أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - لو عاد بي الزمن















المزيد.....



لو عاد بي الزمن


الحسين سليم حسن
كاتب وشاعر وروائي


الحوار المتمدن-العدد: 7818 - 2023 / 12 / 7 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


لا شيء يستحق الذكر في حياتي سوى صورة حبيبي المقابلة لي في دكان والدي ،حيث أجلس كل يوم منفصلة ً عن الأشياء ،سارحة في حياتي الافتراضية مع حبيبي الذي لم أقابله يوماً ،ولا أعلم عنه شيئاً وكل ما أستطيع تأكيده أنه استشهد في الحرب ،وأنا أحببته بعد ذلك بكثير ،من خلال صورته فحسب .
لم تكن حياتي متخمة بالأحداث والمغامرات الصبيانية ،بل كانت هادئة إلى حد الضجر ،تغلب عليها الوحدة والأحزان المخترعة ،والتنقل الأنيق ما بين الذكريات المنقوصة ،الجائعة للاكتمال .
لما بلغت الثلاثين أدركت بأنه فاتني قطار الزواج كما يبت مجتمعي ،وسألت نفسي :ما الذي شغلني طوال تلك السنوات ؟مادمت لم أكمل تعليمي الجامعي ،بعد أن أقعدني تفجير في منزلي طوال عامين جريحةً في كل جزء مني ،غارقة في ذكرياتي ،رغبةً مني في أن أرممها جميعاً ،وأن أعيد اعتباري لذاتي في كل مرة ضعفت فيها أو خفت ،أو استسلمت لعدم منطقية ما يفرضونه عليك مقابل أن تحظى بالأمان والحياة الجيدة من منظورهم .
كان والداي شخصين عاديين ،لم تثرهما سوى الحياة نفسها ،وتأمين الأجمل والأثمن والأفضل فيها إلى أن جاءتهما الحرب ،وانشغلا في مخاوفهما الجديدة ،والتزما البيت مرددين طوال سنوات الحرب كلها عبارةً واحدة : (نريد العيش فقط ،ولسنا بحجم هذا ولا ذاك ) .
وحتى بعد إصابتي في الحرب لم تتغير تلك الجملة ولم يعكفا عن قولها ،بل شددا عليها وزادت صلواتهما معها ،ودعائهما بشفائي ،وصار والدي دائم الذعر ،كثير الشغل ،قلق البال ،ينهشه خوفه من فقداننا لكل شيء ،أما أنا فشكل السرير الذي أرقد فيه جريحة مكاناً ملائما ً للغوص في ذكرياتي والانتقام منها والرغبة في إعادة خلقها .
إلا أنني اليوم ،وبعد أن التأمت جراحي ،طلبت من والدي أن يعهد لي مسؤولية إدارة محله الذي يقع في شارع هادئ في منطقة حديثة الأبنية ،حيث يقع منزل حبيبي الذي تطل صورته من الشرفة مبتسمةً لي دوماً وتحتها خطط اسمه الحقيقي الذي لن أبوح لكم به ،وسأكتفي به لنفسي لأضيء به حياتي المظلمة .







أجلس في دكان والدي ،أتأمل صورة حبيبي ،وأستعيد الأشياء التي دفعتني إلى عشقه ،عيناه الجميلتان ،الشعور بفقدان العدالة تجاهه ،أناقته ،وتلك النظرة الواثقة التي تمنح مشاهدها ثقةً ورغبةً عميقة في ولوج عالمه .
ألمح سيدةً متشحةً في السواد على الشرفة الخاوية ،شعرها أبيض بالكامل ووجهها ذو العظام البارزة والذي تجهد في تحريكه كقطعة جليد تشكلت فوق حجر .
أتأملها لبضعة دقائق علها تلتفت إلي لأعترف لها بعشق ابنها ،ولأخبرها بأنه حبي الأول والوحيد ،وبأنني نادمةٌ على مؤاثرتي الوحدة وعدم البحث عنه وهو حيُ لأمنعه من الموت ،أو لأسبق قاتليه وأقتلهم ،ليتسنى لي التعرف به والوقوع في حبه على الطريقة التي أفضلها .
لكن والدته سرعان ما تدير لي ظهرها وتغيب وراء ستارة الشرفة .
أحدثه قليلاً عن نفسي ،ريثما يتسنى لي أن أعلم عن حياته وأخبره بأسراري .
ذات يوم ولدت لوالدين عاديين للغاية ،تاجر وربة منزل ،وتربيت على الطريقة الاشتراكية رغم ثراء والدي ،فهذا ما كان دارجاً آنذاك في سوريا ،أثرياء بدؤوا من الصفر يعلمون أولادهم أهمية الكدح والمعاناة وقيمة الأشياء ،ومساء يترددون إلى أماكن العبادة .
نشأت عموماً في زمن الرخاء ،ونلت حياةً كريمة وملونة بالرغم أنها كانت مليئة بالتناقضات ،وكان هذا حال الكل فكنا على سبيل المثال :نهتم بكوبا الشيوعية وملوك الطوائف وتشجيع الصناعة الوطنية ونتلذذ بشرب البيبسي إلى جانب الصفيحة (وهي أكلة شعبيةٌ في بلادنا )
ونشاهد المسلسلات المكسيكية وخطب صلوات الأعياد في الجوامع والكنائس على القناة الأرضية الوطنية .
كنت مدللةً ،هكذا كان يردد والدي ،ابنتي المدللة الوحيدة ،وكان يمطرني الهدايا من كتب ورواياتٍ من الشرق والغرب ،من أليس في بلاد العجائب إلى الف ليلة وليلة ولم يبخل عليَ حتى في مجلات الأطفال المحلية إلا أنه في الوقت ذاته كان لزاماً علي أن
أبقى حبيسته وأمي ،وحبيسة منزلنا الذي يطوي بين جدرانه كلُ ما تشتهيه فتاةً مثلي .
ما كان لزاماً علي أيضاً هو ألا أخيب ظنهم بي ،وكنت أسمع هذه الجملة منهم بشكلٍ يومي ،عندما أقصر في شيء ما أو أخسر أمام أحدهم في مستوى الذكاء أو المعرفة أو حتى الأمور المتعلقة بكوني أنثى في عالمٍ شرقي .
كنت الأولى في صفي ،وعريفته ،مالكة سلطته ،إلى الدرجة التي اقتنعت فيها بأنه على عاتقي مسؤولية تهذيبهم ومساعدتهم للحاق بي ،أو هذا بالأحرى ما أقنعني الجميع به ،المدرسون والمدرسات ،والدي الذي ضمني إلى حزبه لما بلغت الرابعة عشرة ،فزاد من كبريائي كبرياءً لما أقنعني بأنني أملك كل الحقيقة المطلقة وأكاد أقترب من الطوباوية المطلقة باعتناقي لأفكار ذلك الحزب الاشمل والاقوى والأهم في البلاد.
أما والدتي فلم تضجر يوماً من تلقيني دروساً عن تفوقي على جميع زملائي ،في التهذيب والذكاء والمكانة الاجتماعية المرموقة وعن عدم الحاجة إلى أن أكون جميلةً ،طالما أنني متفوقة وأملك كل شيء .
منحني ذلك كله ثقةً جامحةً ،وربما غروراً وحيوية ،دفعتني إلى منح نفسي صلاحياتٍ لم تكن من حقي ،كأن أمر بجانب زملائي الكسالى أو الذين ينتمون إلى عائلاتٍ ليست من مستوانا على حد تعبير والدتي ،دون ان ألقي التحية وأنظر إليهم باستعلاء ،أو ما كنت أقوم به مع (الياس ) ذلك الفتى الذي قررت القرعة بأن يشاركني مقعدي الدراسي طوال فترة دراستي الإعدادية ،فقد كنت دائمة السخرية منه على كسله ،وتناوله للنوع ذاته من الشطائر كلَ يوم ،رغم أنني كنت أجد عينيه جميلتين للغاية ،براقتين كالنجوم ،وأحب لون جلده الزيتوني ،وربما كنت مغرمةً به في تلك الفترة بيني وبين نفسي إلا أنني لم أخبره بذلك ،أو أنني حتى لم أدرك ذلك لعماوتي وغروري .
أذكره اليوم وأشبِه عينيه بعيني حبيبي الشهيد المجهول ،والذي التفتت والدته صوبي أخيراً ،والتقت عينانا ،فرفعت يدي أسلم عليها دون أن أصدر صوتاً ،واكتفت هي بهز رأسها وهي عابسة دون ان تتكلم أيضاً .
ثم دخلت لتتركني مجدداً مع عيني ابنها ،والذي رحت من اجله أقلب صفحتي على الفيس بوك لأعثر على صديقي (الياس )لأخبر حبيبي بتتمة قصته ،وتساءلت فيما لو كان من المستحسن التواصل معه مجدداً لإنهاء ما كان عالقاً بيننا ،وكدت أعكف عن ذلك لما رأيت صورته على الفيس بوك برفقة خطيبته وقد زاد وسامةً ،وزاد البريق الساحر في عينيه .
إلا أنني في اللحظة الأخيرة قررت أن أحادثه وأطلب رؤيته مهما كانت النتائج .










