أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - پورتريه














المزيد.....

پورتريه


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


امامي الان على الجدران من السقف إلى الأرض رسومات سريعة (سكيجات) معلقة, لأشخاص رسمتها في فترات ماضية، لوجوه بشر حقيقين، بالمواد الفحمية المظلمة او بالحبر الاسود.
على واحدة منها هناك كتابة بدون تاريخ تقول: اذا كان فنا حقيقيا فسيتم اكتشافه عاجلاً أم آجلاً
هل يقرأ ذلك الوجه المرسوم على تلك الورقة ما كتبته؟ وهل تراني هذه الوجوه الان مثلما اراها؟ وهل يجلب وجودي معها اليوم اهتمامها لتتذكرني؟
البعض يناديني بأصوات ناعمة، وآخرون غارقون بصمتهم وشوقهم الموحى، كأنهم ممسكين بشموع او فوانيس او مصابيح يدوية في اياديهم حتى اتمكن من ملاحظتهم بشكل أكثر وضوحًا، وانا اتخيلهم كالقلب النابض داخل كائن حي، بينما تضيء ألسنة اللهب الصغيرة المنبعثة من بضع مصابيح هنا وهناك على هذه الوجوه التي تنظر نحوي، وتجعل انوارها الخافتة ملامحهم تتغير وتتغير لتبدو مثل رسوم شبحية متحركة.

مثل ما رأيت في الصيف الماضي وكأنه شبح امرأة شابة كانت تستلقي تحت اشعة الشمس على جانبها بجانب رجل، ورأسها مستند على فخذه، واحدى ذراعيها مثنية بحيث تلمس كفها ذقنها، بينما تحمل اليد الأخرى والمثنية أيضا زهرة ذابلة، ولا هي ولا هو منزعجين من الذباب الذي يتطاير حولهم ويقومون بضربه باستخدام مضرب الذباب عندما تهبط على أذرعهم وأرجلهم، وكان شعرها كستنائي وهي متوسطة الطول مع معصمين رقيقين واكتاف ضيقة وترتدي ملابس صيف شفافة.
وغير بعيد عنهما هناك صبي في سن المراهقة يرقد ورأسه على يده اليسرى تحت ذقنه وعلى الجانبين من ركبته اليسرى اغصان يابسة ممدودة وفي متناول يده اليمنى متى شاء لكش الذباب.

وإذا نظرت الى الخلف منهما يمكنك رؤية بقايا مجزأة لدراجة هوائية مربوطة بحجر اسمنتي كانت تقف في طريق ممر للمشاة يؤدي الى بناية، والبناية بها ممر يقسمها الى نصفين بثمانية غرف، أربعة غرف على كل جانب من الممر، والغرف متوسطة الحجم وبها شبابيك ومكان للمدفأة وهي خالية من الأثاث ما عدى افرشة بسيطة على الأرض.
وقد قيل لنا بانه في الأيام الخوالي كان حارس البناية وعائلته يقيمون في احدى هذه الغرف ودائمًا على استعداد للمساعدة لكنهم قد هاجروا منذ سنة ربما لأنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون التحرك بشكل سريع فيما لو تم اجبارهم على اخلاء المكان، فهم مهاجرون هاربون وبانتظار تصريحات الاقامة.
وقد هاجروا مرة أخرى الى بلد آخر، وهم من جديد بانتظار تصريحات أخرى بالإقامة في مكان ما، وربما هم الان في غرفتهم الجديدة وقد تكون شبيهة بما في هذه البناية، بدون اثاث ما عدى افرشة بسيطة على الأرض.
لكن نادل المقهى المجاور قال بان الحارس كان قلقاً، ويعاني من ضجر الليالي، وحتى عندما يخلد إلى النوم، فان أحلامه أكثر إرهاقًا من يقظته، مقتنعًا بأن المنزل به شبح يتسلل عبر حيطانه ويحاول الدخول الى غرفتهم، ويشكو من أنه يظل مستيقظًا في الليل على صوت العديد من السواح الذين يتزاوجون مع عشيقاتهم، او زوجاتهم الجدد، أو البغايا اللاتي يمكن ادخالهن بالخفاء، ويقول له صاحب المبنى ان هذا المكان ليس ديرًا، وإلا فكيف يُفترض بالناس أن يرفهوا عن أنفسهم؟
هذا بلد السياحة وانفاق المال.
ومرة قال للنادل، لا أعرف ماذا أفعل بالحزن الجاثم على كتفي مثل طائر، وهو يمسكني بقوة ويغير ثقله من هنا الى هناك بينما أتحرك للخلاص منه دون فائدة.
وفي ليلة شتائية ظلماء معتمة اجتمع عليه الغضب واليأس مع المطر والريح، اخذ عائلته واشباحه وهرب.



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيرة جبلية
- صورة قرية بالفحم
- العقيق الاحمر
- صورة جبل
- صَقر مُطارَد
- رسائل الليل واجوبة النهار
- حاسة السمع وانفجارات العراق
- ماهي الفوضى الخلاقة؟
- الغرق
- الموظفة
- حروب الثقافتين
- رجال في الخفاء
- رسالة الفنان
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع
- حركة الحياة
- الواقعية والشكلية والفن الحديث
- انحطاط الثقافة البصرية العربية


المزيد.....




- البروفيسور كَبَا عمران: التراث الإسلامي العربي الأفريقي في خ ...
- بشير البكر: لماذا سوريا هي -البلاد التي لا تشبه الأحلام-؟ وم ...
- من يملك وجوه الممثلين؟ كيف يواجه نجوم هوليود خطر استنساخهم ب ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع المحافظات الدور الاول ...
- الأول له بعد 4 سنوات دون دعاية.. جاستن بيبر يفاجئ معجبيه بأل ...
- برقم الجلوس الآن.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ف ...
- “رابط شغال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس فقط كافة التخ ...
- استعلم برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- القديسة آجيا كاترين.. تاريخ أيقونة اللغة والجغرافيا والتاريخ ...
- “رابط فعال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس جميع التخصصات ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - پورتريه