أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - عتبات الظمأ















المزيد.....

عتبات الظمأ


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 7687 - 2023 / 7 / 29 - 11:51
المحور: الادب والفن
    


عتبات الظمأ والدلوف لمتاهات السراب
قراءة في كتاب عتبات الظمأ لمحمد الحديدي
عطاء الجيل الجديد في الفن القصصي خاصة في الجيل الذي تتلمذ علي يد الجيل الرابع بعد جيل الآباء، ولكن اللغة هنا تصبح مناط الإبداع، وذلك تأسيسا علي قول الإمام يحي العلوي في شرحه لمصطلح الألفاظ المستغرقة :
العلاقة بين اللفظ والمعني علاقة مركبة حيث أن خصائص اللغة تبدو من خلال المرأة الجوانية، والتي تتراءي فيها الظواهر النفسية والتجريدية والمحورية ، فالمعني قوامه نفسي ،وظهور فيضه ايحائي ،وفيه تكثيف الدوائر فكره وينابيع معرفته ، وأن الألفاظ متناهية ،وما قوة الأداء اللفظي الا صادرة عن قوة المعني وشرفه .
حيث اللغة قادرة تكثيف المعني بما يعني ان اللغة قادرة علي اختزال العالم الحقيقي في صورة مجازية قابلة للتداول عبر القدرة الايحائية للغة ،حيث أن اللغة مدلولات مرتبطة بالفعل الإنساني الذي توافق عليه المجتمع ، ومن هنا تكتسب اللغة شرعيتها وتتطور .
لغة الأدب تخلق التوحد بين العلاقات الطبيعية والعرفية والذهنية ،وحتي لا نغرق في النظرية نطبق ذلك التحليل علي كلمة الظمأ كما وردت في القرأن الكريم في إطار الوهم الخادع بما يفيد العجز عن التحقق رغم مقدمات صورية عن الحلم حيث السراب بقيعة يحسبه الظمأن ماءا فلما بلغه وجد الله عنده ،هنا في ذلك السياق مستويان، الأول منهم الوعي الفردي الغير مبنى على مقدمات علمية ومنطقية ،والثاني منها لحظة الصدمة أمام الذات حيث الحقيقة الكاشفة ،وجاء عتبات الظمأ كنوع من الوجد تجاه الحقيقة ،وهنا الحقيقة كخطوة كاشفة عبر المجموعة ،وبالتالي جاءت القصص قصيرة ومختزلة للأحداث حتي مع تعدد بيئات القصة الا أن تحديد العقدة الدرامية من خلال صراع الذات مع الواقع حيث أن الفن القصصي في النهاية ابن المدينة ذات الطبيعة الصراعية بالأصل، اذا التأويل ضرورة لكلمة الظمأ حيث الاحتياج المشترك للقاهر والمنشور حيث الرؤية ووقوف البعد المعرفي للمجموعة القصصية عند مرحلة الشوق للتحقق ،ولما كان العنوان هو المدخل الدلالي كتصور حاكم طبيعة السرد عبر المجموع ،ليكون العنوان عين مبدئية ومؤشر ومقياس لمدي الحكم علي جودة العمل من عدمه ،ومن هنا انعكس العنوان البناء النفسي لأبطال القصص وكذلك طبيعة عناوين القصص الداخلية.
عمل إضافي
في تلك القصة نبحث عن البطل فلا نجد ذاتا محددة تتحدث كسارد مباشر حيث يصور البطل دوما في مرحلة رد الفعل ،حيث يصبح الظرف العام هو البطل ،هنا الظمأ فعل مترتب علي الحرمان والأصل له ،ثم يأتي الحلم كبرد تنزل من السماء ليخفف الاحساس بقسوة عقوبة الحرمان ،بناء القصة قائم علي عدة علاقات تفاعلية :
البطل في مقاومة ثلاث قوي رئيسية : عجزه عن علاج ابنه الذي يعاني من عسر هضم فيحرمه من الحمام دوما .
حرمان من الحنان الذي فقدته زوجته تحت عبارة موجزة ( صوت انثوي جاف ) .
سيطرة العجز والهزيمة علي أجواء العمل .
تأتي ثلاثية الازمة مع تشابه طبيعة الامكنة والتي يفترض تباينها، ولكن السهم الاحادي الذي اخترق البيئات الثلاث حيث يأتي ذلك كمبرر فني طالما عجز العقل عن المقاومة فجاء الظمأ للراحة مبررات لقهر الجسد بالنوم أمام المسجد ،كمرادف لفكرة الروحي المفقود ، فتأتي فكرة التسول كسلوك طبيعي ، حتي يبرر بنية النائم فيظنه العابرون متسولا ،فيلقون حوله الهبات ،فيستعذب ذلك من اجل الحصول علي المال ،كنوع من اراحة الذهن من ضغط الزوجة والاباء حيث أن سوء المقدمات أدي لتراجيدية النهايات .
