أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - البروفيسور ميللر.. من مجموعتي القصصية














المزيد.....

البروفيسور ميللر.. من مجموعتي القصصية


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 7616 - 2023 / 5 / 19 - 04:52
المحور: الادب والفن
    


لندن سنة 2022. على عتبة الشتاء.
يدخل ميللر البالغ من العمر ستين عاما مثل كل يوم خميس قاعة المحاضرات. هناك حوالي عشرين طالبا جالسين في صمت، أقلامهم جاهزة لكتابة النظريات التي سيدرسها لهم الأستاذ النبيل.
اشتهر في الكلية بخصلة شعر رأسه المتمردة وشاربه الأبيض بالإضافة إلى بدلته السوداء الأنيقة، الساعة الفاخرة في معصمه، النظارة الموضوعة على أسفل أنفه، ولهوه أثناء المحاضرات بمسطرته القديمة ذات اللونين الأسود والذهبي.
الجميع يحبه. إنه البروفيسور ميللر، جد الطلاب، والكل يجد فيه الثقة والعدل والنصيحة والشدة. تمضي المحاضرة بهدوء، فيقطعها أحيانا سؤال صادر عن الجزء الخلفي من القاعة.
يكرر ميللر ويشرح، يرسم الدوائر، يكتب المعادلات ويتساءل ويتجهم حاجباه. ثم يفهم الطالب ويشكره ويعود كل شيء إلى طبيعته. تستمر المحاضرة حتى الساعة 15:30 مساء مثل كل يوم خميس.

15:30
دق جرس الكلية الصاخب. توقفت المداور، تمددت الأقلام على الطاولات، ترك ميللر الغرفة وسط التصفيق التقليدي لطلابه.
نزل الدرج، وقف كالعادة عند الدرجة الأولى، نظر في ساعته، تنحنح وخلع نظارته. تمسك هذه المرة بالدرابزين وكأن دوارا طفيفا أصابه.
بلغ الطابق الأرضي، دخل قاعة الأساتذة. حيا أصدقاءه وزملاءه، وارتدى معطفه الرمادي.
غادر الكلية سالكا طريق الحصى الموصل إلى موقف السيارات، واستقل سيارته السوداء الكبيرة. تلاميذ يلوحون له بأيديهم مرة أخرى.

16:00

يقف منزل ميللر مهيبا في نهاية شارع بلاك ستوك. ثلاثة طوابق على طراز الملكة آن. يطل الجزء الخلفي من المنزل على الحديقة المحاطة بسور كبير، به زخارف تلمع، والتي تنمو فيها بهدوء أنواع عديدة من الورود. تنفتح غرفة الطعام وغرفة المعيشة على مؤخرة تحوي سقفا زجاجيا مزخرفا بحمائم وأسود وعناقيد عنب.

فجأة، يُفتَحُ باب غرفة الطعام، ويَكشف عن ضحكة امرأة سعيدة.
هذه المرأة جميلة في رداء الحمام الأزرق الذي لا يكاد ينغلق على ثدييها المتألقتين، والذي يكشف أحيانا استدارة فخذيها. عينان زرقاوان، شعر أشقر ينسدل على كتفيها مع انعكاسات تموج في النسيج تاركة عطرا ذا رائحة مثيرة. تضحك، تتغنج، تفتح الباب الزجاجي وتجري في ممرات الحديقة بين شجيرات الورد وخشب البقس، وفتحة رداء الحمام تكشف عن جسدها الذي خُلِق من الحب والجنون.

تدخل سيارة ميللر الحديقة. يركنها تحت شجرة الصفصاف بالقرب من المرآب الذي حوله إلى ورشة. ينزل من السيارة، فترمي المرأة بنفسها عليه، تقبل عنقه بشراسة، وجلدها ملتصق بمعطفه الرمادي. محرجا، طلب منها ميللر إغلاق رداء الحمام. ردت ضاحكة: "لقد ذهب الخدم، ويمكننا أن نمارس الحب في الخارج" ، وألقت حزامها بعيدا.
إلتقط ميللر الحزام، طوق زوجته بذراعيه، رفعها من الأرض، وحملها إلى الداخل. قال لها بهدوء: "ستصابين بنزلة برد".

