أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار فجر بعريني - أبرز سمات التسوية السياسية، وطبيعة مسارها الإقليمي.















المزيد.....


أبرز سمات التسوية السياسية، وطبيعة مسارها الإقليمي.


نزار فجر بعريني

الحوار المتمدن-العدد: 7901 - 2024 / 2 / 28 - 08:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مقال سابق ، تناولتُ ما اعتقد أنّها أبرز حيثيات وأهداف التسوية السياسية الأمريكية الجارية منذ نهاية ٢٠١٩ على الصعيد السوري.
أحاول في هذا المقال ، استكمالا للجهد السابق، توضيح أبرز سمات وأهداف مشروع التسوية السياسية على الصعيد الإقليمي.
مرحلة "التسوية السياسية " هي المشروع الذي أطلقت واشنطن وموسكو صيرورته في مطلع ٢٠٢٠، في نهاية مرحلة حروب إعادة تقاسم الجغرافيا السورية التي بدأت في أعقاب تدخّل جيوش الولايات المتّحدة وروسيا ( ٢٠١٤ ٢٠١٥).
عوامل سياق صيرورة" الخَيار الأمني العسكري الميليشياوي " المستمرّة منذ ربيع ٢٠١١ بمراحلها المتتالية تجعل من مرحلة التسوية السياسية، "المرحلة الرابعة"، وتؤكّد على أبرز سماتها:
أ- هي نتيجة وامتداد لمراحل الحرب السابقة، المستمرّة منذ ربيع ٢٠١١، و استحالة فصل عوامل سياقها عن سياق مراحل الحرب يبيّن خطورة ما ينتج من وعي مضلِّل، منفصل عن حقائق الواقع، عندما يتجاهل المثقّف السياسي/الكاتب هذا الترابط بين سياقي مراحل الحرب ( ٢٠١١ ٢٠١٩) و مرحلة التسوية،( ٢٠٢٠....)!
ب-هي مشروع " تسوية سياسية "وليست" حل سياسي" لانّها تأتي في نهاية صيرورة" الخَيار العسكري" وفي أعقاب مرحلته الثالثة ، بين ٢٠١٥ ٢٠١٩، ولأنّ قواها هي نفسها قوى الحرب ، وتعمل على تثبيت الحصص ومناطق النفوذ التي فرضتها موازين القوى ، لصالح جميع المشاركين فيها ، من ميليشيات ، باتت سلطات أمر واقع ، ومن حكومات إقليمية وأنظمة عالمية .
ت- هي تسوية سياسية أمريكيّة الأهداف والنهج والمسار ، وتتناقض مع روح القرار ٢٢٥٤ لانّها تقوم على قاعدة مشروع التسوية الأمريكي ، الذي طرحه مركز RAND خلال النصف الثاني من ٢٠١٥، في موازاة القرار ٢٢٥٤.
ث-هي تسوية سياسية شاملة ، لانّها تأخذ مسارين، سوري/ويمني وإقليمي، مترابطين جدليا ، غير قابلين للفصل في مصالح وسياسات الدولة القائدة لمشروع التسوية ، الولايات المتّحدة الأمريكية - بعد" إخراج" روسيا من دائرة التأثير الفاعل في أعقاب غزو أوكرانيا .
هي أبرز سمات التسوية الجارية خطوات وإجراءات تنفيذها منذ مطلع ٢٠٢٠، ولا يقلِّل من موضوعية مسارها تغييبها من قبل " صنّاع الدعاية " في واشنطن ، أو تجاهلها ، أو عدم إدراك طبيعتها ، من قبل نخب وأقلام ومنصات المعارضات السورية،الذين يستسهلون توصيف الحالة الراهنة ب "الإستنقاع"!! .
أوّلا،
في طبيعة مشروع التسوية السياسية الإقليمي – التطبيع .
في الواقع، لايختلف نهج الولايات المتّحدة في سعيها لصناعة " تسوية سياسية إقليمية،" عمّا تسعى لتطبيقه على صعيد التسوية السورية.
