أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ














المزيد.....

اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7793 - 2023 / 11 / 12 - 21:58
المحور: الادب والفن
    


.. لَم أفهم شيئا من تلك الكلمات والعبارات المُبهمَة التي وجدتُها في صفحات كناش مركون في ثنية بين كومات أوراق وكتب قديمة صفراء .. الحَقيقة، أني كنتُ مندفعا في البداية بنوع من الفضول الغريزي جهة ما يُكْتَبُ حول المغامرات العجيبة لسيف ذي يزن بأشباح فلواته وأبحره السبعة وقفاره التي لا تنتهي، وكان مسموحا لي أنْ أقرأ تلك الخيالات الرائقة تسافر بي عبر السماوات والأرضين أجنحةُ عفاريتها إلى آفاق لاحدود لها؛ وكنت أختلسُ من حين لآخر _ مستغلا خلوتي المتاحة _ النظر إلى بعض الصور الموزعة عبر صفحات" ألف ليلة وليلة " تتلُو عيناي بصمت سطورَها .. أمررُ حواسي بسرعة كبيرة على عجل تلتقط أكبر الجُرعات من الحروف والكلمات والفقرااات .. حتى آكتُشِفَ الأمرُ، هذا ما خمنتُهُ وآفترضتُه عندما لَمْ أجدِ اللياليَ الألف في مكانها المعهود .. لقد آختفتِ الصورُ والعبارات الجامحة الريانة التي تقول كل شيء دون مواربة أو تغطية، وآكتفيتُ ب "سَمّوْني وحش الفَـلا" و "رَمَوْني أهلي للخَـلا" و عاقصاته وعَيْرُوداته وشاماته وباروخه وسَحَرَته ودواهيه وسْقَرْديسِه وسْقَرْدُيُونِـهِ آسفا على قلة حيلتي وخبرتي وعلى حظي العاثـر الذي يُحرمني مما أرُومُ وأريــدُ .. وطفقتُ أتفقدُ لأيام رُفوفَ الكتب على أمل أنْ أجدَ لياليَ التي ولّتْ من غير رجعة؛ وفي طريقي التائه، التقيتُ بحي بن يقظان وغزالته الرؤوم وزهر المروج واللؤلؤ والمرجان في تسخير ملكات الجان والسر المكشوف في الحكمة والطب وأدواء الكروب ومفاتيح الكنوز في حل ما أشكل من الحروف وبشمس المعارف وبأبراج وكُويكبات ونجوم ودَعَوَات ولعنات وبدايات ونهايات وطلسمات محبة جالبات للأرزاق نافعات وغير نافعات _ كل شيء آختلط في ذهني ساعتئذ، ولم أكُ أميز شيئا _ وبجداول ورموز وأبجديات مشوشة وحروفٍ مبعثرة وخطوطٍ معقوفة متموجة وأشكالٍ معوجةٍ وألف متاهة ومتاهة بختلط فيها الجحيم بالجنان بالسحر الأسود والأحمر بالشعوذة بالخرافة بالدين بزعموا قيلَ قالَ بأقدار لا قِـبَـلَ لأهل القرية بها تطوقهم تحاصرهم فيلجؤون إلى مَنْ له دراية بفك ألغاز شفراتها المبثوثة في ثنايا مثل هذه الصفحات الحائلة للاستعانة بهم من أجل فك اللغز الأكبر الذي يعيشونه في دوامة حياتهم التي يغرقون فيها أبد الأبد ... لم أجدْ رغم كل هذه السعرات الحرارية ضالتي، فقد سَلبتْ مُتَعُ الليل والنهار لُبي وأُبْعِدْتُ عن فراديسها الشيقة الرائقة .. لقد أخْرجتُ من جنتي الأثيرة .. وها أنا ذا مع دفتر قديم .. دفتري _ نعم، دفتري _ ولن أدعَ أحدا كيفما كان يأخذه .. !! .. لا مكان له إلا عندي، بحوزتي في حِضني .. فتجربة الفقد السابقة علمتني أن لا أفرط في مقروءاتي المفضلة .. طويتُ الكناش نصفيْن، ألصقتُه بلحم بطني مباشرة، غطيتُه بمجاسدي دثرته بملابسي، كل ملابسي .. سروالي الصغير والكبير وشِعاري القطني