أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - عنوان الموضوع: رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ‏بتزوير الكتاب المقدس (6)‏















المزيد.....

عنوان الموضوع: رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ‏بتزوير الكتاب المقدس (6)‏


محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)


الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 00:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


... هذه القبيلة الإسرائيلية العربية خرجت من أدغال الجبال اليمنية لتنتشر انتشاراً ‏عنكبوتياً في منطقة الشرق بالكامل وتسيطر عليها بأفكارها أولاً وبخططها الاستراتيجية ‏المنظمة، فهذه المنطقة يسكنها شعوب مدنية غالباً ما يُصفون بالسذاجة والطيبوبة إذا ما ‏قُرنوا بأحد أفراد الفصيلة الإسرائيلية، فقد نجدت بالفعل في توجيه أفكار هذه الشعوب ‏جميعها، وجعلتها تفكر بعقل إسرائيلي جمعي، أو على الأقل عقول مُسخّرة للتفكير في ‏المصالح الإسرائيلية، ولا نستغرب من نجاح هذه العصابة في السيطرة على هذه المناطق ‏الشاسعة من العالم، خاصة أن اليهود يعملون بنظام التسويق الشبكي، فيكونون شبكات ‏من المعارف والعصابات أو التكتلات المترابطة ثقافياً وتجمعها رؤية سياسية واحدة، وكل ‏شبكة تتبع خطة معينة لغرس اسم هنا أو حكاية هناك تربط تاريخ يهودي بالجغرافيا ‏المحلية (ليصبح لليهود بعد ذلك شراكة في الجغرافيا بحكم الشراكة في التاريخ) ‏ويكفي أن يلتقط أحد أفراد هذه المجموعات طرف الخيط ليلقيه لمجموعات أخرى تعيش ‏في مناطق أخرى وهكذا تنتشر المسميات اليهودية والحكايات التوراتية بين شعوب ‏المنطقة دون أن يدري أحد، خاصة وأن اليهود لا يسمحون بدخول أحد دينهم من غير ‏السلالة، فبرغم أنهم أول الموحدين على الديانات الإبراهيمية، إلا أنهم تركوا التديّن للشعوب ‏المغبونة ومارسوا سياسة هذه الشعوب في الخفاء، واستطاعوا قيادتها ثقافياً وفكرياً على مدار ‏آلاف السنين ! وما مكنهم من ذلك أنهم متفرغين للسياسة، في الوقت ذاته الذي تتفرغ فيه ‏الشعوب للرهبنة والتصوّف والزهد والاستسلام التام لظروف الحياة.‏

فالكاتب والصحافي الإسرائيلي بوعاز عيفرون، في كتابه الحساب القومي ، أشار إلى ‏دراسات وضعها باحثون يهود إسرائيليون وغير إسرائيليين وباحثون غربيون، يؤكدون فيها ‏على أن بني إسرائيل تبنوا يهوى إله الحرب الوثني، إلى جانب عبادة عدد من الآلهة، وأن ‏‏ يهوى تحول إلى مرادف للرب في فترة متأخرة، ويتجلى هذا بشكل واضح في التوراة. أي أنهم ‏انتهجوا بالتوراة نهجاً حربياً استعمارياً ولم تعد منهج عبادة كما يتوقع الآخرون. بل إن اليهود ‏خرّجوا حركة سياسية من رحم التوراة هي الحركة الصهيونية العالمية، وبرغم أن ‏الصهيونية هي حركة علمانية، إلا أنها بنت نفسها بالاستناد إلى التوراة. واعتاد كبار قادة ‏الحركة الصهيونية ومؤسسو دولة إسرائيل، أمثال دافيد بن غوريون، التأكيد باستمرار أن ‏التوراة هي الكوشان الذي يثبت ملكيتنا للبلاد ، أي لفلسطين. ‏

يقول الدكتور كمال الصليبي: إن الزعران حركوا التاريخ، أو بعضه. فهناك أناس ‏جمعوا الثروة، وأنشأوا دولاً وأنظمة تسمّى جمهوريات أو سلطنات أو ما شابه، والمثل على ذلك ‏الفايكنغ (‏Vikings‏)، والدانوا (‏Danois‏)، والنورفاجوا (‏Norvegeois‏). هذه قبائل قراصنة ‏سكنت شمال أوروبا وصار أفرادها ملاحي أنهار، وصعدوا من أعلى نهر درينا (البلطيق) حتى ‏وصلوا إلى روسيا (نسبة إلى جماعة الروس)، وهناك فصيلة النورمان التي احتلت مناطق ‏النورماندي، التي صار اسمها مع الوقت (‏Les Ducs‏). وأحد هؤلاء النورمان مع مجموعة تابعة له ‏احتلوا إنكلترا. وملكة إنكلترا هي إحدى حفيدات هؤلاء واسمه (‏Guillaume Le ‎Conquerant‏) ، وهذا حصل عام 1066م.‏

