أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين عجيب - بطل في سوريا














المزيد.....

بطل في سوريا


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 07:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"وذكر السيد محمد الكسم الخبير في الوقاية من الحوادث انه فور وقوع الحريق هب سائق الصهريج احمد مهدى هويش وقاده والنيران تلتهم مؤخرة الصهريج إلى خارج الأحياء السكنية باتجاه اوتستراد دمشق حمص الدولي حيث أوقفه على جانب الطريق مما قلل من الأضرار .

وأضاف أن شجاعة السائق منعت خطر انفجار الصهريج داخل الأحياء السكنية في حين امتد الحريق من وسط المحطة المنكوبة إلى جسر القطيفة مرورا بمزارع الزيتون والمدرسة الصناعية التي أخلت ادراتها الطلاب منها ."
مع كل رفضي لمفهوم البطولة والأبطال من الأساس, لما شابه من حمولات أيديولوجية ودوره الفظيع في تزييف الوعي, أجد من الملائم, بعد حادثة من هذا النوع إثارة بعض الأسئلة والتساؤلات, ومحاولة صياغة رأي نقدي بهذا الخصوص يركّز على العلاقة الملتبسة بين التسمية والمسمّى, مع مقترحات أوليّة, في مقدمتها نقل مفهوم البطولة(مع نماذجه في الأخلاق والثقافة والسياسة) من مستوى الأفكار والعقائد إلى الممارسات اليومية في الأسرة والمجتمع, وذلك ينسجم مع الموقف النقدي الذي أتبناه وأدعو إليه,وهو كما أتصوّره يتجاوز الموقف المعارض أو الموالي, ويتصّل بالموقف المعرفي كما يقطع مع الموقف الأيديولوجي.
*
قد يكون السيد: أحمد مهدي هويش, من مواليد أي قرية أو مدينة في سوريا, وبهذا يشترك مع كافة السوريين في الداخل بالزمان والمكان, وقد قام بالفعل بعمل بطولي يستحق الشكر والمكافأة عليه حسب الخبر, ومن المنطقي أن تكون المكافأة الماديّة والمعنوية مجزية ولا تقلّ عن درجة المخاطرة التي قام بها ولا عن الأضرار التي منع حدوثها, فيما لو سلك العكس كما نفعل غالبا, حين تتعرض حياتنا للخطر.
قد يعود إلى منزله, ويمارس الاعتداء الفعلي على زوجته وأطفاله و بقية أهله ومعارفه, قد تكون ميوله السياسية قومية أو يسارية أو دينية أو لبرالية, قد يغيّر هذا السلوك وتلك التجربة الفريدة حياته وشخصيته, كل ذلك في دائرة الاحتمال المباشر أو البعيد. لكن الخلاصة التي يتفق حولها العقلاء,أن يقوم شخص بعمل يعرّض حياته للخطر الشديد بهدف حماية آخرين, هو فعل استثنائي يستحق صفة البطولة.
البطولة بهذا المعنى تحديدا, هي فقط ما أعترف به وأرغب بإقامة حوار بصدده .
*
الإنساني أشمل وأعمق من السياسي والثقافي, وهو الأسّ الذي ينتج عنه السلوك والفكر, وتلك كما أرى هي المعضلة الكبرى في ثقافتنا وحياتنا المشتركة, إذ يحدث العكس في معظم الأحيان, تنعكس الأولويات المنطقية وحتى الطبيعية, وذلك هو الدرس الباهظ الذي تعلّمته من تجربتي في المعارضة السورية.
يتداخل مفهوم البطل مع مفاهيم الأب والقائد والزعيم والمدير والأول...,.
في الممارسة السائدة(بدون تفريق بين نشاط حكومي أو معارض) يوجد سلوك مكرر وشائع جدا:
أرغب في الحصول على مجد البطل وعلى مكتسبات النذل.
يتحدد السلوك البطولي بمعيار التضحية, يضحّي أو يتخلّى أكثر من الحدّ المتوسط.
يتحدد السلوك النذل بمعيار الربح فقط, يرغب بكسب أكثر من الحدّ المتوسط أو أكثر من حقّه, والربح أو الكسب هنا يشمل كل المرغوبات المشتركة(السلطة والمال والنساء) في بلادنا. لست أنا من وضع النساء في الملحق, لننظر ونستمع للوزيرة والنائبة والأم... كيف تتكلم وكيف تسلك وتعيش.
تنتج ثقافتنا وقيمنا الأخلاقية وموروثنا نموذجا نمطيا للبطل, هو حصيلة الأب وجميع بدائله ونماذجه, دوره الأساسي في العدوان, وحتى القتل الصريح للعدو المطلق.
وذلك يحدث في انسجام منطقي ويحقق ذرى ثقافة الموت.
*
مع دخول الرأي الآخر والصوت الآخر, بعد ثورة الاتصالات الحديثة, يرتسم في حياتنا نموذج مختلف للبطل, ولدور الأب عموما, هو المعني أولا بالحياة وبتقديم النموذج والمثال الواقعي, في اعتبار الحياة القيمة الأولى والأساسية.
لكن أمام ذلك عقبات مركبة وشديدة التعقيد, تمتد من اللغة والثقافة إلى منظومة القيم والأخلاق مرورا بالسلطات الثلاث الدينية والسياسية والاجتماعية, المشهد يستدعي اليأس من كافة الجوانب, والنفق الطويل المظلم, قد تشير إلى نهايته سلوكيات من صنف ما قام به السائق السوري, وما كان يقوم به صنف من المعلمين في الخمسينات والستينات, ونموذج الثوري في ذلك الزمن فقط.
أثناء قراءتي للخبر, تواردت في ذهني صور وحياة تمتد على أربعة عقود, كان بطلها الموحّد"من يتصدّى للعدو", تلك الصيغة التي صنّعتها بعناية وإتقان, آلة إعلامية ضخمة تشارك فيها النازي والشيوعي والقومي والليبرالي والديني, حتى وصلنا إلى هذا المسخ الفظيع الذي أختزل الفضاء الإنساني, إلى معدة وقضيب وقبضة, يحركها دماغ غاضب يتغذّى بالعنف وينتجه, في حركة شبه آلية.
متى نستبدل شعار حياتنا وقانونها الأساسي:الدم يغسل بالدم, عنوان ثقافة الموت,
بالبديل المناسب لثقافة الحياة: الدم يغسل بالماء, والحقد يداوى بالتسامح.
تلك تحيتي المتواضعة لبطل سوري, يدلّنا إلى وميض في آخر النفق.

