حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 1646 - 2006 / 8 / 18 - 04:43
المحور:
الادب والفن
خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ ثرثرة
وجهك بين يديك, فما الذي ستراه!
تجنبا لسوء فهم محتمل, هذا الرأي مع الأفكار المنتشرة عبره, بمثابة احتفاء بالإعلام الإلكتروني وضمنه كيكا ويهدف لتعزيز الصحافة الإلكترونية عبر فتح المجال لنقدها (وهي الطريقة الوحيدة برأيي التي تشكّل مؤازرة فعلية ومستمرة للفكر والأدب والفنون, باب النقد حصرا), وأجد في كل صيغ الشتائم أو المديح المباشرين مجرد ضجيج فارغ مصدره ونتيجته الانفعال السلبي, و حصيلتهما بالنهاية تحويل الحدث أو الفعل أو التجربة إلى مهرجان كرتون.
سأقوم بعرض سريع يرصد:
_تجربتي الشخصية مع كيكا
_علاقة المحرر بالموقع
_ مقارنة سريعة بين كيكا والحوار المتمدن أو جهة الشعر
المتعة والفائدة علاقة تناقض في المستوى المباشر, وتتعقد أكثر في العمق والاتجاه, لتأخذ حالات التوازي والتطابق والاختلاف مع التناقض المبدئي بالطبع, وفي جميع الحالات تشكّل جديلة المتعة والفائدة الأسس الأولية للقراءة والتلقي كما للكتابة والإبداع.
يشترك موقع كيكا مع سواه في العربية بميزة" جوع وعطش" المتلقي أو القارئ العربي للجديد والمختلف و"حاجة الكاتب العربي الهستيرية " للظهور أو التحقق أو الاعتراف , والاختلاف في درجة الاستفادة من تلك الحاجة المكشوفة جهارا نهارا.
ويمتاز الموقع على سواه, بوجود مجلة بانيبال, التي تشكل حالة إغراء دائمة, وليس بخافيا على أحد, شكل ونوعية العلاقة بين الموقع والمجلة متمثّلة بشخص الكاتب صموئيل شمعون.
شكل موقع كيكا متميّز, بألوانه والشريط المتحرك أعلاه وإعلاناته الكثيرة . محتوى الموقع متميّز بدوره, في تحيّزه المعلن للأدب والفنون, وفي خروج بعض كتاباته على السائد العربي والمتفق عليه, ما يجعله في منطقة وسط بين المنتدى المفتوح والمنبر الأدبي, وما يزال يحافظ على المسافة البينية لأدب وكتابات الشباب بالتساوق مع المكرّسين وأصحاب الموقع والاسم .
تعمّدت عبارة" خسارة كيكا" للدلالة على معنيين بنفس التأكيد, خسارة الموقع وخسارة القارئ.
*
أول احتكاك مباشر لي مع محرر الموقع صموئيل خرجنا أصدقاء بعده, كان بسبب المعركة اللغوية بين علي عقلة عرسان السوري وجمال الغيطاني المصري, احتججت بشدّة على دخول كيكا طرفا بين شبيهين بالنسبة لي على الأقلّ, وكتبت مقالا في كيكا يشرح سبب رغبتي في أن تأخذ كيكا موقف المتعالي, على المهاترات والعنتريات الصوتية, بشكل دائم.
"جفاف عاطفي" شكّلت منعطفا في علاقتي بالأنترنيت, رفضت من عدّة مواقع, وبالعكس نشرت بحفاوة في كيكا ونقلتها جهة الشعر عنها, بعد ذلك عشرات المواد نشرتها فقط عبر كيكا , ثم ضاعت بسبب انقطاعات الموقع, وجهلي بعالم الكمبيوتر والشبكة. قد لا تكون ذات قيمة, لكن شعور المرارة يتعذر تجنبه في هكذا حالات. وبعدما اشترطت عبارة"خاص كيكا", فضّلت الحوار المتمدن وبقية المواقع التي تحفظ أرشيف منشوراتها. ليس السبب فقط, محاولة تجنب فقد المواد لا حقا, بل استمرار نشر الموقع لمواد منقولة من الصحف, ما يحمل حكما صريحا بتفضيل كتاب الورق, واعتبار كتاب الموقع من الدرجة الثانية. هذه قراءتي.