الحيٌ الذي يحتضن دكان والدي هادئُ وجميل ،هذا مالحظته بعد عودتي من لقائي مع الياس ،حيث تقابلنا في مقهىً يطل على البحر ،وتحادثنا لساعاتٍ واختلطت أحاديثنا بين الماضي والحاضر .
أخبرني خلالها بأن له خطيبة يحبها من كل قلبه ،وأنه لم يتسرح بعد من الجيش ورغبت في أن أخبره بسري الدفين وأعترف له بحبي القديم إلا أنه بدا بعيداً كلياً عن الماضي ،على عكسي أنا .
كنا نتحدث كناضجين روضهما حزن الحرب ،إلاأنه كان أشد ارتباطاً بالحاضر مني ،وكنت طوال الجلسة أرمقه بنظرات تحسرٍ ،ويسحبني جمال عينيه نحو الماضي ،ونحو العقوبات التي فرضت عليه بسببي ،عندما كنت أسجِل اسمه في قائمة المشاغبين في الصف حين توكل لي تلك المهمة الفخرية ،أو نحو عصيانه على التصفيق لي في دروس التاريخ لما كنت أتحدث دون تلكؤٍ عن الازدهار الثقافي في العصر العباسي ويطلب المدرس من الجميع التصفيق لي بحرارة عندما أنهي ذلك ،ويأبى الياس أن يصفق لي لغضبه الشديد من غروري .
وتساءلت عن عدم تذكره أمراً هاماً أخراً ،لما تحدثنا في مقعدنا بصوتٍ خافت عن الجنس ،وجربنا ضم بعضنا كنوعٍ من الحميمية .إلا أننا ورغم كل ذلك الوقت الذي قضيناه معاً في المقهى ،لم يترك لي وعداً باللقاء مجدداً عند المغادرة ،بما يوحي بأن غضبه لم يهدأ طوال تلك السنوات وأن عودتي غير مهمة.
لذا بكيت وأنا عائدة من لقائي مع الياس ورحت ألعن تلك التربية التي لم أدرك آثارها علي إلا بعد فوات الأوان ،وولجت الحي وكأنني أتعرف إليه للمرة الأولى وشعرت بانتماء عظيم له وشوق للقاء حبيبي الوحيد الشهيد .
وما إن جلست قبالة صورته حتى رن هاتفي ،وكان الياس هو المتصل ،وأخبرني في مكالمته أنه يرغب بأن نعود صديقين ،وبأنه سيعرفني بخطيبته عما قريب وأننا جميعاً سنكون سعداء بأن نجتمع كلنا ونحيي الماضي .








ينبغي القول بأن (الياس ) لم يكن الصديق أو الحبيب الوحيد في حياتي والذي توجب علي حل سوء التفاهم بيني وبينه ،فقد منعني كبريائي وأبعدتني أمجادي المرتقبة التي حشاها والدي في رأسي عن التمتع بأكثر اللحظات الضرورية والطبيعية لفتاةٍ مثلي مع زملائها وأصدقائها ،ومع كل أحد .
فكم من المرات كنت أود من كل قلبي أن أمد يد المساندة وأعبر عن تعاطفي مع أحزانهم ،كما حدث ذات مرة لما كنا عائدين جميعاً في حافلةٍ من امتحان الشهادة الإعدادية ،وكانت إحدى صديقاتي يائسةً للغاية ،وكنت في داخلي راغبةً كل الرغبة في أن أساندها وأشد على يدها ،إلا أنني مثل كل مرةٍ تذكرت أنني أبليت حسناً في الامتحان وأن هذا كل مايهمني الآن ،فصمتت بكل أنانية .
أو ما كان يحدث لما ألاحظ أحد زملائي وهو يغش في الامتحان ،فأشي به على الفور للمعلمة التي تراقبنا ،وأؤذيه بعماوةٍ تامة .
والحق يقال في أنه لا يمكن أن ألوم نفسي فقط على كل هذا ،فالمدرسون والمدرسات والعالم كله من حولي كان يزرع وهم الكمال في رأسي .
كنت في المدرسة تلك الطفلة التي تقرأ تولستوي وتحل أصعب مسائل الرياضيات ،وفي المنزل تلك الفتاة المهذبة التي توفر لها عائلتها ما يجعلها متفوقة على جميع أقرانها .
إلا أنني لم أكن سعيدة بتاتاً ، ولوعاد بي الزمن لكنت اقتربت من زملائي وجعلتهم أصدقائي ،ووقعنا في المشاكل معاُ ربما بدلاً من قراءة مشاكل الشخصيات الرسومية في مجلات الأطفال المحلية .
أخبر حبيبي الشهيد بكل هذا ،وأتساءل إن كنت أبدو له مثيرة للشفقة ،إلا أنني للأسف لا يمكنني التماس انطباعه الحقيقي .
وألمح على شرفة منزله طفلاً يبكي وينادي جدته ،فتخرج والدة حبيبي له ،فأتساءل فيما لو كان هذا طفل حبيبي . ثم يفاجئني (الياس ) برفقة فتاةٍ فائقةٍ في الجمال على باب دكاني .







