التبادل التاريخي بين مصر وإيجبت (1)

محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث
(Mohamed Mabrouk Abozaid)

الحوار المتمدن-العدد: 7600 - 2023 / 5 / 3 - 20:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

لم يكتفِ اليهود بتأليف مدونات الإجبتياكا و الجبتانا التي تجعل "جبتو مصرايم " هو الجد الأول لعشب وادي النيل، ‏ووضع توقيع مانيتون السمنودي عليها، بل أرادوا أن يكونوا هم أبناء حضارة تساوي وادي النيل، أي يضعون ‏كتفاً بكتف ! فلو كان اليهود قد قالوا مسبقاً في التوراة أنهم عاشوا واستُعبدوا في إيجبت أو ‏الصين أو الهند وخرجوا منها واتهموا رمسيس أو غيره بملاحقتهم والغرق خلفهم في أي مصرف، فقد ‏يكون مقبولاً من بعض الناس خاصة رجال الأزهر الذين يكرهون بلادنا ويكرهون أجدادنا ‏ويحقدون على حضارتهم وتاريخهم، إنما لو قال اليهود أن الجبتيين (شعب وادي النيل) كانوا ضمن ‏العشائر التي وقعت في السبي البابلي 605ق.م وحررهم الملك الفارسي كورش مع اليهود ! فهل من ‏الممكن أن يصدقهم أحد في ذلك ! وهل تصل بهم درجة الفُجر إلى تصوير شعب إمبراطورية وادي ‏النيل العظمى على أنهم عشيرة صعاليك وقعوا في السبي البابلي! وهل يجرؤ أي من ملوك بابل على ‏سبي (شعب وادي النيل) وهدم حضارته وتركها (قفراً) لمدة خمسين عاماً؛ أي تفريغها من الحياة ! ‏وهل هناك عاقل أو حتى سفيه يصدق ذلك ؟ وكيف ذلك إن كانت إمبراطورية وادي النيل أعظم من الإمبراطورية البابلية !! أو على الأقل هما ‏الإمبراطوريتان المتوازيتان في المنطقة، فهل تقع إحداهما (ليست تحت احتلال الأخرى) وإنما سبي في ‏عاصمة الأخرى لمدة أربعين عاماً !! ثم يأتي الملك الفارسي ليحررهم ويعيدهم ليبدؤوا في بناء قراهم ‏مرة أخرى !! وهل هذا يعني أنهم أعادوا بناء الهرم مرتين !!‏

بالفعل هذا ما أرده اليهود أن يكون ، طالما هناك مغفلين يصدقون ! وطالما هناك شعوب تساق كما القطعان خلف رجال الدين ذوي العته العقلي! إذ أنهم بعد إتمام مشروع الترجمة السبعونية للتوراة، ‏وقد نزعوا اسم مصرايم من النص التوراتي ووضعوا مكانه اسم إيجبت، وتبع ذلك مشروعات أخرى ‏تاريخية، إذا قاموا بتأليف عشرات الكتب ، وربما مئات ، واستبدلوا فيها – ليس الاسم- وإنما الوقائع ‏التاريخية ! فإذا كان شعب مصرايم وقع في السبي مع اليهود، جعلوا شعب إيجبت هو الذي وقع في ‏السبي مع اليهود ! وعلى هذا الأساس قاموا بتأليف الكتب ونشرها في كل مكان بلغات مختلفة ‏منها العبرية والعربية والقبطية واليونانية، فكانت منظومة التأليف منذ البداية متعددة اللغات، ‏وفي الغالب كان يتم التأليف المبدئي إما باللغة السريانية (العبرية القديمة) أو العربية القديمة، ‏ثم بعد ذلك تتم عمليات نسخ بلغات مختلفة ونشر الكتب في كل ركن ليقرأ الجميع.. ليس ذلك ‏فقط، بل عمدوا إلى طمس تاريخ إيجبت بالمرة كي يفسح المجال لتاريخ الجديد الذي يسعى اليهود ‏لتأسيسه بالمنطقة وهو نسخ تاريخ مصرايم في إيجبت ليصبح تاريخ شعب مصرايم هو تاريخ لشعب ‏وادي النيل ! وهذا ما اضطرهم لحرق مكتبة الإسكندرية التي كان هذا المشروع مستحيلاً في ‏وجودها، إذ كانت هذه المكتبة هي العقبة الكؤد أمام المشروع الصهيوني الثقافي في المنطقة، ‏ولهذا استغل اليهود - في رأينا - أحداث الحرب بين قيصر روما وكليوباترا بالإسكندرية وقاموا ‏بإحراق المكتبة كي يتخلصوا مما فيها من تاريخ وعلوم هذا البلد، وليفسح لهم المجال لغرس تاريخ ‏جديد لهذا الشعب.. ‏

ولم تكن الترجمة السبعونية هي أول وآخر المشوار، بل تبعها مباشرة تأليف الجبتانا للتحدث ‏بلسان مواطن جبتي مثقف وعالم، يتحدث بلسان وطنه ناطقاً بتاريخ مصرايم كما رأينا في الإضاءة ‏السابقة، ثم تبع ذلك كتب كثيرة منها كتاب (روح الرب) وكتاب تاريخ اليهود، وكتب ومؤلفات ‏قدمها المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس الذي كذب في كثير من المواضع وادعى أنه نقل عن ‏مدونات مانتون، وغيرها الكثير من المؤلفات الأخرى استمر نسخها ونشرها على مدار ألف عام، ونحن ‏هنا سنتناول كتاب واحد في آخر هذا الألف عام، ألا وهو كتاب (تاريخ مصر والعالم) ليوحنا ‏النيقوسي. فقد جاء هذا الكتاب ضمن سلسلة مؤلفات اليهود في إيجبت لتنطق بلسان الجبتيين ‏أنفسهم بعدما تحمل توقيعات مثقفيهم وفي بلادهم !‏

يُتبع ...‏‎
‎
‏(قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت‎ ‎‏)‏‎ ‌‎
‏ (رابط الكتاب على نيل وفرات):‏‎
‏ ‌‎ ‏https://tinyurl.com/25juux8h‏‎ ‌‎
‎
‏(رابط الكتاب على أمازون) :‏‎
‏ ‏https://cutt.us/sxMIp‏ ‏‎
‎
‏( رابط الكتاب على جوجل بلاي‏‎ ):
‏https://cutt.us/KFw7C‎
‎
‏#مصر_الأخرى_في_اليمن):‏‎
‏ ‏https://cutt.us/YZbAA
‎
‏#ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني‏

#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)       Mohamed_Mabrouk_Abozaid#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات