أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أَشُمُّ أَسْمَعُ أَلْمُسُ وأرَى














المزيد.....

أَشُمُّ أَسْمَعُ أَلْمُسُ وأرَى


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7741 - 2023 / 9 / 21 - 14:59
المحور: الادب والفن
    


_صَوْتُ :
رأيتُ صوتَ عمتي ينبجس من بين شفتيها رقراقا كَزلال آلرضابِ شرشارًا يتناثر بين سوالفها آلمرسلة آلمتراقصة مثل سنابل القمح في عز ضحيات آب

_لَقْلَاقٍ :
في عمق زُلال أجوائنا، لَقْلَقَ لقلاقٌ قُبْلَتَه آلأخيرةَ ولم نعد نراه؛ يا سيدي اللقلاق أنا الآن أشتاق لمنزل عمتي، كان في حِضن حقولها أتانٌ تعاقر بها أجمات الأسواق إنْ أنتَ شمَمْتَ طيفَها قُلْ لها .. لا .. لا تقل شيئا .. أَكْمِلْ رحلتَك الأثيرة دعْ روحها تنام في دَعَة في سلام يا سيدي اللقلاق

_يُقْرِئُنَا آلسَّلَامَ :
لما رأيتُ النباح، تجمدَتْ خطواتي بالباب وأنا أتذكرُ الاستقبال الحار الذي خَصَّصَتْه الكلابُ لنا قبل قليل .. كانت مبتهجة ًبعودة المسافريْن : (عمتي والأَتَان)، وطفق العجوز (كَسَّاب) (٢) يناور في مَرح الدابةَ يَحوم حولها يَدور بحركات سريعة رشيقة يتعلق بعنقها، فتتعمدُ الحرون تلوح رأسَها في الهواء تضرب بذيلها برجليْها الأماميتيْن والخلفيتيْن في كل آتجاه تنهق ينبح تتعانق أصواتهما لهاثهما والسكناتُ بتواطُؤ وتفاهم وآنسجام نادر؛وفي لحظة، اِنطلقَ الحيوانان يمرحان يسرعان يركضان يَخُبّان يثِبان على الحواجز والمطبات الطبيعية في طريقيْهما يتواثبان وَثَبَاتٍ بديعة لا يصيبُ فيها أحدهُما الآخرَ أمام منظر جوقة بقية القطيع المشاركة في الاحتفال بصخب قشيب يَلْغَطُ دون آنقطاع

_مِنْ فَوْقِ سَطْحِ :
يبدو أني آعتدتُ آلغرق في فَيْءِ ذاك آلسّقف آلترابي مستلقيا أتأمل ما يمكن أن يحمله الأصيل من لحظات تُنسيني صلف آلهجير .. اِعتدتُ الصعود عبر السلم الخشبي إلى سطح منزل عمتي ( سَنَّجْ اِيوَخَّامْ ) (٣) أظل هناك فترات غير قصيرة أتأمل أرضية مُبلطة بأتربة وسيقان زرع يابسة ( لَبْرُومِي آنَقَّارْ ) وأكوام حلفاء وركام حصوات دقيقة مبللة بماء وتبن وغبار بهائمَ وطبقات سميكة من قطران وأغلفة ميكا سميكة تساعد على عدم تسرب قطرات المياه إلى الداخل .. أعاين أطيافا من بُسط حصائرَ منضدة هنا هناك حاويةً رُزَمَ دُوم من يخضور ( تيكزطمتْ ) (٤) وكريش ( ألوكي ) وحبات فول وعُدَيْسات كرسانا وتين أبيض جاف وأسودَ، وأنواعا من أعشاب آلخلاء وُضعتْ مباشرة آتجاه أشعة الشمس كي تيبس وتجهز في وقت لاحق للاستعمال .. وأنا فوق .. أرى ما لا يُرَى .. الأشجار قريبة تعانق أفنانُها وثمارها اليانعة الأناملَ والمُقَلَ في خمائل من ظلال بهية الجمال تداعب نسائمُها الوجوه، أفردُ ساعديَّ على آتساعهما، أحركهما مغمض العينين كطائر قشيب يعشق الحياة، يهيم في جنائن عرصات ذات رُواء، لا يعاني الأوباء، لا يبالي بالعثرات، يطير في الأجواء فوق البطاح والأحراش وشعاب المُروج وخمائل الحقول وفدادين البيادر ومطامر الأجران وزرابي السهول المِلاح بأجنحة شقشقات الصباح، تهدهده أطياف قزح كما الفراشاتُ تغرق ألوانها في ربيع أقاح لا ينتهي أبدا ... وأنا فوق تدنو الأعشاش من بدني الضئيل، مِن يدي، ترسم قبلة مختلسة لأناملي القصيرة .. تسمع أذنايَ شعاع صخبَ الفراخ تعب من الحياة الجديدة عبا، تعيش ميلادها الأول، بداياتها الأولى المُترعة بالحركة بالسقسقة بالعنفوان .. أكوام من القش وخشاش السماء والأرض لأصناف عديدة متنوعة من الأطيار والحشرات والهُوام، كانت هناك ترتع تمرح بحرية ودعة وصفاء