فلا يكون مستغرباً أن تتحكم قبيلة إسرائيل في منطقة الشرق بكاملها، ولا يكون ‏مستغرباً أن تصبح بلاد العراق القديمة اسمها أيضاً يعود إلى آشور ابن نوح ...ولا يكون ‏مستغرباً أن نقرأ على لسانهم بالحرف:" الآشوريون من سلالة سام أب آشور، وهو مذكور في ‏سفر التكوين الفصل العاشر (سام ابن نوح). والإمبراطورية الأشورية هزمت الكثير من ‏الجيوش ومنحت حضارتها إلى الكثير من الأمم الأخرى..." ثم تنطلق المسرحية ليقوم مسمى ‏‏"نمرود" العربي الآرامي من جنوب جزيرة العرب ليصبح اسماً لمدينة بابلية كبيرة، ومعه ‏يقوم اسم نهر "فُرت" في جزيرة العرب ليصبح اسماً لنهر بابلي عريق هو نهر "الفرات" وبجواره ‏نهر دجلة الذي نجد أصوله في التوراة (هـدقلة) ويعني النخلة، ويقوم مسمى رفديم ليصبح ‏اسماً لحضارة العراق القديمة ويصبح اسمها "بلاد الرافدين" وبلاد ما وراء النهر، ويقوم مسمى ‏قرية "النهارين" من جنوب غرب الجزيرة ليصبح اسماً لإمبراطورية عظيمة، فيكون اسم " ‏بلاد النهرين" أي العراق ! ثم لا نعرف هل يكون اسمهم التاريخي "آشور" مشتق‎ ‎من الاصطلاح ‏الأصلي "آشاور" الأكدية التي تعني البداية (بداية الخلق) وهذا كان اسم (الله) بالآشاورية ‏كونه بداية كل شيء، وإلى هذا الاسم انتسب الشعب الذي عرف هذا الإله غير المنظور، أم ‏أنهم أبناء أشور ابن نوح وينتمون إلى عشيرة آشوريم التي كان لها مضرب خيام في وهاد وجبال ‏جزيرة العرب جنوباً !! فأولاد نوح جاؤا بعد الطوفان الذي سجله الأشاوريين العراقيين القدامى ‏في مدوناتهم، فكيف يكون هؤلاء المدونين من أبناء آشور ابن نوح الذي كتبوا عنه قبل نزوله ‏من السفينة !!‏

وهو ذات الوضع نجده في التسمية البديلة لدولة العراق، فالإخوة العراقيون إلى اليوم ‏حائرون فيما إذا كانت الكلمة عربية فتعني الشاطئ في لغة أهل الحجاز أو سفوح الجبل، ‏وإذا كانت فارسية فيرى الخوارزمي أن أصل اسمه أيراك ومنه أتت عراق وإذا كانت من عهد ‏السومريين أو غيرهم من السابقين فهي أوروك أو أونوك وتعني المستوطن، ويرى المؤرخ اومسند ‏أن كلمة اريغا موجودة في وثيقة تاريخية تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد، لكنهم لا ‏يريدون أن يصارحوا أنفسهم ويعترفوا بأن كلمة عراق هي كلمة عربية متينة نقلها ‏اليهود وأطلقوها اسماً لبلادهم كما حدث في (إيجبت-مصر) كي تصبح بذلك ركيزة ‏للمخطط التوراتي الجديد ... أما أول ذكر للعراق الصريح فقد جاء على لسان معاوية ابن ‏أبي سفيان في عهد بني أمية.. ثم توارى الاسم وأعيد في العصر الحديث من قبل الرحالة كان ‏بيركهارت عام (1822م)، ثمّ سيتزن عام (1859م)، كما سجله نيلسون جلوك وكانوفا ‏وكلاين وموز (1)‏


ونقرأ على لسان العراقيين اليوم بالحرف:" بغض النظر عن أصل كلمة العراق فإن معظم ‏المنطقة التي تسمى بالعراق حاليا كانت تسمى ببلاد ما بين النهرين (بيت نهرِين‎ Beth-‎Nahrain ‎‏ بالآرامية وتشمل الأرضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات. وفـي المدونات ‏الكلاسيكية اللاحقة ظهرت تسمية (ميزوبوتاميا) الجغرافية في زمن يقع بين القرنين ‏الرابع والثاني قبل الميلاد ولاسيما في استعمالات الكتبة الكلاسيكيين اليونان والرومان، ‏ومعناه (بلاد الرافديــن) أو (ما بين النهرين) . ويتألف الاسم من مقطعيـن: ميزو‎ Mesoمعناه ‏بين أو وسط . وبوتاميا‎ potamia ‎بمعنى نهر، وهو لفظ ينحدر عن الإغريقية، بمعنى الماء أو ‏النهـر‎.‎‏ ولـم تلبث هذه التسمية (ميزوبوتاميا) أي (ما بين النهرين) و (بلاد الرافدين) عند ‏الكتاب والمؤرخين والرحالة الأوروبيين لإطلاقه على البلاد كلها أو على جزء منها. ولا يزال ‏يستعمل حتى بعد شيوع استعمال العراق. وشبيه بهذه التسمية ما استخدمه الكتاب العرب ‏في العصور الحديثة حيث استخدموا تسمية (وادي الرافديـن) (2).‏

