أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ضيا اسكندر - «من دهْنو سقّيلو..» مهزلة زيادة الرواتب: باقية وتستمر















المزيد.....

«من دهْنو سقّيلو..» مهزلة زيادة الرواتب: باقية وتستمر


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 11:53
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لا أظنّ أن هناك شعباً في الدنيا له تجارب مريرة مع زيادة الرواتب والأجور، كالشعب السوري الذي أصبح كالغريق الذي يتعلق بقشة تنتشله من هذا الواقع المزري الذي يعيشه.
فقد أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسومين تشريعيين رقم 11 و12 يقضيان بإضافة نسبة 100 بالمائة إلى الرواتب والأجور المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين. حيث أصبح الحد الأدنى للراتب (185,940) ليرة سورية، في الوقت الذي يحتاج فيه المواطن ليعيش في الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية مليون ليرة للفرد الواحد. وهذا ما نصّت عليه المادة 40 من الدستور السوري لعام 2012 على أن: «لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على ألّا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها». أي أن المرسومين الآنفَي الذكر يخالفان ما نصّ عليه الدستور.

مشكلة الرواتب والأجور مزمنة في سوريا
إن مشكلة رواتب القطاع العام بشقّيه المدني والعسكري ذات جذور تاريخية ممتدة لنصف قرن من الزمن، ففي عهد حافظ الأسد، كان موظفو القطاع العام يعانون لسنوات طويلة من تردّي قيمة رواتبهم نتيجة السياسات الاقتصادية المتبعة آنذاك، وهو ما استمر لاحقاً في عهد بشار الأسد.
وتاريخياً، فإن زيادة الرواتب تصدر بمراسيم تشريعية عن رأس النظام، منذ عهدي حافظ وبشار الأسد، ولم يسبق أن صدرت هذه الزيادات عن مؤسسات الدولة المعنية بالأمر، كما لم يسبق أن نفعت أي مطالبات أو ضغوط بزيادتها، في ظل غياب أي دور حقيقي لمجلس الشعب أو الأحزاب أو النقابات، منذ السيطرة عليها وتدجينها من قبل حافظ الأسد في ثمانينيات القرن الماضي.

زيادة الرواتب في سوريا لم تكن حقيقية تاريخياً؛ لأن الكتلة النقدية التي كانت تخصص لها، لم تحصل بسبب زيادة الإنتاج.
من المعروف أن زيادة الرواتب في سوريا تحصل تقريباً بمعدّل كل سنتين؛ فقد شهدت الفترة الممتدة ما بين 2000 – 2010، صدور 7 مراسيم تشريعية خاصة بالرواتب.
في المقابل، شهدت الفترة الممتدة ما بين 2011 – 2023 عدداً أكبر من المراسيم التشريعية الخاصة بذلك، إذ أُصدر 14 مرسوماً تشريعياً منذ آذار عام 2011، شمل بعضها زيادات خاصة بالعسكريين فقط.
إلا أن كل تلك الزيادات لم يكن لها أيّ تأثير إيجابي على حياة المواطنين المعيشية، بل زادت الأمور سوءاً وارتفعت معدّلات التضخم إلى درجة غير مسبوقة في تاريخ البلاد وخاصةً في السنوات الأخيرة.
وتأتي الزيادة الأخيرة من خلال ما رُوِّج من أن النفقة الناجمة عن تطبيق هذا المرسوم ستكون من خلال رفع ما تبقّى من الدعم. أي «من دهنو.. سقّيلو»؛ فقد أوضح رئيس حكومة دمشق بالفم الملآن في البرلمان بآخر جلسة له، أن النظام ذاهب لرفع الدعم الحكومي عن المحروقات وتحرير أسعارها، زاعماً أن هذا سيتزامن مع زيادة في الرواتب، متهماً بعض الجهات بأنها تعتاش من الدعم، حيث تسرق أكثر من نصفه بآليات إدارية.