اللاذقية_حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه الحياة_ثرثرة من الداخل
- الكحول وعقدة الذنب_ثرثرة من الداخل
- أصدقائي .....أصدقائي
- الديكتاتورية_محنة الحاكم والمحكوم
- مراجع الاعلام العربي...والمصداقية
- غريب في جبلة ...غريب في بيروت
- لماذا لا يوجد عندنا؟
- الكابوس بالألوان
- جنون الارتياب
- العدو النفسي,خراب عاطفي_ثرثرة من الداخل
- العشق والجنس والحب_ثرثرة من الداخل
- الحب في سوريا
- الفرصة الثانية
- اتركوا فريدة السعيدة تنام بهدوء
- مبروك لحماس ولكن
- أنا سوري.......يا نيالي
- من هو الديمقراطي السوري
- كن ماهي المعايير؟ ثرثرة مفتوحة
- على قاعدة التمثال
- الوطنية السورية_هرم يقف على رأسه


المزيد.....




- إيران.. تصريح رئيس مجلس الشورى عن الضربة بالمنطقة ومصير البر ...
- رئيس الوزراء الأرمني يعلن إحباط -محاولة انقلاب-
- اليونان: الآلاف يحتجون على الضربات الأمريكية على المواقع الن ...
- بوتين يوقّع قانونًا لإنشاء تطبيق مراسلة بديل عن واتساب وتيلي ...
- شبكات التجسس تثير أزمة ثقة في إيران.. النظام يحذر من التفاع ...
- السودان ـ مقتل العشرات بينهم أطفال في هجوم على مستشفى
- ترحيب دولي بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ودعوات لتوسيع ...
- مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام -واتساب- على أجهزته
- واشنطن تعرض 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن أميركي محتجز بأف ...
- منظمة تتهم علامات تجارية فاخرة بالمساهمة في إزالة غابات الأم ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين عجيب - بطل في سوريا