أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - ساطع هاشم - الزجاج والماء














المزيد.....

الزجاج والماء


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 7694 - 2023 / 8 / 5 - 02:48
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


يا له من مادة لا تصدق هو الزجاج: شفاف، عاكس، متعدد الألوان، مرن عندما يكون ساخنًا، (اعتقد القدماء أن الزجاج مادة حاوية على النار، ولهذا تم تصنيفه في فئة الكبريت والقطران)
تشبهَ به احد الشعراء العراقيين حديثا وللاسف لااتذكر اسمه مخاطباً نفسه واخرين:
وأنت منكسر ،تجرح أكثر
أيها الزجاج
وما تراه عندما تنظر إلى شيئاً زجاجياً عديم اللون، ليس في الواقع مادة المادة نفسها ولكن انعكاس العوالم المحيطة فيه، بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أيضًا رؤية الأشكال الأخرى من خلاله، لذلك عندما تقوم برؤية جسم زجاجي، فأنت ترى بالواقع كيف يعكس الكائنات الأخرى حوله ويشوهها، لأن سطح الزجاج أملس تماماً والانعكاسات فيه حادة جداً, وحتى في مرآة المنزل الجيدة، حيث يبدو كل شيء فيها هش وواضح تمامًا، فان مثل هذا التشوه موجود ايضاً، وقد يكون ذلك ما ألهَمَ احد مشاهير المتصوفة القدامى حين قال مخاطبا ربه:
كنتَ لي مرآةً فاصبحت انا المرآةْ
والماء و(الثلج) مثل الزجاج، شفاف وعاكس ومتكسر ايضاً، ولكن على عكس الزجاج، قد يكون متحركًا، إما بشكل مستمر، كما هو الحال في تدفق النهر، أو بشكل متكرر، كما هو الحال في الأمواج، أو بشكل متفجر، كما هو الحال في النوافير أو الشلالات أو الحنفيات.
اما الماء الراكد فهو كالمرآة تماماً، تعكس بصدق محيطها، فعندما يصبح الماء مضطرباً، تكون الانعكاسات عليه مجزأة بحيث يصعب رؤيتها حيث تتسبب التموجات على الماء في تكسير الانعكاسات وإطالتها، اما اذا كان الماء ساكناً فيمكن أن تنعكس نقطة واحدة من الضوء كخط رأسي متقطع يمتد للاسفل الى العمق الكامل لسطح الماء، كما لو كانت حبل بلاستيكي ممدود من مكان مجهول
و(في الماء الساكن يختبأ الشيطان كما يقال).
اما الماء المتساقط فعلى الرغم من انه يتحرك بسرعة كبيرة بحيث لا تستطيع العين تتبع قطراته الفردية، إلا أنه يصنع أشكالًا حلوة ومميزة يمكنك وصفها بالكلمات او الرسم او حتى التحكم بها وتحريكها وفقاً لخيالك، والأمر نفسه ينطبق على المياه المتدفقة في نهر أو مجرى مائي
ذاكرتي مرتبطة كثيرا بالماء, حيث عشت طفولتي ولعدة سنوات من شبابي وسط البساتين المثمرة وبين الانهار الهادرة, ولاحقاً مع سحر المنحدرات على جرف الانهر وكمية وعدد عيون الماء المنبثقة من اعماق الجبال شيء لا انساه, فهي الصورة التي تظهر بها الأدلة على القوى الكامنة التي تثير (الارتجاجات – الزلازل) للتحول والانطواء في الجبال عندما تصطدم مياهها المتدفقة بسرعة بقاع الانهر، وعادة ما تكون مخبأة تحت التربة السطحية الخشنة، وتكشف عنها بكل روعتها المعذبة والمتعرجة شلالاتها العملاقة التي عشت قربها
اتذكر مرة اني ومجموعة اصدقاء, مررنا بحقل كانت فيه الأشواك الصغيرة تغطي الأرض, ثم مررنا بمرج حيث وقفت ثلاث عنزات تحت سقيفة من الخشب الضخم، قريبة جدًا من الحقل لدرجة أن الاخشاب بدت وكأنها مازالت مزروعة في الطين, ثم مررنا قرب غابة من أشجار الاسبندار لحاءها ناعم كالجلد والوانها فضية بيضاء ورمادية وخضراء فاتحة، ثم تابعنا مسارًا مرتفعًا أخذنا بأمان عبر منطقة من المستنقعات، كانت الألوان على ذلك المستنقع مذهلة كالأحمر الداكن والرمادي والبنفسجي تتخللها بقع من الماء تتلألأ مثل الزئبق السائل، والطيور قليلة جداً ولم أتخيل قط مثل هذه الاعداد القليلة والقحط منها، في هذه السجادة الكثيفة من الطعام من العشب الأخضر والتي لا تهدأ على الأرض، وفوقها غيوم متسارعة الحركة في السماء فلم نسمع ضجيجهم او أغانيهم الصاخبة او صرير الأجنحة كما في مناطق أخرى
فقد اقترن خطر تضخم الجيوش والعسكر والحروب الاهلية والتلوث الصناعي ونمو السكان في الشرق الاوسط بالتحسينات السريعة في تكنولوجيا الأسلحة النارية ووسائل الصيد الحديثة، بحيث أصبح من السهل إطلاق النار على أعداد هائلة من الطيور والحيوانات البرية وصيدها بشكل مرعب, وهذا ما جعل الشرق يفقد سحره وضوء الصباح وعذوبة الماء, وفي عالم كثير التخلف وشديد الجمود فقدنا فيه الامل, انتشر التصحر وزحف الرمال وخراب المدن والعمران ودمار الشجر وتكسرت مثل الزجاج اعماق النفوس, في اصرارانا على التخلف ومسيرتنا الجبارة نحو الهاوية.



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنائز المغدورين
- التأقلم او الزوال
- اشباح الخراب
- امرأة
- پورتريه
- مسيرة جبلية
- صورة قرية بالفحم
- العقيق الاحمر
- صورة جبل
- صَقر مُطارَد
- رسائل الليل واجوبة النهار
- حاسة السمع وانفجارات العراق
- ماهي الفوضى الخلاقة؟
- الغرق
- الموظفة
- حروب الثقافتين
- رجال في الخفاء
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية


المزيد.....




- نتنياهو يقارن واقعة المشجعين الإسرائيليين في هولندا بـ-ليلة ...
- قردة تجارب تهرب من مختبر طبي في ساوث كارولينا
- كيف يمكن لمؤثرات بارزات على موقع إنستغرام جني آلاف الدولارات ...
- محمد نبيل بنعبد الله، يستقبل طلبة من الجامعة الدولية بالرباط ...
- -حزب الله-: استهدفنا ناقلة جند إسرائيلية في جنوب لبنان بصاور ...
- السلطات الإسبانية: عشرات المفقودين بفعل الفيضانات المدمرة
- الاتحاد الأوروبي يعرض على الولايات المتحدة التعاون في الصراع ...
- السودان.. مقتل 120 شخصا في مذبحة جديدة بالهلالية في ولاية ال ...
- فلسطين تدين الاعتداء على رمزية العلم الفلسطيني وتدعو السلطات ...
- أوكرانيا.. استدعاء نصف سائقي الأجرة للخدمة العسكرية


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - ساطع هاشم - الزجاج والماء