في البيان الختامي لمؤتمر مسد الرابع- ج٢

نزار فجر بعريني

الحوار المتمدن-العدد: 7836 - 2023 / 12 / 25 - 22:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الجزء الثاني - صفقة القرن السورية.
استنتاجات محبطة ، ومخاطر مُحَقِّقة :
ميلاد مجيد ، وامنيات طيّبة .
١ تعلّق الاستنتاج الأوّل بموقف " مسد " من النظام التركي، كما عبّر عنه بيان المؤتمر . رغم ما شنّه النظام التركي من حروب في مواجهة تمدد مشروع قسد منذ ٢٠١٦، وما ألحقه بها من خسائر، والبنى التحتية من دمار ، خاصة خلال الصيف الماضي في أعقاب تبنّي "PKK "لتفجير أنقرة الأمني آب ٢٠٢٣ ، نجد لهجة "مخففة" جدا تجاهه، تؤكّد في تقديري على حصول صفقة" أمريكية تركية"، كان لها دور رئيسي في تسريع إجراءات تأهيل سلطة .
إنّ وصول خطوات تأهيل قسد إلى مرحلة نوعية ، تمثّلت بوضع دستور دائم لكانتون " الإدارة الذاتية" وتحويله إلى " إقليم " مستقل ، يضعنا أمام استنتاج إضافي ، يُشير إلى حصول صفقات شاملة، ثلاثية الأبعاد، في إطار إنجاز أهداف وخطوات التسوية السياسية الأمريكية الشاملة، لا تقتصر على تلك المرتبطة بمصير كانتون قسد، بل والمرتبطة أيضا بمصير سلطات الأمرالواقع الأخرى التي باتت تشكّل "مرتكزات " النظام السوري!!
لنتابع التحليل .
٢ يرتبط الاستنتاج الثاني بطبيعة " جبهة مسد" الديمقراطية: تجمّع واسع من قوى وشخصيات وتيارات سورية غير كردية، بقايا يسارية ، ترفع يافطات ديمقراطية، تؤدّي دورا سياسيا محدداً ، ووظفتين :
إعطاء "مشروع قسد" الخاص طابعا وطنيا سوريا، ومنحه المشروعية الديمقراطية في إطار إجراءات تأهيل سلطته وكنتونه (١)، بما يُغطّي و يعوّض عن ضعف مشاركة القوى والأحزاب والتيارات السورية الكردية- التي واجهت إقصاء وتهميش متعمّد، وجّبه ضرورة تحقيق كامل أهداف المشروع في أجندات قيادة PYD أو القوى الإقليمية والدولية التي تدعمه- وبما يغّطي على حقيقة أهداف المشروع، بأبعادها القسدية والإقليمية والأمريكية، ويضلل الرأي العام السوري حول حيثيات وعوامل سياق التأسيس والصيرورة!
بالنسبة للوظيفة الأخطر، المرتبطة بالتغطية على أهداف سياسات إقصاء الكرد السوريين عن قيادة المشروع، وحصره في عناصر "قنديل" التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، يبدو لي أنّها تصب عمليا، بغضّ النظر عن الوعي والنوايا، في خدمة مصالح مشتركة- أمريكية إيرانية وتركية .
كيف ؟.