إذا كانت تحرص وتسعى في" التسوية السياسية السورية" على " مشاركة " أذرع الثورة المضادة الميليشياوية" التي باتت في نهاية مرحلة الحرب "سلطا ت أمر واقع" ، تعمل على الصعيد الإقليمي على تطوير آليات سيطرة تشاركية مع سلطات الأنظمة السياسية نفسها ، شركاء الحرب وعرّابة " الميليشيات "،في إطار مشروع تحالف "إقليمي/ دولي" كبير ، يُعزّز قوّة وإمكانيات سلطات الأنظمة في مواجهة شعوبها من جهة ،ويشكّل حالة متقدمة جدا في نهج السيطرة التشاركية الأمريكية، يشكّل حصيلة وتتويجا لما أنجزته سياسات وحروب الولايات المتّحدة، المباشرة أو " التشاركية " من إنجازات في مواجهة تحدّيات السيطرة الإقليمية الأمريكية.
على الصعيد الإقليمي، تسعى أهداف، وتعمل جهود مشروع التسوية السياسية الأمريكية على توفير شروط قيام حالة " تهدئة مستدامة " ( وفقا لتوصيف مشروع RAND ،على غرار الحالة السورية واليمنية )وتكامل اقتصادي بين انظمة شركاء سيطرتها الإقليمية، ( الذين تناقضت أو توافقت مصالح وسياسات سلطاتهم مع أهداف مشروعها، وأدوات تحقيقه، وتصارعوا على تقاسم الحصص ومناطق النفوذ ) ، تُعيد صياغة العلاقات السلطوية الإقليمية المتصارعة في سياقين متوازيين، يُعزّزان في نهاية المطاف نتائج الانتصارات التاريخية لمشروع هيمنتها الإقليمية ، وسيطرتها الدولية :
أ- رؤية استراتيجية أمريكية لطبيعة المرحلة التالية لنهاية حروبها الكبرى في المنطقة، ( المستمرّة منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، في مواجهة تحدّيات السيطرة الإقليمية الأمريكية- صيرورات التغيير الديمقراطي، بالدرجة الأولى، وطموحات المنافسين الدوليين، بدرجات متفاوتة ، شكّل أبرزها التحدّي " السوفياتي " و " الروسي "، والصراع " العربي - الإسرائيلي".)،و بعد ما تحقق من انتصارات تاريخية في مواجهة " جميع التحديات" (١) ، خاصّة ما حققته من هزيمة شاملة لصيرورات الانتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي وتفشيل مقوّمات الدولة الوطنية ،في مواجهة تحدّيات الربيع العربي والسوري طيلة سنوات العقد الثاني.
ب- المنظور الأمريكي العالمي للصراع ضدّ روسيا، ويؤدّي إلى تشكيل تحالف إقليمي أوكراني، لمواجهة الغزو الروسي ، وإضعاف شبكة العلاقات والمصالح الإقليمية التي تساعد النظام الروسي على استمرار الحرب .
بناء عليه ، ليس من الصعوبة ملاحظة طبيعة مرتكزات مشروع التحالف الإقليمي "التوافقي" الجديد.
يرتكز مشروع التحالف الإقليمي "التوافقي" الجديد على ثلاثة محاور رئيسية :
أ- تطبيع وتنسيق سعودي إيراني، في إطار تطبيع العلاقات الإقليمية مع النظام الايراني،وسياق " اشهار "العلاقات الأمريكية الإيرانية!!
ب- تعزيز وتطوير خطوات التطبيع التاريخية بين الأنظمة وإسرائيل في إطار " اتفاقيات سلام إبراهيم "، لتضمّ "إسرائيل "إلى جانب "السلطة الفلسطينية"، في إطار "تسوية النزاع" الفلسطيني الإسرائيلي.
