أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - شخصية الزعيم _ثرثرة














المزيد.....

شخصية الزعيم _ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1603 - 2006 / 7 / 6 - 09:50
المحور: الادب والفن
    


وعي يقظ دوما. في أكثر حالات المجون وانفلات عوالم الداخل وفورانها, يحتفظ الزعيم بهدوئه ويأخذ قرارات فورية, ويتحمّل المسؤولية غالب الأحيان حتى فيما لم يكن رأيه النافذ.
عيوبه كثيرة, وليس المجال كافيا لبسطها وتشريحها, لكنها من فئة العيوب المشتركة والمتوارثة
ولا تعيق التسليم بزعامته, التي تعدّت حواجز الدين والطائفة والاعتقاد, كما تجاوزت الجنس والعمر والطبقات الصدئة في المجتمع.
صفة نادرة يتحلّى بها الزعيم, مقدرته على كشف دفاعات المحيطين ومخبئاتهم, وهو بنفس الوقت لا يستخدم سلطته ومعرفته بإفراط, يجيد وضع الخصم في موقف الدفاع الذاتي, ويستدرجه بسلاسة إلى تعرية الجانب المخفي في شخصيتة كالعدوان والبخل والحسد, ودائما يترك الباب مفتوحا لإعادة النظر, ولعودة الصراع كذلك.
علاقة الزعيم بالمرأة أعلى د رجات الجدارة. على قدم المساواة يتعامل مع المرأة والرجل ومع اليميني واليساري ومع الثوري والليبرالي, مع السنّي والمسيحي كما مع الكلازي والحيدري, وتبقى سخريته من الجميع, تحت السيطرة الواعية, لا تصل أبدا إلى الجرح النرجسي وتتجاوز التملّق والمدائح السهلة, قد تراه معارضا في هذه القضية ومواليا في غيرها, هو الزعيم.
*
اسم"مصعب حسن" غير معروف خارج قرية بسنديانة, وضواحي وحارات اللاذقية الجديدة,
يستغرب كثيرون من أهله وجيرانه, تخلّيه الطوعي عن مشروع الطبيب, وتنقله بين مهن حقيرة بالتعبير الاجتماعي, ليصل في أربعينه إلى مكتبة أثينا, بائع كتب وصحف وأقلام ودفاتر, ومايسترو استثنائي للسهر والصعلكة, من سفينة نوح إلى نقابة المهندسين وهوى بحري ونوستالجيا والشراع وغيرها, إلى القصبجي والملك, مع حاشية غرائبية فعلا, يكاد لا يخلو طيف اجتماعي ثقافي فكري سياسي في اللاذقية لم يدخل إلى خيمة الزعيم.
لكنه فعلها مرة أمام زعيم جبلة, لقد طلب الزعيم كأس لبن, نعم لبن تلك المادة التي تصنّع من الحليب وتعطى للأطفال والمرضى والمسنين, ويمكن تناولها أحيانا مع الطعام للكبار أيضا.
يومها, عيسى اسمندر, طلب أر كيله وأكبر كأس في ثمار البحر, ومارس زعامته باقتدار, عملا بالمأثور"ارحموا عزيز قوم ذلّ". وأمام دهشتنا واستغرابنا تصافح الزعيمان بحرارة, على أمل اللقاء في جولات قادمة, لم تحصل حتى يومنا هذا.
المهمّ, للزعيم عثراته كبقية البشر, وبالنسبة لي كفضائحي لا يجيد سوى الثرثرة وكشف الخبايا, أثناء عودتي من مكتبة الزعيم, مرّ شريط الذكريات, ولم يكن بوسعي تجاوز سقطة الزعيم تلك.
*
لو كانت شخصية أنطون سعادة أو زكي الأرسوزي أو خالد بكداش أو عبد الناصر وغيرهم , بمرونة وقابلية الزعيم مصعب للنقد والاختلاف حتى الجذري, أما كانت ممارسات السياسة في الحكم والمعارضات على السواء, وما يتبع لها في الأخلاق والفكر والإبداع أوسع بما لا يقاس, من نتائج الزعيم الأحادي, الذي لا يسمع سوى أصداء صوته الشخصي؟
على كل تلك القضايا على أهمّيتها, ليس مقامها الآن, فالحديث هنا يخصّ زعيم محدد, يختلف عن بقية زملائه, بدعوته الفعلية للتعدد والاختلاف وممارسته لثقافة الحياة, وسمة أخرى من المناسب ذكرها, هذا الزعيم هو من طراز نادر, يعمل بمقولة"كبير القوم خادمهم" وقد خبر ذلك برهوم ومنهل وكثير ممن حالفهم الحظ بصحبة هذا الزعيم المختلف. ومنذ ساعة فقط قام بنفسه بتقديم الشاي لضيوفه في مكتبة أثينا العظيمة.
هذا اليوم يفكّر الزعيم, كما أسرّ لي, بالتوجّه إلى أحد منازله في الجبل وهو يفضّل حرف متور, قلعة عماد, وعلى الأرجح سيقوم بدعوتنا للحاق به, بعدما يكون أنهى تفكيره بقضية الانتحار, تلك الندبة العالقة في الوعي عبر القرون, هربا من الضجيج والزحمة ونقص الحب في هذا العالم.
*
يجمعنا الكأس والشعر, صديقات وأصدقاء خسارة أحدهم لا تعوّض, ومع ذلك وحده مصعب استطاع بحنكته ومهاراته الكثيرة أن يبقي على هذه الشبكة الإنسانية الموزّعة على مختلف بقاع الأرض, سامر في ألمانيا وأيمن وصالح في باريس والبحري في لندن, أحمد جان عثمان سيحضر الوليمة يوما, سوزان تحادثت مع الزعيم بدورها, البارون واللورد والبرنس ودلال وأدهم ومرام وعماد الموزّع بين مدينتين وكؤوس لا تنضب, معا شربنا كؤوسا بيضاء, غنينا وسكرنا ولا نريد العويل ولا نعشق الألم, لكننا غرباء وحزانى, يجمعنا الشعر والكأس.
بصحتكم يا أصدقائي أينما كنتم وكيفما اتجهتم.
كلنا نستحق فرصة أخرى.
كلنا نستحق حياة أجمل.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الجواب_ثرثرة
- نم واستيقظ
- الحب من طرف وحيد_ثرثرة
- يتامى سوريا_ثرثرة
- نفوس مريضة ومتهالكة_ثرثرة
- جسد يتداعى_ثرثرة
- الحاضر في دورانه
- في الحاضر المفقود
- بيت في الهواء_ثرثرة
- ساعة شؤم -ثرثرة في يوم كئيب
- لا سعادة لانجاح_ثرثرة
- موت الأب
- أصوات مختلطة_ ثرثرة من الداخل
- بلاد قليلة_ثرثرة من الداخل
- مجتمع الأنترنيت_ثرثرة من الداخل
- البداية والمنعطف_ثرثرة من الداخل
- البدايات|السيطرة والحلول_ثرثرة من الداخل
- رأي بظاهرة جمانة حداد
- الماغوط وأسطورة المبدع الأمي_ الميت, ثرثرة من الداخل
- مخاض مسرحي في اللاذقية


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - شخصية الزعيم _ثرثرة