_قَرْيَتِنَا :
ما هي إلا دقائق حتى وجدنا أنفسنا نُكَوِنُ شبه دائرة واسعة تتوسطنا مائدة بقوائم قصيرة وَضَعَها الرجل المبتسم تخاطبنا عيناه بكلمات بالكاد ينطقها نسمعها .. كان صمته نحيلا لا يتواصل والحضورَ إلا بآبتسامة رائقة .. وها هي العمة تدبرُ تُقْبل تسبقها .. آلالي آلاالي .. يهش بها لسانها القشيب في وجوهنا تتحرك بعزم نشاط كنحلة لا تتأفف من ضنك مشاق رعي وسقي ونقش وتعب حصاد إلى شْقَا وْخَّامْ تضع على المائدة ما لذ وطاب من خبيزات أحَرَّاشْ ساخنة يحرق أديمُها الأدهم أصابعنا بمجرد مراودة لمس سمنها الذائب الذي جعل يسيل يسيل يتغلغل في أحشاء ( تاقريصْت ) (٥) يغيب غنج لونه الأبيض الأصفر عن مُوقنا المتلمظة لا تبقى من أثره غير نداوة كدماء تستحثنا للمضي قدما قبل فوات الأوان، وقهوة زعتر مغلاة يفور فوارها يتراقص في آلهواء بدعة سكينة ورواء فاتريْن، ولبن ( أحْلَاوْ ) (٦) ذرة وحليب رائب تتهادى كتله الدسمة وسط لجج رقراقة وجبن برائحة أعشاب براري الجبل وصحن عميق من خشب عتيق سميك مشقق ( يَتْشُورْ سْوَدْخَسْ ) طافح بلَبإ عنزات وضعن مواليدهن حديثا ومشتقات أخرى سائلة ونصف سائلة وخليط متشابك مما أعرف ولا أعرف من خيرااات الأعالي .. مْرَحبا مْرَحْبا ألَااالي آلاالي .. هذا ما كنت أشم أسمع ألمسُ وأرى؛ أما ما كنت غارقا في يَمّه، فعالم من الخيرات غريب عجيب قشيب

☆إشارات :
١_" تَرَاسُلُ الحواس " مفهوم بلاغي يُقصد به إعطاء مُدرَكات حاسّة ما لحاسة أخرى، كأبصرتُ نَغَمًا دافئا بلَحن أخضرَ نشوانَ يشدوه صوت ناعم لأغنية مُعطرة برائحة بيلسان في أحضان قريتنا
٢_كَسَّاب : اسم يطلق على كلاب الرعي الأطلسية
٣_سَنَّجْ اِيوَخَّامْ : أعلا المنزل يقصد سطحه
٤_تيكزطمتْ : نبات الدوم
٥_تاقريصْت : خبزة
٦_أحْلَاوْ : طعام يُعد إما من دقيق الذرة أو الشعير مخلوطا بعد أن يبرد من فواره باللبن المشتق من الحليب، ولعله سمي كذلك لمذاقه السائغ في الفم و اللسان



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بَلْدَةُ (الْفَحْص) .. تِلْكَ آلْقِيَامَةُ آلْمُنْتَظَرَة
- آهَاااوَااا..ذاكَ آلصوتُ آلقادمُ مِنَ آلجنوب
- هِمَمٌ تَطْفَحُ بِآلْمُمْكِنِ وَآلْمُحَالِ
- مُكَابَدَة
- مَا تْقُولْ عْلَاشْ مُوتْ واقَفْ
- وَلَازَالَ آلْمُنْتَظِرُونَ يَنْتَظِرُونَ
- زِلْزَاااال
- هَلْ ..
- كَانَتْ تُحِبُّ آلتُّرَابَ
- يَقْضُونَ ... لكن لا ينقرضون
- زَلَازِلُ آلْقِطَاف
- حُلْمُ لَقْلَاق
- راسكولنيكوف
- آلُ يَغْنَانَ
- كَانُوا سُعَدَاء
- أَنْيَابُ آلْبَرّ
- تَاجْنُوفْتْ / عاصفة
- كُنُوزُ عَلي بابا
- اِنْقِراضُ آلْأَجَمَاتِ
- عَطَبُ آلنَّوَارِسِ


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أَشُمُّ أَسْمَعُ أَلْمُسُ وأرَى