قمر يضيئ اللاذقية_ثرثرة

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1729 - 2006 / 11 / 9 - 11:34
المحور: سيرة ذاتية
    

طيلة حياتي, دعوت شخصين (صبيتين) لرؤية القمر, وهما أكثر من أحببت في هذا العالم, وعلى الأرجح هما أكثر ما سأحبه بقية عمري. دعوتي الأولى حدثت في آذار سنة993 في المدينة الجامعية باللاذقية وحدة البنات والثانية عبر الموبايل مرتين بلا جواب.

في الظل المديد
إلى الحسرة والمنتهى
لا أصل إلى سرّ الأمس
رأيت النجمة فوق الباب
وخلف النجمة وجه من أحب
غدا يكتمل القمر
بتلك اللهفة التي ما زالت
تشعّ عبر الزمن
*
خارجا من مؤسسة الكهرباء في اللاذقية, مع شعور بالخواء الروحي, فكرت في ركوب باص الزراعة إلى مكتبة الزعيم, لرؤية الأشقياء أصدقائي الحاليين, غيرت رأيي مقابل نقابة المهندسين وتوجهت إلى وسط المدينة, بعدما رأيت قمر تشرين وما يحمله من ذكريات وناس, من مقهى الحكيم في ساحة الشيخضاهر, يمكن الاستمتاع برؤية القمر على أكمل وجه.
مع فنجان قهوة وعدة سجائر حمراء طويلة, حلمت وفكّرت وشردت وتذكّرت, وخرجت بحمّام روحي شامل. كما أتفرّج على لوحة أثيرة رحت أنقّل بصري بين القمر وقربه نجمة وحيدة, وبين المارّة أمام المقهى, أول مرة أنظر إلى بشر السوق والأماكن العابرة بمنظور الحبّ. مع كل منهم حكايات وحيوات لا تكفي حياتي بمجملها لسردها بالشكل الذي تستحقّه.
تابعت طريقي إلى سرافيس الحمام بوقا, ونزلت في دوار الزراعة, لأختتم جولتي الليلية في حديقة المشروع السابع عائدا إلى مشروع شريتح, بيتنا المتنقل فريدة السعيدة وأنا.
في الطريق رأيت حياتي كلها في لمحة خاطفة, رأيت 46 سنة بوضوح السيجارة التي أشعلها الآن والفضل في ذلك لقمر تشرين في اللاذقية.
*
من عاداتي المستحدثة, العدّ التنازلي من المئة إلى الواحد.
مع كل حدث مقلق أو غير مستحب_و في لحظات الشغف النادرة_ أستند إلى هذه العادة.
أبدأ مع الرقم مئة في التركيز, ومع حالة الاسترخاء أتمدد 99, ...حتى 90 ثلاثيناتي في مزيج غريب من العشق والخيانات والتقلبات, والمزاج اليساري والعدمي واللبرالي في سلوك واحد.
ومن سنة 89 والرقيب المجند إلى 80 الطالب الجامعي في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بدمشق تتدفق أنهار الكحول والمشاريع والثورات الفاشلة, أصدقاء وصداقات معظمهم غادروا وغابوا بلا عودة. وهي أكثر فترة ساخنة ويرتفع توترها.
مع الوصول إلى 79 وأحلام اليقظة حتى سنة 70, تلميذ خجول وحيد وحالم في مدرسة عين قيطة وبيت ياشوط. صديقي القمر والغابة والوديان بلا مجاز ولا مبالغة.
ومن سنة 69 ومظاهرات أطفال الابتدائية"يعيش تشي غيفارا" وكنت أظنه رجلا_ بطلا في القرية المجاورة إلى نقطة الصفر سنة 60 ورطتي في هذا العالم.
أحلام اليقظة عشتها اليوم مع قمر حراما وبيت ياشوط واللاذقية, ورغبتي أن أصافح كل أصدقائي السابقين حتى الأوغاد منهم, كما كنا نفعل بعد عدة كؤوس, نختتمها بالنشيج والدموع قدر هذه البلاد اللعينة.
مرات قليلة أستطيع الوصول إلى الواحد, ومن ثم الصفر, وأتلاشى في الفراغ.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات