أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نورالدين علاك الاسفي - حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (10)















المزيد.....

حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (10)


نورالدين علاك الاسفي

الحوار المتمدن-العدد: 7826 - 2023 / 12 / 15 - 02:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل شيء هو لنفسه يدل على آنيته، و الدال على الآنية ليس هو خاصة لأحد. أرسطو- المنطق.

"لقد رأينا أيضا عبر التاريخ كيف يمكن للصراعات في الشرق الأوسط أن تطلق العنان لعواقبها في جميع أنحاء العالم".

بهذه العبارة الملخصة؛ يراها بايدن مخلصة؛ ليؤثث بها مقاله / تقريره خريدة الحدث.
و الحقيقة التي لا ترتفع؛ نراها بقلب الوضع؛ حتى لا يذهب بنا القياس على نحو مغالط. فالضرورة تقدح في مناسبة العلة؛ بما يلزمها من المفسدة في ترتيب الحكم. و إليك ما أضمر عن سبق دال على المآل؛ بعلة تمويه الحال:
في أنحاء من العالم - الولايات المتحدة، و الغرب الجماعي طرا- راحت بالجملة تصدر قضاياها الشائكة اتقاء لتبعاتها؛ فأطلقت العنان لها و صرفتها جرعات في "الشرق الأوسط". بلسان حال: ما أبقيناه رهنا ببؤر صراعات متخارجة؛ لن يجديه فكاكا من قبضة سيرورة تاريخ من صنعنا؛ و لا تقيه في منظورنا غائلة خدمة مصالحنا.
بأي وجه سندرك هذه العبارة؛ و هي تأخذنا على حاصل نظر لا صلة لنا به؛ لا من حيث شوف البصر أو إحالته على بصيرة النظر؛ حيث "رأينا"بلزوم "نا" دالة على عموم الفعل؛ تقحمنا إلى جوار فاعل. هو شاهد على ما جرى؛ و منا يريد؛ هنا و الآن؛ في الخندق أن نشاركه؛ و في ما يحصل أن نباركه.
و من يعمل النظر الروي في "تاريخ" محمول على المزمع الكون؛ عن حق يعرفه بايدن؛ و وقف عليه كمخضرم صرم عمرا في السياسة الأمريكية؛ لقد حصل من التاريخ إرباك الحدث؛ لكنه بات منه على يقين؛ لا يسائل فيه كيفا؛ فما بات منه على خبرة؛ غدا مدرك الإمكان و التوقع في حاصل "تاريخ أمريكا" حصرا. و ما زرعته من آليات الاشتغال في دواليبه؛ مكنها من مباشرة "الشرق الأوسط" عن كثب. و منه باتت المنطقة المدرجة في هذا الحيز؛ لا تكتفي في نطاقها بما يعتمل في ذاتها؛ بل تتأذى ضرورة بالحاصل لغيرها؛ لما صدى ترديده لا يني يتكرر في ربوع المعمور.
و من واقع أن الشرق مهد الحضارات؛ لا نصادر واقعا من ذكرى هيمنة؛ أرستها أمم؛ و دانت لها أخرى بالخضوع؛ فوسمت تاريخا غابرا؛ سادت فيه ثم بادت؛ لكن المنطقة و في حدود القرن من الحضور النفوذ الاستعماري و انشغالاته براهنها؛ ما انفك يحيك لها أجندات تلو الأخرى؛ تلتحف لبوس استراتيجيات؛ كل يوم هو معها في شأن؛ بحسابات تضيق و تتسغ؛ مراميها تأبيد الهيمنة و رعي المصالح.
فمن التاريخ القريب للمنطقة؛ انصب بالغ هم أمريكا على إبقاء "الشرق الأوسط" بمزدوجتين. لا يلغي باقي الجهات من حيث الترسيم و نوع الاهتمام؛ إلا ليدبر بآلية الهيمنة و شروط إعادة إنتاجها؛ و رعاية الأوضاع عن كثب؛ حاصرا التعيين على حدود التوطين. قبل أن ينشغل بها "الآخر"؛ المتربص على الأبواب ليعدلها على كيفه. [1]
"الشرق الأوسط" هو مصطلح أوروبي حديث، يخضع في بيان مدلوله لاعتبارات سياسية وحضارية وجغرافية، ماتحة من معايير على ضروب متباينة؛ و بالتوجهات الإستراتيجية للقوى السياسية الفاعلة عالميا ترتبط.
فالكونجرس الأمريكي؛ قام عام 1922 بإصدار قرار يدعم فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، على غرار وعد بلفور الذي صدر عام 1917. وفي أعقاب هذا القرار، اتجهت الحكومة الأمريكية إلى التجاوب مع مطالب الحركة الصهيونية؛ الأمر الذي قادها إلى تبني مشروع فتح باب الهجرة اليهودية لفلسطين. زكاه تصريح الرئيس الأمريكي ترومان حينها: "إن هدفي فيما مضى وفيما سيأتي هو تحقيق وعد بلفور وإنقاذ بعض ضحايا النازية... إن السياسة الأمريكية تقوم على أساس إنشاء وطن قومي لليهود، وتسهيل هجرة يهود أوروبا الذين تم اقتلاعهم".
بعدها انشغل الاهتمام الأمريكي بموارد الشرق الأوسط النفطية؛لتكون البداية الحقيقية لقيام الولايات المتحدة برسم سياسة خاصة بالمنطقة، ففي عام 1944، قامت الخارجية الأمريكية برسم سياسة بترولية أساسها إحلال بترول الشرق الأوسط محل بترول أمريكا في أسواق أوروبا وآسيا و إفريقيا، بسبب تزايد قناعة ساسة أمريكا بأهمية البترول الإستراتيجية، وتزايد الطلب العالمي عليه.ورغبتهم في إطالة عمر بترول بلادهم.
إنّ وجود الاحتلال بالمنطقة هو علة حروب، لا تتوقف إلا لتندلع. حرب 1948 و1967 وحرب أكتوبر 1973، اجتياح لبنان / 1982؛ والانتفاضات / الأولى 1987 و الثانية 2000، و الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006؛ فالحروب على غزة أعوام 2008 و2012 و2014 و2021، وصولا إلى الحرب الحالية، كانت إسرائيل و ما زالت بؤرة النار في منطقة الشرق الأوسط، و طيلة هذه الحروب تجد إسرائيل من الغرب دعما غير مشروط.
