أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - القمع (٧)














المزيد.....

القمع (٧)


الحسين سليم حسن
كاتب وشاعر وروائي


الحوار المتمدن-العدد: 8128 - 2024 / 10 / 12 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


أصبحت (ادلب)_ حيث نشأت_ في قبضة الأصوليين وانهار الفكر فيها وحصر الجهل فقط في عدم المعرفة الدينية ! وحين يحصل هذا حتما" تبدأ معه الكوارث ، ويتحول البشر حتما" إلى وحوش ،بقلوب وعقول متحجرة،عمياء ،بفكر متعفن كريه .ونبتت أصولية من نوع آخر في أمكنة محطاتي الحياتية الأخرى .
فجميع المجتمعات الأصولية مصابة بنوع من البارانويا الجماعية ،مما يجعلها تعيش غالبا" في الوهم لا في الواقع ..
والإنسان المتعافي في مجتمعات مريضة يدفع أثمانا" باهظة ،لذا كان علي المغادرة .
شعرت حينما اختبرت بيروت للمرة الأولى ،بأنني في الجنة التي يتحدث عنها الأصوليين ،وأنني غادرت تلك السحابة المظلمة التي سجنت نفسي فيها ضمن حدود رسمها خوفي وكبريائي والرغبة بعدم التلوث بكل ماهو مدنس ،وأنني انكشفت للحياة والألوان وللأحلام البعيدة والهواء المنعش .
هذا حقا" ما شعرت به حينما سحبتني السيارة التي أقلتني إلى لبنان معها في دروب خلابة كدروب طفل يطير في عالم من سحر .
وحين كنت أجوب شوارع بيروت العتيقة بمفردي ، لم أكن أشعر بأنني أمشي وحيدة وإنما كان ينتابني شعور بأن كل من حولي هم مقربون مني ،أصدقاء أو أهل أو شيء من هذا القبيل ،وأن كل الشوارع والشرفات والبيوت كانت منزلا" وموطنا" لي ،وتؤهل بي على الدوام وكأنها بمثابة تعويض عن عمر بارد من القمع والعزلة المفروضة بلؤم وقسوة .
لقد عانقني البحر هناك ،وربت على كتفي ومنحتني الشوارع دفء شمسها الناعمة ،ولحنها البهيج المزركش كما لو أنه لحن قادم من زمن مابعد حداثي لم يولد بعد ،شيء يجعلك تعيش ربما في المستقبل ،أو في زمن يستوعبك ويحتويك وحدك ،جاعلا" منك أنت وحدك أسطورته وحكايته الفريدة .
أما بالنسبة لي فقد كانت بيروت أسطورتي التي نسجتها بنفسي ،حياتي التي كتبت أقدارها بحروف من كتب وشوارع ونسمات بحرية ،أو أصوات أناس وثقافات وزهور تصول وتجول في تدفق الذاكرة الغزير .
لقد كنت طفلة بيروت التي كتبت وعاشت مستقبلها المشرق المبتغى في اللحظة الراهنة ،اللحظة التي منحتها إياها تلك المدينة كهدية ثمينة جزاء لصبر عظيم ،وكان ما يجعل من تلك اللحظة أبدية و نادرة ومقدسة هو أنها حلوة على الدوام ،ومتجددة وبراقة كنجمة لا يمكن لضوئها أن يخبو .
وكيف يخبو ضوءها ؟ وهي التي تحضن كل أضواء الأزمنة ،وتتحلى بالقدامة والحداثة وما بعد الحداثة ،في شوارعها نفحة اليوتوبيا و أحيانا" شراسة الواقعية الشديدة وسحر الحياة المبتدعة ،لكنها دافئة على الدوام ولا تعرف التخلي أو التوحش وإن أرادت أن تعتد يوما" بنفسها و تقرر أن تكون أنانية فلا تفعل ذلك دون أن توزع جمالها وسحرها على كل القلوب ،لتبث فيهم من جديد الرغبة في الاستمرار ، وضحكة خفية لا تفهمها إلا لغة القلب ،الذي التأمت جروحه على يديها ،وأصابعها الخفية التي تكتب بكل اللغات وتمتطي أجنحة كل العوالم .



#الحسين_سليم_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمع (٦)
- القمع (٥)
- القمع (٤)
- القمع (٣)
- القمع (٢) منقحة
- القمع (٢)
- القمع (الجزء الأول)
- قم هات عودا-
- سوق السلام
- اعترافات البومة القاتلة
- أحفاد زورو
- الأنثى التي تكتنفني
- قصائد مختارة
- ما يهم أنك حي
- لو عاد بي الزمن
- حرب رشيدة
- شقاء اسماعيل
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد (منقحة)
- ماسة (منقحة)
- اعتذارات الديكتاتور


المزيد.....




- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - القمع (٧)