ردود فعل المواطنين الغاضبة
امتلأت صفحات التواصل الافتراضي بالتعليقات المنددة بهذه الزيادة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، لأنهم يجدونها ضحكاً على اللحى، إذ إنهم سيأخذون الزيادة على الراتب، ويدفعونها مرة أخرى، فما الفائدة من هذه العملية، خصوصاً مع تغيّر سعر المحروقات كل شهر؟
وكما هو معروف، فإن ارتفاع أسعار الوقود في سورية يترافق مع ارتفاع أسعار كل السلع الأخرى في السوق وارتفاع أجور الخدمات عامة، ما لا تتناسب مع الزيادة في الأجور والرواتب، وفي حالة رفع الدعم سيرتفع سعر كل شيء، مهما كان نوع المادة، وبالتالي سيكون المواطن أمام غلاء عام وليس فقط في المواد التي رُفع عنها الدعم.
ورفع النظام السوري منذ بداية العام الجاري أسعار الوقود، وخاصة البنزين، أكثر من مرة، كان آخرها نهاية تموز الماضي، وهي المرة الخامسة خلال أقل من 8 أشهر. وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد رفعت أمس أسعار مادتي البنزين والمازوت لمختلف الفئات لتصبح الأسعار الجديدة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام: المازوت المدعوم 2000 ل.س (كان 700 ل.س)، البنزين 90 أوكتان (المدعوم) 8000 ل.س (كان سعره 3000 ل.س)، البنزين 95 أوكتان 13500 ل.س (كان سعره 10 آلاف ل.س).

على ماذا يعتمد المواطن السوري في تأمين معيشته؟
يعاني قطاع الرواتب أسوة بباقي القطاعات في البلاد، والأكيد أن الموظفين لا يعتمدون بشكلٍ رئيس على رواتبهم التي لا تكاد تكفي عدة أيام، فهناك من يعتمد الحوالات المالية القادمة من الخارج، أو العمل بوظيفة ثانية في القطاع الخاص، وربما يمتد إلى الاعتماد على مصادر دخل غير مشروعة؛ نتيجة الفساد المالي والرشاوى في الدوائر والمؤسسات الحكومية. أما بالنسبة للعسكريين فعلى الرغم من الزيادات الخاصة بهم، فهناك مصادر أخرى للدخل جميعها غير مشروعة، سواء عبر عمليات التعفيش، أو الإتاوة وفرض الخوّة على المدنيين والسيارات التجارية العابرة على الحواجز.

متى تكون زيادة الرواتب والأجور حقيقية؟
يجمع خبراء الاقتصاد على أن الزيادة الحقيقية التي يمكن أن يشعر بها المواطن بتحسّن في معيشته نتيجة زيادة راتبه، هي عندما تستند على كتلة نقدية من مصادر تمويل حقيقية، وفي الحالة السورية فإن المطارح الحقيقية التي من شأنها أن تزيد الكتلة النقدية المخصصة لزيادة الرواتب يمكن تحصيلها مما يلي:
- محاربة الفساد الكبير والاستيلاء على المنهوبات عبر تنفيذ المبدأ الشهير «من أين لك هذا؟». وتغيير القوانين والتشريعات التي ينشأ عنها الفساد، والتي تُبعد المستثمرين عن المساهمة في العملية الإنتاجية.
- تأميم شركتي الخليوي ورفد خزينة الدولة من وارداتها.
- محاربة الهدر والتهرب الضريبي الذي يستهلك أكثر من 40% من الموازنة العامة للدولة.
- الاهتمام بالزراعة والصناعة وتدوير عجلة الإنتاج ومن ثم التصدير. عبر حلّ أزمة الطاقة من كهرباء ونفط وغاز وما إلى ذلك.
- الحدّ من استيراد السلع الكمالية لتوفير العملة الصعبة، والاقتصار على ما يحتاجه المواطن من مواد أساسية.
- الاستغناء التدريجي عن التعامل بالدولار والاعتماد على الدول الصديقة في التعامل التجاري معها باستخدام العملات الوطنية بدلاً من الدولار.