ت- كوريدور، وخط قطار، اقتصادي تقني تجاري ، واستثمار بمليارات الدولارات، على مسار طريق الحرير التاريخي ، الصين – الهند – إيران-السعودية – الإمارات- فلسطين المحتلة- أوروبا.(٢)
٢ طبيعة ترابط وتكامل خطوات تأهيل قسد و إجراءات إعادة تأهيل النظام على صعيد التسوية السياسية السورية ، مع خطوات التطبيع الإقليمي مع النظام ، تفسّر حرص وجهد الولايات المتّحدة لوصول النظام السوري وقسد إلى تفاهمات صفقة حول شروط تقاسم السيطرة والثروة على مناطق الإدارة الذاتية، في إطار تفاهمات مع النظام التركي حول طبيعة دور قسد ، وحول مستقبل حكم المناطق التي يسيطر عليها ، بما يخفّض من حجم الصراع في العلاقات بين القوى الرئيسية ، ويشكّل ضامنا لبقاء سلطة قسد " التشاركية "!. (٣).
٣تراجع الولايات المتّحدة وروسيا عن تفاهمات سابقة صفقة أمريكية روسية إسرائيلية حول طبيعة الوجود الإيراني في سوريا( مؤتمر القدس الأمني، ٢٠١٩)، ورفض حكومة الإحتلال الإسرائيلي وقائع السيطرة الإيرانية التي تشرعن وجودها توافقات وإجراءات التسوية في سوريا، يُفسّر استمرار الهجمات العدوانية الإسرائيلية في سوريا ، وآليات إرتداداتها الإقليمية، وتصاعد الهجمات الإسرائيلية في استغلال للمبررات التي أعطاها هجوم طوفان الأقصى.
فشل الجهود والضغوط الأمريكية لوصول الأطراف الرئيسية ، النظامين السوري والتركي وسلطة قسد إلى تفاهمات صفقة شاملة ،تفسّر حيثيات استمرار الصراع العسكري، وطبيعة الهجمات التركية والسورية ، كما تفسّر سعي الولايات المتّحدة لاستخدام المزيد من الضغوط ، إضافة إلى " التحفيزات "!
٤عوامل سياق مرحلة التسوية السياسية الأمريكية الشاملة سوريا وإقليميا، التي أطلقت الولايات المتّحدة صيرورتها منذ نهاية ٢٠١٩، وطبيعة العقبات والتحديات التي واجهت خطواتها السورية ، وعلى صعيد التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية وحل الدولتين، هي التي تفسّر طبيعة سياسات الولايات المتّحدة في مواجهة عواقب هجوم طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية العدوانية على القطاع. تسعى الولايات المتّحدة بجميع الوسائل ليس فقط على أن لا تقوّض نتائج الحرب الإسرائيلية الإجرامية على قطاع غزة "عمل الولايات المتّحدة الجاري لتحقيق المزيد من التكامل والسلام في المنطقة، بما في ذلك الأمن المستدام للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء" (كما أكّد بلينكن في آخر اتصال مع وزير الخارجية السعودي)، بل ، وبالإضافة إلى ذلك ، أنّ تصب جهودها في إطار إزالة العقبات وتعزيز الخطوات التي توقّفت بفعل الحرب على صعيد التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية والتطبيع الإقليمي. ضمن هذا السياق، نفهم طبيعة الهموم والدوافع التي رسمت أهداف وحدّدت طبيعة جهود إدارة بايدن الديمقراطية في مواجهة عواقب هجوم الأقصى، و قد تمحورت حول هدفين رئيسيين :
أ- منع حليفها التاريخي "إسرائيل" وحكومة اليمين المتطرّف من توريط" شريكها" الإستراتيجي، أو ذراعه اللبناني الأقوى ، في حروب مباشرة واسعة النطاق ، في ظل موازين قوى وحيثيات لصالح "الحليف".
