أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الوطن .














المزيد.....

مقامة الوطن .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 7923 - 2024 / 3 / 21 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


مقامة الوطن : ترنيمة على وقع مقال الدكتور محمود الجاف.
رحم الله البحتري: (( وأحب آفاق البلاد الى الفتى أرض ينال فيها كريم المطلب)) .
الخفيف يذهب بعيداً دون أن تتعب قدماه لكن هناك أثقال القلب ,عام 2003 كنت في جنيف مسافرا حائرا حين أطبق الغزاة على بلدي, واختلطت المشاعر ما بين الحزن لفراق الوطن والأحباب والأهل , ومشاعر الأمن في حياة جديدة وأشخاص جدد, ولكن غلبة الشوق والحنين للديار والوطن الذي أكلنا من ثماره وعملنا على نهضته جعلتني أجازف بكل شيء الأمان والوظيفة وعيش اللجوء.
الوطن تلك البقعة التي ننتمي إليها وتنتمي إلينا, ليس هناك ما هو أعذب من أرضه , عزيز على قلوب الشرفاء, إن الجمال هو وجه الوطن في العالم فلنحفظ جمالنا, كي نحفظ كرامتنا, جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه, ولكن الأجمل أن يحيا من أجل هذا الوطن, لازلت إذا قرأت نصا, وجعل جسمي كله بارداً للدرجة التي لا تستطيع أي نار أن تدفئني, أتيقن أنه شعر عن الحنين للوطن.
ويستمر مونولوجي الداخلي , هل كنّا على خطأ ؟ لم نكن على خطأ , بل الآن نحن نعيش في الزمن الخطأ والحاكم الخطأ والأحزاب الخطأ والهيمنة الدولية الخطأ, الجبناءَ والمهزومينَ والمدّعينَ , ينازعوننا على ما نحن عليه من لذّةِ ثبات الموقف, تغييرات هائلة اقتحمت المجتمع جعلته يفقد توازنه فبات حائرا قلقا لا يدري الى أين تتجه خطواته , ان الفاصل بين جيل الامس وجيل اليوم ليس فاصلا زمنيا فحسب بل هو هذا الاختلاف في الرؤية في كل جوانب الحياة , نحن ليس لدينا أزمة وطن بل الوطن لديه أزمة انسان.

بقيت على صلة بأقارب وأصدقاء من هؤلاء العراقيين المغتربين , قد يكونوا خرجوا من المكان العراقي, لكنهم بكل تأكيد ما زالوا يعيشون الزمن العراقي, بل لعلك تراهم يعوضون فقدانهم المكان بمزيد من الإغراق بالزمان, كنا معهم قد أعددنا للوطن كل مابوسعنا , ان نكون نبراسا يضيء درب مستقبلنا الآتي , ولم يكن يضيرنا أن نشتعل.
دعني أنقل ماقاله مغترب : (( لطالما حاولتُ منذ قدومي هنا أن أتجاهل كلّ ما يؤلم قلبي من ذكريات وأغانٍ وحتى طعام, قلتُ: سوف أركّز في المكان الجديد وأتعلم لغته وأخترع ذاكرة جديدة لأماكن وأغانِ جديدة إسوة بكثيرين سبقوني, بيد أنني لم أفلح, وكلما عاتبني أحدهم على إفراطي في الحنين أجبته : لقد غدا عمري خمسين, يشبه الأمر اقتلاع شجرة معمرة وغرسها في مكان جديد, ثمة أشجار لا تستطيع مدّ جذورها في تراب جديد, وأخرى تتأقلم لكنها لا تكون بالإنتاجية نفسها, وأنا لا أعرف, حتى الآن, أي شجرة أنا)) .
وهذه مشاعر أمرأة في ألأغتراب كتبت : (( حدث ذلك منذ شهر, وأنا ذاهبة صباحاً إلى موعد هام, استقليت القطار وفي المحطة التي اعتدتُ فيها تبديل القطار والذهاب إلى موعدي انبعث صوت فيروز عالياً ( بدّك لحبيبك تقطفي قمر.. رح يوصل حبيبك بكرا من السفر.. وجيرانك يحكوا معو...كيف الصبايا تجمعوا...لما كنت بالشجرة... وصرت تغني يا قمرة) , ومثل من يمشي في نومه تبعتُ الصوت, كان الصوت يجرّني خلفه إلى أن وصلت إلى كشك صغير, رأيتُ شابّاً ذا شعر أسود كثيف يشبه غابة, سألته: هل أنت عربي؟ أجابني: فلسطيني, وقفت في مكاني, لا أعرف ماذا أقول, أغمضتُ عينيّ وسرحت في أقاصي الذاكرة,لقد غدا سماع فيروز عسيراً في السنوات الأخيرة, كنت أهرب منها, ليس منها بالضبط, بل من تلك المشاعر التي تنتابني ما إن أسمعها, أهرب من ذاتي المهزومة كل صباح, أهرب من الخذلان في الحب ومن الوطن الضائع.

آه يا رفاق العمر والدرب: ايها الجادون في الحياة, اللذين لا يكترِثون للعقبات, المتفائلون اللذين يُحيون بصيصَ الأملِ في قلوبهم , يبتسمون رغمَ قسوة الأمس , واستمروا بالتعلق بهويتهم كحبل انقاذ رغم الإحساس بالظلم والهزيمة بعد 2003, الذين واجهوا هذا المزيج المخيف من المشاعر الذي يعكس ما حدث لجيل برمته من الوطنيين لا لشخص واحد فحسب, ولازالت في قلوبهم امطار ,علامات من زمن كان واعداً مضيئاً وانطفأ, ملايين العراقيين الذين حرف الأحتلال مصائرهم وحكم عليهم بالهجرة من بلد الخيرات, وتشتتوا في القارات بدل أن يقدموا ثمار عقولهم ومواهبهم لأبناء شعبهم, يموتون ويدفنون في التُرب الغريبة , والمتحكمون بالوطن ساهون عنهم,وهوأمر أصبح مشاعا في بلادنا التي لم يزل شروق الشمس بعيدا عنها.
يحمل المتنورون من أبناء جيلي ثقافة وشجاعة جعلتهم نماذج للمواطن حامل الأمل, المتوشح برجاحة العقل لا بأحجبة مصطنعة, ذلك العراقي الجميل سليل رجال ونساء قاوموا في الأرياف وفي المدن على امتداد القرن الماضي لبناء عراق حضاريّ مستقل قوي ثريّ مضيء في منطقته, يلهم الوطن العربي بمواهب أبنائه الرواد من الشعراء والنحاتين والرسامين والمعماريين والمسرحيين والمطربين وصانعي الجمال.
الحديث يطول دكتورنا العزيز , وفي القلب لوعات لازالت نازفة.....



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الخوافي للخوافي .
- مقامة الخزامى.
- مقامة الأغفائة.
- مقامة المعلم.
- مقامة أمة الذرى.
- مقامة مرارة قهوة الكتابة.
- مقامة النهب الأستعماري للشعوب
- مقامة الترييف
- مقامة شجرة الحياة
- مقامة طمس التاريخ.
- مقامة مرافعة دفاع عن أحمد شوقي
- مقامة اليوم العالمي للمرأة


المزيد.....




- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الوطن .