أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - رسائلي أنا إليهم














المزيد.....

رسائلي أنا إليهم


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 00:48
المحور: الادب والفن
    


عاد الخريف بدون أبي هذه المرّة. سيعود خريف آخر وغيره بدوننا.
ستتكرر الفصول والساعات والقرون, تسقط الأسماء والملامح في بئر النسيان. موت وضحك وعبث جديد, ويبقى السؤال المعلّق على الوجوه والعيون, متى يأتي دوري؟
في مطلع كل خريف أتوقف وأنظر إلى الوراء, بعد صدمة الضيق والكآبة, لماذا حدث هذا, هل كان ثمة طريق آخر ولم أنتبه؟ و جدت نفسي عالقا في اللاذقية منذ ربع قرن ويزيد, كيف ولماذا وما الغاية؟ لم أنتبه, بالأصح لم أفكر كثيرا,_لماذا اللاذقية_ حدث ذلك ببساطة.
ركبت الباص من دمشق إلى اللاذقية, وما أزال أتنقل بين غرف وبيوت يتداولها الغرباء.
لا أفهم أكثر جوانب حياتي, لماذا أحببت وكيف أكره..!!!؟؟ وأزعم أنني أعرف.
*
حدث ذلك منذ زمن بعيد. سنة 1942 أثناء الاحتلال النازي لفرنسا, تقدّم الشاب القروي علي أسعد عجيب من أهالي وسكان بيت ياشوط, حراما قضاء جبلة, إلى مخفر أو ثكنة في بيروت, بغاية التطّوع في جيش فرنسا الحرّة. نجح بذلك وبقي طيلة حياته يشعر بالامتنان وربما الانتماء إلى فرنسا الحرّة كما بقي يسمّيها ,حدث ذلك وانتصر مشروع ديغول.

بعد أكثر من ستين سنة, مات المتطّوع علي, ولم يترك لأهله شروى نقير.
بقي من متاعه, بطاقة عسكرية فرنسية حافظ عليها بعناية فائقة, وبمفارقة لافته وجدت بين أكثر أشيائه حميمية بما يتعلّق بدينه واعتقاده. اليوم فهمت إصراره على اختيار اللغة الفرنسية لي, وسؤاله المتكرر عن تمكّني منها, لم أنجح بهذا ولا بذاك, ربما لنقص في درجة ذكائي اللغوي , ربما اليأس المبكّر ما دفعني إلى اللاجدوى, ربما أفهم يوما السبب الرئيس والعبرة من ذلك, إذا كان الفهم ممكنا في عالمنا هذا.

مرّت مياه كثيرة تحت الجسر, ولم يجد الانتحار طريقه إليّ. لأسباب عديدة ومتنوعة.
يتعذّر نقل تجربة شخصية لآخر, ما يحدث هناك داخل تلافيف المخّ, هو الأكثر غموضا.
ما يتخرّب فينا بفعل الزمن وتحت الصدمات القاسية, يبقى أكثر مجاهلنا قربا.
*