ب-منع حكومة اليمين االمتطرّف، المعادية لاستكمال مسار أوسلو، من تقويض " شروط التسوية السياسية "الفلسطينية/ الإسرائيلية" – إعادة احتلال قطاع غزة بشكل مباشر وتقويض سلطة الضفة، وتهجير ملايين المدنيين -، لما قد ينتج عنهما من عواقب وخيمة على خطوات وإجراءات التطبيع الإقليمي - تلبية الشرط السعودي لاستكمال خطوات التطبيع مع " إسرائيل"؟...وقد نجحت حتى الآن ، في مواجهة حروب حكومة اليمين المتناقضة الأهداف ، ورفض مصري وأردني حازم ، في منع تهجيير ملايين المدنيين خارج القطاع ، عبر تركيز جهودها على مسارين سياسيين متوازيين ومتكاملين:
أ-" منع إنتشار النزاع إقليميّا"، وقد نجحت في تحقيق أهدافها عبر أسلوب " الضغط السياسي والتعزيز العسكري- دعم حق الدفاع عن النفس، بشرط إحترام القانون الإنساني"؛ تقديم دعم عسكري وسياسي عام مشروط، بعدم انتهاك" القانون الإنساني " في حروب هي الأكثر دموية؛ وقد و"استحضرت " أساطيلها، واستخدامت بشكل غير مسبوق أوراق الضغط المحلية والإقليمية والدولية على حكومة اليمين، وزعيمها... ولم توفّر حتى "صديقها "القابع في أقصى الجنوب الأفريقي !!!
ب- خطط" اليوم التالي" لنهاية الحرب العدوانية، وفرض توافقات "هدن إنسانية" والعمل على تحويلها إلى دائمه، وتطويرها إلى مفاوضات تسوية سياسية ..تمهّد للتسوية المطلوبة سعوديّا....
٥ أكثر ما يوضّح الطبيعة" التطبيعيّة – التشاركية " في العلاقات الإقليمية بين الولايات المتّحدة والنظام الإيراني هو ما حصل من تناغم و تنسيق في سياسات البلدين تجاه عواقب هجوم الأقصى وحرب إسرائيل العدوانية اللاحقة. تُعلن إدارة بايدن في مواجهة أصوات أمريكية تدق طبول الحرب، عدم مسؤولية طهران ، وعلاقتها بالهجوم ، وتؤكّد طهران ذلك ، وتسعيان معا لمنع توريط حزب الله ، او امتداد الحرب إلى جبهة الجولان. ضمن هذا السياق ،عملت جهود واشنطن على عدم السماح لحكومة العدو بتوسيع دائرة الصراع إقليميّا، بما يجنّب النظام الإيراني وحزب الله دفع أثمان خطيرة، تلحق أضرارا مؤكّدة بخطوات وإجراءات مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي، والتسوية السياسية الأمريكية في سوريا واليمن، وبالتالي تهديد وسائل السيطرة الإقليمية التشاركية للولايات المتّحدة والنظام الإيراني؛ وهو ما خلق تناقضا في سياسات الحليفين، رغم الدعم الأمريكي العسكري والسياسي لهدف إسرائيل المُعلن في تقويض المرتكزات العسكرية الحمساوية .
٦من الواضح وجود أختلاف كبير في مصالح ورؤى وسياسات واشنطن وتل أبيب حول مآلات الحرب( اليوم التالي)،يعكس صراعاً واضحاً بين رؤيتي الولايات المتّحدة وحكومة اليمين المتطرف لمآلات الحرب السياسية، وضرورة بقاء دور لحماس في ترتيبات التسوية السياسية التي تسعى إليها الولايات المتّحدة، بشكل منفصل أو عبر حكومة "وحدة وطنية"، في مواجهة سعي حكومة اليمين لإلحاق هزيمة شاملة بمرتكزات حماس العسكرية، وما ينتج عنها من تدمير لمقوّمات التسوية السياسية، وتتركه من أثار على جهود التطبيع الإقليمي، خاصة على صعيد العلاقات السعودية الإسرائيلية.
الموقف الأمريكي المختلف انعكس في سلوك ورأي القادة الاوروبيين !
ها هو كاميرون ، وزير الخارجية البريطاني، والمستشار الألماني ، يؤكّدان على نفس الهدف " الهدنة التي ندعو إليها نريدها أن تتحوّل إلى وقف لإطلاق النار، ....ويحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها مع احترام القانون الإنساني .."
----------------------------------------
(١)-
في مواجهة تحدّيات صراعات ذات طبيعة ديمقراطية على السلطة في إيران وأفغانستان باتت تهدد في حال انتصار خَيارات التغيير الديمقراطي مرتكزات السيطرة الاقليمية الأمريكية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أوّلا ، وفي مواجهة أدوات التمدد السوفياتي في أفغانستان، أطلقت الولايات المتّحدة أكبر حروبها الإقليمية، وأكثرها تأثيرا على وسائل ومآلات الهيمنة الإقليمية الأمريكية على قلب منطقة الشرق الأوسط- الأكثر اهميّة في خطط وسياسات السيطرة العالمية - وقد تواصلت منذ منتصف سبعينات القرن الماضي.
