أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - أشلي أو الإهتمام.. من مجموعتي القصصية














المزيد.....

أشلي أو الإهتمام.. من مجموعتي القصصية


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 7628 - 2023 / 5 / 31 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


سارت أشلي بصعوبة، منحنية أكثر نحو الأرض التي ستبتلع جسدها وروحها قريبا. وخاصة جسدها. هذا ما كانت تردده دائما. لأنه بالنسبة للروح، لم تكن متأكدة مما سيحل بها بعد الموت. لكن ذلك لم يمنعها من مغادرة منزلها الصغير كل يوم بخطى مترددة ولكنها هادئة، للذهاب إلى الموعد الذي ضربته للمقعد القائم على جانب الطريق عند الساعة الخامسة مساء.
كان مقعدا خشبيا، تم طلاؤه باللون الأخضر بواسطة مرمم طرق البلدية. ترك مرور الوقت وسكاكين الشباب أثرهما عليه. ولم ينج من ذلك سوى عدد قليل من رقائق الطلاء القديمة. كان المقعد في الواقع عبارة عن ثلاث قطع من الخشب تم وضعها بشكل مسطح بين طوقين مصنوعين من خردة الحديد المشذبة بشكل سيء، ورابعة، تعمل كمسند ظهر، متصلة بهذين الطوقين بواسطة وَتَدَيْن صدئين.

جلست متكئة على عصاها، منحنية إلى الأمام، تراقب الشمس وهي تمضي. جلست تستنشق هواء قريتها الصغيرة، الذي استنشقته أول مرة قبل تسعين عاما. راقبت الحمام وهو يحلق في دوائر قبل أن يتجه نحو برج الكنيسة، معقل أجيال من الطيور. قارنت ألوان الأشجار المختلفة التي تصطف على جانب الطريق. كان لا يزال بصرها جيدا نوعا ما.
إنها تنتظر مرور السيارة.
لأنه لما يقرب من ستة أشهر، تنطلق سيارة كل يوم ما عدا يومي السبت والأحد بأقصى سرعة من أعلى القرية. كانت تسمعها قبل أن تراها. في البداية كان صوت السيارة يحاكي شخيرا قويا، ثم يزداد انتفاخا من ثانية إلى أخرى، كما لو كان من طبقة صوت الباريتون، ليستحيل في ما بعد ضوضاء شديدة، تعلو أكثر فأكثر. ثم تظهر السيارة في نهاية المنعطف، أسفل منزل السيدة ويلسون. كانت حمراء، بشريط أسود عريض على الجانب الأيمن. لم تكن أشلي تعرف ما إذا كان هناك شريط مماثل على جانبها الأيسر. كانت ترى هذه السيارة دائما نازلة، لترمي نفسها في منعطف آخر، على بعد مائة متر. لم يتبدل هذا المشهد أبدا. قد يحدث أن تمر السيارة بجوار المقعد في الصباح، قبل أن تنهض أشلي، ومع هذا لم تعرفها بغير هذا المعنى غير القابل للتغيير. سيارة سريعة ومزعجة.
قالت لنفسها: "ذات يوم، سيقتل هذا الشاب نفسه. إنه يسير بسرعة كبيرة ... "
كانت مقتنعة بأنه يعمل في شركة تشيتشيستر للنجارة، وأنه صغير في السن بالتأكيد.
كل يوم، كانت تخشى مرور السيارة، تماما مثلما تخشى عدم مرورها.
كانت تقول: "إذا لم يمر في يوم من الأيام، فهذا يعني أنه قد مات".
وبدأت تحدث عن ذلك من حولها. ونظرا لعدم وجود مواضيع جديدة للمحادثة، فإنها لم تتوقف عن اجترار هذا الموضوع.
"رجاء لا تخبروني عمن يكون هذا الشخص"، تابعت العجوز أشلي، مخاطبة السيد مور، الأب ستيوارت، والأرملة مارغريت، محاوريها الرئيسيين. أخشى أن أقف على اسمه في الصحيفة، في قسم الموتى. لا تخبروني بأي شيء!

لم تقل "نعي" قط. "هناك كلمات يجب تركها للمثقفين"، لطالما رددت ضاحكة هذه الجملة عند استخدام أحدهم لكلمة "نعي". كانت أشلي تتمتع بروح الدعابة.

ذات يوم، لم تمر السيارة.
كان يوم الإثنين.
"قد يكون في إجازة ..."
الثلاثاء تلاه الأربعاء. مر الأسبوع.
أين السيارة؟
كانت أشلي قلقة. لم يكن عقلها الهرم يفكر في أي شيء آخر.
"لقد أصبت بالهوس، قالت متذمرة... ربما يكون في إجازة ..."
ثم همست بعد صمت قصير:
"وإلا مات".
لم تعد أشلي تأكل.
عاودت حديثها عن هذا الموضوع كل يوم مع السيد مور أو الأب ستيوارت أو الأرملة مارغريت. لكنهم لم يعرفوا إجابة سؤالها. أو لعلهم كانوا يعرفونها، لكنهم بذلوا قصارى جهدهم لاحترام رغبتها الأولى: عدم إخبارها بأي شيء.
ثم سئموا من حديثها الدائم في هذا الباب! ولكنها مكثت تتحدث وتتحدث، إلى أن انتهى بها الأمر بخلط كل شيء: لون السيارة، اسم شركة النجارة. اليوم. الليل.
في النهاية ، ماتت أشلي، بسبب هذا أو بسبب شيء آخر.
قال كل من السيد مور، والأب ستيوارت والأرملة مارغريت: "لم تكن في كامل قواها العقلية".

عندما فتح توم هارينغتون، الذي كان يعمل كل يوم في منجرة تشيتشيستر، الصحيفة، ألقى نظرة سريعة على قسم "النعي"، القسم الذي يذكر فيه الموتى، ولم يتوقف عند اسم أشلي. لم يكن يعرفها.
أغلق الجريدة وغادر. انتهى يوم عمله. كان عليه العودة إلى المنزل. و بعد ذلك....
... كان عليه أن يدلل سيارته الجديدة، البيضاء، تلك التي تمر بقرب المقعد الأخضر كل يوم دون أن تصدر أي صوت.
كانت جديدة.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البروفيسور ميللر.. من مجموعتي القصصية
- عن قذارة الوسط الأدبي
- الناس إلى أشباهِهِم أَمْيَل
- المهرج
- خاطرة عن النقد والتميز
- حسين سرمك حسن: حين تلتحم الرؤيا بالرؤية.
- آدم وإيف.. من مجموعتي القصصية
- تُوم.. من مجموعتي القصصية
- لؤلؤة راشيل 9
- لؤلؤة راشيل 8
- إليها
- لؤلؤة راشيل 7
- لؤلؤة راشيل 6
- لؤلؤة راشيل 5
- لؤلؤة راشيل 4
- روايتي لؤلؤة راشيل (3)
- رواية لؤلؤة راشيل 2
- روايتي البوليسية -لؤلؤة راشيل- 1
- إلى والدي
- ظاهرة سولجنيتسين.. جورج نيفا


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - أشلي أو الإهتمام.. من مجموعتي القصصية