طوال سنوات الحرب لم تتشكل بيني وبين أحد علاقة ما يمكن اعتبارها نوعاً من الصداقة ،لذا كانت عودة الياس إلى حياتي مهمة ً ،رغم انزعاجي الشديد من فكرة ارتباطه بفتاةٍ أخرى ، وعودة خيالاتي الجنسية المربكة إلى أحلامي ،كأن أرى نفسي أمص عضوه الزيتوني اللون ،وأنا أنظر في عينيه الجميلتين .
بعض تلك الخيالات كانت تزورني في المرحلة الجامعية ،في تلك الفترة التي التزم والداي فيها المنزل وعاشا كما لو أنهما عروسان جديدان في منزلهما الذي أصبح يمثل العالم بالنسبة لهما،متغاضين عن العنف الذي يحصل في الخارج .
وبدا منزلنا حينها دافئاً فنمت لدي رغبةٌ في أن يكون لي زوج أو حبيب ،ورحت أتخيل أولئك الشبان زملائي في الجامعة والذي يمنعني كبريائي العتيق من التكلم معهم ،وهم يضاجعونني .
وكان هذا يحدث بكثرةٍ لما أغفو في فترات انقطاع الكهرباء المستمر في الحرب ،أو بعد أن قعدت جريحةً في فراشي .
حينها كنت أقضي يومي مابين الجامعة والنوم وقراءة رواياتٍ كلاسيكية ضخمة ،أو في أحاديث مضجرة ومملة مع والدتي .
أخجل من إخبار حبيبي الشهيد بتلك الأمور فلا أطيل الحديث عنها ،وعن تلك الأيام التي قضيناها في الحرب حبيسي منزلنا ،يشغلنا هاجسٌ واحدُ هو حماية أنفسنا من مخاطرها المحتملة .
حتى أن والديَ تخلا عن شيءٍ من كبريائهما القديم ،فابتعد والدي مثلاً عن خطاباته المعتادة التي يمدح فيها تفوقه التجاري وحزبه الذي بدأ ينفر منه ،وطالت أوقات جلوسه في المنزل يشاهد نشرات الأخبار على القنوات الرسمية ،فتحولت خطاباته إلى تذكيرنا الدائم بوجوب محافظتنا على صمودنا .
أما والدتي التي تحولت جذرياً من امرأة متكبرة ومتعالية ودائمة الفخر بعائلتها إلى واحدةٍ من تلك الثرثارات التي لا يهمهن سوى قص الحكايات عن هذا وذاك ،وتتبع أخبار الناس .
وإلى اليوم لم تبرأ من عاداتها الجديدة تلك ،وحتى لما زارنا الياس برفقة خطيبته في المنزل ،جعلتني أبدو كالبلهاء أمامهما لما استلمت زمام الحديث وراحت تصفني بقليلة الحظ أمامهما ،لما حدث لي في الحرب وحرمني من إكمال دراستي الجامعية ،و لأنني لم أحظ حتى اليوم بعريس !
واسترسلت في حديثها ،إلى الدرجة التي جعلت من الياس يرمقني بنظرة دامعة توحي بأنه يشفق علي ،دفعتني إلى الانسحاب وولوج غرفتي إلى أن حان وقت وداعهما .
لكنه وفي اليوم نفسه ،أرسل لي عبر الواتساب أحد الفيديوهات المضحكة التي جعلتني أقهقه بشدة في سريري ،ثم أبكي طوال الليل بعدها .

((أيتها الحبيبة الغالية ،أسمعيني المزيد ،ولا تتركي الهم ينهشك ،لو تعلمين كم أرغب في العودة إلى الحياة من أجلك ،فقد أدركت معناها بك ،أنا الذي سلبت مني حياتي على غفلةٍ بكل قسوةٍ ودون أية شفقة ،دون أن أشبع من أي شيء فيها ،تاركاً فراغاتٍ لم تكتمل ،وأناساً لهم حقوقُ علي ولي حقوق لديهم ،رحلت قبل تحقيق العدالة ،أو حتى ربما قبل أن أبدأ بالعيش ،أو أفهم نفسي وأفهم أي أحد .
وأنا مثلك ،لم أعرف الحب من قبلك ،ولكن لسبب آخر ،فلم تسمح السنوات القليلة لي في هذه الحياة أن أحب أو أكره أو أتمرد مثلك .
أنت أيتها الحبيبة ذات القلب الصافي ،ليس عليك أن تجلدي نفسك فأنت لست المذنبة في كل هذا .
أود أن أضمك وأن آخذ بيدك وأمنحك شيئاً من الشجاعة لتغلبي مخاوفك ،لكن الشجاعة ياحبيبة لاتثمر خيراً دوماً .
عديني ياحبيبتي ،أن تبتسمي لي كل صباح كما أبتسم لك ،اصرخي ،أفرغي كل غضبك في وجهي لو أردت ،فقط ،ابتسمي لي بعينيك المشرقتين يا جميلتي ...!!)).
أهلوس وأختلق حواراتٍ مع حبيبي ،ويأتيني صوته مشابهاً لصوت (الياس ).
إن كنت أود التصالح مع مخاوفي كما يرغب حبيبي فعليَ أن أستمر في الاعتراف له بكل ما أخفيه ،مثل أنني ذات مرة أغرمت بشاب قذرٍ ينتمي إلى إحدى العائلات المقربة من السلطة ،وكان قد استحوذ على ممتلكات الكثيرين بالقوة والترهيب ،كمحاولة لاختبار معنى الشر والتفتيش عنه في داخلي .
كنت أرى والدي يعود إلى المنزل لما كانت الحرب مشتعلةً ،وأول ما يقوم به هو السؤال عني ،ثم يجلس إلى أريكته صامتاً ،ووجهه طفولي لا يشبه وجهه القديم المعتز بحزبه وثروته .
فأسارع إلى جوالي وأبحث عن صفحة ذلك الشاب على الفيس بوك ،لأستمد من حياته البوهيمية قوةً ما .
كان هذا يحدث بيني وبين نفسي ،ولم أخبر أحداً به ،سوى إحدى صديقاتي التي تدعى (براء )وهي صديقة قليلة الكلام تعرفت بها وهي تنجز أوراق القبول في جامعة مدينتا ،بعد أن هجرتها الحرب من محافظتها ،بالرغم من اعتناقها لبعض الأفكار الغريبة والمختلفة عني كلياً كاعتبارها ارتياد الكافتيريا مضيعةً للوقت أو أقرب إلى المحرمات دينياً وعملها كخياطةٍ إلى جانب دراستها الجامعية كي تضمن مستقبلها على نحوٍ أفضل ،فإنه يمكن القول بأنه بالرغم من ذلك أصبحنا شبه صديقتين .
كنت أحادثها عن محبتي لذلك الشاب وكانت توبخني دوماً على هذا ،لذا كنت أتقصد أن أكلمها هي بالذات عنه لأنني كنت مدركةً بأنني أعبث لا غير ،وأرغب في شخصٍ ما يذكرني بذلك على الدوام .
بعد ذلك اختفت براء كلياً من حياتي بعد أن نجحت في إبعادي عن ذلك الشاب .
اختفت وهي تحمل لي في قلبها كل الكراهية ،كما اعترفت لي في آخر لقاء ،لأنها طلبت مني مساعدتها في إنجاز مشروع تخرجها الجامعي إلا أنني نسيت موعدنا المتفق عليه ،فلم تسامحني على ذلك .
يؤسفني أن يعلم حبيبي كم أنني عبثية ،لا مبالية ،خرقاء مع كل مايحيط بي ،إلا أنني أحبه من كل قلبي ! أما عبثيتي فلها قصتها ،فالعبثية التي تكتسحني مردها ربما إلى طفولتي ،إلى تلك الفتاة التي تعيش داخل مايشبه المملكة ،مع قناعات أب مترسخةٍ في عقلي ،عن أننا أفضل من يقطن البلاد ،لأننا مخلصون للحزب الأشمل والأعظم ،للقضية والدين والشرف والعادات والتقاليد !
الأب الذي كان يستغل أوقات فراغي وموهبتي في الكتابة لأكتب له خطاباتٍ وألقيها فيما بعد في اجتماعاته الحزبية ،عن دورنا العظيم في الصراع العالمي .
وكنت أنا مقتنعةً تماماً بأن ذلك كان يضيف إلى تميزي وتفوقي ،وأذكر كيف كنت أعود إلى مقعدي الدراسي بعد إنجازي لخطابٍ ما ،وأحدث الياس بتشاوف وفوقية عنها .
وهذا من الأمور التي لم يسامحني ربما عليها الياس ليأتي إلي بعد تلك السنوات ليفرح بعذاباتي ويشمت بشقائي !













