أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - موت الأب















المزيد.....

موت الأب


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1563 - 2006 / 5 / 27 - 13:26
المحور: الادب والفن
    


علم نفس عربي(ترجمة وإبداع)_ثرثرة

لم تكن لتستوقفني عبارات من قبيل: نحو نظرية نقدية عربية, فكر عربي معاصر,... بسبب تواتر سماعها ومشاهدتها, كما لكسل وعدميّة متأصّلين, وربما الأهم من ذلك رهاب الخروج من نعيم الانتماءات إلى الثقافة.... الثورية أو التقدمية أو الطليعية أو.. وبحكم العادة والتكرار, أدحش مثل كثيرين غيري كلمة(عربي) في عبارات, تستبطن (بعد نفسي) مشترك وثقافي ربما, لكن على التضاد مع المعرفة المتضمّنة للخبرة, والتي تتأسس على التجربة والبرهان.
سيتحمّس إبراهيم القعدوني ومنهل باريش للقاء وجيه اسعد, مترجم المعجم الموسوعي في علم النفس, مع عشرات الكتب النفسية المتخصّصة. وسيلتقيان رجل العلم السوري بسهولة وترحاب, ويجدان باب الحوار مفتوحا وإن يكن بالضرورة سيمرّ عبر قراءة أو إعادة قراءة, منجز وجيه أسعد, الذي يكفي بالنسبة لي وجود اسمه على غلاف كتاب, لأسارع إلى قراءته وشرائه إن أمكن.
علم النفس بفروعه واتجاهاته المختلفة, ما يزال على الهامش الفعلي, وقد تمّ نبذه واستبعاده عن حياتنا وثقافتنا, مرّة عبر موقف الرهبة والحذر من ناقليه للعربية الذين بقوا داخل أسوار التخصص العالية, وأخرى بالنفور من مستهلكيه الكثر ربما, والذين بدورهم بقوا داخل عزلاتهم الفردية أو الاجتماعية, وبقي وجوده محصورا في السوق السوداء للثقافة والإعلام, حيث قانون العرض والطلب يسري في الخفاء, لأسباب متعددة يحتاج كشفها لعناد وصبر أحسد أمثال وجيه أسعد صراحة على حيازتها.
*
تحدثت كثيرا عن امتناني الشديد لوجيه أسعد, على ما قدّمه للثقافة العربية, وخصوصا في بلد مثل سوريا حيث الجهل باللغات الأخرى سمة مشتركة, بالكاد يفلت منها قلّة من المتميّزين والمحظوظين, لست وأغلب أصدقائي من أعضائها. وأتفق تماما مع الموقف والرأي القائلين بحاجة العربية عموما وسوريا تحديدا للترجمة والمترجمين, مع معرفتنا المسبقة أنه خيار خاسر إعلاميا وتجاريا, في انحيازه المعرفي والعلمي, ويتطلب من المترجم بالإضافة للجهد والمثابرة إلى الإخلاص والدافع الإبداعي, وفي غياب محزن للحوافز حتى بحدودها الدنيا, تتضّح درجة المغامرة والتضحية إن جاز التعبير, في الاكتفاء بالدور التالي أو الثانوي إبداعيا, والرضا والقبول بالبقاء على مسافة من الوجاهة الاجتماعية أو عدم التزاحم على مراكز القيادة والنجومية(اشعر بركاكة الفقرة وربما لنقص في مهارة التعبير أو لعدم وضوح الفكرة نفسها), نجح بتجاوز تلك المعضلة سوريا حسب معرفتي: سامي الدروبي مع ديستويفسكي ووجيه أسعد مع بيير داكو وأدونيس مع إيف بونفوا, وآخرين ربما لم أطّلع على إنجازهم, وفي خيار علم النفس كميدان عمل وكتابة بالعربية مغامرة معرفية مؤجلة للحكم المستقبلي, وتتزايد الحدّة وكذلك الإعجاب في موقف: مترجم علم النفس إلى العربية, تلك الصفة التي, حتى اليوم لا أعرف اسما آخر قبل وجيه أسعد, وكم نحتاج كمجتمع وثقافة لهذا المشروع.
*
عدنا من سهرة متأخرة مع الصديقين القعدوني ومنهل, كان كتاب "المعجم الموسوعي في علم النفس" ترجمة وجيه أسعد, على الطاولة. بداية لفت انتباهي وجود رقم هاتف المترجم, وقرأت فيه نداء ضمنيا للحوار, وبعد حديث مطّول عن علم النفس وهامشيته في الإعلام والثقافة الرسمية أو المعارضة أو المستقلّة, كنا متفّقين من البداية على أهمية مشروع الأستاذ وجيه أسعد, وأهمية تجربته بجوانبها المتنوعة, وأن أي صيغة من التواصل والحوار معه, هي مكسب معرفي وإنساني .هكذا اتجه الصديقان بعد يومين للقاء الأستاذ كما أحبّ تسميته, قبل أن يتحدّثا لاحقا عن حيويته وشبوبيته والفرح الظاهر على محيّاهما بهذه المعرفة.
بتعبير الصديقين: الرجل يرحّب بحوار جدّي وموسّع, وغير مكترث بمظاهر البهرجة والإعلام, وهو يعرف أكثر من غيره حاجة الثقافة العربية لعلم النفس, ولا يشترط على الحوار سوى تجاوز العتبة المنهجية والمعرفية.
مرض أبي فجأة ومات.
*
كنت أرغب بالعودة إلى الهدوء والتبصّر في ما أكتبه عبر ثرثرتي, يبدو أن ذلك يحتاج لشروط عامة وشخصية, وحياتي بمجملها في جانب آخر.
أخبروني بمرض أبي الفجائي, تركت المادة كما هي أعلاه, وذهبت إلى مشفى جبلة, في اليوم الرابع مات علي أسعد عجيب, الخامسة صباح الجمعة 19 أيار, كنت معه ورافقت حشرجته و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة لحظة بلحظة, رأيت الموت عن قرب, وصدمته المباشرة سيبقى دويّها وآثارها البعيدة طويلا, قبل أن أستجمع ما تبقى من شخصيتي المهتزّة أصلا.
لطالما جادلت أصدقائي في عبارة عالم النفس الشهير يونغ: لا يصل الفرد إلى النضج الوجداني قبل الموت الفعلي للأب.
أفهم العبارة الآن بطريقة خاصّة يتعذّر نقلها, كما حدث أو سيحدث يوما مع الجميع, وكلّ لوحده.
أفهم الآن أكثر من أيّ وقت مضى, عبثية المواعظ والنصائح, عدا عن جدالات الرأي والاعتقاد العقيمة في أحسن الأحوال, وفيها مجلبة للضغائن والترّهات, ووهم في وهم.

