أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الفرح السوري_ثرثرة














المزيد.....

الفرح السوري_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1673 - 2006 / 9 / 14 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


لليوم التالي أستمتع بالغناء الجميل, في عيد الطائفة المرشدية جيراني.
من غير اللائق أن لا أقول شكرا, وبالصوت العالي, على متعة توهب لي مجانا, على النقيض من الإزعاج المتكرر من قبل مؤذنين غاضبين, بأصواتهم الخشنة والضجة التي يحدثونها بفوضى اللحن والإيقاع والكلام, ليتهم يكتفون بصوت واحد حسن الأداء ولا يخدش الأسماع.
من غير اللائق عدم الجهر بشكري, أنا الذي يمتدح بوذا بلا كلل, لأنه وبالطبع حسب قراءتي الشخصية, أمضى حياته مجاهدا لتخفيف المعاناة الإنسانية, ووجد حلولا ما زالت تصلح للبؤساء منا, ممن تتقاطع خطوط متعددة للمأساة في حياتهم الشخصية.
وهنا الآن بين مشروع شريتح والمشاحير, تصدح حناجر فتية لصبايا وشباب, فرحة وتنشر الفرح أقلّه لمستوحد ومستوحش مثلي, يعتبر الفرح أعلى الذرى الخالدة في رحلة الإنسان.
أكثر ما أرفضه في العقائد كافة, تسخيفها للفرح ومشتقّاته, الضحك, المرح, الفكاهة, الاحتفاء العارم بالجسد؛ واستبدال ذلك بنكران الذات وأخلاق التضحية!
سمعت حكاية الكبار في بيت ياشوط عن "العرق" مرات ومرات ولا أملّ سماعها وتردادها.
في تشرين الأول والثاني(تشيرين كما يلفظونها) يبدأ موسم سحب العرق(تقطيره), وكان أحد أضلاع مثلث المونة(المئونة) بعد الحنطة والتين اليابس. ولأن الحطب مصدر الطاقة والنار الوحيد, يلزم السهر حتى الصباح كي لا تحترق الطبخة أو تنطفئ النار. قبيل منتصف الليل ينعس أحد السحّيبة, فيعالج نعاسه بالغناء, ويردّ عليه زميل آخر ببيت من العتابا أو الميجنا.
بالغناء يتجاوزون كلّ خلافاتهم, وكثيرا ما كانت دامية, وينسونها بعدما يبدأ الشراب.
يطلع الصباح وسهارى بيت ياشوط في حفلة واحدة.
كان العرق ضرورة حياتية, ينشر الدفء ويرمم الصلات المقطوعة.
*
باكرا جدا أحببت العرق وأحببت أكثر شاربي العرق: أحمد سليمان, علي خازم, أحمد خازم, محمد عبد الله, خريفون عيوش, شحيدة شريبا وآخرون كثر.
ما رأيت أحدهم عنيفا ولا ومعتديا, صحيح كان شرابهم على حساب الأسرة والأطفال خصوصا, وأفهم أن ذاك الجيل الأخير من سكرجية بيت ياشوط العتاق, كان اكتئابهم المضمر والصريح أحيانا, معاناة إضافية لأسرهم, لكنهم كانوا حالمين كبارا, قليلو الكلام وكثيرو التأمل. وللأسف أحلامهم ضاعت وفي الذاكرة صورهم التي تجفّ يوما بعد آخر.
لا أعرف علاقتهم بالفرح سوى في وجداني ومشاعري التي تشفّ وتعلو مع الكأس والجميلات. لكنني أفسدت كؤوسهم في مجالسة من لا يصلحون للندامة مرة, وفي انفلاش شرهي وعدوانيتي مرات, ليتني أستطيع إعادة الصفاء إلى كأسي, وإن لم أفلح فلا أستحقه.
*
ما تزال الأصوات الجميلة تعلو, وما يزال الاحتفال السوري والفرح السوري تحت الرماد.
حتى بعدما ابيضّ شعري بأكمله, ما تزال الخفقات واللعثمة ومحاولة فعل أي شيء لأظهر بأجمل الحلل أمام صبية تنتظرني, ما تزال جذوة النار المقدسة في دماغي.

ذراعاك أغنية الكون المدورة.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلامنا المسروق_ثرثرة
- الجوار القاتل_ ثرثرة
- الغراب الأبيض_ مسودة أولى
- خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ثرثرة
- حصن الدفاع الأخير_ثرثرة
- سقف التوقع_ ثرثرة
- زكام صيفي_ ثرثرة
- مجتمع الأنترنيت مرة ثانية_ثرثرة
- الانسان المهدور_ثرثرة
- اليوم الأخير_ثرثرة
- مثل بئر مهجور_ثرثرة
- زائد عن الحاجة_ثرثرة
- بين عدميين_ثرثرة
- شخصية الزعيم _ثرثرة
- ثقافة الجواب_ثرثرة
- نم واستيقظ
- الحب من طرف وحيد_ثرثرة
- يتامى سوريا_ثرثرة
- نفوس مريضة ومتهالكة_ثرثرة
- جسد يتداعى_ثرثرة


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الفرح السوري_ثرثرة