أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ثقوب سوداء في الحاضر_ثرثرة














المزيد.....

ثقوب سوداء في الحاضر_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1727 - 2006 / 11 / 7 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


الكون مزدحم بالنجوم والكواكب و"الثقوب السوداء" تلك الأجرام الفضائية التي انطفأت وتحوّلت بعدها_ولا أحد يعلم كيف ومتى_ إلى قوى جذب جبارة, نستدلّ عليها فقط عن طريق العقل والمنطق, غير ذلك هي أبعد من الحواس والتجربة والآثار المباشرة.
هذا كل ما أعرفه عن المكان الذي أعيش فيه خارج نطاق كوكبنا الأرضي, هذا الجرم الضئيل الذي طالما أعتقده أسلافنا مركز الكون ومحرّك الوجود, ليبدأ مع كوبرنيكوس وبعده الجرح النرجسي الأول للجنس البشري, بعدما حدّده, بكمّ وحجم مهملين قياسا بجواره المباشر!
معرفتي في ميكانيكا الكم والحجوم والأبعاد المجهرية أقل من نظيرتها في الخارج. مع ذلك أثق بحواسّي وتجاربي ومحيطي الأخلاقي الاجتماعي_ واشعر بالغرور_ مثل غيري بالضبط.
أجادل بوجود الله, وأجادل بإمكانية وجود أشكال متعددة للحياة في(مليارات المجرات) وبالتالي ألوف مليارات كواكبها ونجومها المجاورة أو المجهولة, للدقة والتواضع المعرفي........
لطالما سحرني منظر النجوم في ليال بلا غيوم ولا كهرباء, كانت أكثر ما تصادف في تشرين بيت ياشوط, حيث كل شيء من حولك يرتبط مباشرة بالأزل والأبد معا, الجبال القديمة العملاقة وبينها الوديان والصخور وأشجار السنديان الضخمة فعلا, ونحن الصغار نلعب بيقيننا الوحيد, الذي توارثه الأهل أكثر من ألوان البشرة والعيون, كان لابدّ _أفكّر الآن_ من اختراع حقائق وقوانين صارمة, أمام جبروت المجهول اللانهائي, في سحره وغموضه...
*
لا تنسوا أبدا أن الخيميائي رجل في الخمسين!
الحالم بتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب, وسلفه الحالم بتحويل الإشارات المبهمة إلى رسائل مباشرة من الآلهة والأجداد, وريثهم اليوم الحالم بتحويل الكلام المنمّق والمفتعل إلى شعر.
ثلاث خطوات تفصلني عن الخمسين, وافهم باشلار الآن أكثر من أي وقت مضى....
لو ذهبت غدا إلى باريس ماذا بوسعي أن افعل؟
نصف العمر الحيوي والفاعل مضى, مضى معه الطموح والحماس والدهشة أمام الجديد والجميلات, مضى قبله.... الرغبة والجهد لاكتساب خبرات ومهارات,طاقة الثقة بالنفس والشركاء,... ماذا يسع معطوبا من كل الجهات أن يفعل!
أيضا اللاذقية ضاقت بي وهي اليوم تلفظني بلا رحمة, كأحد نفاياتها القديمة غير ذات نفع ولا جدوى, قريبا, بعد أشهر على الأكثر سيأتي غرباء, يحتلّون فضائي الخاص والشخصي كلّه, يعبثون ذاكرتي وذكرياتي في هذه الغرفة_ الكمبيوتر نافذتي على الأنترنيت والعالم أمامي, يساري المكتبة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يلاصق خارطة اللاذقية, ويميني سريري القديم المتوارث عن غرباء كثر_ جميع أصدقائي ومعارفي في الشعر وفي الفكر, الحالمون بيوم أفضل وغد أفضل, تبادلنا الكلام والحلم والمخاوف في هذه الغرفة وهذا الحيّز الصغير والدافئ جدا وكثيرا.
*

