أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - القمع (٢) منقحة














المزيد.....

القمع (٢) منقحة


الحسين سليم حسن
كاتب وشاعر وروائي


الحوار المتمدن-العدد: 7995 - 2024 / 6 / 1 - 04:24
المحور: الادب والفن
    


القمع _٢_

سمعت اللبارحة أحد رجال السلطة يصرح (لابد من إيديولوجيا ، لأن ما دونها تطرف ).ولكن أليس وجود حزب واحد في السلطة طوال خمسين عاما" هو قمة التطرف ؟ أليس إرهابا من نوع آخر يقتل الإنسان والحياة والإبداع وينتج الإجرام والإرهاب .
ثم يصفق له أعضاء حزبه ، تخيلوا يصفق له الجميع ، وهو على غير دراية بأن المنتصر الحقيقي لا يصفق له أحد .
يصفقون له بينما تعتقل فتاة جامعية هنا في اللاذقية لإدلائها برأي على الفيس بوك ، والشرطة العسكرية ترتكب الفظائع بحق الشعب السوري ، تخيلوا وهم مازالوا يصفقون .
تقارير وتقارير تنشرها منظمة حقوق الإنسان عن الفظائع التي ترتكبها الشرطة العسكرية السورية ، والإعدامات دون محاكمة ،وهم مازالوا يصفقون !
شهدت بنفسي إحدى هذه الانتهاكات حين رافقت أحد أصدقائي إلى شعبة التجنيد ،وتم حجزنا تحت أشعة الشمس الحارقة أمام مقر الشعبة بحجة الازدحام ، وراحوا يكيلون لنا بالخطابات الاستفزازية أمثال (أنتم شعب من الأبقار والغنم ويجب زربكم تحت الشمس تماما" كالحيوانات ).وحين اعترض أحدهم كبحوا جماحه بشراسة فأطلق شتيمة على الحارس فقاموا بجره إلى مقر الشرطة العسكرية القريب متوعدين بتمزيق جسده .
كان منظرا" مرعبا " دفعني إلى التقيؤ ،في طريق العودة إلى الجامعة ، التي كانت بدورها يحرس مداخلها مجموعة من الأميين الذين لا يعرفون قراءة الإسم المطبوع على البطاقة الجامعية ، البطاقة الجامعية التي تعبر عن شخصيتنا في نظر عميد كليتنا الفيلسوف الحكيم ،هذا ما أفحمني به حين رأى بطاقتي الجامعية مهترئة في قاعة الامتحان !
تخيلوا أنا لا قيمة لي بدون تلك البطاقة التافهة ! هكذا تربينا ونشأنا ، على هذه الأفكار الفلسفية العظيمة ، أن بطاقة أهم منا ، نحن الذين من لحم ودم ، ومشاعر ، نحن الأرواح التي على صورة الله !
لا قيمة للإنسان في ظل هذا النظام الفاشي البعثي الجاهل ، وهذا ما أدركناه مذ كنا صغارا" ،حين ذات مرة دهس الموجه الرسمي في مدرستنا بقدميه طالبا"جزاء على ما تلفظ به لسانه من (تلطيشة) لإحدى الطالبات ، تخيلوا هذا السبب الخطير ؟! مراهق يمتدح صديقته ، ثم يستغربون كيف انبثقت داعش من صلب هذا النظام الأصولي القادم من الجحيم .
لذا ليس علي أن أتعجب من أن الطالب الذي احتل المرتبة الأولى في الجامعة لدينا كان يتحسس عندما نتحدث في شأن داعش ! تخيلوا من النخبة لدينا ؟!!
أو حين تابعت في الدراسات العليا كانت رئيسة البرنامج تتكلم أثناء المحاضرة عن حرق شياطيننا ! ما هذه النخبة المشرفة ؟! لقد نشروا القبيسيات والمعتوهين في صفوف التعليم العالي ، وهذه جاءت كخطوة تدميرية متأخرة لحكم البعث ،وذلك إبان تغير توزع الثروة و انتقالها إلى جيوب المحافظين (أي جيوب من قتل) ، وكان على النظام البعثي أن يرضيهم كخطوة حتمية للتماشي مع التجدد والتطور ههههه!!
