أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - كلام عواجيز















المزيد.....

كلام عواجيز


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 7687 - 2023 / 7 / 29 - 17:37
المحور: الادب والفن
    


الذاكرة – مقاومة
الشعر ذاكرة الأمم النفسية وحائط مبكاهم في زمن جاءت هويتنا كريشة في مهب رياح التغيير خاصة إذا كنا كأمة تضائل اسهامها في ركب الحضارة الحالية ،هنا نحن بصدد ديوان ذا عنوان قاطع الدلالة من عنوانه ( كلام عواجيز) للشاعر رضا ابو الغيط صادر عن الهيئة العامة للكتاب، ولكن مدخلنا لقراءة الديوان محاولة الإجابة عن عدة أسئلة اولا: ماهو انعكاس زمن العنوان علي موضوعات القصائد؟
قدرة الشاعر علي تنويع المداخل الخاصة بالحديث عن البعد الرئيسي للديوان وهو الاحتماء بروعة الذكريات تجاه قسوة الحياة ؟
ولعل الإجابة عند جارودي الذي أوضح ان النص الادبي هو إجابة لغوية تحمل مضمونا معرفيا تجاه الأسئلة الوجودية التي تعانيها ذات الشاعر ،وتكون الإجابة مرهونة بنمط تفاعل
ذات الشاعر مع الواقع ، وكذلك مهنته ،وكذلك مدي تقبل الآخرين لمساهمته في حركة المجتمع ،مهما كان حجم تلك المساهمة ، هنا يكون مقياس تحقق تلك الإجابات في قدرة الشاعر علي توظيف اللغة المتوائمة مع السياق العام الذي أراد طرحه مع التبرير المعنوي لدي المتلقي بمدي ارتباط النوستالجيا بالرغبة في اصلاح الواقع ام هو حنين مرضي ،هنا درجة ادراك الشاعر لدوره ، وهنا تكون النوستالجيا نوعا من استغلال النوستالجيا كنوع من المشترك مع القارئ ليعيد إنتاج المشترك المعرفي ،لصالح قضية اجتماعية يناقشها الشاعر .
بره الأحلام
القصيدة هنا تدور في السياق العام للديوان ومن هنا جاءت الافتتاحية مركبة من بيتين يعبرون عن سياق تهيئة مستعينا بفكرة الزمن الماضي في كلمة كان لسه وهنا وظيفة اللغة في التعبير عن فشل التحقق للحلم في مرحله الاولي من خلال مسيرة الواد عزوز ،وهنا مع فكرة قلب حرف اللام الي الف في كلمة الواد ،بما يفيد الامتداد وتكرار ذلك النموذج وكذلك تفيد بعد مكان المشار اليه اي وضوح الفعل علي الرغم من تحقق الرؤية ، هنا نحن بصدد اسلبة الشعر اي اكسابه بعدا تسويقيا من خلال التماس مع بنية الحدوته السردية ،ولكن احترافية الشاعر في بعده عن التفاصيل التي تستوعب مزيدا من اهتمام القارئ ،وبذلك لقطة الطائر في رسم ملامح عامة لمعاناة الإنسان الذي يستمد الشعر شرعيته من التعبير عنه ،البعد الرئيسي في تلك القصيدة هي إدانة الغربة التي استغرقت حياة عزوز ولكن ذكاء الشاعر هنا انه لم يتأثر بطبيعة مهنته في الذكاء بين ربط التفاصيل بالنتائج كوسيلة للإقناع ،بل هو قانون الروح التي تتذرع بالصبر الأمل ولكن الرحيل يصبح وأدا لجبال من الأحلام، هنا يؤتى الرحيل بعده التراجيدي ، الازمنة هنا تقوم بوظيفتها في الاستمرارية لكل عزوز ( بيقطع كل أشجار الخوف / من قلب مناه / بيفتح عيننه يشوف النور / ويفصل منه حلمه اياه ) وظيفة الفعل المضارع دوما الاحساس بالحركة مع ايحاء الواقعية الزمنية ،مع تنوع الإشارة الي الفاعل الرئيسي في القصيدة من خلال تقنية الضمير المستتر .
هو والانا في شعر رضا ابو الغيط
يختصر الشاعر قضية الديوان الاولي في فكرة الحيرة الوجودية للانسان المعاصر من خلال رغبته في الاندماج داخل قوانين العصر الاستهلاكية والطاغية علي فكرة سمو الإنسان بمركبه القيمي القديم ،وكذلك ذلك الإطار الذي يحكم ارواحنا وعد استيعابنا لعنف العلاقات القائمة حالذاك ،هنا يكون ذكاء الشاعر وقدرته اللغوية علي رسم ملامح الصورة ورسم اطرها الحاكمة وهو بيتهم القديم المبني من طوب لبن وما يحدث حال المطر من تسرب جزيئات الطين المشكلة لبنية المنزل مما يؤدي لسقوط بعض المنازل ،وهي صورة قادمة من الزمن شبه البعيد بالنسبة لشباب الحاضر الذين ادمنوا البيوت الاسمنتية خازنة الحرارة ،