الأبيض التحتي الداخلي، والكتاني الذي يليه، والخارجي الصوفي، بجوارحي كلها سترتُـه، ورحتُ تيّـاها بسري الدفين، بغنيمتي التي أودعتُها كتبي المدرسية ووضعت لها غلافا جديدا أخضر اللون، وأثبتُ في الوَسْمِ الاِسمَ والقسمَ والموسمَ الدراسي بشكل يوغل في إخفااااء خصوصيته أو ملكيته لأحد غيري .. إنه لي، ولن يأخذه مني أحدٌ .. ورغم أني لم أكن أعِ إلا قليلا مما كُتِبَ، فقد ظللتُ مأخوذا بطريقة الكتابة وشكلها غير العادي الذي يخترق الهوامش والحواشي ويبسط العبارات بلا تقيد بالسطور والصفحات .. هي كتابة مسترسلة غير متقطعة، تشغل مساحة الأوراق كلها، زاد من صعوبة آستيعابها عدم شكل حروفها وآعتماد خطوط المْسيد برسم حروف التحناش والتخناش المستعملة عادة في الألواح الخشبية للكتاتيب العتيقة .. بيد أن حميمية المضامين المطروقة هالتني كثيرا وجعلتني أقبل على القراءة بشكل نَهم مفرط في نهمه؛ إذْ أحسستُ أنها تتكلم عن أشياء تهم الجميع في قريتنا الجبلية الصغيرة، أشياء عادية عاشها ويعيشها الناس وأخرى لم أسمع بها قط، وأحداث كثيرة تنفك من براثن النسيان أو التناسي لتتفجر كحمم بركانية في وجه قارئها .. ولم أَأْبَـهْ .. رغم آستعصاء الفهم، رغم آستحالة الاستيعاب في كثير من الأحيان .. لقد وجدتُني وحيدا مع سري الدفين .. هذا السر المهمل بين أكوام ركام من الكتب العتيقة في ثنية غير مرأية للعيان جهة نافذة ضيقة مغلقة دائما .. وليس بمقدوري _ بعد أنْ أصررتُ على فعلتي ونويتُ الاحتفاظ بمسروقي العزيز _ أنْ أستعينَ بأحد .. لن أجرؤ .. هل أبوح به ؟؟ هل بآستطاعتي أن أظهر أمام العائلة بهاته الصورة المخجلة .. لص مختلس .. لا .. لا .. سأتحمل منفردا عناء ماجنَتْ يداي .. لن أسألَ أحدا .. ستسأل نفسي نفسَها .. وإنْ لم تستطع الإجابة، فذاك شأنها قدرها وعقابها .. أَنْ تظل بلا إجابة بلا إعانة .. غارقة في مهامه الأسئلة المشرعة على آلاف الاحتمالات والتخمينات .. سألِـجُ دركات مهامه العبارات أناجيها تناجيني أكمل الطريق منعزلا أقرأ وأعيد القرااااءة ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثُقْبٌ أَسْوَدُ أَوْ شَيْءٌ مِثْلُ ذَلِكَ
- أَبْصَرْتُ هَضَباتِ آلْأَحْلَامِ فَعَاوَدْتُ آلْمَنَام
- مَا وَرَاءَ أَجَمَةِ آبُّوكَالِيبْسْ أَمِيرِكَا
- هَذا حَبْ الرَّمَّانْ وَتْسَاسْ فْ لَخْرِيفْ
- اقْتُلُوا آلْمُعَلِّمَ وَفَرِّقُوا دَمَهُ بَيْنَ آلْمَدَارِس
- عَنَاقِيدُ مَفْقُوءَة
- اَلْمُفَقَّرُون
- بخصوص(جحيم بارد) لخليل حاوي
- غَبَشٌ
- الخطاطة السردية حسب المقاربة المدرسية
- ذَاكَ آلدَّمُ آلْفَائِرُ الَّذِي يَسْرِي فِي آلْعُرُوقِ
- صيغ التفضيل غير الرافعة
- ثآليلُ آلغَضَبِ
- تمردُ فرانكنشتاينْ شِيلِي
- رَضاع
- طَائِرُ آلْوَقْوَاقِ يَبْنِي عُشَّهُ مِنْ جَدِيدٍ
- قصيدة(من وحي واقعة وادي المخازن) للشاعر أحمد المعداوي
- قصيدة(القدس)للشاعر أحمد المعداوي
- اِغْتِيَالُ آلْقِرَاءَة
- تَاهْلَا Complexe plein air.. (قصة)


المزيد.....




- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