أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - سيرورة الحداد الناقص(حلقة كآبة)_ثرثرة














المزيد.....

سيرورة الحداد الناقص(حلقة كآبة)_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1712 - 2006 / 10 / 23 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


سيرورة الحداد الناقصة(حلقة كآبة)_ثرثرة

البعد المستقبلي أحد محدّدات العاطفة وتلوينات المشاعر المختلفة, بتثبيتها أو إسقاطها على آخر, وعلى تباين درجات القرب من النفس. بدوره البعد المستقبلي بالدرجة الأولى, يفرّق بين سيرورة حداد طبيعية تنفصل بعد فترة عن حياة الشخص, وأخرى ناقصة تحوّل الحياة بمجملها إلى حلقة كآبة مغلقة على اجترار الألم واستبدال واقع دائم الحركة والتغير بتصوّر ذهني جامد.
بعد فقد شخص عزيز وقريب يحتلّ مكانة مركزية في النفس, يحدث الخلل والاضطراب في عالمي الداخل والخارج, وأثناء صدمة الفقد والمواجهة المباشرة مع العدم, يرفض العقل الباطن قبول وحتى تصديق ما حدث. في فترة الحداد تلك, من الطبيعي أن تتوقف أنشطة الفرد المختلفة, وأصحاب الحساسية العالية منا, تتوقف لديهم الفعاليات البيولوجية مثل الطعام والشراب بالطبع لفترة مؤقتة ومحدودة. بعد مرور أيام أو شهور على صدمة الفقد, بالتدريج تعود الحياة إلى وضعها الاعتيادي مع بقية الاهتمامات والمشاغل اليومية والوجودية.
أما في حالة الحداد الناقص, تحدث سيرورة مختلفة تنغلق على لحظة الصدمة وماض متخيّل.
يتم رفض الحاضر والواقعي ,درجة بعد أخرى يصل الحزانى أخيرا إلى مرحلة إنكار الواقع, التمسّك بأثر ماديّ لمن غابوا مع ذكريات وتصّور ثابت عن الماضي, وهمي ومتخيّل غالبا.
الزمن الخطّي المتقدم صوب المستقبل, ينحني في دائرة مغلقة تحصر خارجها, ينتفي المستقبل بدءا من إهمال الحاضر والتعامل مع عناصره وأحيائه بالتحقير الصريح واللامبالاة.
*

من الحماقة اختزال الوجود المتعدد للفرد في بعد واحد,مهما يكن أساسيا وفاضحا, وما ينطبق على فرد لا يمكن سحبه وتطبيقه على مجتمع أو فئة, إلا بدواعي الغفلة أو الخداع.
في حالة إنكار الواقع السائدة في المشرق عموما, والحزن العراقي على وجه الخصوص, إغراء أقصى لاستدعاء وتطبيق علم النفس ومناهجه, على مختلف الظواهر الفردية والاجتماعية, وذلك ما يشكل "ميزة ونقص" ثرثرتي في آن واحد, أكتفي بالإشارة إلى الأبواب المغلقة, كما أحاول البقاء تماما في منتصف المسافة بين الأدبي والفكري وبين المعرفي والسياسي, وعند بروز عقبة أو مشكل أكبر من قدرتي على التحليل المتأني, أعود إلى تجربتي الشخصية بشقّيها الثقافي والمعيشي, لتدور ثرثرتي من ألفها على يائها بين منظورين التلصّص والاستعراء, وليبقى الموقف النقدي بتعدّده وديناميكيته , كما بتجاوزه للمنطق الأحادي والثنائي, عكازي وعصاي ونظارتي,عبره أتخفف من نرجسية الشعر وميوعته, وأتجنب خشونة السياسة وفظاظتها.

أنت أيضا تقول تأخر الوقت
تعذّب نفسك بما تعرفه أكثر من أي شيء.


