أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية -في معركة مريبة-.. جون شتاينبك















المزيد.....

رواية -في معركة مريبة-.. جون شتاينبك


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 7635 - 2023 / 6 / 7 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


خلال حياته كان الكاتب جون شتاينبك، الذي كرسته السينما بتبنيها لأكثر من عمل له، مساويًا في سمعته لمواطنيه دوس باسوس وفوكنر. احتل الكاليفورني الحاصل على جائزة بوليتزر ونوبل للآداب، مكانة أساسية في بانوراما الأدب الأمريكي. لكن بعد أربعين عامًا من وفاته، تدهورت مكانته بشكل كبير. فقد أصبح غائبًا عن الجامعات، المحرك الرئيسي للتكريس الأدبي الرسمي.

شتاينبك الذي يعتبره عدد غير قليل من النقاد الأدبيين كاتبًا من الدرجة الثانية، قد لاقت الطبعة التي تتألف من أربعة مجلدات تحوي أعماله الكاملة، من قبل مكتبة أمريكا، نجاحًا شعبيًّا كبيرًا. يصور شتاينبك الذي يراه الكثيرون كاتبًا ساذجًا، وروائيًا محليًا، وكاتب سيناريو سينمائي، في روايته "في معركة مريبة" (In Dubious Battle)، الصادرة في عام 1936 أمريكا التي لم يعتد عامة الناس على سماعها، أمريكا العمال الزراعيين، الطبقة الدنيا غير المنظمة.

يعتبر جون شتاينبك أفضل في تقديم التقرير الخام منه في كتابة الروايات، فهو يلتقط مخاطر الموقف الحقيقي بكفاءة وبساطة، بينما يكافح أحيانًا لجعل شخصياته الرئيسية المثالية للغاية قابلة للتصديق
مثل دوس باسوس، يعتبر شتاينبك أفضل في تقديم التقرير الخام منه في كتابة الروايات، فهو يلتقط مخاطر الموقف الحقيقي بكفاءة وبساطة، بينما يكافح أحيانًا لجعل شخصياته الرئيسية المثالية للغاية قابلة للتصديق. مجاله هو ريف كاليفورنيا، الناس البسطاء الطيبون، الذين تعتبر حياتهم اليومية قبل كل شيء معركة لتحصيل لقمة العيش. عمال شتاينبك ليسوا أبطالًا يضخمهم النضال الإجتماعي، إنهم فقراء يحاولون إيجاد مكان يوظفون فيه قوة عملهم. يحلم الكثيرون منهم بقطعة أرض، وقليل من الراحة ومال كافٍ للعيش الكريم. يعيش "قادتهم"، الذين كانوا أكثر نجاحًا منهم بقليل، في راحة نسبية يخشون خسارتها في حالة حدوث اضطراب إجتماعي.

"في معركة مريبة" قصة إضراب عمال الزراعة، نظمه ناشطان شيوعيان، ماك وجيم. يكتب شتاينبك تقريرًا عن وادي ساليناس، ويصف، في شكل خيال، فشل النضال الاجتماعي.

عالم العمال الزراعيين غير منظم. يبيع العمال الموسميون قوتهم لكبار ملاك الأراضي مقابل أجور متدنية. لن يتبلور السخط الكامن لهؤلاء الموظفين المؤقتين إلا مع وصول المقاتلين الشيوعيين. ماك هو القائد والمنظر ورجل الميدان، من ذوي الخبرة في معارك من هذا النوع، والذي سيعلّم جيم، المجنّد الشاب في الحزب، أساليب ومخاطر النضال الاجتماعي. لدينا من ناحية، رجل مثقف مجبر على العمل لجعل أفكاره تنتصر، ومن ناحية أخرى، رجل ميدان يجب أن يتعلم النظرية ليجعل قوته وتصميمه رصيدًا للحزب. قتالهما؟ الحصول من ملاك الأراضي في ساليناس على زيادة في أجور العمال. إن غالبية الطبقة الدنيا الزراعية لا مبالية، على الرغم من إدراكها للتدهور الدراماتيكي لظروف وجودها. تمكّن الناشطان من حشد الناس، بعد أن تطلّب الأمر حادثًا مؤسفًا ليتبلور عدم الرضا في لحظات قليلة. يشجع ماك وجيم الحركة، ويشرفان على الإضراب، ويحاولان احتواء طاقة العمال المتقلبة. ستنتهي المعركة بشكل سيئ، كما توقع ماك ذو الخبرة.

بالنسبة لهذين الناشطين، ليست الحركة الاجتماعية هدفًا، بل وسيلة، وسيلة لإقناع أصحاب العمل وتوحيد الطاقات الجديدة لمواصلة النضال في مكان آخر. إذا لم يخضع الرؤساء، فلن يجدوا المزيد من العمل في هذا الوادي وفي ما يجاوره. يطفو على السطح انعدام الثقة والخوف، بعد لحظات قليلة من الإثارة الجماعية. يظل العمال متحدين ما اتخذوا شكل الحشد، وعززت الأحداث الخارجية إرادتهم. ولكن بمجرد تركهم غير نشطين لفترة طويلة، بمجرد ظهور صعوبات العرض الهيكلية الأولى، يستعيد الأفراد استقلاليتهم ويحاولون الابتعاد. وبالتالي، لا ينبغي التخلي ولو للحظة واحدة عن التكتل والتجمع والتلاحم، وهذا أمر صعب لن يتمكن حتى الناشط المتمرس من القيام به.

أصغر حدث هو حجة أخرى من أجل مواصلة النضال، حطب إضافي للحفاظ على نار الثورة. يتفكك الإضراب: المالك الصغير الذي آوى المضربين، يقرر تحت الضغط، طردهم. يفر قادة التجمع العمالي حفاظا على راحتهم الفردية التي حصلوا عليها بشق الأنفس. تحاصر قوات الأمن معسكر المضربين. يرحل العمال الموسميون الأضعف قناعة. يشن أتباع المالكين هجومًا ليليًا ويقتلون جيم غير الحذر، الذي كان يخلط بين الإصرار والحصانة. لن يتردد ماك بعد ساعات قليلة من وفاة رفيقه من استثمار هذه الحادثة لتعبئة المضربين. النضال يلتهم كل شيء: بالنسبة لماك، كل شيء هو وسيلة لخدمة هدف بعيد يتعذر الوصول إليه، وعد به الأنبياء الاشتراكيون. إن وقوع هذه المأساة الإنسانية (مقتل جيم) له هدف، فهو سيُعزز تماسك القوات المحبطة لبضعة أيام أخرى حتى الهجوم النهائي. سيتمكن ماك بعد ذلك من المغادرة والعثور على واد آخر والبدء من جديد، حتى وفاته. إنه صراع غير حاسم. لا يملك المقاتل وقتًا للخوض في مأساة يمكن أن تكون مفيدة له، مهما كانت حزينة أو عاطفية كموت صديق ورفيق.

شتاينبك هو مخرج واقع خام، بسيط، محبط. لا قيمة للعمال بشكل فردي، فالموجه الوحيد لوجودهم هو التكتل والتجمع، بكل ما تنطوي عليه الخصائص الحقيقية للحشد من معنى
شتاينبك هو مخرج واقع خام، بسيط، محبط. لا قيمة للعمال بشكل فردي، فالموجه الوحيد لوجودهم هو التكتل والتجمع، بكل ما تنطوي عليه الخصائص الحقيقية للحشد من معنى. جيم ليس سوى قوة، أداة، إنه كتلة، دون عمق.

فقط ماك، هو المنظّر، الخفي على الأقل، يتساءل أحيانًا عن معنى عمله، ليؤكد بشكل أفضل، بتفاؤل خفّفته التجربة، أن اختياره هو الخيار الصحيح. إنه يريد أن يفعل الخير للعمال، حتى لو كانت العواقب وخيمة. صدقه يبرر مقدّمًا فشل خياراته. وإذا انتهى الإضراب بمأساة، فسوف يحرّك ضمائر العمال بشكل أفضل. إن ازدواجية الثوري موجودة، فهو يعد المضربين بالنجاح، ولكنه يتمنى بشكل غامض الفشل العنيف لعملهم إن أمكن. إنه يراهن على معاملة العلاقات الإنسانية بوحشية، على التطرف، على تراكم الإخفاقات، ليحولها النصر النهائي إلى طريق الصليب المجيد. في مجتمع أمريكي حيث لا يزال العمل الجماعي ضحية للإيمان العميق بخلاص الفرد بنفسه، يطرح شتاينبك معادلة الاحتجاج الاجتماعي. إجابته غامضة، من خلال شخصية المتحدث باسمه - هوس المؤلف السيئ - دوك. يؤكد شتاينبك على ضرورة النضال مشيرًا في نفس الوقت إلى استحالته. إن شتاينبك الذي يعتبره النقاد بشكل عام ساذجًا وواعظًا، كان أيضًا، وقبل كل شيء، رسامًا لأمريكا غير المرئية، أمريكا الهزيمة، أمريكا الفاشلين والمهمشين.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلا وصاية.. من مجموعتي القصصية
- أشلي أو الإهتمام.. من مجموعتي القصصية
- البروفيسور ميللر.. من مجموعتي القصصية
- عن قذارة الوسط الأدبي
- الناس إلى أشباهِهِم أَمْيَل
- المهرج
- خاطرة عن النقد والتميز
- حسين سرمك حسن: حين تلتحم الرؤيا بالرؤية.
- آدم وإيف.. من مجموعتي القصصية
- تُوم.. من مجموعتي القصصية
- لؤلؤة راشيل 9
- لؤلؤة راشيل 8
- إليها
- لؤلؤة راشيل 7
- لؤلؤة راشيل 6
- لؤلؤة راشيل 5
- لؤلؤة راشيل 4
- روايتي لؤلؤة راشيل (3)
- رواية لؤلؤة راشيل 2
- روايتي البوليسية -لؤلؤة راشيل- 1


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية -في معركة مريبة-.. جون شتاينبك