لا يمكننا غض النظر عن طبيعة المصالح الأمريكية الواضحة في دعم جهود تأسيس قاعدة ارتكاز أمريكية دائمة داخل سوريا-شكّلت دائما بوصلة السياسات الأمريكية في مواجهة التحدّيات الديمقراطية التي جعلت منها تمردات ربيع ٢٠١١ إمكانية- وما تسعى إليه جهود أمريكية/ شريكة ، متعدّدة المستويات، تعمل على تمكين سلطة قسد بجميع عوامل الديمومة (٢)، عبر تحصينها عسكريا ضدّ الأخطار التي تشكّلها السلطات السورية المنافسة ،وتأهيلها سياسيا ودستوريا من خلال ربط مصيرها بمصائر سلطة النظام السوري وسلطات الأمرالواقع التشاركية في سياق التسوية السياسية الأمريكية التي ترتكز على مشروع (RAND). خطورة المشروع الأمريكي على وحدة سوريا ومآلات التغيير الديمقراطي، لا تكمن فقط في تناقضه مع مشروع جنيف وغايات القرار ٢٢٥٤، بل أيضا في تقاطع خطوات تحقيقه واهدافه موضوعيا وسياسيا مع مصالح إيرانية مشتركة. طيلة السنوات الثلاث الماضية، منذ توقيع اتفاقيات ٥ آذار ٢٠٢٠ بين الرئيسيين التركي والروسي ، فشلت جميع الجهود السياسية والعسكرية التركية لثتي الولايات المتّحدة عن تحقيق اهداف المشروع، وقد وصلت الجهود الروسية السياسية الساعية لإقناع النظام بضرورة الوصول إلى صفقة مع المعارضات وفقا لمخرجات اللجنة الدستورية ، إلى طريق مسدود ، وقد أُجبر النظام التركي على القبول بشروط واشنطن، كما وافقت روسية على مضض ، (لأنّها لم تكن تملك أوراق ضغط فعّآلة حتى على شريكيها السوري والايراني، خاصة خلال ٢٠٢٣) على حقائق الأمر الواقع ، وغطّت على صفقات ثلاثية الأبعاد والأطراف ، اوصلت خطوات التسوية السياسية الأمريكية إلى حالة متقدّمة ، أتاحت خلال الشهرين الماضيين تسريع إجراءات متزامنة لتأهيل قسد على مناطق " الإدارة " و" وتأهيل "حكومة الإئتلاف المؤقّتة" على مناطق السيطرة التركية، وإعادة تأهيل سلطة النظام على مناطق سيطرة تشاركية، إيرانية وروسية، بما يثبّت ويشرعن حصص التقسيم، ويضع سوريا ، الجمهورية العربية السورية، التي ظهرت بعد الاستقلال السياسي عام ١٩٤٨في مواجهة مخاطر صفقة قرن " جديدة ، أقرب إلى الحالة التي واجهتها سوريا الطبيعية قبل أكثر من قرن!
----------------------------------------------------------
(١)-
لنلاحظ حجم التضليل في " ديباجة " وثيقة التوافق بين "هيئة التنسيق الوطنية" و"مجلس سوريا الديمقراطي" في ٢٤ يونيو ٢٠٢٣، علما أنّ غالبية أعضاء مسد كانوا داخل " الهيئة " وأنّ الأستاذ " حسن عبد العظيم "، المولود في حلبون ١٩٣٢، والذي يشغل موقع " المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية " منذ ٢٠١١، على طريقة معلمه الخالد "ناصر"، ينسّق أيضا مع " إتلاف قوى الثورة والمعارضة "، الذي يعمل اليوم على تأهيل سلطة " الحكومة المؤقتة " على الحصّة التركية – ومن البديهي أنّ ينسّق المعارض العتيق مسبقا جميع أنشطته في دمشق !!
" تتعرض سورية اليوم لأخطار وأزمات متفاقمة ومتلاحقة، نتيجة السياسات المدمرة التي انتهجها نظام الاستبداد ومرتكزاته الأمنية، وأوصلت البلاد إلى وضع مقلق ينذر بمصادرة مستقبلها وتفتيت وحدتها أرضاً وشعباً.
إن حجم الدمار الهائل، وغياب مؤسسات الدولة والانهيار الاقتصادي وبوادر تمزق النسيج الوطني وفقدان مقومات الحياة الاساسية، كل ذلك وغيره من حالة تردي الأوضاع، يتطلب تعبئة جميع طاقات سورية الوطن والشعب في مهمة تغيير وإنقاذ للانتقال من حالة الدولة الاستبدادية والأمنية إلى حالة الدولة الوطنية الديمقراطية، لتتمكن سورية من تعزيز استقلالها ووحدتها وليتمكن شعبها من الإمساك بمقاليد الأمور وادارة شؤونه بحرية، وشعوراً منا بأن اللحظة الراهنة تفرض موقفاً وطنياً ومسؤولاً يخرج البلاد من الحالة الكارثية التي تعيشها ويجنبها مخاطر وجودية تلوح في الأفق، جعلت سورية في أمس الحاجة بأن تتضافر جهود أبناءها جميعا في مواجهة تحديات الحرب والسلام.