بمجرد وصوله إلى غرفة الطعام، وضعها على أريكة قريبة جدا من المدفأة، "انتظري، سأقوم بإشعال نار، قدماك شبه متجمدتين وأنفك بارد."
مثل طفلة حسنة السلوك، تربعت على الأريكة، وأخفت قدميها تحت رداء الحمام لتدفئهما، بينما كانت عينا ميللر الصافيتين تركزان بحنان على هذه المرأة الطفلة.
اشتعلت النار في الموقد وألقى اللهب الجديد ومضات ذهبية على وجهيهما. سرعان ما تمددت المرأة، بينما خلع ميللر سترته، وارتدى سترة منزل ناعمة. كانا يبدوان كأب وابنته الصغيرة، لكن الرداء المفتوح على بطنها الذهبي والعاري يذكر باستمرار أنهما زوجان. فجأة نهضت المرأة واتجهت نحو ميللر طالبة منه أن يحضنها. ظبية محبوبة. تنحنح، وأخذ يداعب جسدها بيده. أغمض الشيخ عينيه. "حركة جريئة" قالت له. لكن يده لم تتوقف وكأنها تريد التعرف على هذا الجسد الخائن على الرغم منها. داعب بطنها الدافئ الناعم، ثم الثديين، وأخيرا الفخذين المتعرقتين. ثم أغلق رداء الحمام بالحزام الذي احتفظ به في متناول يده.
تمددت المرأة على ساقيه، عقد الحزام مرة أخرى، ثم، وكأنه أخطأ، فك العقد.
- انتظري، سترين، أغمضي عينيك.
أغمضت عينيها. مرر بيديه حول رقبتها ما يشبه الطوق، حزام رداء الحمام، وبدأ يعصر به رقبتها.
- صرخت: توقف يا مجنون!
لكنه واصل بإصرار ما بدأه.
انقلب جسدها المختنق إلى الخلف، يداها على الملزمة التي تطوق عنقها، عيناها جاحظتان، وجسدها في حالة فواق. نهض ميللر تاركا جسدها ينزلق عند قدميه بغرض أن يسيطر عليها بشكل أفضل، ثم شرع يخنقها مرة ​​أخرى بيديه. انحل رداء الحمام عن جسمها الكهرماني. جثى على ركبتيه وقبل قدمها، انهمرت الدموع على شاربه الأبيض، ثم سقطت على قدمها. لآلئ من الندى على وردة مقطوفة.
وجه ميللر عينيه الغارقتين في الدموع إلى السماء وصرخ "ليسامحني الرب، ولكن هكذا أفضل".
قام، حمل جسد زوجته الهامد. مشى بهدوء عبْر الغرفة، عَبَرَ غرفة المعيشة حاملا جبالا من الآلام على قلبه، وصعد السلالم.
فتح باب غرفة نومه، وضع زوجته على السرير برفق وكأنه لا يريد إيقاظها. خلع عنها رداء الحمام الأزرق، وضعه على أريكة صغيرة. ثم متجها نحو المدفأة توقف للحظة، نظر إلى الوقت في ساعة اليد "أوه، ما أسرع ما يمضي الوقت. قال متفاجئا. ثم أضاف " الجو بارد هنا ".
جلس بالقرب من المدفأة وانشغل بإشعال النار. سرعان ما اندلعت النيران. بدأ في خلع ملابسه، طاويا كل قطعة بعناية على الأريكة الصغيرة، جلس على السرير بجوار زوجته المنعكسة عليها ألوان ألسنة اللهب الزرقاء والذهبية.
ضاجع الجثة أكثر من مرة، حتى خارت قواه. بمجرد إشباع رغبته، ارتدى ملابسه من جديد. تناول بيده رداء الحمام الأزرق ولكن كان من الصعب إلباسه للجسد البارد، الميت. قال:"ليس مهما". وترك زوجته هكذا عارية، مغتصبة، تداعبها ألوان ألسنة اللهب.
نزل السلم بهدوء، فتح باب مكتبه. أمسك سماعة الهاتف، شكل رقما، واتصل به. "هنا ميللر. أحتاجكم لأنني قتلت زوجتي. أعيش في 1 شارع بلاك ستوك. تعالوا بسرعة.
متى؟ حوالي الساعة 17:30.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن قذارة الوسط الأدبي
- الناس إلى أشباهِهِم أَمْيَل
- المهرج
- خاطرة عن النقد والتميز
- حسين سرمك حسن: حين تلتحم الرؤيا بالرؤية.
- آدم وإيف.. من مجموعتي القصصية
- تُوم.. من مجموعتي القصصية
- لؤلؤة راشيل 9
- لؤلؤة راشيل 8
- إليها
- لؤلؤة راشيل 7
- لؤلؤة راشيل 6
- لؤلؤة راشيل 5
- لؤلؤة راشيل 4
- روايتي لؤلؤة راشيل (3)
- رواية لؤلؤة راشيل 2
- روايتي البوليسية -لؤلؤة راشيل- 1
- إلى والدي
- ظاهرة سولجنيتسين.. جورج نيفا
- فيلم Red Desert 1964


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - البروفيسور ميللر.. من مجموعتي القصصية