بدأت بحلم جديد. الحصول على الجنسية الفرنسية! يا إلهي...هل هذا ممكن؟
أول ما سأفعله, ترميم وصيانة عامّة وإعادة تأهيل, في اللحظة التي أكتب بها الآن حلمي ومخاوفي, بدأت أرتجف وأتعرّق بشدّة, كما كان يحدث أثناء مراهقتي وأنا أواجه عقدتي الشخصية, بعد ذلك عرفت أنها عقدة نفسية تكوّنت كدفاع منطقي ومناسب لظرف وشرط ماضيين, أبي الميت تسبب بأكثر من عقدة, وبعده تكوّم الحطام والأسى من كلّ صوب.
سأتعلّم التسامح وسأجتهد لتحصيل مهارات متعددة لو أتيحت لي فرصة جديدة, هذا ما أقوله لنفسي وأظن رغبتي في التسامح والنظر من جهات أخرى" حقيقية" لكنني منتبه وأعرف أن الخراب عميق ومتجذّر, وقد لا تكفي بقية حياتي للمعافاة.
خفت بشدّة بعدما قيل لي أن الحصول على جنسية فرنسية ممكن, فيما لو توفّر محامي فرنسي خبير بقضايا التجنيس, وببعض المساعدة والحظ.
هل ثقتي بنفسي تكفي لبدء حياة جديدة؟ هل سأجرؤ على فتح باب جديد؟ أكثر أصدقائي لا يأخذون كلامي على محمل الجدّ, شخصي بمجمله كلام وإنشاء ورغبات مجهضة أو هوائية, وأكثر الأحيان لا أصحح فكرة خاطئة عني ونادرا ما أعترض, لكنني احلم وأعيش في الخيال.
*
كتبت الكثير من الرسائل, لا أكترث للأسماء ولاعتبارات الشهرة والحظوة, أفكّر قليلا بردّة فعل المتلقّين وأشكال استجاباتهم, بالعموم لا أنتظر الردود وأنسى أنني كتبت لهذه أو ذاك بشكل شخصي, وهو شعوري اليوم وأنا اكتب هذه الرسالة الخاصّة_العامّة بنفس الدرجة والحرارة, هل سأتلقى المساعدة من أحد؟ من يعرف؟
أتخيّل نفسي في شوارع باريس,خمّاراتها, مقاهيها,أرصفتها, جامعاتها...ياه ما ألذّ وقع هذه الكلمة"باريس" هل تتاح لي العودة إلى وضعية الطالب..طالب العلم والمعرفة....!!!! هل سأتمكن يوما من القراءة والكتابة بلغات أخرى, لا اعرف عنها حتى في الخيال.
قد تصل رسالتي إلى مجنونة أو مجنون, وتثير حماسهم لمساعدتي, لماذا أصفهم بالجنون, ربما درجات عقلية عليا لم أوفّق في مقابلتها, تدرك وتفهم أهمية حصول شخص بذكائي النادر وشخصيتي المتفرّدة بجدّ, على فرصة يستحقها البارحة واليوم...!! لماذا أقلل من شأني؟
قد أكتب رواية مختلفة أو قصائد لم تخطر ببال أحد أو قصص أو مقالات, ربما أبدع في مجالات أجهلها ولم أمتحن فيها من قبل.... الدراما,الفنّ, الموسيقا ,من يدري؟؟؟!!!!
*

تصلني رسائل مشجّعة للغاية,تمدّني بعضها بدعم معنوي عميق وحقيقي, أفرح بصراحة وأشعر ببعض الأهمية, أستبعد الأفكار السلبية مؤقتا أتمنى لو أستطيع إلغاء فكرة الانتحار وهوس الجنون والخوف الأعمى الجارف من كلّ شيء. أرغب بصدق في التحوّل إلى شخص فاعل ومؤثر ويحظى بالاحترام, لكن أجهل الطريق إلى ذلك.
فكرة الحصول على الجنسية الفرنسية ليست مجرد وهم وخيال, توجد بطاقة فعلية لأبي, من الجيش الفرنسي وعندي رغبة جامحة في اختبار هذه الفرصة الأخيرة_كما اشعر وأدرك_ بغريزة الشاعر وليسمح لي بهذا القول, غريزة الشاعر أجل, لم تقرأ تجربتي الشعرية حتى في الحدود الدنيا, ولم أحصل على فرصة حقيقية طيلة 46 سنة, لا أعرف كيف مضت وانتهى الأمر. كثر غيري لم يحصلوا على فرصهم, أعرف هذا ويؤلمني, لكن ماذا أفعل؟
من سيساعدني في الحصول على فرصتي الأخيرة_ امرأة أو رجل_ سأبقى مدينا لها وله, ما تبقى لي من العمر.
هل بوسعي الانفصال عن اللاذقية؟ لا أظن ذلك ولن يحصل أبدا. رأيتها من الداخل وعشت فيها طويلا, مشردا وحرّا وحاقدا ومنبوذا وملكا وعاشقا ومعشوقا, يشهد الله _كل ذلك خبرته وجربّته في اللاذقية. وأرغب برؤيتها من الخارج, ربما لهجرها أو للعودة الأبدية إليها .



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنون المتعة والاستمتاع_ثرثرة
- رسائلهم_ثرثرة
- مستقبل الشعر_ثرثرة
- إني أستسلم_ثرثرة
- الغراب الأبيض -مسودة ثانية-
- كيف أثبت براءتي_ثرثرة
- كيف ينتهي الماضي_ثرثرة
- الفرح السوري_ثرثرة
- كلامنا المسروق_ثرثرة
- الجوار القاتل_ ثرثرة
- الغراب الأبيض_ مسودة أولى
- خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ثرثرة
- حصن الدفاع الأخير_ثرثرة
- سقف التوقع_ ثرثرة
- زكام صيفي_ ثرثرة
- مجتمع الأنترنيت مرة ثانية_ثرثرة
- الانسان المهدور_ثرثرة
- اليوم الأخير_ثرثرة
- مثل بئر مهجور_ثرثرة
- زائد عن الحاجة_ثرثرة


المزيد.....




- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - رسائلي أنا إليهم