لماذا لا نترك الماضي الذي انتهى أصلا, ونعيش الحاضر بامتلاء وحفاوة؟!
إنه سؤال منطقي محكم, لكنه يغفل التعددية النفسية بمركباتها ومرجعياتها ومؤثراتها, ويستبدلها بوحدة مفردة, صحيحة منطقيا ويدعمها بقوة هائلة قانون الجهد الأدنى. إذا تجاوزنا جميع السلطات في بلاد العرب والمسلمين وهي تجمع وتتفق فقط على احتقار الحاضر.
أنزلق رغما عني إلى المكبوت الجنسي أو السياسي, وهو ما يسمى إغراء الأبواب المغلقة.
*
عبارة المستقبل موت وعدم هل تكفي؟
النظر من الجهة الأخرى, محاولة ذلك, الإصرار والعناد على الخروج من الواقع النفسي_أكثر أبعاد الواقع ثباتا وصلابة,شكل من التحرّر وإن يكن متخيّلا ومزعوما...ذلك ما كنت أقوله في صراعي اليائس للوصول إلى هناك,فقط لألقي نظرة. ماذا وجدت؟ سجن العادة وسجن الفكرة.

ما أقسى طريقك وما أصعبه
ما أجمل طريقك
تحملك الجبال والصخور
يحملك القمر والنجوم
الجمال بين يديك
والعدم بين يديك

*
ماذا كنت أنتظر بعد رؤية البائسات الثلاث, يحفظن أقدم مهنة في التاريخ, أليست هي الوديعة أيضا؟ كم مرة سأصطدم بعوالمي الداخلية المجهولة, وأهز رأسي.. ها... وجدتها! وبعد مرور سنين وأحداث, بدون توقع أنظر إلى المرآة وأجد شخصا غريبا لا أعرفه من قبل!

أنا لا اعرف تجربة الفقد_التي تسبب سيرورة حداد_ لقد اصطدمت بالموت في مطلع شبابي, لكنه موتي الشخصي وعدمي الشخصي, ولم يهزّني موت أحد أبدا.
كنت وما أزال مولعا بالنهايات, هناك حيث الراحة الأبدية, لا يد ترتفع ولا صوت يعلو.

يشتد المطر في اللاذقية, تشرين كأنه شباط, مطر وشمس وغيوم بيضاء.
مساء اليوم كنت عائدا من دوار الزراعة, أمام أزهار شهرزاد, حدّق في عيني رجل بنظرة غريبة, أخافني , أرعبني, ترى بماذا كان يفكّر؟ هل شبّهني لأحد معارفه وأصدقائه الموتى؟
أعرف أنني ميت, وهو بدوره مات من زمان, أنتم , أنت,هو, كلنا موتى ونرفض التصديق.

النهاية قادمة على عكازين من خشب, يقول عماد ويضحك, ما زال يضحك.
أنزلوه في حفرة القبر, نثروا الأزهار, بين صوت القرآن وصوت العويل, أسمع ضحكاته.
سيطالب بكأسه وحصّته من المجون, وينظر حواليه, ولا يجد سوى التراب الطري المبلل,
سيغمض عينيه ويعود, راضيا قانعا سعيدا, إلى النوم العميق الطويل الهادئ .
*
البعد المستقبلي محدّد أساسي في جميع العلاقات, أكثر من ذلك الهوية والماهية,كلمتان عائمتان خلف المعنى وخلف الجدوى, لا تدرك إلا من هناك.
أيها المستقبل لا تنتظر أكثر, أنت خوفنا وأوهامنا العزيزة.
الغد لا يأتي.

اللاذقية



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تورّط عاطفي_ثرثرة
- رسائلي أنا إليهم
- فنون المتعة والاستمتاع_ثرثرة
- رسائلهم_ثرثرة
- مستقبل الشعر_ثرثرة
- إني أستسلم_ثرثرة
- الغراب الأبيض -مسودة ثانية-
- كيف أثبت براءتي_ثرثرة
- كيف ينتهي الماضي_ثرثرة
- الفرح السوري_ثرثرة
- كلامنا المسروق_ثرثرة
- الجوار القاتل_ ثرثرة
- الغراب الأبيض_ مسودة أولى
- خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ثرثرة
- حصن الدفاع الأخير_ثرثرة
- سقف التوقع_ ثرثرة
- زكام صيفي_ ثرثرة
- مجتمع الأنترنيت مرة ثانية_ثرثرة
- الانسان المهدور_ثرثرة
- اليوم الأخير_ثرثرة


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - سيرورة الحداد الناقص(حلقة كآبة)_ثرثرة