القتل ،هو الخط الأحمر الأشد خطورةً في رأيي ،وهو و يا للعجب أكثر الخطوط التي يتم تجاوزها في بلداننا الشرقية ،ويتم الغفران عن مرتكبيه بكل وقاحة .
عشت سنوات الحرب وأنا محاطةٌ بأناسٍ من كل حدبٍ وصوب يبررون القتل كلٌ على مقاس حجته ،بالرغم من ان جميعهم فقدوا أغلى أحبابهم مقتولين ،وتسللت تلك الثقافة إلى العبارات اليومية ،فما زلت أذكر ذلك اليوم الذي هدد فيه عميد كليتنا الطلاب القادمين من الجامعات الأخرى لاستكمال دراستهم التي حرمتهم منها الحرب ،بعد أن عثر على كتاباتٍ جدارية ذات معنىً تحريضي سياسي واتهمهم بكتابتها ،مهدداً إياهم بمصع رقابهم وفرمهم كما تفرم الفرامة اللحم !
وكنت أسمع مصطلحات (الفعس والدعس )من والدتي ،وهي تثير حماس والدي بها أثناء مشاهدتهم لنشرات الأخبار ويتملكني الغضب من كل هذا ‘وبينما كان الجميع يحاولون الاصطفاف حول طوائفهم ،كنت أنا منشغلةً بقراءة الأديان من جديد .
زرت مثلاً الكنيسة الإنجيلية ذات يومٍ وحضرت اجتماعاً لهم حدثنا فيه الأخ عن الخلاص الذي جلبه السيد المسيح للبشرية .
وبقيت الأديان هي شاغلي الوحيد في غرفتي التي مثلت بقعة الأمان التي أحتمي فيها من الحرب وأضرارها ،ومن اقتراحات والدتي الملحة على اصطحابي معها إلى حفلات الزفاف العائلية التي كثرت في الحرب ،والتي كانت دوماً تقابل بالرفض مني ،فتتكدس فساتيني الباهظة الثمن ،المخاطة بعناية في خزانتي في حين أن كنزاتي الرياضية الواسعة والمريحة كانت على الفور تهترئ .
تهترئ كما روحي تهترئ لغضبها وحسدها من قريباتي اللواتي نجحن في بناء عائلةٍ ومازلت أنا حبيسة غرفتي خائفةً مما يحصل في الخارج ،تمنعني الحرب وأشياء غير مفهومة من أن أشبههم وأفرح لفرحهم .
وعلى حد تعبير الياس : (( الحرب لم تبق على أحد فينا طيباً ،لقد مسنا شيءٌ من الشر جميعاً )).







أصبح (الياس ) شاباً وسيماً ،معتدل القامة ،مرتب الهندام ،يشبه (لويس دافيد )في المسلسل المكسيكي الشهير (كاسندرا )وغيرته السنوات علي كثيراً ،وبرزت كتفاه القويتان على نحوٍ جذاب وجميل .
لم ألحظ عليه ذلك إلا بعد أن كثرت لقاءاتنا سواءً في دكاني أو في المقاهي برفقة خطيبته المشبعة دوماً بالحيوية والنشاط والمرح ،التي تصغره بسنواتٍ كثر .
لم أكن لألحظ أيضاً طباعه الجديدة التي كانت لتظهر أكثر ماتظهر عندما نجلس وحيدين في دكاني ،في زياراته الخاصة لي دون أن يصحب خطيبته معه ،وأرى كيف تدمع عيناه عندما يخاطب الأطفال وهم يشترون المأكولات من الدكان .
أو عندما يحدثني بلغةٍ شاعرية عما عاناه طوال فترة خدمته ،أو عندما يسألني بعد صمتٍ طويلٍ بيننا ،فيما لو كنت سعيدةً في حياتي أم لا ،وأكذب عليه مدعيةً بأنني اعتدت الوحدة وأن كل ما يهمني هو وجود عملٍ في حياتي أشغل به نفسي ،وهو كان يصدقني ثم يعود مطمئناً إلى خطيبته .
فأجلس أنا مع عجوزٍ تسكن بجانب دكاني ،كما اعتدنا أن نجلس كل مساءٍ ونتكلم عن أشياء ساذجة كالطقس أو وضع الكهرباء أو عن تقلب الأسعار .
ولما أضجر أعود إلى حبيبي الشهيد وأختلق له قصصاً إضافية من خارج حياتي لما أشعر بأن الغوص في ماضيَ وذكرياتي يتعبني ويزيد من آلامي .












لا يمكن اعتبار الموت نهاية ،أو الحياة زمناً مستمراً ،فقد توقف الزمن عندي منذ جرحت في الحرب وعدت إلى الحياة مجدداً من خلال ذكرياتي المنصرمة ،التي قتلتها بغروري وتعجرفي .
وكم كنت أود لو أعيد أولئك الأشخاص الذين لا أعلم بأي أرضٍ يقطنون إلي لأعود إلى الحياة من خلالهم .
كما فعلت عودة الياس بي ،وجعلتني أستيقظ كل يوم قبل وقت طويل من موعد استيقاظي اليومي ،لأهتم بملابسي وأناقتي ،وأتناول الفطور مع والدتي محتملةً سماع كل قصصها التي لا تهمني بشيء ،وأنا مبتسمة.
وأن أتجرأ وأقصد السوق ،ذلك المكان الذي تعرضت فيه لحادث الانفجار ،لأبتاع الاشياء لي ولعائلتي .
وحتى أن أتجرأ وأعود لقراءة الجرائد وصفحات الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي .
وأصبحت قادرةً على أن أجد في أي شيء أقوم به متعةً ما ،وقد أخترعها احياناً .
خطفت مني الحرب أناساً كثر ،قد لا أكون على صلةٍ وثيقة بهم ،لكننا التقينا في مكانٍ ما ذات يوم ،أو جمعنا أمرٌ ما .
فمنهم من اختفى ولم أسمع عنه شيئاً ،ومنهم من نزح خارج البلاد إلى إيطاليا وألمانيا وكندا وأكثرهم من زملاء الطفولة .
أفتش عنهم في مواقع التواصل الاجتماعي ،وأتتبع أخبارهم وأتساءل فيما لو أنني سمحت لعلاقتي بهم بان تتشكل كما يحلو لها ،ماالذي كان سيحصل ؟
وهل كانت لتتغير مصائرنا ؟كيف عاشوا سنوات الحرب ؟هل آذتهم بقدر ما آذتني ؟وهل أعني لهم شيئاً اليوم ؟
هل تحابوا وتزوجوا وأنجبوا أطفالاً ؟أم مازالوا مثلي يتحدثون مع حبيبٍ وهمي وهم يعلمون كل العلم بأنه لا أحد يقوم بهذا سوى المجانين ؟!







اتصل بي الياس ذات ليلةٍ كنت قد رقدت فيها في سريري باكراً ،ودعاني إلى جولة معه على الكورنيش في سيارة الضابط الذي يعمل لصالحه .
وقفنا فوق الحجارة على حافة المياه ،وراح يخبرني كم تنتابه رغبةٌ في رمي نفسه في المياه أحياناً ،ليلحق بأصدقائه الذين خسرهم في الحرب ،وبعدد المرات التي كان فيها على وشك أن يطلق النار على نفسه في ساحات المعارك مستعملاً الرصاصة التي كان يحتفظ بها في جيبه وأسماها رصاصة الكرامة .
لم أخبره كم رغبت أنا ايضاً في أن تدهسني سيارة وأنا عائدةُ من دكاني ليلاً حيث سبيل الموت الوحيد .
وتحولت على نحوٍ مثير للاستغراب إلى تلك الفتاة الواثقة التي تهدئ من روعه وتذكره بجمال هذه الحياة بينما يسهب في قص ذكرياته عليَ ،وهو يرغم نفسه على عدم البكاء ،فلم أجد نفسي إلا وضممته ،ثم عدنا بالسيارة صامتين إلى منزله .
قضيت تلك الليلة في سريره ،ومارسنا الحب حتى الفجر ونحن ننظر في عيني بعضنا ،على نحوٍ لا يشبه أبداً خيالاتي القديمة عن الجنس .
وفي صباح اليوم التالي اعترف لي بأنه لم يعرف الحب إلا بعد ان دخلت حياته مجدداً ،وأن عودتي جعلته يدرك حبه لي منذ الصغر وأنني كل ماهو حقيقي في حياته وغير ذلك كانت أشياءً وضعتها الحياة في طريقه واستسلم لها كما اعتاد في الصغر .
ثم امسك بيدي وأخبرني بأنه سيسوي الأمر مع خطيبته ،وأننا سنكون معاً طوال حياتنا ،واكتفيت أنا بالصمت ثم عانقته حتى تصبب مني العرق .
استيقظت من حلمي هذا على صوت والدتي وهي توقظني لأذهب إلى المحل فنهضت من سريري متعرقةً وسارعت لتجهيز نفسي للقاء حبيبي الشهيد !