و كان أن شرعنا في عد توالي التوصيفات التي ألبسوها الشرق الأوسط عنوة؛ حيث تم تقديم مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" "New Middle East" للعالم في يونيو 2006 . فمن تل أبيب؛ أخبر به رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، وقدمته وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، كوندوليزا رايس، ليحل محل المصطلح الأقدم والأكثر مهابة "الشرق الأوسط الكبير" "Greater Middle Eas".
ليتبعه في الحقل الدلالي " الفوضى الخلاقة" و الالتزام بها كنظرية قابلة للإدارة؛ و هو إيذان ببداية وتوسيع خريطة الطريق الأنجلو-أميركية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى محمولة على استغلال الانقسامات الطائفية، والتوترات العرقية والعنف الداخلي.
كل الخرائط التي تراكمت لم يحسم فيها واقعا؛ فخريطة لـ"الشرق الأوسط الجديد" اعتمدت على خرائط أخرى عدة، بما فيها خرائط أقدم للحدود الممكنة في الشرق الأوسط، والتي تعود إلى عهد الرئيس الأميركي ويلسون والحرب العالمية الأولى. لكن هذه الخريطة الجديدة قُدمت على أنها من بنات أفكار الكولونيل المتقاعد من الجيش الأميركي، رالف بيترز/[2] Ralph Peters ، الذي يعتقد أن الحدود المعادة الترسيم الواردة في الخريطة؛ سوف تحل مشكلات الشرق الأوسط المعاصر بشكل جذري.
ففي كتاب رالف الكولونيل المتقاعد، "لا تترك القتال أبداً"، شكلت خريطة "الشرق الأوسط الجديد" مادة أساسية؛ كُشف عنها النقاب للجمهور في 10 يوليو 2006. كما تم نشر هذه الخريطة للشرق الأوسط برسم معاد أيضاً، تحت عنوان "حدود الدم: كيف سيبدو شرق أوسط أفضل"، في مجلة القوات المسلحة التي يصدرها الجيش الأميركي، مع تعليق من رالف بيترز عينه.
بعد "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية في 7 من أكتوبر، و بعد يومين من العملية الفارقة؛ توعّد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بأن الرد "سيغيّر الشرق الأوسط". تصريح له أبعاد تتعلق بتغيير جغرافية بعض الدول، ضمن معادلة تصفية أو تسوية للقضية الفلسطينية. و هي رغبة لا ترتفع؛ برهان استمرار العمل بنفس الأجندة للسيطرة التامة على منطقة الشرق الأوسط، لتبقى إسرائيل قوة نافذة بالمنطقة؛ تقودها وتتحكم في مقدراتها، وهذا كان علة إنشاء "دولة إسرائيل" أساسا؛ ودعمها من القوى العالمية الكبرى.
بهذا التصريح لنتنياهو حول تغيير الشرق الأوسط؛ تنتقل إسرائيل من مرحلة الاندماج في الشرق الأوسط، إلى مرحلة تشكيل الشرق الأوسط وتغيير ملامحه وفق مقاسات أجندتها.
ففي الفصل الخاص؛ “الشرق الأوسط” ؛ من كتاب. تيم مارشال/ [3] Tim Marshall؛ سجناء الجغرافية - عشر خرائط تشرح كل شيء عن العالم؛ يتساءل المؤلف؛ "أوسط ماذا ؟ أي شرق؟ يعتمد اسم المنطقة ذاته على وجهة نظر أوروبية للعالم، وهي وجهة نظر أوروبية للمنطقة التي شكلتها. استخدم الأوروبيون الحبر لرسم خطوط على الخرائط: لم تكن موجودة في الواقع؛ فخلقت بعضا من أكثر الحدود الاصطناعية التي شهدها العالم. ويجري الآن محاولة إعادة رسمها بالدم."
و عند بايدن نجد اقتضابا لما خبرناه؛ فبتاريخ: 12-12-2023 ؛ يقول جاهرا "لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان علينا أن نخترع واحدة.. أعتقد أنه بدون إسرائيل كدولة قائمة بذاتها، لا يوجد يهودي في العالم آمن.. لن نتراجع عن تزويد إسرائيل بما تحتاجه للدفاع عن نفسها وإنهاء المهمة ضد حماس".
الشرق الأوسط توصيفات على إطلاق؛ ما انفكت تمتح من رهان مزمع الكون تطبيقا على واقع متوقع؛ تفتقت عن بنات أفكار هيمنة الغرب الجماعي. لكن ما يوجد لشيء في بعض الأوقات ليس بخاصة؛ فان الخاصة عند ذلك ليست موضوعة على ما يجب.
و ها رقعة الشرق الأوسط تميد تحت أقدام البيادق؛ فلغة الكلام تعطلت؛ و لاح في الأفق يقين بوارد اندلاع حرب ضروس؛ لكن المفاجأة كانت من الشدة أربكت التوقعات.
فكان طوفان الأقصى. و على نهجه صارت المقاومة الفلسطينية الباسلة؛ فاجترحت معركة الإرادة؛ التي لا تنثني بين طرفين غير متكافئين في كل المرتكزات و عناصر القوة؛ فنسفت حسابات الأمريكان و الكيان؛ و ما بيت لما بعد غزة. غدا أثرا بعد عين، و أضحى ما بعد إسرائيل.
الشرق في وجوده جغرافية؛ و لما غدا مرسوما على اضطرار صار جيوسياسية. من يستوطنه خبرها عن كثب. فبقدر ما نهل من منحه؛ تآلبت عليه الأمم طرا؛ فجعلته يكتوي من محنه.
-----------
[1] عالم سباعي الأقطاب - الكسندر دوغين . ترجمة نورالدين الاسفي
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=805202
[2]
Ralph Peters, “Blood borders: How a better Middle East would look,” Armed Forces Journal (AFJ), June 2006.
http://www.armedforcesjournal.com/2006/06/1833899
[3]
Tim Marshall. Prisoners of Geography - Ten Maps That Explain Everything About the World.2015
Max Fisher . “40 Maps Which Explain the Middle East.” Vox.com, May 5, 2014.
http://www.vox.com/a/maps-explain-the-middle-east.
Iraq: A Geography United States Military Academy West Point. 2004.