فتحت الأنترنيت بشغف, قرأت مقالة خليل صويلح عن كتاب ياسر اسكيف"الحداثة المعطوبة" وقرأت غسان المفلح في ردّه الأخير(كما يصرّح) على نزار نيوف, وقرأت خبر الاعتقالات الجديدة في بلدي التعيسة.
متى تمحى من حياتنا كلمات: سجن, سجين, سجان, سجون.....وكيف؟ يا إلهي.
لا أعر ف ما هو الموقف المناسب.
شكرا وجيه أسعد(من القلب), كنت سأسميّك متخاذلا(في الثمانينات) وكنت سأسميّك مراوغا في (التسعينات) وكنت لأقبل أي شيء, سوى اعتبار موقفك دليلا يحتذى في الشأن العام السوري بقضّه وقضيضه, وها أنا الآن برهبة واحترام كاملين, أحاول فهم وتفهّم موقفك ثم ممارسته.
هل سأخلص لقضية الشعر بعد اليوم؟ الإخلاص كلمة غريبة عن عالمي الشخصي, هي مرادف لليقين الذي أجهله وأنفر منه, والاحتيال هو السلوك النقيض الذي أمقته أكثر.
مضى أسبوع على موت أبي الفعلي, وأشعر بحصول تغيّر وجداني عميق لا أعر ف كنهه.
اليوم سألتقي بالشلّة(الزعيم والبارون واللورد وربما جورج ودلال وبقية الدائرة الأوسع)
سنشرب نخب الحياة والمتاهة والعبث, سأشرب نخب اللذين أحبهم, سأرفع كأسي وكأس جيراني في هذا العالم الصغير حقا, كلنا قتلة وكلنا ضحايا, ولا حقيقة إللاك وكأس ينتظر.

اللاذقية_ حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصوات مختلطة_ ثرثرة من الداخل
- بلاد قليلة_ثرثرة من الداخل
- مجتمع الأنترنيت_ثرثرة من الداخل
- البداية والمنعطف_ثرثرة من الداخل
- البدايات|السيطرة والحلول_ثرثرة من الداخل
- رأي بظاهرة جمانة حداد
- الماغوط وأسطورة المبدع الأمي_ الميت, ثرثرة من الداخل
- مخاض مسرحي في اللاذقية
- توصيل وتواصل_ثرثرة من الداخل
- بطل في سوريا
- هذه الحياة_ثرثرة من الداخل
- الكحول وعقدة الذنب_ثرثرة من الداخل
- أصدقائي .....أصدقائي
- الديكتاتورية_محنة الحاكم والمحكوم
- مراجع الاعلام العربي...والمصداقية
- غريب في جبلة ...غريب في بيروت
- لماذا لا يوجد عندنا؟
- الكابوس بالألوان
- جنون الارتياب
- العدو النفسي,خراب عاطفي_ثرثرة من الداخل


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - موت الأب