حساسية الصراع ، والأهميّة القصوى في خطط السيطرة الأمريكية لكسب الحرب الإقليمية بأي ثمن ، قد تفسّر طبيعة الأدوات الجديدة التي استخدمتها حروب السيطرة الإقليمية الأمريكية ، المستمرّة بأشكال مختلفة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. لضمان كسب الحرب، وتعزيز شروط سيطرتها الإقليمية التشاركية ، سواء في مواجهة المنافسين الدوليين أو في مواجهة تحدّيات حراك وثورات التغيير الديمقراطي، لم تكتف بتحشيد سلطات أنظمة الإقليم ، وشركائها الدوليين فحسب ، بل واستلهمت عقلية السيطرة الأمريكية السياسية نجاحات علاقات التحالف الاستراتيجية مع النظام الوهابي السعودي ، و"إنجازات" أنظمة الديكتاتوريات العسكرية الإقليمية ( المصرية والباكستانية و... ) في تحشيد جمهور وتحويل تيّارات بعض أجنحة الإسلام السياسي الاخواني ( البريطاني) إلى إسلام سياسي حركي - أمريكي "جهادي"- فاستطاعت خلال عمليات تحديث و تطوير متواصلة طيلة سنوات" الحرب الباردة" ، ومليارات الدولارات السعودية ، صناعة عشرات المليشيات المقاتلة ، و إحكام حزام الطوق الإسلامي " الأسود/ الحركي " حول عنق شعوب المنطقة، الساعية إلى التحرر والدمقرطة في مواجهة سلطات أنظمة استبداد، ناهيكم عن انتصاراتها في أفغانستان وإيران ....
وقد تحقق لواشنطن ما تريد عبر سلسلة متلاحقة ومتساوقة من الأحداث الدولية والإقليمية التاريخية الكبرى، شكّل أبرزها:
أ- دعم جهود تقويض سلطات أنظمة وتفكيك دول " المعسكر الاشتراكي" ، و الحرص أن لا تتمخّض التناقضات الداخلية في الإتحاد السوفياتي التي أدّت إلى " تفكيك " جمهورياته عن تبلور نظام ديمقراطي في روسيا ، وإعادة صياغة الخارطة الجيوسياسية لدوله السابقة بما يتوافق مع رؤيتها لشروط هيمنتها الاوربيّة ؛ بما يضمن بقاء التناقضات والإنقسمات داخل " أوروبا " ، ومنع توحيدها في إطار النظام الديمقراطي الأوروبي، وفي إطار " الإتحاد الأوروبي".
ب- هزيمة الثورة الديمقراطية الإيرانية في شباط ١٩٧٩، لصالح مشروع الإسلام السياسي الحركي " الشيعي ".
ت- هزيمة صيرورة الأنتقال السياسي والتحوّل الديمقراطي في أفغانستان، وسيطرة ميليشيات الإسلام السياسي الحركي ، الطالباني والوهابي.
ث- إسقاط العراق، وفتح ابواب " بلاد الرافدين "،أمام تقدّم أذرع الإسلام السياسي الحركي، الشيعي والوهابي والطالباني ، وتحويل العراق إلى أكبر " مرتكزات" الإرهاب الإسلامي "!
ج- مواجهة تحدّيات الربيع العربي، بنفس الأدوات والنهج ...وتفشيل مقوّمات الدولتين السورية واليمنية.
(٢)-
يقدّم السيد وزير الخارجية الأمريكي، بلينكن، في مؤتمره الصحفي في القاهرة، ٢٦ أكتوبر، رؤية بلاده لطبيعة مشروع التطبيع :
" أن تقوم دول المنطقة بتطبيع علاقاتها، والتكامل، والعمل معًا لتحقيق هدف مشترك، ودعم وتعزيز حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني. ..."
