أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بيرة بالليمون














المزيد.....

بيرة بالليمون


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7988 - 2024 / 5 / 25 - 12:48
المحور: الادب والفن
    


لم أنتبه للنادلة وهي تضع أمامي قائمةَ المشروبات، كنت منهمكة بالتشاجر مع زوجي بعد أن وعدني
سيتغدى معي هذا النهار، لكنه مثل كلِ مرة، أخلف وعده، قلت له بصوت شعرت كأنه ليس صوتي: تقضي معظم نهارك في العمل وفي الليلِ تمسك الهاتف، تحدّق فيه كأنه عشيقتك، تبًا لك...
كعادته لم يدعني أُنهي حديثي، أغلق الهاتف في وجهي بعد أن أعاد على مسمعي كلمته الأزلية: غبية!
لم ينقذه مني سوى قدوم النادلة، نظرت إليها، كانت طويلة وجميلة أكثر مما ينبغي لنادلة، ابتسمت لي ببلاهة تنتظر مني اختيار المشروب، قلت لها بصوت متحشرج: بيرة بالليمون، فجأة، بدا عليها الاستغراب، حسنًا، قالتها وهي تستدير، لم أتمكن من إخبارها نني أفضلها باردة جدًا، لانهماكي بقراءة الرسالة التي وصلتني منه: لن أعود مبكرًا الليلة، لدي عمل.
حاولت كتمان غيظي، لم أفْلح، كتبت له: لن أكون في المنزل!
انتظرته ليقرأ الرسالة، الماسنجر كتب عندي: نشط منذ دقيقتين.
جاءت النادلة تحمل قنينة البيرة. وجدت الفرصةَ سانحة للتنفيس عن مشاعري السلبية التي ظهرت في الصوت الصادر من كعب حذائي وأنا أدق به الأرض:
- توقفي، هذه ليست بالليمون،هذه بالأناناس!
حملتْ القنينة وذهبتْ معتذرة.
الصمت المخيم على المقهى رغم اكتظاظه بالزبائن، جعلني أسمع صوت أنفاسي، منظر الناس غريب جدًا، الجميع مبتسمون، لكنهم صامتون، يحركون أيديهم في الهواء، و يهزون رؤوسهم بين الحين والآخر!
- تفضلي، بيرة بالليمون.
شعور غريب سيطر عليّ، هذه المرة، افتعلت حدثًا لاكلمها.
- هذه ليست باردة!
أمسكت بالقنينة وهي على الطاولة، قالت مستغربة:
- إنها باردة جدًا سيدتي!
تحولَ شعوري الغريب إلى خوف وقلق، ظننت أنني أرى حلمًا لولا وصول رسالة من زوجي، من خلالها تأكدت أنني لست في حلم، ثم أنني لم أره في أحلامي منذ أن تزوجته.
منظر النادلة تتحدث بصوت منخفض مع نادلة أخرى وهما تنظران إليّ، جعلني أتيقن ثمة أمر سيء يدبر لي، أشرت إليها بسبابتي أدعوها للمجيء.
تبادلتْ مع زميلتها ضحكة قصيرة، اقتربتْ لتقول لي:
- نعم مدام!
- أسندتُ ظهري إلى الكرسي، واضعة ساقًا فوق ساق،لأقول:
- أين القدح؟!
كأنها تذكرت، أسرعت وأحضرت قدحًا زجاجيًا لامعًا بشكل يدعو للتأمل. بدأتُ بشرب البيرة من القنينة نكاية بالنادلة.
رؤيتي لفتاة تجلس قرب النافذة، ترفع أصبعها في وجه الرجل الجالس بجانبها، مدني بالأمان وشيء من القوة، لست في حلم، أنا متأكدة، لكن لا أحد منهم يحمل هاتفًا!
إشعار صوتي من الهاتف يخبرني بوصول رسالة من الماسنجر، هذا الغبي مرة أخرى، رسالته هذه المرة مرفقة بلوحة لامرأة تشد شعرها وقد كتب تحتها:
- سأحاول إيجاد وقتًا لتبادل الحديث، الآن أنا مشغول، أحبّكِ.
رسالته زادتني غضبًا، كلمة أحبكِ هي سر ضعفي، تملكتني رغبةٌ في كسر الهاتف، لكني تراجعت مثل كل مرة.
طلبت من النادلة فاتورة الحساب، لم أعد أحتمل الناس هنا، إحداهنَّ رمت برأسها على صدر رجل يحتضنها بذراعيه الطويلتين، وآخر يقبل امرأة ليست جميلة، وثالثة تمسكت بكف حبيبها، ثمة عجوز التصقت بالرجل المسن الجالس قربها بطريقة أثارت غيرتي وحزني.
وضعت النقود على الطاولة غير آبهه في استرجاع الباقي وخرجت بسرعة، ضجيج السيارات وصوت المارة وهاتفي الذي يرّن سببوا لي راحة كبيرة، شعرت كأنني كنت في عالم غريب وللتو عدت إلى وطني.
التفت صوب المكان، وجدت النادلة تبتسم لي بخبث وأعلى الباب لافتة مكتوب عليها:
مقهى للصم والبكم!!



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلسة سرية
- اليوم الثامن
- بلغاري .. عربي
- الفاصل كان لحظة
- قالت رأيتكَ
- أزواج الزوجة
- الحب في زمن الكورونا
- أدوات استفهام
- آدم الأخير
- فوز الكلابي موشاة بأحلام قصصها
- يوميات سائق كيا
- نشط منذ ساعة
- نافذة على الخريف
- مداهمة قلب
- موت الوهم
- لمن الصورة؟
- ليلة الحفل
- حوارية بين فوز حمزة والشاعر عبد السادة البصري
- للظلام أجنحة
- في انتظار نون


المزيد.....




- فنانة مصرية تبكي على الهواء في أول لقاء يجمعها بشقيقتها
- فيلم -Inside Out 2- يتصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية مح ...
- أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد
- السعودية: الوصول لـ20 مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عيد ال ...
- ولاد رزق 3 وقاضية أفشة يتصدر إرادات شباك التذاكر وعصابة الما ...
- -معطف الريح لم يعمل-!.. إعلام عبري يقدم رواية جديدة عن مقتل ...
- طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب ...
- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بيرة بالليمون