ولكن هذه الصورة الضمنية ذات الأهمية الفنية ،وذلك لتوافق تلك الصورة مع السياق المعرفي للديوان وهي حالة سقوط مركب القيم القديمة لطغيان وسيول التغيرات الحديثة ،وهنا جاءت مهارة مسرحة القصيدة ولكن مع إعادة ترتيب ملامح الصورة وهنا الفارق الواضح مابين مهارة السرد ذي الصبغة الشعرية القائمة علي رشاقة اللغة المعبرة في النهاية عن علاقات منطقية هي بنية السرد ، اما قضية الشاعر هنا انه استرجع همومه الوجودية من خلال نموذج مجسد لفكرة التحول لتكون قرينة علي السؤال الرئيسي الذي يطرحه الشاعر ليقرر ان كل ماهو هو داخل القصائد هو انا من خلال العبارة الاختتامية : انا هو وللا احنا اتنين ؟
تبقي الدار القديمة هي مسرح تلك العواصف الوجودية التي اجتاحت الذات الحاضرة في مواجهة الماضي الكائن في ذات الشاعر ليقارن ويقرر الحنين المستحيل لماضي لم تعد له حياة الا داخله وبذلك تكون ذاكرتنا هي وقود حياتنا ومناط قدرتنا علي المقاومة .
ويتم الاسترشاد علي ذلك الطرح السابق من القصائد التالية :
عزيزة : بتقولي لمين انك ماشيه / من حضن الدار .
فرن دارنا : لما كانت الدنيا شابة / كان لي فرن وكأن له قبة .
مجرد سؤال : علي سلم بيتنا المتكسر بقوالبه الطين . وهكذا .
الرصد الاجتماعي
حيث يرصد الشاعر تراجع نمط الفلاحة المصرية التي اختفت تحت ستار الملابس المدنية القادمة من الخارج لطمس هويتنا ،فهو يستدعي اسم ذي دلالة عزيزة وهو اسم يعكس احساس بالفقد والندرة: ازاي هنعيش / وازاي من ايد الفلاحة هندوق العيش .
هنا الرصد لغياب الفلاحة كنمط معيشي وليس كحنين طوباوي ،وهنا الأسئلة تكون ستارا من خلال استنكاريتها ،والاستنكار هنا رفض لواقع يتم استمداد طبيعته كعملية استدراك من القارئ لطبيعة أنماط المعاناة التي استدعت ذلك الحلم الطوباوي الذي ترتبت عليه تلك الأسئلة.
العناوين الدالة والقادمة من زمن مغاير فمن من الاجيال المستقبلة تستوعب معني كلمة الدبلان وهو نوع من انواع خيوط الغزل وكان يحاك منه الملابس الخاصة بالفلاحين، هنا تأويل القارئ للربط مابين الأمثلة المادية المحسوسة والابعاد المطروحة لنموذج العلاقة الإنسانية غير المحسوسة : مبقاش م الحلم اللي رابطنا/ غير خيط دبلان .
اذن مهارة الشاعر هنا في ربط تفاصيل الحاضر مع نماذج الحركة والسلوك التي فاقت قدرة الروح علي استيعابها ،ولذلك كانت ذات الشاعر معبرا لذلك التحول ، هنا قدرة الروح علي تجاوز الهوة حتي تقي الذات تمزقاتها القدرية ،وهو ما جاء به الشاعر كدرجة من درجات استعمال اللغة كمعبر للتناقضات وكدواء لآلام الفرقة وقسوة اضطراب العالم داخل الذات الشاعرة ،ليكون ديوان كلام عواجيز علامة دالة علي الواقع وقدرة الشاعر علي اكساب اللغة مسارات تعبيرية جديدة تليق بالتطور النوعي لحركة الشعر في مصر .
هذه قراءة عابرة لذلك الديوان الرائع كفاطره
حفظ الله مصر



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عتبات الظمأ
- التحقق عشقا
- نزع الفتيل
- محمد صلاح : اسم كاشف
- النموذج التركي
- الوله التركي
- تديين الدستور
- مئوية دستور ١٩٢٣
- المقاومة الفلسطينية- تحديات
- المقاومة الفلسطينية
- الأسير معبر الحرية
- عولمة ضريبية
- السودان ومصر ٥٥
- السودان ٤ ٥
- السودان ٣ ٥
- السودان ٢٥
- مابعد حرب السودان ١٥
- الرهائن المصريين
- مسارات أزمات السودان
- أزمة السودان ٣ ٤


المزيد.....




- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - كلام عواجيز