أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - التأقلم او الزوال














المزيد.....

التأقلم او الزوال


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 7546 - 2023 / 3 / 10 - 11:19
المحور: الادب والفن
    


تحدثك الوجوه بما تريد, ويحدثك الناس عن وجه صريح مضنى بالهموم, بسيماء بائسة, حزينة, وتحدثك الهموم عن حياة ذكية وقد اخفقت في اختبارات الزمن, وعيون مغرية واخرى كوجه النار, وانت لا تصغي ولاتبصر للوجوه الجريحة, الغاضبة.
فقد كانت قراءة الوجوه بها معرفة بمصير الانسان مثل بصمات الاصابع, وقد الهمت اساطين الكتاب والروائيين, لكنها اليوم لعبة صبيان, فلم تعد العيون بالوجوه مرأة للروح او الفكر والمشاعر, ولا تحلم المرأة برجل ذو انف مسطح, فهي لم تعد تجيد التحديق في الوجوه اصلا.
فاذا قيل لها ان هناك وجوه وسيمة طافحة بالسعادة لكنها شريرة وهناك وجوه بمنخرين مثل عيون الضفدع لكنها مسالمة وحنونة فستختار الاشرار ذو الانوف المستقيمة والذقون المستديرة والاذان الموسيقية, فعلى هذه الاساسات تبنى الزيجات والعائلات الكريمة اليوم
فتلك هي علامات الصحة والثروة والمال والعلاقات الخطرة, وما يقابلها هي علامات المرض والفقر وتناقضات الحياة, التي لا تنفع معها لا الجراحة ولا التجميل, ولا ادري كيف تقبل النساء على الارتباط بشخص غني وجشع ذو لحية وشارب حليق, وبشعر يغطي الجبين والوجنتين, فمثل هذه المخلوقات تحمل في بنيتها عددا من المشكلات النفسية غير القابلة للهضم.
هل ستفضل النشاطات العقلية على الجسدية اذا كنت في متوسط عمرك ومن اصحاب الاعناق الثخينة, وماذا ستفضل اذا كنت من من ذوو الاعناق الطويلة, الرفيعة, الشبيهة بعنق البجعة؟ وهل تستحوذ على ذهنك افكار غير مفهومة ومثيرة للشهوة الجنسية اذا كان وجهك مستدير او مثلث؟
كنت قد رسمت قبل سنين عديدة وجه رجل في الاربعينات من عمره كان يجلس امامي في عربة القطار دون ان اشعره باني كنت ارسمه, يعطيك وجهه انطباع بالطول اكثر من العرض او الاستدارة, اذا نظرت اليه من الامام فهو يتميز بجهة عريضة وبروز في عظما الوجنتين والفك الاعلى, واذا نظرت اليه جانبيا فسترى استقامة بالوجه غريبة كانه شجرة تنوح بعد ان تعرضت للقطع, وقد بدا لي (او هكذا تخيلت لاني كنت افكر بالصرامة والصفوف الامامية وارادة الحياة) وكانه يحمل الما ومعاناة, وكانه واقع في شرك وقد تحملها بكل شجاعة ومازال يقاوم
وبالجهة المقابلة الاخرى في نفس القطار كان قد جلس رجل اخر وبنفس العمر تقريبا, لكن وجهه كان املس وهادئ وخال من النتوءات او الانتفاخات, وحاولت ان ارسمه ايضا, لكنه انتبه الى اني احدق فيه, وابعدت عيني عنه نحو النافذة, وحدقت في الضباب, بحثت في ضباب الصباح الربيعي وفي برده القارس على تفسير لضيقه مني, فليس من السهل التحديق في شخص يدرك أنك تحدق به، والأفكار تعترض طريقه, مما يصرف الانتباه عن السماح للعينين بالتحرك والراحة والتحرك مرة أخرى حتى يشعران بالرضا عن أنهما رأوا كل ما يرغبون في رؤيته في عملية البحث، وحرية التحديق بشكل مكثف لانجاز تخطيط او رسم او لوحة او حتى كتابة قصة او مقالة.
ثم نسيت وجوه المسافرين ورحت افكر بما يميز المعادن والأحجار الكريمة والرخام والزهور والنجوم وكل الأشياء بجمالها عن هذا الخلق الذي يحوم حولي, ولم اتوصل الى جواب, لاني كنت استخدم مشاعري وحدسي فقط ولكن على غرار من له نظرية علمية للاستدلال.
فمنذ سبعينيات القرن الماضي، دأب علماء الاجتماع (بمن فيهم مفكرين عرب مرموقين) على تشريح حلقات معينة من الماضي بدقة للكشف عن القيود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية التي تؤثر على الممارسات والمعرفة العلمية الممتدة منذ تلك الازمنة في عالمنا اليوم, وما لم يعد مفيدًا تم رفضه فقط من قبل التقدميين بعد مداولات ناضجة ، وتم ترميم المبنى قليلا على الإنجازات الإبداعية في الماضي
وفي الوقت الحالي، يستكشف المؤرخون طرقًا جديدة لدمج هذه الدراسات الدقيقة في التحليلات طويلة المدى لتأكيد قوة العلم الصاعدة علينا, ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة الجديدة من خلال كثافة الافلام والبرامج الوثائقية العلمية التلفزيونية او محطات اليوتوب وغيرها التي تبثها دون انقطاع منذ اكثر من ثلاثين سنة, وكلها تؤكد ان قراءة الوجوه في زماننا ليس الا محض خرافة, وان على الفن والادب والكتابة والرسم التأقلم او الزوال.



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشباح الخراب
- امرأة
- پورتريه
- مسيرة جبلية
- صورة قرية بالفحم
- العقيق الاحمر
- صورة جبل
- صَقر مُطارَد
- رسائل الليل واجوبة النهار
- حاسة السمع وانفجارات العراق
- ماهي الفوضى الخلاقة؟
- الغرق
- الموظفة
- حروب الثقافتين
- رجال في الخفاء
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع


المزيد.....




- تابع بجودة عالية احداث المؤسس عثمان الحلقة 174 Kurulus Osman ...
- ترجمة أعمال الشاعر جوان مارغريت إلى العربية في صحراء وادي رم ...
- أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجمة علي قناة الفجر الج ...
- -كل ثانية تصنع الفرق-.. فنانون سوريون يطلقون نداءات لتسريع - ...
- مواقف أبرز الفنانين السوريين بعد سقوط حكم الأسد
- حين يكون الشاعر مراسلا حربيا والقصيدة لوحة إعلانات.. حديث عن ...
- الروائي السوري خليل النعيمي: أحب وداع الأمكنة لا الناس
- RT Arabic تنظم ورشة عمل لطلاب عمانيين
- -الخنجر- يعزز الصداقة الروسية العمانية
- قصة تاريخ دمشق... مهد الخلافة الأموية


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - التأقلم او الزوال