سافرت ووالدي إلى بيروت رغبةً مني في التحرر من قفصنا الذي بنيناه حول انفسنا طوال سنوات الحرب ،ونزلنا في برج حمود في منزل قريب لوالدي يعيش فيه كمسكن مؤقت ،بينما يقضي وقته المتبقي في السفر والترحال ليبدد حزنه على زوجته التي فقدها في الحرب الأهلية اللبنانية .
وقضينا أيامنا نسهر ونسمر منصتين إلى حكايات ذلك القريب ومغامراته في الشانزيليزيه .
وفي الصباح نذهب إلى الروشة لالتقاط الصور ،وإلى الحمرا فيما بعد لتناول الغداء .
منذ صغري كنت شغوفة بالترحال ، أنتشي لما يقرر والدي اصطحابنا إلى قرية عائلته على الحدود التركية السورية ،حيث كنا نقضي أسابيعاً صيفيةً زاخرةً بكل ما هو ممتعٌ وجميل .
كنت أركض في الحقول وفي يدي سلةٌ من القش وأقطف خوخة من هنا وجفنة عنبٍ من هناك .
يصعب عليَ استحضار ذاكرتي عن تلك القرية ،فنحن لم نزرها منذ اندلاع الحرب بعد سيطرة جماعاتٍ إسلامية عليها وانتشار العملة التركية فيها ،وانقطاع الطريق إلى هناك .
وكأنها سلخت عنا،ويؤسفني أنني ربما لن أعود وأرى ذلك المشهد الرائع عندما تغرب الشمس ويحلق السنونو بين تدرجات اللون البرتقالي التي تصبغ السماء خلف الجبال ،ولمعان الطحالب الخضراء في البركة الكبيرة التي تقع على حدود البلدة ،أدهشه تراكم شقائق النعمان في الحقل المجاور لمنزل جدي ،في أيام الربيع ،وصوت أجراس الكنيسة في البلدة المجاورة فوق بلدتنا ،والتي تبدو لنا مثل لوحةٍ فنية لو أردنا مشاهدتها من سطح منزل جدي .
كان منزل جدي بجدرانه الحجرية القوية ،يقبع عند منعطفٍ خطير للسيارات ،لذا ربما لم يتسن لنا كأطفال حينها اللعب بحرية أمامه ،فكنا نلجأ إلى السطح لتحررنا نسائمه ويشغلنا سحر المناظر التي تتبدل حولنا ونحن نجلس فيه .
كنت ألتقي بالياس هنالك أيضاً ،إلا أنني كعادتي كنت أتجاهل وجوده ،وأراقبه وهويلعب على سطح منزل جده أيضاً ،أو في الحقل المجاور حيث يتسلق أشجار الزيتون الضخمة ويقفز منها ويصطاد الأفاعي الصغيرة .
اتصل بي وأنا في بيروت ،وطلب مني أن استمتع بوقتي فيها ،وأن أحاول البقاء سعيدةً وأن أتذكره بهديةٍ ما .
أغلقت سماعة هاتفي النقال وأدمعت عيناي ،كنت حينها داخل مكتبة أنطوان في شارع الحمرا ،وانتقيت له كتاباً لستيفان زفايغ لأقدمه له كهدية .
ثم خرجت لأتمشى في شارع بليس إلى جانب الجامعة الاميركية وخلت نفسي والياس ندرس فيها ،وتنشأ بيننا علاقة غرامية ونبتكر بدايةً تليق بنا ،أفكر ،لماذا لا يحق للمرء أن يرسم البدايات ؟أو ينتقل كلياً إلى حياةٍ أخرى ؟
وأنني الآن علمت لمَ يؤمن البعض بفكرة التقمص ؟!
حبيبي الشهيد ،قررت أن أكتب لك من بيروت ،لأبلغك بالأمور التي لايسعني إخبار أحدٍ بها سوى أنت ،فأنا بدأت أشعر بالغربة والضجر هنا ،وزاد ابتعادي عنك من تشتتي وخوفي وفشلي في التصالح مع الماضي ونمت لي رغبةُ جديدة في محادثتك بأشياء بسيطة دون أن أتطرق لذكرياتي مجدداً ،لأنني لم اجد في ذلك نفعاً ،فالذكريات تتربص بك عندما تكون منقوصةً ،وتقول لك :أكملني .وبما أن ذلك من المحال ،تبقى انت أسيراً لذكرياتك .
بيروت مدينة ساحرة ،والسحر يوقظ الذكريات ،لذا توجب علي المغادرة والعودة إليك .
رفض والدي فكرة العودة المبكرة ،واقترحا علي بان ابحث عن فرصة عملٍ في بيروت ،وأؤسس حياةً جديدة ،ولكن هذا يعني أنني سأعيش وذكرياتي ترافقني كظلي ،مشوهةً وثقيلة ،وأنا لم أرد ذلك .
عرف والدي كيف يستغلان وقتهما على نحوٍ افضل مني ،مما أثار دهشتي ،فقد ضحكا بعد كل هذه السنوات ،لقد منحتهم فكرتي السعادة ،إلا أنها أبعدتني عنهم أكثر .
وجعلتني غريبةً ،مثل مخلصةٍ تصلب في نهاية المطاف ! وتترك نفسها لآلامها وذكرياتها المتراكمة لتنهشها .
حبيبي ،لن أكون أنانية وسأدع والدي يعالجان نفسيهما بسحر هذه المدينة ،وأستعين بالكتابة إليك علها تمنحني بعضاً من الصبر .













حبيبي ..
كادت أن تدهسني اليوم سيارة ،كان السائق سورياً ،اعتذر مني والذعر واضحٌ في عينيه ،ظن بأنني سأؤذيه ،مع أنه لم يحصل أي شيء .
تساءلت :هل أصبح الخوف يسري في عروقنا نحن السوريين ؟أو أننا اعتدنا أن يلقى اللوم علينا دوماً ؟
أصطدم بالسوريين في كل شارع أذهب إليه ،عمال ‘شحاذين ،مجانين .وألمح ذات الرعب في عيونهم وهوذات الرعب الذي كنت ألمحه في عيون جيراني في الدكان ،رعب سوء الفهم ،والخسارات الفجائية التي تأتي دون ذنوب مسبقة !
فتشت لأحد جيراني في الحي عن أولاده هنا في بيروت ،لإيصال مبلغ من المال لهم كان قد عهد إلي بإيصاله لهم ،فوجدتهم يقطنون غرفةً ضيقةً تكاد تصلح قبراً بالقرب من جسر الكولا ،حيث يكثر السوريون المشردون تحت الجسور .
أحدهم كان قد اصبح مدمناً للحشيش لذا أعطيت المبلغ لشقيقه الذي كان يعمل في مغسلةٍ للسيارات بعد أن فشل في إيجاد عمل في مهنته كطبيب !
تذكرت كلام والدهما عن أنهم يعيشون في سلام واكتفاءٍ في بيروت ،وأن هذا كل مايهمه أما بالنسبة له ،فالله قادر على جعله يحتمل قساوة المعيشة التي خلفتها الحرب .
ماذا لو علم بما جرى لولديه ؟!
حبيبي ،التقيت بالصدفة أيضاً بزميلة لي في الدراسة ودهشت باحتفائها بي ،أنا التي كنت أظن بأن الجميع يكرهني لما كنت عليه في الصغر من غرور وتشاوف واستعلاء .
كانت قد تزوجت برجل ثري في بيروت ،دفع لها المال لتدرس هندسة الديكور في إحدى الجامعات الخاصة اللبنانية ،وبدت امرأة رائعة .
بكت وعانقتني بشدة ،وقالت بأنني أذكرها بأجمل فترات حياتها ،وأنها سعيدة بلقائي سعادةً لم تعرفها من قبل .
دفعني ذلك أيضاً إلى البكاء ،ورافقتها بعد ذلك إلى شاطئ الروشة ،والتقطنا صورةً تذكارية.
لم أرها بعد ذلك ،ولم تتصل بي ،واكتفى كلٌ منا بصدفة جميلة جمعتنا ،دون ان نغوص اكثر فيما يؤلمنا البوح به .
آثرت بعدها البقاء في المنزل ،ريثما يقتنع والداي بفكرة العودة ،وتعلقت بفيلم من بطولة ساندرا بولوك ورحت أشاهده لمرات عدة ،وهوفيلم تجسد فيه ساندرا دور مديرة قاسية القلب ،فوقية ،ترتدي ملابس فخمة على الدوام ،تضطر لعرض الزواج على أحد موظفيها كي لا يتم ترحيلها من البلاد التي تعمل فيها .
ذلك الموظف الذي يمقتها على الدوام ‘إلا انهما يقعان في الحب في النهاية ،بعد أن يعلم مافي داخلها ومامرت به حتى صارت ماهي عليه .
تمنيت لو يحصل معي هذا ومع الياس ،لكنت اليوم أسعد من عليها ،إلا أن الأوان قد فات الآن ،ياحبيبي الشهيد .





