#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (9)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (8)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (7)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (6)
- الغرب جعل الإسلام عدوا له - الكسندر دوغين
- جوهر الصهيونية - الكسندر دوغين
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (5)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (4)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (3)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (2)
- حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (1)
- موجة تعدد الأقطاب - الكسندر دوغين
- الغرب ليس يهومسيحيا - الكسندر دوغين
- الحرب والسلام - ألكسندر دوغين
- الليبرالية العالمية في أزمة - الكسندر دوغين
- حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (18)
- حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (17)
- حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (16)
- حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (15)
- حديث البيدق / عديد التحالفات و الفارق سارمات. (14)


المزيد.....




- ما علاقته بمرض الجذام؟ الكشف عن سر داخل منتزه وطني في هاواي ...
- الدفاع المدني في غزة: مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات بقصف إ ...
- بلينكن يبحث في السعودية اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق ...
- مراسل بي بي سي في غزة يوثق أصعب لحظات تغطيته للحرب
- الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وترقب لرد حماس على مقترح مصر ...
- باريس تعلن عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس الصيني إلى فرنسا ...
- قبل تصويت حجب الثقة.. رئيس وزراء اسكتلندا يبحث استقالته
- اتساع رقعة الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية.. ...
- ماسك: مباحثات زيلينسكي وبايدن حول استمرار دعم كييف -ضرب من ا ...
- -شهداء الأقصى- تنشر مشاهد لقصف قاعدة -زيكيم- العسكرية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نورالدين علاك الاسفي - حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (10)