" تعمل الولايات المتحدة وشركاؤنا في جميع أنحاء المنطقة على بناء مستقبل أفضل للشرق الأوسط، مستقبل يكون فيه الشرق الأوسط أكثر استقرارًا وأفضل ارتباطًا بجيرانه، وذلك من خلال مشاريع مبتكرة مثل السكك الحديدية بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. الممر الذي أعلنته هذا العام في قمة أكبر اقتصادات العالم. أسواق أكثر قابلية للتنبؤ بها، والمزيد من فرص العمل، وغضب أقل، ومظالم أقل، وحروب أقل عندما تكون متصلة. إنه يفيد الناس، ويفيد شعوب الشرق الأوسط، ويفيدنا أيضًا "(بايدن).
من نافل القول أنّه لايمكن لهذا المشروع الواعد أن يستثني النظام الإيراني/ السوري ؛ وقد بات جزءا من النظام الإقليمي بفضل خطوات التطبيع على صعيد مسارات علاقاتها الثلاثية الاتجاه، الإيرانية الأمريكية - الإيرانية السعودية – السورية العربية ؛ وهي التي لا يدعو قرار الكونغرس إلى إلغائها، بالطبع .
تتوافق مع هذه الرؤية هذه قراءة " الدكتور سمير التقي" ( الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن ) التي قدّمها بالتفصيل على موقع" ملتقى العروبيين السوريين "، خلال ندوة سياسية حول " الملف السوري إلى أين ؟" يوم الجمعة ، ١٢ /٥/٢٠٢٣:
"يجب أن ندرك أنّه من الناحية الإستراتيجية أصبحت إسرائيل في أضعف أوقاتها..
لانّ الولايات المتّحدة، كما قلت في مقال سابق قبل حوالي أربعة أشهر، قد بدأت بفتح خطوط مع ايران، وقلت أنّ إيران هي التي تشكّل " جوهرة التاج " بالنسبة للشرق الاوسط ،" وأنّ " الولايات المتّحدة مستعدّة لمسامحة الإيرانيين في الكثير من القضايا، بغضّ النظر عن كلام الإعلام، هذا كلّه شرط أن لا تذهب إيران إلى أحضان روسيا، وتتحالف روسيا وإيران في شرق آسيا والشرق الأوسط، ضدّ الولايات المتّحدة.
(٣)-
في مقابلة مع برنامج (حدث اليوم) الذي يقدّمه "نوينر فاتح" على شاشة" رووداو" أكّد السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد " أن الجيش الأميركي يريد إعداد قوات سوريا الديمقراطية بشكل أفضل قبل انسحاب الولايات المتحدة "، لكنّ هذا غير كاف لضمان مستقبل قسد، فأرسل تحذيرا شديد اللهجة لقيادة قسد من عواقب عدم التوصّل إلى تفاهمات مع النظام السوري . من هنا، فصّل الخبير في الشؤون السورية في طبيعة المخاطر، وطبيعة الحلول، وهي جميعها تؤكّد على اعتقاد واشنطن أن أفضل علاقات مع النظامين السوري والتركي، تضمن أفضل شروط الحماية لحاضر ومستقبل قسد، وأن جميع مسارات حلّ العقبات والتحديات التي تواجه قسد تمرّ من دمشق، وهو ما يبيّن حقيقة سياسات واشنطن تجاه حاضر ومستقبل النظام السوري، الذي تريد واشنطن أن تضع وكيلها تحت جناحه، وتكشف من جهة طبيعة العقبات التي ما تزال تواجه جهود التسوية السياسية الأمريكية في سوريا ، وبالتالي " الإنسحاب الآمن"، وطبيعة أكاذيب دعايات الكونغرس :
" هناك مخاطر في الحالة السورية، في أن تجد الإدارة الذاتية نفسها محاصرة بين تركيا من جهة ودمشق وروسيا من جهة أخرى، وإيران أيضاً.. هذا ليس موقفاً تضع نفسك فيه، لذا أعتقد أنه سيكون من الأفضل للإدارة الذاتية أن تجد سبيلاً وتصل إلى اتفاق عبر الروس مع الحكومة في دمشق" .