حبيبي ..
سيان مابين التذكر والنسيان ،طالما نتغير كل يومٍ عن اليوم الذي يسبقه .
فوجئت بنفسي اليوم وبما قمت به ،فلما كنت أتشمس على رصيف شاطئ الروشة ،مر بجانبي رجلٌ طويل القامة عاري الصدر ،شعر صدره كثيف ،كتفاه عريضتان ،وقد صبغت الشمس جلده بلون القهوة ،على نحوٍ جذابٍ للغاية ولن أنكر ذلك ،أو أخجل بالاعتراف لك بأنني انجذبت غليه .وخصوصاً بعد أن أخذ يلفت انتباهي له لما يروح ويجيء من أمامي مستعرضاً عضلات صدره المشدودة وينظر إلي من فوق نظاراته الشمسية ،ثم مر بجانبي وتقصد بأن يصطدم بي معتذراً ،ثم نزل إلى الشاطئ الصخري متعمداً بأن ألاحظ وجهته .
لا أعلم ما الذي دفعني للحاق به ،نزلت إلى الشاطئ الصخري فوجدته واقفاً على حافة المياه ينظر إلى البحر ،اقتربت منه دون أن يلتفت إلي ،وأصبحت على بعد خطوة منه ،فاقتربت منه أكثر حتى التصق جسدي بظهره ،وأسندت ذقني إلى كتفه فشعرت بحرارتها ،فلم يحرك ساكناً ،مانحاً إياي كامل الحرية في التعبير عن مشاعري ،قربت رأسي من رأسه أكثر ،ورحت أتنشق رائحة شعر لحيته ،وهنا وكأنني منحته الإذن بالسيطرة ،التفت إلي وأمسك رأسي بيده القوية وراح يقبل رقبتي نزولاً إلى ملتقى ثديً.
عند ذلك الحد ،قمت بدفعه بقوة عني وابتعدت عنه ،وبقي هو متسمراً تحت الشمس يبتسم ابتسامته اللعوب .
التقيت به مرةً أخرى مساءً ،لكن هذه المرة اقترب مني ملقياً التحية عليَ بكل تهذيب وجلس إلى جانبي ،بعد مصافحتي ثم عرفني على نفسه وكأنه لم يحصل بيننا أي شيء في الصباح .
كان سورياً يدعى (عبدو )،نزح مع بدايات الحرب إلى بيروت ،يعمل في مجال البناء ،ويقطن مع اصدقائه في منزل في منطقة الحمرا .
وسرعان ما وجدت نفسي أنا أيضاً أخبره عن نفسي ،ناسيةً تماماً كل ماحدث بيننا ،أخبرته بكل شيء ،حتى عن رغبتي في العودة إلى سوريا فراح يثني على اقتراح والديَ بالبقاء والعمل في بيروت ثم أعطاني رقم جواله وطلب مني الاتصال به لو قررت البقاء والبحث عن عمل ،كي يجد لي عملاً لائقاً على حد تعبيره .
شغلني ذلك الشاب بعد ان عدت إلى المنزل ،لقد منحتني ابتسامته وحديثه المكثف والفكاهات التي يضمنها فيه شعوراً بالراحة ،دفعني إلى النظر في عيني في المرآة ،لأعثر فيهما على الشجاعة والتحدي من جديد .




حبيبي الشهيد ..
وجد لي عبدو عملاً في مركزٍ تجاري ضخم ،التقيت به أمام المركز مرةً أخرى ،بدا فيها أنيقاً للغاية .
رافقني في مقابلة العمل ،وخرجنا معاً بعد أن اتفقت مع رب العمل على كل شيء ،وقصدنا شاطئ الروشة .
جلسنا في أحد المقاهي ،وراح كعادته يسرد الفكاهات والنكت ويبتسم مظهراً غمازته الكبيرة والجميلة .
أخبرني بأنه في إجازةٍ عن العمل ،لعدم التزامه بورشة بناء في الوقت الحالي ،لذا سيتسنى لنا الوقت الكافي للقاء .
وهكذا قضيت الأسابيع التالية أنهي عملي في المتجر ثم أخرج إليه فأجده ينتظرني مع غمازته البارزة .
حين اطمأن والديَ أنني عثرت على عمل والتمسا تغييراً ملحوظاً في سلوكي وحماسي ونشاطي عادا إلى سوريا بعد أن استأجرا لي غرفةً إلى جانب منزل عبدو وأصدقائه بناءً على طلبي .
وهكذا أصبحت قريبةً من عبدو ،نطبخ معاً ،ونتكلم عن كل شيء ،رغم أن وجهات نظرنا السياسية حول ما حصل في سوريا مختلفةٌ ومتباينة .
إلا أن عبدو كان متشائماً أكثر مني ،أنا التي عشت في قلب الحرب وليس خارجها مثله ،وسجنت نفسي أثناءها بتهمة الخوف ،وأصبحت الكتب والذكريات صديقاتي المفضلات .
لما فر عبدو لم يلتفت إلى الوراء أبداً ،وأد ذاكرته هناك ولم يسأل بعدها حتى عما حصل مع أقرب الناس إليه .
كان غاضباً وغضبه هذا لم تشكله الحرب ،بل أثنت عليه ،وشجعت عبدو على الرحيل به وتحويله إلى حياةٍ أخرى .
بالرغم من أنه كان يستقبل شباناً سوريين ويسكنهم في منزله ،دون أن يسألهم عن ماضيهم .
وقد كنت اقابل بعضاً منهم عندما أقصد منزله لنسهر .
وهكذا أصبحت مع عبدو امرأة قوية واثقة ولم يهمني حتى اتصال الياس بي ذات مساءٍ ليعلمني بأنه حدد موعد حفل زفافه وأنه يتوجب علي النزول إلى سوريا لحضوره عما قريب .



حبيبي الشهيد ..
جن جنوني ليلة زفاف الياس ،لم أنزل سوريا ،بل قصدت منزل عبدو عوضاً عن ذلك .
كان قد أنهى اغتساله للتو ولف جسده بمنشفة لما فتح لي الباب ،فهجمت عليه ورحت اقبله في كل موضعٍ من جسده ،قبلته من فمه ورحت ألعق لسانه ،ولعقت شعر صدره ،مصصت عضوه وخصيتيه ،قبلت كتفيه وفشل في جعلي أتمهل قليلاً ،وراح يداعب شعري ،ثم أمسك برأسي ونظر في عينيَ ،وأخبرني بأنه يحبني وأنه يرغب بان أكون له لكن بطريقةٍ أخرى .
نزع عني ملابسي وحملني بين ذراعيه ومددني على سريره ،ثم مدد جسده فوقي وراح يضغط بصدره على ثديي ،وضاجعني حتى تعرق جسدينا ،وعند النشوة نظر في عينيً بعينين براقتين كعيني الياس ،ثم ضمني بقوة بين ذراعيه كي يذيبني من جديد،وغفا .
وبقيت أنا أحترق دفئاً حتى الصباح ،عندها استيقظ وأخذ يداعب شعري ويقرب جسدي أكثر إليه ملتقطاً ثديي بين قدميه ،جاعلاً رأسي الصغير رهن اعتقال يده القوية الدافئة .
منذ تلك الليلة انتقلت للعيش معه وأصبحنا نكرر ما قمنا به كل ليلةٍ ،دون ان يخبو دفء عبدو ،وتتعلق أجسادنا ببعضها أكثرفي كل مرة .
وغدونا نمشي عاريين في ارجاء المنزل ،كانت هذه طريقتنا في الحب ،هو الغاضب الفار من رحى الحرب إلى حياةٍ مليئة بالشقاء ،وأنا المستيقظة على غفلةٍ على الحياة ،والتي عثرت بين ذراعي عبدو على نافذةٍ تعبر من خلالها إلى ذاتها من جديد وتؤمن أن للحياة معنىً ما.












حبيبي ..
عبدو رجلٌ رائع ،إلا أنني لا أستحقه وينبغي علي الاعتراف لك بتغييرات كثيرة طرأت على نفسيتي .
فبعد ان منحني عبدو كل حبه ودفئه وقوته ،تسلل شغف السلطة إلي ،فاستلمت زمام الأمور كلها ،حتى في السرير ،كنت أنا من يسيطر ويبدأ بالمداعبات ،أما هو فكأنه كان مستمتعاً بمنحه لي السلطة والحرية الكاملة في التعبير عن مشاعري وأفكاري ،وكان ذلك في رأيه نوعاً من الحب والإيثار .
إلا أنني بدأت أشعر وكأنني والدةٌ له ،أو زوجة شرقيةٌ قوية بوجود رجلها إلا أنها مقيدة.
وبدأت أحلم بحياة أجمل ،بأن ننتقل إلى منزلٍ أكبر ،في منطقةٍ افضل بجانب المركز التجاري الذي أعمل فيه ،وكنت أشعر بالمتعة لما كان يرسل إلي عبدو صديقاً له يدعى (وائل )ليقلني في سيارته من مكان عملي ويأخذني معه في جولة مسائية ليريني ما لم أره بعد من مدينة بيروت .
كان وائل شاباً تبدو عليه مظاهر النعمة والثراء على نحو مبتذلٍ للغاية ،وكان دائم الفخر بما يملكه بالرغم من أن كل ذلك المال كان مصدره والده الفاسد الذي أرسله إلى بيروت لحمايته ،كما روى لي عبدو .
في البداية كان يكتفي بجولاتنا معاً في سيارته ،إلا أنه شيئاً فشيئاً أصبح يتعلق بي أكثر ويهديني الساعات والقلادات الذهبية ،مبرراً أنها عربون للصداقة القائمة بيننا .
كنت أقبل هداياه وأخفيها عن عبدو ،ثم أشعر بالذنب لما أكون مع عبدو في السرير ،وأحنو عليه حنو أم كي أكفر عن ذنوبي !
ذات ليلةٍ ،حاول وائل تقبيلي فقاومته ،ثم ركضت مسرعةً إلى منزل عبدو ،وأخبرته بكل شيء وأنا أبكي .
ثم رحت أصرخ بأنه علي العودة إلى سوريا قبل أن أخسر نفسي ،واعتذرت منه على ضعفي وهشاشتي وطلبت منه ان يسامحني على انسحابي من علاقتنا الجميلة .
اقترب مني وضمني إليه بقوة وأخبرني بأنه لن يتخلى عني ،وأنه من الطبيعي أن تمر فتاة مثلي بتلك المشاعر لما تقصد مدينةً كبيرةً زاخرةً بالحياة بعد سنواتٍ من الحرب والظلام .
إلا أن ذلك لم يغير من قراري وما إن انبلج الفجر حتى كنت قد جمعت كل أغراضي في حقيبة السفر وانطلقت إلى السيارة التي ستوصلني إلى سوريا .
ودعني عبدو على باب منزله وهو يردد بأنه على ثقةٍ تامة بعودتي وأنه ينتظرني بفارغ الصبر .
نظرت في عينيه الجميلتين ،قبلته وترددت لبرهة في الرحيل .
إلا أنني تمالكت نفسي واستطعت أن أدير ظهري له وأرحل بصمتٍ إلى منزل والدي حيث سأولد ربما من جديد .























حبيبي الشهيد ..
هاقد عدت إليك ،ويبدو أن العدالة لن تتحقق إلا بهذا ،فأنا لا أستحق أياً من الياس أو عبدو.
الزمن لايعود ،والحياة لا تغيرك بهذه السهولة .
أجلس في دكاني وصورتك مقابلةٌ لي ،وأمامي روايتي التي شرعت في كتابتها بعد عودتي من بيروت .
لا أنتظر أحداً ولا أنتظر شيئاً ،سوى محادثتك أنت ولعله أفضل عقاب لي بأن أقع في حبك المستحيل .
وعلي إخبارك بأمر ،حينما عدت من بيروت حاولت الاتصال بالياس لأبارك له بزواجه ،إلا أنه لم يرد علي ،ربما لم يسامحني عن تخلفي حضور حفل زفافه ،ولم أره بعد ذلك .
شرعت في كتابة رواية كي أنسى .
مر عامان على ذلك ،وقد أنهيت روايتي التي ربما كان يتوجب علي أن أكون أكثر شجاعة" في كتابتها .
أمامي الآن روايتي ،وطفل يلهو على الشرفة المقابلة لي ،تقترب منه امرأة أعرفها جيداً تمام المعرفة ،تحمل في يدها مفتاح فتل عزقات ،تحرر صورتك من الجدار بواسطته.
أرى أيضاً شاحنةً تنقل أثاث منزلٍ ،تضع المرأة الصورة في الشاحنة ،تحملق بي ،ثم تسلم علي بيدها .
إنها زوجتك ،وأنا أعرفها جيداً ،وكيف لي أن أنساها ؟
حبيبي ،شرفتك اصبحت خاوية ،ولم يعد في إمكاني حتى محادثة صورتك ،وإخبارك بأنه حدث انفجار كبير اللبارحة في بيروت ،وأنني اتصلت بعبدو مراراً ولم يجب علي َ.
نعم ياحبيبي الشهيد ،لم يجب عبدو على اتصالاتي ..
والزمن ربما لا يعطي فرصةً أخرى ،بل يتوه بنا ويجعلنا نتخبط فيه لا أكثر ...



#الحسين_سليم_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب رشيدة
- شقاء اسماعيل
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد (منقحة)
- ماسة (منقحة)
- اعتذارات الديكتاتور
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
- ماسة


المزيد.....




- أسرار الحرف العربي.. عبيدة البنكي خطاط مصحف قطر
- هل ترغب بتبادل أطراف الحديث مع فنان مبدع.. وراحِل.. كيف ذلك؟ ...
- “أخيرًا نزله لأطفالك” .. تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 لمشا ...
- باسم خندقجي أسير فلسطيني كسر القضبان بالأدب وفاز بجائزة البو ...
- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - لو عاد بي الزمن