمسة سطور تعريفية بسميرة توفيق في منهاج التربية الفنية للصف الرابع الابتدائي تشكل خطرًا داهمًا على قيمنا، فإنني أدعو وزارة التربية والتعليم إلى إزالتها اليوم قبل الغد. وإذا خطر ببال الوزارة أن تسأل عن بديل يتعلق بالفن، فإننا نقترح قبسات موجزة من حفلات الرقص والطرب في قصور بعض خلفاء بني أمية وبني العباس، كما وردت في مراجعنا التاريخية.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محددات السياسة الخارجية الأميركية تجاه القضايا العربية*
- لامعقول التوزير في الأردن وألغازه !
- اعلام الدولة واعلام الحكومات !
- مخاطر التطبيع في مجال الإعلام *
- الوهم التوراتي الأسطوري -أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ...
- من تجليات التمحل الثقافي في واقعنا العربي !
- مجرم حرب يتحدث عن أيديولوجيا قاتلة تحيط بكيانه !
- نكشة مخ 23
- انتزاع الآيات القرآنية من سياقاتها !
- أوضاعنا أكثر من مقلقة !
- ردًّا على رأي مسموم !
- العم سام وتوظيف الدين!
- أسئلة حائرة في رؤوس تائهة !
- أين مكمن الداء؟!
- أسئلة الطوفان !
- ما أشبه يومنا بأمسنا !
- نكشة مخ (22)
- تقديس الرقم -7- في الديانات السامية
- آدم وحواء الكنعانيان
- لماذا الإصرار على الغباء؟!


المزيد.....




- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطوي الطوالبة - المشكلة ليست رُمانة سميرة توفيق !