لذلك تداعى ممثلون من هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي ومجلس سوريا الديمقراطية وعقدوا عدة اجتماعات للبحث عن كيفية حل الأزمة الموجودة في بنية النظام، والخروج من الأزمة الوطنية التي ترتبت عن الاستبداد وخياراته الأمنية والعسكرية وعن عدم اعتراف النظام بحقيقتها وطبيعتها واخطارها ورفضه لكل الدعوات الداخلية والخارجية للحل السياسي.
(٢)-
نشر السيد محمد جهاد السمان ( خبير بالشؤون العربية الأمريكية ومقيم في واشنطن ) ، خبرا يؤكّد على حرص واشنطن على دفع جهود تأهيل سلطة قسد إلى أبعد حدود ، قد تصل إلى درجة الإعتراف بشرعية الكيان القسدي الجديد : " إقليم سوريا الديمقراطية ":
"
· عقد جديد تم تسجيله لدى قسم الأمن القومي NSD بوزارة العدل الأمريكية DOJ حسب متطلبات قانون FARA بين مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) - الذي يعتبر الواجهة السياسية لقوات سورية الديمقراطية (قسد) - مع شركة محاماة وعلاقات عامة أمريكية كبرى لتقديم خدمات لوبي في واشنطن بتكلفة 50 ألف دولار شهرياً. سيكون هذا التعاقد بإشراف السياسي الأمريكي المخضرم “إدوارد رويس” الذي كان عضو الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي من ولاية كاليفورنيا من عام 1993 إلى عام 2019 حيث ترأس لجنة الشؤون الخارجية، وبعد تقاعده من الكونغرس نهاية سنة 2020 انضم للعمل في شركة Brownstein Hyatt Farber Schreck, LLP

· مجال العمل بموجب هذا التعاقد هو تنسيق علاقات “الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا مع الإدارة الأمريكية والكونغرس، وخاصة الحصول على اعتراف سياسي رسمياً بصفة حكومة محلية شرعية في سوريا وتوسيع علاقات “الإدارة الذاتية” في الولايات المتحدة الأمريكية عموماً. سيشمل ذلك تثقيف صانعي السياسات في الكونغرس والإدارة الأمريكية بأن مشروع “الإدارة الذاتية” في سوريا هو أفضل حل لتحقيق الهزيمة الدائمة للإرهاب وطريق لحل دائم للأزمة السورية. وسيتم مساعدة “الإدارة الذاتية” بالوصول إلى الصحف وشبكات الأخبار الأمريكية لإلقاء الضوء على جهودها الناجحة لتعزيز وحماية القيم الإنسانية الأساسية بما في ذلك المساواة بين الجنسين والتنوع الثقافي. وتعزيز الاستثمار الاقتصادي للتخفيف من التحديات الاقتصادية والإنسانية من خلال تطوير علاقات “الإدارة الذاتية” مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والمساعدة بالحصول على تمويل لمشاريع “الإدارة الذاتية” في سوريا من خلال دعم قوانين الاعتمادات المالية السنوية في الكونغرس الأمريكي. سيتم مساعدة “الإدارة الذاتية” بالتواصل مع قيادات مجلس النواب ومجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي وخاصة لجان الشؤون والعلاقات الخارجية، لجان الاعتمادات، لجان الخدمات المسلحة، أصدقاء تجمع سوريا الحر والديمقراطي والمستقر، التواصل مع كبار المسؤولين في وزارات الخارجية والدفاع والتجارة الأمريكية، التواصل مع القادة الدينيون البارزون ومنظمات المجتمع المدني الأمريكية، وسائل الإعلام الأمريكية، مراكز الدراسات والأبحاث الأمريكية، وكالات الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان.
· للعلم الشركة الأمريكية Brownstein Hyatt Farber Schreck, LLP تأسست عام 1968 ولديها 13 مكتب يعمل فيها 600 موظف وتعتبر من أكبر شركات المحاماة والعلاقات العامة الأمريكية وأكثرها تأثيرهاً ونفوذاً. لهذه الشركة تعاقدات هامة مع السعودية، العراق، المغرب، ليبيا، مصر، باكستان، المكسيك، كوريا الجنوبية، الصين، الهند، كمبوديا، الكونغو، ليبيريا."
هل نحتاج إلى مؤشّرات أكثر وضوحا ؟
------------------------------------------

#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات