أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - صيغ التفضيل غير الرافعة














المزيد.....

صيغ التفضيل غير الرافعة


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7779 - 2023 / 10 / 29 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


أرق تعبير عبرت به العرب أغزل بيت شعري قالته العرب أهجا تعريض كنى به العرب وما إلى ذلك من أجمل وأرثى وأشنع من ملفوظات الانفعال الفطرية الساذجة البسيطة المبالغة فى إصدار أحكام عامة مطلقة دون قيود أو حدود تظل سمات تميز النقد الانطباعي أو التأثري أو ما يشبهه عن غيره من المقاربات النقدية .. هذا النوع من الخلجات النفسية الأولية يعتمد على خطرات ذاتية محضة تنبجس تحت تأثير مقاربة عجلى وآنطباعات أولى مباشرة سريعة لحظية ذوقية أو مزاج خاص فردي بعيدا عن المقاربة الفكرية المتأنية الموضوعية التي تتغيى دراسة الظاهرة الإبداعية دراسة متريثة ممنهجة معمقة .. إنه محصلة خواطر وجدانية وصيغ إنشائية وأحكام جزئية عامة سريعة غير معللة، يصف فيها الناقد إعجابه أو نفوره من النص دون أن يبين الأسباب التى جعلته يرى رأيه أو يستبط حكمه .. وهذا النوع من التعالق البسيط مع النصوص ذاع وآنتشر في قراءة قدمائنا للشعر العربي المعاصر لهم في أزمنتهم، فتراهم يجزمون في الأحكام جزما قطعيا فيه إطلاق مبني على صيغ " أعتقد أظن أحسب وأخال ..." وغيرها من ألفاظ الشك والرجحـان التي تنصب مفعوليْن ولا ترفـع شعرا ولا ذائقـة نقدية ولا تربي ملكة ولا تصقل مهارة بقدر ما تساهم في إغلاق باب المقاربة التحليلية للنصوص بطرق "علمية" أو تكاد تكون كذلك .. بالإضافة إلى طابع هذه الأحكام التجزيئي للإبداع الشعري، لم تكن مثل هذه الرؤى الانطباعية ترنو الى القصيدة إلا من خلال أبيات بعينها تلقطها ذائقة العرب الجمعية تسدل عليها أحكاما ثابتة قارة مبنية على أعراف بدوية جمعية متوارثة لمعنى الجمال التعبيري النظمي أنتجت مثل ذي العبارات الرنانة الفضفاضة بصيغ تفضيل غارقة في المبالغات حاجبة للمنافسة في القول الشعري الى درجة أننا إذا سايرناهم في بلاغة وفصاحة الأبيات فإننا لا يمكن أن نستشف في مثل تلكم الانطباعات بلاغة نقدية مادامت تكتفي بالمرحلة والخطوة الأوليين في مقاربة النصوص دون تجاوز ذلك الى النقد التحليلي الموضوعي ..
لقد وصل المنجز الشعري العربي في العصر المسمى "جاهليا" ذروة كبرى من البلاغـة والفصاحة لم يستطع الرقي لها أو أن يوازيها المنجز النقدي الذي ظل بطبيعة المرحلة المعيشة وظروفها البدائية البدوية الصحراوية الفطرية أقرب الى "السذاجة" والسليقة النقدية منه الى النقد التحليلي الموضوعي..
الأمر هنا شبيه بما نلاحظه الآن في قرانا وبوادينا من تواتر سمعي للذاكرة النظمية والشعرية وتناقلها بين الناس بين القبائل عن طريق الروايـة الشفهيـة في المناسبات المختلفة كالأسواق و الأعراس واللقاءات التي قد تجتمع فيها الجموع وتتداول أمورها الحياتية والأخروية .. مثل هذه المناسبات تذكرنا بأسواق المربد وعكاظ ومجنة .. ولا تكتب القصائد في قرانا، بل تظل ظاهرة سماعية تنتقل من لسان لأذن الى لسان ثم أذن وهكذا .. تماما كما كان في العصور العربية القديمة .. ان النقاد واللغويين والنحاة وعلماء الآلة والمهتمين بتفسير القرآن