فهل تقدِم حكومة دمشق على تنفيذ ما ورد أعلاه؟
أعتقد أن الجميع يعرف الإجابة؛ من أن جميع الأزمات التي يعاني منها الشعب السوري مردّها البعد عن الحلّ السياسي للأزمة السورية، وبالتالي بقاء منظومة الحكم الحالية في سدّة السلطة. وأن ألف باء التغيير الجذري الشامل والعميق لكلّ هذه المنظومة تغييراً حقيقياً، يكمن في تنفيذ القرار الأممي (2254)، وإلا فإن الأزمات سوف تستفحل وتزداد معها معاناة المواطنين، الذين بات الفقر يكتسح أكثر من 90% منهم. واضطر الكثير منهم إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم.
أخيراً، إنّ مؤشرات الغضب داخل الشارع السوري تتراكم يوماً بعد يوم، وذلك نتيجة القناعة الواسعة بأنّ من يسيطر على الأمور في سورية هم بالضبط فئة الـ 10% الناهبين، العابرين للطوائف والأديان والقوميات، الذين يركزون كل جهودهم على منع الحل، وعلى تعميق نهب السوريين، وتجريف من تبقّى منهم في سورية.
ولكن، وكما يقول المثل «دوام الحال من المحال»، فالشعب السوري شعبٌ حيّ أبيّ، يستحق الحياة ويستحق ما هو أفضل، ولا يمكن أن يبقى راضخاً لهذه المذلّة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا ناس، يا عالم، ياهو، مجلس الشعب السوري سيجتمع!
- قراءة في نتائج قمّة الناتو
- ما هكذا تورد الإبل يا سيد بوغدانوف!
- عندما يبكي الرجال!
- ماذا يعني غياب ممثلي الإدارة الذاتية عن اجتماع هيئة التفاوض ...
- الرجل الغامض
- الاعتقال السياسي.. بواعثه ومراميه - لا يُعتقل الفكرُ الحرُّ ...
- ماذا بعد إعادة سوريا إلى الجامعة العربية؟
- عازف البُزُق
- قراءة في مبادرة الإدارة الذاتية لحلّ الأزمة السورية
- في ذكرى عيد الجلاء، دعوة للاحتفال أيضاً بذكرى استقلال سوريا ...
- لماذا نحن متفائلون؟
- في ذكرى ميلاد عبد الله أوجلان.. قصة حقيقية لعاشِقَين ساهم ال ...
- ملامح هبّة شعبية عارمة لن تُبقي ولن تُذر
- ليست نبوءة لكنها قراءة واقعية
- قراءة عاجلة أوّلية لخبر الصلح الإيراني السعودي
- «عمّو بس طالعني وبشتغل عندك خدامة»
- سبب ارتفاع سعر الصرف في العراق
- الأسباب التي دعت الشعوب الأوربية لتبنّي العلمانية
- إذا لم نتفق الآن على مواجهة المحتل التركي، فمتى؟!


المزيد.....




- -بينهم ساويرس وبن جاسم ورئيس حكومة-..أغنى 9 مليارديرات في 7 ...
- فرنسا: نتعاون مع المغرب في تطوير مشروعات للطاقة الشمسية
- لماذا يكره الناس فكرة تحديد الميزانية الشخصية؟
- ارتفاع أسعار تصدير القمح الروسي بفعل الظروف الجوية الصعبة
- مسؤول روسي: موسكو قد ترد على أي مصادرة أميركية لاحتياطياتها ...
- الصين تقدم 1400 دولار لمستبدلي سياراتهم القديمة بأخرى حديثة ...
- روسيا تمدد قرارا يفرض على الشركات تحويل إيراداتها إلى الروبل ...
- مصر بصدد إطلاق ثالث صندوق للاستثمار في الذهب
- رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي يرى تقدما بصورة ما في محادثات ...
- كبار المسئولين الغربيين والعرب يبحثون في الرياض على هامش الم ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ضيا اسكندر - «من دهْنو سقّيلو..» مهزلة زيادة الرواتب: باقية وتستمر