نقطة إيجابية تحسب لمحرر الموقع, في فسحه المجال والمساحة لكتابات مختلفة في الآراء والتوجهات, لكن نقطة معاكسة تحسب عليه, تبعية الموقع لمزاجية المحرر في إعلاناته المتكررة عبر الشريط بشكل عشوائي ومرتجل, تشي برغبات متناقضة في تكديس الأسماء الشهيرة للنيل منها أو لمديحها...تتسع الفكرة للرأي المعاكس, لكنني أفضل احترام شخصية الموقع, ألا يتم تجييره لأية غاية أخرى, في ذلك كما أظن مرض ثقافي شائع في العربية .
*
حسنا فعلت كيكا في تعاليها على الصراعات السياسية المباشرة, حيث المكاسب كما الخسائر تنتجها علاقات القوى بالدرجة الأولى, وليس المعرفة والمنطق.
حسنا فعلت كيكا في انحيازها الصريح إلى الأدبي والجمالي, حيث في مجهول الآن وهامشه تولد حساسية مغايرة, يتعذّر تمييزها الآن بوضوح, مع أنها حامل قيم الغد وتوجهاته.
حسنا فعلت كيكا في تبنّي ثقافة الحياة, الجسد, الحب, الحوار, قبول الاختلاف, وتجاوز موقع الأحكام القطعية والثنائيات القاتلة.
لكنها بالمقابل أهدرت مزايا وإمكانيات:
_هوية الموقع مقارنة بجهة الشعر
_شخصية الموقع المستقلة عن الإدارة والتحرير مقارنة بالحوار المتمدن
_ وتبقى الميزة(المهدورة) الأهم وحسب تقديري الشخصي بالطبع, فرصة أن تكون جسرا حقيقيا بين الثقافات والرؤى المختلفة تكمل دور بنيبال, وتعزز الموقع التنويري , المحتكر في العربية للملوك والسلاطين والأمراء والشيوخ والزعماء, حيث لا صوت يعلو على صوت الربابة أو المعركة أو الحقيقة_سمّها ما تشاء...
الأنترنيت رفع السقف وأخفض العتبة, وفي تجاوز الشرطين المتناقضين سرّ الإبداع الدائم.
وفي النهاية أشير إلى نقطة ملتبسة(كسر الهيبة) التي مارسها الأستاذ صموئيل ببراعة ومهارة لافتتين_ حسب ذائقتي_ في فكاهته المحببة في العبارات( محرر كيكا العبقري) و(ها ها ها ) على سبيل المثال فقط, تجاوز ذلك وهنا مكمن الالتباس, إلى إطلاق وعود أو مشاريع, ينساها في الصباح ويستبدلها بوعود جديدة.
لا أنكر فضل كيكا ودورها الريادي في الصحافة الإلكترونية العربية, وبما يخصّني شخصيا أنا حسين عجيب بن على وعليا وزوج فريدة السعيدة,صفة الكاتب_للشعر شأن خاص ومختلف_ بدأت بشكل جاد وجديّ مع كيكا واستمرت عبر الحوار المتمدن, ولا ولن أرمي حجرا في بئر شربت منها كما قالت العرب. ومن ساواك بنفسه ما ظلمك, كما قالت العرب أيضا, لا أستطيع أن أمنع نفسي من الإشارة الصريحة إلى جوانب الخلل, وفي مواقع الأصدقاء قبل الخصوم, وسأكرر دوما عبارة التونسية علياء التابعي:
شكرا لأخطائي التي صنعتني.
وأردد بدوري:
لا تخلو حياتي, من بعض الحركات الموفّقة, لكن الإنجاز بمعناه الجوهري, ذلك الذي يملأ الكيان بالغبطة والفرح_ مثل الحب الكبير_ لا أعرفه.
وكلّ كتاباتي وقراءتي الهستيرية_ ليقول الغراب البيض الذي هو أنا_ لقد عشت في الخرائب وأما الفردوس لا أعرف عنه شيئا سوى رغبة الذهاب في الطرق المجهولة....
عسى ولعلّ..
وجهك بيديك, فما الذي ستراه....!
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