ثم نأتي الي المعارضة الراقية لقصة العيب التي ابدعها يوسف إدريس ولكن مع نكهة عصرية اجادها الكاتب خاصة مع القدرة علي التحكم في اللغة واطار القصة القصيرة حيث يعكس الحديدي سيطرة وقهر الرأسمالية المتوحشة حيث يقدم الحديدي سلوك الفرد تجاه الحال الاقتصادي المتردي، حيث الطبقة المعدمة والتي تقع في قاع المجتمع ،حيث ساعي الشركة الذي رضي دور القواد بحكم قهر المؤسسة ممثلة في مديرها الذي يمارس الرذيلة مع بنات الهوي داخل مكتبه بعد انصراف الموظفين ومع اعتيادية الخطيئة وتحولها لعرف .
اللغة الفنية في تلك القصة مكونة من عدة ملابسات :
العنوان مسألة عادية جدا وهي صياغة لغوية ابتدعها العامة ،كذلك تواتر صيغ الصمت علي المحظور الأخلاقي علي ثلاث درجات تحاصر بطل القصة من خلال تغاضيه عن سلوك زوجته مع من يؤجر له غرفة داخل بيته بحكم الفقر وكذلك سلوك ابنته الغير مبرر من خلال اصطحابها للشباب لمنزلها ، هنا تكون نهاية القصة مفتوحة وتقريرية:
لكنك ستجد اخرين اما يعدون النجوم القريبة من ضوء القمر عرايا يعدون أصابع ايديهم مئات المرات .
غياب شخصية البطل مع سيطرة البعد الوصفي وكأن تلك المشاهد مكررة مع القبول الضمني لها في الواقع .وهنا الدور التنويري للعمل السردي من خلال بلورة الواقع المهزوم علي مستوي ، هنا ذكاء القاص في اصطياد نماذج ادمنت بحكم التعود ، وطرح التساؤل هنا هو المدخل للإضاءة والإشارة الي مناطق الخلل في الواقع الإنساني البعيد عن حسابات المصلحة
وحيثما يكون الحرمان قاسيا يكون الظمأ هو اقسي درجات الفعل وهنا فقر الروح .
اللغة ودورها في الايحاء بتقدير القدرة علي المقاومة حتي ولو لم تكن تلك الشخصية بالاعتبار الاجتماعي الملاءم ، قصة ( هذا الرجل ) تقدم شخصية هامشية حيث القدرة علي تحمل الألم وتحويل ذلك الألم الي وقود لتحقيق الحلم ،لتكون ختام القصة فعل مستمر :
وفي نهاية كل يوم تحسب حساباتك .
الرهان المعرفي الذي يريد القاص تقديمه ان الرأسمالية المتوحشة القائمة علي استنزاف الحاسة الاستهلاكية ،والتي وأدت معها رصيد الأخلاق المقاوم ،حيث وجدت من يقاوم بريقها وصداها الروحي في ذلك الحاوي الذي قدم جسده قربانا للروح بدلا من حالات الاستسلام كما في قصص مسألة عادية جدا ، عمل إضافي...وغيرهم.
طبيعة اللغة قادرة علي الوصف مع الاختزال حيث التطابق مع الذات او التباين : تأتيك وخزات البرد من خلال نافذة حجرتك الوحيدة . الحركة المتضمنة في الكلمة الافتتاحية تفيد المساحة المقدرة مابين الفعل والذات ،مع التشكيل البصري الذي يعكس أبعاد المكان ليحكم تصور القارئ حول السلوك المتوقع للبطل .
- القدمان لا تقدران علي السير ، والجسد المترهل يعلوه ظهر مقوس . من قصة صورة جانبية لميت ، هنا توافق المبني مع المعني ،حيث وصف سيدة قتلها فقد ولدها فنذرت يومها لزيارة قبره وهنا فرحة الاولاد وترحيبهم بقدومها، ولعل المكان المقصود للقصة يتم تكثيفه من خلال مشاهد ثلاث تؤكد علي فكرة الموت من حيث موت ابنها ثم موتها هي الوجودي ،ثم منك الجنازة حيث اعتبرت المتوفي ابنها ،وكذلك سرد متواليات فقد الموت لهيبته من خلال الموت فقرا من خلال سكني الأحياء للمقابر فصارت الأشياء فاقدة لمعناها .
الرهان الذي أراد القاص تقديمه ان الرحمة من الممكن أن تولد من بين انقاض الموت بكل صوره المادية والمعنوية ،وأن الفقراء قادرين بإنسانيتهم من خلال بساطة الفعل القائم علي التلقائية ، ولعل ذلك يتبدي في القصة الختامية للمجموعة بعنوان الكلب البائس لتجسد ومجموعة الكلبيات مسارا نوعيا من صفحة 74حتي 91 ، هنا دلالة البيئة ورمزية الكلب .
القصة السياق النفسي البناء اللغوي