سيبقى الواقعي مفقودا إلى الأبد.....
أقلّ قراءاتي هي في الشعر, لأني وجدت الشعر كما أفهمه وأحبه, بدرجة أقلّ في الدواوين والقصائد, وجدته في محبس المعرّي أكثر من كلامه, وفي انسحاب بيسوا أكثر من مهارته, وفي عدمية بودلير أكثر من غندرته, وجدته كثيرا في مغامرة كولومبس واختلاف فرويد, كما وجدته عند هشام شرابي في الجمر والرماد وعند مصطفى حجازي في الإنسان المهدور أكثر من دواوين أدونيس ومحمود درويش وغيرهم وسواهم.
أعرف_إن كان لي في صفة الشاعر نصيب_ فهي في ثرثرتي من الداخل وأزمة منتصف العمر والحاضر المفقود أكثر بكثير منها في بيتنا وأشباه العزلة ونحن لا نتبادل الكلام.
لست حزينا على مغادرة هذا البيت, لأنني ألفت المكان وتعودت على الجوار وبقية الكلام الخفيف, لقد تعودت على الترحال في هذه المدينة القزمة وسيكون بيتي الرقم 19 فيها.
بعد حميمية هذه الغرفة(ومن التقيت من خلالها كثيرات وكثيرون أكبر من رغبتي في العدّ) هنا مكاني الأثير على الشرفة وبحر اللاذقية والمتوسط كله قبالتي وأراه من مقعدي, من هذا البيت دخلت عالم الأنترنيت وصار لي أصدقاء وصديقات في مشرق الأرض ومغربها....
وليس ذلك أكثر ما يحزنني, بل المؤشر القاسي في وضوحه على فشلي القديم والمستمر, في الحصول على مأوى يحفظ كرامتي و لا يأتي أحدهم بعد شهر أو سنة ويطردني منه.
لم أعد راغبا في لوم أحد, حتى في هذه البلد المنهوبة من كل النواحي, والمنكوبة بحكامها وأهلها أكثر من أعدائها, عليّ وحدي تقع مسؤولية فشلي المعيشي والثقافي, نعم, أجل.
*
لكي تعيش عليك أن تصارع
بغباء, بنزاهة, بوحشية, بذهول, طيلة الوقت عليك أن تصارع. هذا ما أدركه الآن. لا شيء يجمعني بذلك الطفل والمراهق والشاب سوى الذاكرة والاسم .
في الصراع تخسر الموقف المعرفي, صحيح, تخسر الموقف النقدي وتخسر العلاقة الطازجة والمباشرة بالأشياء والبشر, صحيح. لكنك تتسق مع قانون البقاء, ولا تبدد طاقتك في صراعاتك الداخلية مع الغرائز ورغبة السيطرة والتملك.
مع الصراع أو بدونه الحاضر مفقود, من هناك ماهية الشعر ومحنته, ومن هناك الكل خاسر, والكل وجد في الوقت الإضافي, الحقيقي والصح والمناسب والخير والجمال, كلمات....يلقيها أولئك السمان على أدمغتنا ليل نهار, ليغطّوا خوائهم وبؤسهم وأمانهم الزائف لا غير



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهة الأخرى_ثرثرة
- بدائل الأم السيئة_ثرثرة
- السعادة ليست في الطريق_ثرثرة
- قبر حسين عجيب_ثرثرة
- سيرورة الحداد الناقص(حلقة كآبة)_ثرثرة
- تورّط عاطفي_ثرثرة
- رسائلي أنا إليهم
- فنون المتعة والاستمتاع_ثرثرة
- رسائلهم_ثرثرة
- مستقبل الشعر_ثرثرة
- إني أستسلم_ثرثرة
- الغراب الأبيض -مسودة ثانية-
- كيف أثبت براءتي_ثرثرة
- كيف ينتهي الماضي_ثرثرة
- الفرح السوري_ثرثرة
- كلامنا المسروق_ثرثرة
- الجوار القاتل_ ثرثرة
- الغراب الأبيض_ مسودة أولى
- خسارة كيكا وعالم الأنترنيت_ثرثرة
- حصن الدفاع الأخير_ثرثرة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ثقوب سوداء في الحاضر_ثرثرة