أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - رجال في الخفاء














المزيد.....

رجال في الخفاء


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6902 - 2021 / 5 / 18 - 12:56
المحور: الادب والفن
    


قارنت الصور التي تجمعت في مخيلتي في تلك الحانة وتلك الليلة ببعضها وراجعت التفاصيل بمشقة، وكانت بعضها قد اخذت معانيها من الشواهد الاجتماعية وماسي الانسان ودسائس السياسة، وكأنما تحاكي سر المخلوقات الازلي المنتظم والمخيف، واما الاخريات فهي بعيدة عن التناسق والانسجام، وكل ما امامي ليس الا خطوطاً واشكالاً تصف الخطوط والاشكال بينما التعابير غائبة تماماً وكأنها ذكريات بلا حياة دنيوية تفرض نفسها ولا تعكس قيمة الاحداث التي تحدث في عالمنا، او انها نتيجة للوحدة والانعزال واليقين الناتج عن تكرار الافعال المملة وكأنك وحيد في غابة من الضباع.

وكررت عملية الاختيار والعزل من جديد لا كما رأيتها قبلاً، بل كما هي الان امامي، وقد غاب منها عنف المأساة.
من اين تستمد بريقها هذه الجمادات التي تقذف النور، حيث داخلها محاط بالدمار وبالرهبة والموت، وخارجها لامع وشفاف؟

وفي لوحة الحياة الواسعة ومن خلال الالوان العفوية والاعتباطية المنعكسة على حافة الكأس رأيت صورتها، بعينيها الشاحبتين كالشفاه العطشى، واسكرتني ذكراها دون ان افهم معنى ذلك، وسكري هو الذي منعني من رؤية الأشياء واضحة ولم أرى أكثر او أفضل، واستولى عليّ خوفٌ عميق ولم اتحقق مما رأيت، ماذا سأفعل لأبعث الحياة فيها واعطيها من جديد صوتها وصمتها، واكتشف الهامها مرة أخرى من هذه النافذة الوهمية لهذا الكأس، والمغمورة بالألوان المنوعة، الباردة منها والدافئة.
لقد توقفت وانا مخمور امام حلم ممزق جعلني تائهاً مع نفسي، اختفىٰ بقدر ما حاولت ان اخفيه، بدأ بلهيب من النيران صادرة من كأس مليء بخمر ابيض كأنه محجوبٌ بالغيوم، اعتقدت انها نيران تحتوي على أرواح لطيفة كما يدل على ذلك ألقها، وقد تسلل طيفها الى مكان ما من كياني، فرأيت بنوره هذه الأفكار الغامضة وهي تحيط دواخلي، لا أدرى ربما لأنها بعيدة الان تعيش في عزلتها وحيدة وقد هربت الى حياتها الغامضة، بينما انا الان أعيش على الهامش ولا أرى سوى شيئان مجردان امامي، احمر قاني، ووجوه ممزقة.

هل حقاً ان النساء ماهن الا رجال في الخفاء، وان الرجال ما هم الا نساء وقد مددتهم الحرارة؟

أجهد عقلي دائما وبكثرة بالتفكير غير المنطقي وبالأحداث التي لم تحدث او كان من الممكن ان تحدث، لكنها لم تحدث ابدا، وتتعاقب على اذني المتهالكة ودماغي من الداخل ومن الخارج تيارات وذبذبات عنيفة سريعة او واطئة بطيئة احياناً، تغيرها الموسيقى واخبار الراديو والتلفزيون وتحرفها عن مجراها مؤقتاً لأنها من صنفها، وباسترسالي مع هذه الأفكار نسيت من انا او كدت وترك هذا الاسترسال في نفسي اثراً لن يندمل.

كان يوماً مضنياً لن انساه، ومرحلة جديدة سوف تغير أيامي، عندما قررت المجيء الى هذه الحانة، فأصعب شيء يواجهك في حياتك هو عندما تُجبر ان تختار بين شيئين، وخاصة عندما تكون في حانة، فالعلم والتكنلوجيا والحضارة والشك والحركة الدائمة الى الامام، وكل عصرنا الصناعي والعلمي والديمقراطي الحقير، مثقلاً بالجرائم والعيوب.
فماذا سأختار:
يقظةً ام سبات؟



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع
- حركة الحياة
- الواقعية والشكلية والفن الحديث
- انحطاط الثقافة البصرية العربية
- الملابس والعري
- عام الفأر
- اغتراب
- مشياً بالمطر
- اللون الابيض
- احتفالا بالوداع
- دعونا نصاب بالجنون
- الثورة وكلماتها
- الفخ الديني
- استعداداً لتشرينية جديدة
- المناضلة ماري محمد
- العلمي والعاطفي


المزيد.....




- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - رجال في الخفاء