الداعشيات يتسلمن المناصب التي لها مسؤولية تنشئة الجيل القادم ،وهنا في اللاذقية تعتقل امرأة فقيرة الحال تخبز الفطائر على التنور لأنها شتمت رئيس الدولة ، ثم عادت جثة هامدة ، مزرقة جراء تعرضها لتعذيب جسدي رهيب .
ثم يأتي أبناء الضباط الذين تربوا بين المحافظين في دمشق ، ويتعاملون مثلهم كما لو أنه هذا هو التطور الجديد الذي عليهم أن يتماشوا معه ههههه، وينظرون باستعلاء إلى أبناء بيئتهم الحقيقية التي خرجوا منها ،بنظرة من ملك الحقيقة المطلقة التي جلبوها من بيئة الحيتان المحافظة في العاصمة العظيمة (لكنها أكثر مدن سورية تخلفا") ،ويتحولون إلى حيتان أشد شراسة منهم ،وثمة منهم أطباء وصيادلة و من نخبة المجتمع كما يظنون أنفسهم .
هكذا عشنا في الرعب ، نحسب لكلماتنا ألف حساب ،نحن النخبة المثقفة ،نكدح بضراوة لنعيش وسط هذه الهيستيريا الدينية العسكرية ،وسط هذا الانعكاس البراق لداعش ،والدليل على ذلك أنهم يعفونك من الخدمة الإلزامية لو أصبحت رجل دين ،إذا" لديك خياران لا ثالث لهما لكي يكون لديك قيمة في المجتمع من منظورهم الضيق الأفق ،عليك أن تقرر كي يعرفوا كيف سيتعاملون معك بحيث يضمنوا خدرك المطلق ،لضمان بقاء الحكم المطلق في أيدي أصحاب الحكم المطلق !
(هل علي أن أنافق وأتحول إلى رجل دين كي أنجو من الخدمة الإلزامية ؟!!! يالهذه السخافة ) يقول أحد أصدقائي من النخبة المثققة .
ولم يكن في أيدينا سوى أن نصمت ( وخصوصا" الإناث منا)كي نستمر في العيش ،وأن نستوعبهم على عقولهم التافهة ،بعقولنا الغارقة بين الكتب ،وبكل ما هو جميل ومضاد لظلامهم ، مثل أوراق هشة تقاوم زوبعة محملة بالحجارة القاتمة ،كي لا يسحبنا تيار التفاهة كما سحب الأخريات ،أولئك اللواتي بعن أنفسهن للعهر المغلف بالدين والشرف أو الوطنية ،أو اللواتي بعن أنفسهن للزمن الاستهلاكي التافه الذي نعيشه .
وهذا في رأيي لا ضيرفيه ،فما المشكلة في الصمت ؟طالما أن الأنبياء والرسل والمفكرون العظام والفلاسفة خادعوا في موضع ما في مجتمعاتهم العمياء التي عاشت في جهل، وظلم وظلام دامسين.



#الحسين_سليم_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمع (٢)
- القمع (الجزء الأول)
- قم هات عودا-
- سوق السلام
- اعترافات البومة القاتلة
- أحفاد زورو
- الأنثى التي تكتنفني
- قصائد مختارة
- ما يهم أنك حي
- لو عاد بي الزمن
- حرب رشيدة
- شقاء اسماعيل
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد (منقحة)
- ماسة (منقحة)
- اعتذارات الديكتاتور
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
- ماسة


المزيد.....




- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...
- إشراق يُبدد الظلام
- رسالة إلى ساعي البريد: سيف الدين وخرائط السودان الممزقة
- الأيقونات القبطية: نافذة الأقباط الروحية على حياة المسيح وال ...
- تونس ضيفة شرف في مهرجان بغداد السينمائي
- المخرجة التونسية كوثر بن هنية.. من سيدي بوزيد إلى الأوسكار ب ...
- نزف القلم في غزة.. يسري الغول يروي مآسي الحصار والإبادة أدبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - القمع (٢) منقحة