أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة دنيا غريبة .















المزيد.....

مقامة دنيا غريبة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 7929 - 2024 / 3 / 27 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


مقامة دنيا غريبة :
حيث ان ((الشيطان في سعيه لتحقيق مآربه, قد يلجأ لترتيل الكتاب المقدس)) , كما يقول وليم شكسبير, بات اللصوص هم الذين يقرأون علينا الكتب المقدسة وعليه فإننا سنعيش نفس العام المارق ونفس الشهر الأمرقْ ونفس اليوم اللعين ونفس اللحظة الألعنْ, ورأينا كيف كانت دعاية وكلاء ألأميركان تروج ان هذا القرن هو زمن الكون الآخر, والإنسان الآخر , والحبر الذي يكتب ما سيبدعه إنسان جديد, ليس نحن المقصيين بالطبع , أنسان لا تقيد عقله أغلال الجهل وحبال الحاجة, ولكننا وجدنا ان الكون ألآخر هو ماكان سائدا في القرون الوسطى, زمن المتخلفين الذين ما زالوا لا يعرفون عن الأرقام سوى أنها جدول حساب , أين ذهب زمن جواد سليم وفائق حسن والجواهري والبياتي وعلي الوردي ومن أين جاءنا المكبسل والمفخخ والسطاي والخاطف واللص والقاتل والتافه والمسطح والارعن ؟ كيف تم انتاج هذه الحثالات؟ و من أين جاء هذا العقم العام؟ وكيف أننا أضطررنا للتظاهر بالجنون ليتسنى لنا العيش المشترك , والا سيفردوننا كدخلاء على المجتمع ,وهكذا اصبح حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير فهي الوقاية الضرورية من المصادمات المُهلكة.
عام 2003 وبعد أحتلال البلاد , تم فصلي من الوظيفة , وحرمت من راتبي وكافة حقوقي المترتبة من خدمتي في الدولة لمدة 35 سنة , المشكلة أنني عندما توقفت عن العمل كان عمرى 53 سنة, وكنت في اوج عطائي وموعود بالترقي لمكان مرموق , وهذا هو الذي جعل الدموع تنز من كل خلية في الجسم الا العيون جراء ماأصابني والبلد , فلا ينام من كان في صدره فجوة لاهبة , ومن هنا ابتدأت لدي مشاكل الضغط ومن ثم السكر , و في بعض الأحيان يحدث لي دوار .
بمرور الوقت , لم أعد أعرف الأماكن خارج مسارى اليومي , و بعد هوجة التغييرات الأساسية في الطرق والمباني , أصبحت خريطة المدينة التي في ذهني قديمة و لا تطابق الواقع ,ففضلت الأ أقود سيارتي لمسافة طويلة, و أعتمد علي قدمي في الذهاب إلي الأماكن المختلفة , اما بالنسبة للأماكن البعيدة فقد حاولت أكثر من مرة إستخدام تاكسي و كانت السفرة غالبا ماتشد الأعصاب وتنتهي بفوران الدم , أستسلم فيها و أدفع ما يطلبة السائق , دون حوار رغم تأكدى أنه قد تمت سرقتي , و في مرتين مرضت بعدوى من السائق إما بالإنفلوانزا أو كورونا, في نفس الوقت ,وكما اني لا اثق في الوسائل المستحدثة لطلب المستلزمات عبر ( أون لين ) و لا استخدمها , فلم أقتنع بالموضات الجديدة نتاجات العالم الأمبريالي المهيمن, وخلال ال20 سنة فقدت مهارة معرفة مسارات خطوط النقل ,أو الميكروباصات وعانيت فيهما عذاب الصعود و النزول فلم أكرر ذلك ,النتيجة أنني يوم بعد يوم أصبحت أفضل الجلوس في المنزل و عدم مغادرته سواء منفردا أو مصحوبا بأخرين, حتي المقهى المفضل لا أذهب إلية إلا مرة أو مرتين في الشهر , و أشعر هناك بالضجر.

الدكتور الذي اراجعه بشكل دورى يلح علي أن أبذل نشاطا ما , إنزل إتمشي في الشمس بالشوارع حول المنزل لمدة لا تقل عن نصف ساعة , ولكن الأرصفة إما مشغولة أو مكسرة , و المشي في الشارع ( حتي قرب الرصيف ) مغامرة محفوفة بالمخاطر مع السادة سواق الموتسكلات , و الأتوبيسات , و الميكروباصات, لذلك فضلت الحركة في الشوارع الداخلية , التي إمتلئت بناس لونهم طيني لعدم الإستحمام , و لا يتورعون عن مضايقة شخص مسن مثلي حين يطلبون الحسنة بإلحاح , فضلا عن كمية هائلة من الكلاب و القطط بعضها عدواني ينبح علي الغرباء , لذلك عندما أسير في شوارعنا أتجنب تجمعات الكلاب, هكذا نتمشى أحيانا في الشارع أو نقعد في المقاهى و الكافتريات أونذهب في رحلة الى شارع المتنبي في بغداد او معارض الكتب, الا انه بمرور الوقت أصبحت أكسل أن أتجول كل يوم في نفس المكان.
وبعد ان انتشرت ثقافة المطاعم ألأميركية والكافتريات والمقاهي ذي الخدمة السريعة , كنت أتشمس او اجالس ألأصدقاء في كافيتريا أو مطعم ولو اني متعود منذ زمن بعيد ألا أتناول طعام من خارج البيت خصوصا البيتزا و الكينتاكي و الشاورما , والآن الفلافل بعد أن تغير طعمها , وفي نفس الوقت أتجنب الأطعمة المحفوظة أو المياة الغازية أو الكحول بحكم حالتي الصحية , وفي كل يوم يزداد يقيني أنها ليست أمنة أو نظيفة لذلك من الصعب أن اذهب لمطعم إلا إذا كان مشويات أو سمك , على الرغم انه في أيام الزمن ألأميركي الأغبر هذه , اصبحنا نجد الغش في افضل الأماكن , حيث تطبخ لحوم الكلاب و الحمير او تشوى وتتحول لتكة و كباب, والسمك الذى علي وشك الفساد أثناء النقل خصوصا في الصيف يقدم بأعلي الأسعار بسبب ألأتاوات المفروضة و الخدمة و إرتفاع التكلفة, فاصبح تناول الطعام خارج المنزل لمن يملك الملايين ,و يضمن إستمرار حصولة عليها ,أى شخص لا يعتمد علي معاشه الذى تنخفض قيمتة الشرائية , كلما طبعوا نقودا لتغطية عجز الموازنة .
المشكلة ألآن حتي في البيت أشعر ايضا بالملل ,أتجنب ان أشاهد أى محطة تلفزيون تنطق بالعربية محتفظا برأسي في مكانها, ولا أسمع الأخبار التي كلها مزورة, ولا يهمني من مات و من عاش و من جاع ومن مرض , ومن الذي سيحل مشكلة لاحل لها,و من الذي عقد المسائل, وقلت فترات استماعي للموسيقى والمقامات والأغاني القديمة , ونادرا ما أتحدث في التليفون, قد أشاهد مباريات كرة القدم و أنفعل و أحلف بإني لن أتفرج بعد ألآن و سرعان ماأجد نفسي أسأل عن موعد المباراة التالية ,أصبحت زيارات المعارف وألأصدقاء نادرة لأن كل منهم مشغول بمشاكله وصعوبة العيش زمن الغيلان,
اشعر ان الدنيا إتغيرت و ليست علي مقاسي ,فاليوم يمر مملا , بعد ما بقيت مسنا قليل الحيلة , شبه المحبوس في منزله لا يعرف الفرق بين يوم السبت و الثلاثاء أو الخميس فكلها متشابهه ,أنتظر بصبر نافذ أن تنتهي مدة عقوبتي علي هذه الأرض و أخلص من هذا المكان الشرير الطارد للبشر.
كنت أظن ان كتم الاحزان والخيبات انتصارا , حتى تراكمت لتجعلني شخصا هشا مهزوما امام نفسه بعد ما تحولت هذه الاحزان الى آلاما جسديه لم تفارقني , فبانت على سطح الوجه شقوقا كنهر تصحّر , رغم هستيريا الضحكات المكبوته التي كانت صرخات وجع, المشكلة ان لا احد يصطف مع العقل, لأن غياب التحليل العقلي للأمور يسهل من سيطرة اصحاب المصالح و الثروات على عقولنا ويشكل ثقافتنا, ان الأكثر رعبًا من العمى, هو أن تكون الوحيد الذي يرى.
تراودني دائما مقولة د. أحمد خالد توفيق (( أود أن أبكي وأرتجف وألتصق بأحد الكبار ولكن الحقيقة القاسية هي أنني أحد الكبار)) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة البصر أم البصيرة .
- مقامة كيف يتم النهب الأستعماري للشعوب.
- مقامة الحلزونة .
- مقامة اللحظات المتسربة .
- مقامة ترانيم الوجدان .
- مقامة الشمع الباكي .
- مقامة الوطن .
- مقامة الخوافي للخوافي .
- مقامة الخزامى.
- مقامة الأغفائة.
- مقامة المعلم.
- مقامة أمة الذرى.
- مقامة مرارة قهوة الكتابة.
- مقامة النهب الأستعماري للشعوب
- مقامة الترييف
- مقامة شجرة الحياة
- مقامة طمس التاريخ.
- مقامة مرافعة دفاع عن أحمد شوقي
- مقامة اليوم العالمي للمرأة


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة دنيا غريبة .