وفهمه واستنبـاط أحكامه كانوا يعودون مرارا الى هذا الشعر اعتمادا على الرواية الشفهية باقصاء الكتابة والتدوين، فلم يكن يروى عن صحفي لأنه معرض للخطا والتصحيف، ووضعت شروط و قواعد للاستشهاد بالشعر تدخل فيها عوامل كثيرة يضبطها جرح وتعديل صارمان من أجل الحفاظ على قداسة المتن القرآني وعدم تعريضه لسوء الفهم والتأويل، فازدهرت علوم كثيرة وظفت كلها من أجل إضاءة السور والآيات، وفي إطار هذا النشاط العلمي الزاهر بدأ النقد الأدبي العربي يعلن عن بداياته الأولى الحقيقية بعيدا عن الأحكام الجاهزة التي تفضـل بيتا على بقية المنظومة الشعرية آعتمادا على ذوق مفرط في إحساسه.وظهر التدوين والجمع و التصنيف والتبويب والتوثيق والتحقيق والترجمة عن اللغات الأخرى وكتابة نظريات في مفاهيم أدبية ونقدية أنتجت نقدا مستقلا له أسسه وقواعده حتى أصبحت تلك العبارات الطنانة التي تجعل بيتا أشعر بيت قالته العرب من باب ما يروى من الطرف والأخبار والملح وقصص العرب يسمع ويؤخذ به لفهم حيوات البدو وطريقة عيشهم وفهمهم وتعاملهم مع الجمال في القول الشعري دون يعتد به في المفهوم النقدي الجديد .. قد نفهم ونتفهم ونقبل ونستسيغ تلك المفاضلات والأحكام المطلقـة ونجد أكثر من مبرر لصيغ التعجب ولا تعجب وهي تنطق بلسان أصحاب الشأن الحقيقين في زمنهم ومكانهم المعيشين لانهم بمنطوقهم ذاك يتمثلون شروطهم الحضارية ويعبرون عن بيئتهم وظروفهم الحياتية الثقافية؛ لكن الأمر يبدو غريبا سمجا نشازا ونحن نلوك صيـغ التفضيل هذه نجترها في زمننا هذا، بل إن المسألة قد تكون تغدو خطيرة بالنسبة لشبابنا المقبل على الحياة الثقافية بسَيْرِهم في ركاب الإعجاب بالشذرات والمقتطفات والنتف الشعرية دون محاولة قراءة فعلية وفاعلة للتراث الشعري العربي القديم؛ ثم إن صيغ الإطلاق والتفضيل الموروثـة تدعي لنفسها الاستقصاء لمادة شعرية عربية قديمة لازلنا نبحث في مصداقية نصوصها توثيقـا وتحقيقـا، لأن عبارة من مثل : " أفخر وأشجا بيت قالته العرب " و رديفاتها "الأروع" و"الأنبل" و"الأيسر والأعسر" و. ... توحي لنا بأن المتكلم استقصى جميع المتون الشعرية العربية وخرج بهذا الحكم.. ومثل هذا الادعاء قد نفهمه من لدن آبائنا القدامى الذين عاشوا في البدايات الأولى للشعر العربي، لكنه أمر غير مستساغ وراثته عنهم في زمن التدقيق والتحقيق والمحاولات المتعددة والمتنوعة للمقاربات الشعرية بمناهج شتى حديثة وقديمة ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثآليلُ آلغَضَبِ
- تمردُ فرانكنشتاينْ شِيلِي
- رَضاع
- طَائِرُ آلْوَقْوَاقِ يَبْنِي عُشَّهُ مِنْ جَدِيدٍ
- قصيدة(من وحي واقعة وادي المخازن) للشاعر أحمد المعداوي
- قصيدة(القدس)للشاعر أحمد المعداوي
- اِغْتِيَالُ آلْقِرَاءَة
- تَاهْلَا Complexe plein air.. (قصة)
- بْلُوتُونْ peloton
- فِطَام
- ذِئْبُ آلْوِهَاد
- زَحِيييير
- لِيغَارَا لِيغَارَا
- يَمَّا .. مَمِّي .. مَاااايْمِي
- صَرْعَةُ قَتْلِ آلْأَبِ
- إِغْوَاء
- آوِيدْ آمَانْ آوِيدْ آمَانْ أَدَسْوَغْ
- الْبَارَحْ كُنْتِي سَارَحْ وَالْيُومْ رَاكْ مَسْرُوحْ
- حتى لا نَنْسَى حتى لا نُنْسَى
- لَمَّنْ نَشْكِي حَالِي


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - صيغ التفضيل غير الرافعة