" في تفاصيل العقبات ، وآليات حلّها:
العقبة الأولى هي " الشكل الذي ستكون عليه العلاقات بين الحكومة في دمشق والإدارة الذاتية في قامشلو، وهو ما لا نعرفه الآن" .
العقبة الثانية ، هي العلاقة مع تركيا :
"أرادت الولايات المتحدة دوماً نوعاً من الاتفاق بين تركيا والإدارة الذاتية. "
يؤكّد فورد أن سلطة دمشق هي عرّاب قسد :
"وأعتقد أن هذه أيضاً نقطة من الممكن أن تتفق قامشلو ودمشق بشأنها. فالطرفان، قامشلو ودمشق تريدان أن يوقف الأتراك هجماتهم الجوية، لذلك هناك نقطة يمكنهما العمل عليها معاً، وفي الحقيقة يقومون بذلك، وهذا الذي دفع الإدارة الذاتية إلى دعوة الجيش السوري وروسيا أن ينشرا قواتهما على طول الحدود التركية في شمال شرق سوريا، بل أن تسيّير روسيا دوريات عسكرية. إلا أن العلاقات بين قامشلو وتركيا ستكون صعبة، وستبقى صعبة لحين التوصل إلى اتفاق بين قامشلو
من جهة ، و دمشق ، من جهة أخرى".



#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أبرز سمات مشروع التسوية السياسية الشاملة، وطبيعة مسارها ا ...
- في نقد قراءة الكاتب جهاد أكرم الحوراني لطبيعة مشروع التسوية ...
- في - التسوية السياسية الأمريكية الشاملة- أهداف و عوامل سياق ...
- -مشروع مناهضة التطبيع - ، وبعض حقائق سياسات السيطرة الإقليمي ...
- أهم سمات المشهد السياسي الفلسطيني ، وما تطرحه من تساؤلات ، و ...
- أهم سمات المشهد السياسي الفلسطيني، وما تطرحه من تساؤلات،ويُب ...
- في نقد رؤية - تيّار مواطنة - للقرار ٢٢٥ ...
- حماس، بين التفكيك والهزيمة.
- في أكاذيب دعايات فورد، وبعض الحقائق المغيّبة في سياسات السيط ...
- أهداف ومراحل الخَيار العسكري الطائفي في سياسات مشروع السيطرة ...
- لبنان ..وطريق الخَيار الأفغاني !
- هل باتت سياسات التخادم المتبادل الإيراني الأمريكي أكثر وضوحا ...
- هل يمكن أن ترتقي نخب المعارضات إلى مستوى التفكير والعمل الوط ...
- سويداء الثورة- واقع وتحدّيات.
- مانديلا سوريا ، وإشكالية الوعي السياسي النخبوي.
- في تأبين المناضل الراحل رياض الترك.
- قراءة في رؤى الرفيق -محمّد سيد رصاص -، وخط - المكتب السياسي ...
- 2023, وأبرز سمات المشهد السياسي السوري.
- في البيان الختامي لمؤتمر مسد الرابع- ج٢
- البيان الختامي لمؤتمر مسد الرابع، وبعض الحقائق المغيّبة.


المزيد.....




- ما علاقته بمرض الجذام؟ الكشف عن سر داخل منتزه وطني في هاواي ...
- الدفاع المدني في غزة: مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات بقصف إ ...
- بلينكن يبحث في السعودية اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق ...
- مراسل بي بي سي في غزة يوثق أصعب لحظات تغطيته للحرب
- الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وترقب لرد حماس على مقترح مصر ...
- باريس تعلن عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس الصيني إلى فرنسا ...
- قبل تصويت حجب الثقة.. رئيس وزراء اسكتلندا يبحث استقالته
- اتساع رقعة الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية.. ...
- ماسك: مباحثات زيلينسكي وبايدن حول استمرار دعم كييف -ضرب من ا ...
- -شهداء الأقصى- تنشر مشاهد لقصف قاعدة -زيكيم- العسكرية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار فجر بعريني - أبرز سمات التسوية السياسية، وطبيعة مسارها الإقليمي.