أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - حروف بخط اليد














المزيد.....

حروف بخط اليد


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7995 - 2024 / 6 / 1 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


هذا المساء أكملت أربعًا وعشرين عامًا، مضت سنتان وعدة شهور على فراقنا، من يومها لم أستطع الإبقاء على روحي وجسدي معًا، لأنني معكِ فقط، أتماثل في الحب والهوى!
تخرجتُ من الجامعة، تأخرت في دراستي بسبب الظروف التي تعرفينها، وهي ذاتها التي رفضوني أهلكِ بسببها، كل شيء في حفل التخرج جميل ومرتب، لم ينقصه شيء، عدا أنك لم تكوني في الصورة إلى جانبي، أصبح لقبي العلمي الدكتور، كنت أفضل لقب دكتور السعادة، كما كنتِ تحبين مناداتي.
بعد مضي ست سنوات على فراقنا، اشتريت سيارة حمراء، فرشها داكن اللون ولها فتحة في السقف كما كنتِ ترغبين، علقت فيها القلادة التي أهديتني إياها في عيد ميلادي .. أغاني فيروز التي تفضلينها أستمع إليها في الصباح، كل شيء فيها رائع إلا إنكِ لن تركبيها!
اليوم أكملت عقدي الثالث، وهو اليوم الذي دفعت فيه مقدم شقة أحلامنا،غرفتان مشمستان للنوم، صالة كبيرة، أثاثها بسيط، وألوانه فاتحة، شرفتها تطل على النهر لأنكِ تعشقين رؤية الزوارق وهي تتهادى على صفحة الماء، بينما صوت النوارس يحلق بِنا عاليًا، حرصت على أن تقع في الحي الذي أعجبكِ، لم أنسَ لوحة الطفل التي رأيتها في إحدى المحال، علقتها عند المدخل كما طلبتِ، لا ينقص الشقة شيء سوى أنكِ لن تسكنين فيها، لهذا لم أسكنها أنا أيضًا، فقمت بإيجارها لأناس آخرين.
أخبرتني صديقة لكِ أن عمر ابنكِ الآن أصبح سبع سنين، لقد كن سبع عجاف لم يتركن لي شيئًا سوى ألم الفراق أقتات عليه.
اختارتْ لي أمي فتاة من أقربائنا، لم تثر فيّ سوى الحزن، تزوجتها دون إبداء أي رأي لاقتناعى بقول صديقي في أن أتزوج بمن تحبني وأكف عن البحث عن شبيهتكِ، يظن أن لكِ شبيهة، فمضيت بهدوء إلى الحزن الكامن فيّ.
العرس كان رائعًا ومثاليًا إلا إنكِ لم تكوني العروس.
بدأت أطيل الصمت وأنا في البيت بعد أن أخطأت مرات في مناداة زوجتي باسمكِ، الحق أنها امرأة طيبة، تغاضت عن كل شيء لإرضائي، لكنها لم تسعد روحي كما كنت تفعلين، لم تستطع منحي شيئًا أنسى به ذاتي.
في ذكرى زواجنا الأولى، اقتنت لي ساعة يد غالية الثمن، تمنيت لو أنها منكِ.
مضى على فراقنا ثمانية آلاف وثلاثمائة وخمسة وتسعين يوم، وهو اليوم الذي بلغ فيه ابني البكر الرابعة عشرة، اخترت له الاسم الذي تحبين، يهوى الرسم مثلك، إلا إنكِ لم تكوني أمه.
عمري في هذه اللحظة ستة وخمسين سنة، مضى على فراقنا اثنان وثلاثون عامًا.
اليوم عرس ابنتي، اسميتها باسمكِ ليتسنى لي تدليعها كما فعلتُ معكِ.
أصبح العرس حديث الناس، شعرت كأنني في قارب ممزق الشراع، لا يأتي ولا يذهب، يتأرجح الوقت معه، فرحتي لم تكن مكتملة لأنكِ لم تكوني أم العروس.
حملت حقيبتي، وأدوية الضغط، والسكر، وحفنة من الذكريات، سافرت معها إلى مدينة البندقية، التي لطالما حلمتِ برؤيتها، زرتُ أماكن كثيرة فيها، إلا إنكِ لم تكوني رفيقتي.
البارحة أتممت عقدي السابع، بدأ الليل يسترق السمع لحديثي مع النجوم.
هل لكِ تخيل حجم فرحي حين علمت أن عروس ابني هي ابنتكِ؟ تشبهكِ بكل التفاصيل، ابني كذلك كان فريدًا في حبه لها.
في ليلة عرسهما، كل شيء يبعث على البهجة، كأنها ليلة من ألف ليلة وليلة، إلا إنكِ لستِ حاضرة فيها،
لقد أخبروني بوفاتكِ منذ خمسة أعوام بمرض السرطان.
مضى على فراقنا عمر توقفتُ فيه عن كتابة القصائد، لأنكِ لن تقرئيها، لم أعد أطرب لسماع موسيقى لن تشاركيني الرقص على أنغامها، لم أعد أفهم أغاني الطيور، لأنكِ لستِ هنا لتترجمي لي ما تقول.
منذ عشر أو عشرين، أو ربما ثلاثين سنة، أدركت أنني لم أعد من هناك، حيث لم أكن هنا أبدًا، أحتسي بغيابكِ وحدتي دفعة واحدة.
مضيتِ في طريقكِ إللانهائي، وتركتِ



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث في العاشرة مساءً
- قصائد متفرقة
- جلست أحتسي فقري
- بيرة بالليمون
- جلسة سرية
- اليوم الثامن
- بلغاري .. عربي
- الفاصل كان لحظة
- قالت رأيتكَ
- أزواج الزوجة
- الحب في زمن الكورونا
- أدوات استفهام
- آدم الأخير
- فوز الكلابي موشاة بأحلام قصصها
- يوميات سائق كيا
- نشط منذ ساعة
- نافذة على الخريف
- مداهمة قلب
- موت الوهم
- لمن الصورة؟


المزيد.....




- روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة ...
- اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با ...
- هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت ...
- مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
- “نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن ...
- فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح ...
- هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا ...
- -الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي ...
- النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح ...
- فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - حروف بخط اليد