الكلب فيدو الوحدة التي يعانيها الاب الذي سافر ولده للكويت ولكنه لازال يؤوي كلبه الذي تماهي وجوده مع شوق الاب لابنه الغائب ،ذلك الكلب الذي لعق جراح ابنه صغيرا فاحبه الاب والابن ،فصار دفاعه عن الكلب الذي تترصده حملة قتل الكلاب الضالة ،ولكن الرجل يحاول فداء الكلب الذي تجسد في ذلك الكلب فيدو ،فيصاب الرجل فداء للكلب ،هنا يتجاوز الكلب مواصفاته المادية ليكون معني إنساني يتجاوز الأشياء حيث يتحول الحنين للابن والظمأ للتواصل الطبيعي مع البشر تتالي الجمل الفعلية بحكم دقة اللحظة والايداع الحركي هنا ضرورة لاحتواء الضيق الزمني للفعل الدرامي مابين إطلاق الرصاصة التي تقوم بدور الفاعل عبر التاريخ حيث تصبح هي القانون عب تاريخ البشر والحيوانات من خلال قانون الصيد ،واستخدام الفعل المضارع بما يعني الحالية والتعادل النفسي ،وكذلك إدانة كاملة لفكرة القتل وكذلك دحض فكرة التغلب علي الطبيعة بل التوافق معنا بحيواتنا وذواتنا الإنسانية.
والكلب أيضا يموء فكرة التحول الجسدي كنوع من صدي انسحاق الذات في الواقع حيث يكون دور الإنسان في واقعه مرتبط بفكرة ما يقدمه من أداء وظيفي لخدمة واقعه ،بمعني أزمة الدور وهنا إشارة لقتل الروح والقدرة علي العطاء مع أزمة البطالة . انسنة اللغة من خلال اكساب الفعل بأكمله ببعد حيوي من خلال رصد لمسيرة حياة كلب فقد وظيفته ، مع توافق الجملة الافتتاحية للقصة مع الجملة الختامية .
ألية السرد من خلال استدعاء الحيوانات كمفردة سردية خلال القص خاصة الخمس قصص الأخيرة في المجموعة وهي آلية قائمة علي :
1الارتباط الحياتي بالحيوانات كجزء رئيسي في سيكولوجيات المواطن المصري خاصة الريفي منه ونحن كثر ،
2 التراث السردي العربي ممثلا في اشتقاقه تلك الالية من مفهوم الرمز كجزء من الفلسفة اليونانية التي هربت من الرومان مع اعتناق المسيحية ، لكنها تزاوجت مع نداء الليل القادم من أعماق الصحراء الممزوج بالخوف والرجاء ،ومن هنا جاء ميلاد الحركات الإشراقية من بلاد فارس .
اللغة الشعرية كمكون اساسي
تأتي مفردات المجموعة مابين المقال الادبي والقصص القصيرة القائمة علي التحدي اللغوي حيث يترك القارئ باحثا عما بين السطور، في ديمومة كقطعة نثرية حيث أقام الزمان بشكل مطلق حيث القمر وهو ضوء الليل ،حيث المشترك مابين القصة القصيرة والمقال الادبي هى اللغة واللفظ الدال مع ايراد المحسنات البديعية كنوع مع استخدام المقال كنوع من التأثير المراد به مواقف اجتماعية مباشرة .
وتتساوي مع ذلك قطعة النار المقدسة ، والتي سردت ملحمة محمد بوعزيزي ، مشعل نار الربيع العربي المظلوم .
الجيد في هذا الكاتب قدرته علي بلورة التراجيديا التي تشكل حياته اليومية من خلال عمله ويذكرنا ذلك بالراحل عبدالمنعم السباعي والتي اهملت قصصه كدليل علي تطور الوعي الاجتماعي ، ولعل المقدمة كتوافق مع مقولة الجاحظ حول دوافع الإبداع في رسالته : رسالة الحنين الي الوطن ج2 :
ان لكل شئ من العلم ،ونوع من الحكمة ،وصنف من الأدب، سببا يدعوا الي تأليف ماكان فيه مشتتا، ومعني يحدو علي جمع ماكان متفرقا، ومتي اغفل حملة الآداب وأهل المعرفة تمييز الأخبار واستنباط الآثار، وضم كل جوهر نفيس الي شكله ،وتأليف كل نادر من الحكمة الي مثله – بطلت الحمكمكة وأميت الأدب- ودرس كل مستور نادر ) ولولا تقييد العلماء خواطرهم علي الدهر ونقرهم أثار الأوائل في الصخر ،لبطل أول العلم وضاع أخره .
نحن بصدد عمل به الكثير فتحية لذلك المبدع المتميز



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحقق عشقا
- نزع الفتيل
- محمد صلاح : اسم كاشف
- النموذج التركي
- الوله التركي
- تديين الدستور
- مئوية دستور ١٩٢٣
- المقاومة الفلسطينية- تحديات
- المقاومة الفلسطينية
- الأسير معبر الحرية
- عولمة ضريبية
- السودان ومصر ٥٥
- السودان ٤ ٥
- السودان ٣ ٥
- السودان ٢٥
- مابعد حرب السودان ١٥
- الرهائن المصريين
- مسارات أزمات السودان
- أزمة السودان ٣ ٤
- أزمة السودان ٢٤


المزيد.....




- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - عتبات الظمأ