وجدير بالتنويه إلى أن اصطلاح ما بين النهرين أو (بيت نهرين) هي في الأصل اصطلاح ‏عربي آرامي صرف يطلق على منطقة مطلة على نهر فُرت بجنوب جزيرة العرب، ولكن ‏بعدما نقلت التوراة هذا النهر إلى بلاد السومريين نقلت معه مرافقه بمسمياتها أيضاً..فمن ‏الواضح أن تسمية(بيت نهرِين) الآرامية هي اصطلاح ثابت وكتلة صوتية واحدة لا تقصد ‏أبداً الجمع بين نهرَين وإنما تقصد منطقة نهارينا أو النهرِين التي ذكرها تحتمس باشا ضمن ‏قوائمه على جدران معبد الكرنك وسجل أنها كانت ضمن المواقع العسكرية التي انتصر ‏فيها في البلاد الأسيوية جنوب غرب جزيرة العرب. فبيت نهرين لا يمكن صرفها بأي حال إلى ‏دلالة على الجميع بين نهرَيْن بل إلى منطقة نهارينا جنوب مكة قبل أن تتحول توراتياً إلى ‏النهرَيْن (دجلة والفرات) .. وهكذا نجد جميع المصادر تعود إلى أصول يونانية وتحديداً بعد ‏مرحلة ترجمة التوراة وتذكر ذات المسميات التوراتية.‏

أما تسمية مدينة "بابل" فلها حكاية أخرى.. فقد أطلق العراقيين القدامى على لغتهم ‏اسم‎ ‎اللغة الأكادية‎ "‎الأكّدية"، وذلك لأن منطقة بابل ككل كانت تُدعى عندهم ‏‏"أكّاد" كما يُلاحظ في نقوش كثيرة وردت فيها أسماء ملوك بابل كـ "ملك أكّاد" أو "ملك ( ‏أكّاد‎ ‎وسومر) ولم يكن هناك أي وجود لكلمة بابل إطلاقاً. بل إن كلمة بابل عربية ‏متينة من لغة جنوب الجزيرة العربية.. وبالبطع يتساءل القارئ كيف طارت من جنوب ‏الجزيرة إلى العاصمة " أكّاد " ليصبح اسمها " بابل " ؟! ربما طارت على جناح هدهد سليمان.. ‏فالإخوة العراقيون لم يختاروا اسم بلدهم ولا عاصمتهم لا القديمة لا الحديثة على ما يبدوا ! ‏وإنما اليهود هم من اختاروا لهم اسم بلدهم وعاصمتهم واسم حضاراتهم (البابلية) كما اختاروا ‏لنا اسم حضارتنا (الفرعونية) !‏

إن مسمى " بابل" هو بالنطق اليوناني‎) ‎بابِلُون‎ (Βαβυλών ‎وباللاتيني (بابِلُون‏Babylon‏) هو ‏تصحيف للاسم العربي والعبراني (بابل) كما ورد بالتوراة حرفياً والتوراة لم تنزل باللغة ‏الأكدية السومرية إنما بالسريانية (العبرانية القديمة)، وربما كان معنى بابل ختصار ‏لكلمة (باب إيل) والتي تعني بالعبرية (باب الله) على غرار (بيت إيل= بيت الله)، لكن التوراة ‏تقول لنا شيئاً آخر... أن أولاد العم سام ابن نوح بعد أن هبطوا من السفينة وبدأوا تشييد عشش ‏ومساكن لهم في المنطقة، قرروا إحداث طفرة معمارية، بأن يستخدموا طريقة حديثة في ‏أعمال البناء وهي شوي الطين؛ أي حرقه لصناعة الطوب الأحمر بدل الأحجار والضخور، ولم ‏يكملوا بناء المدينة والبرج وبدد الله بنيانهم وبددهم الرب فكفوا عن البناء ولذلك دعى ‏اسمها "بابل" لأن الرب هناك بلبل ألسنتهم. وعلى ما يبدو أن الله انتقم منهم فجاء أحفادهم ‏اليهود ليبلبلوا ألسنتنا نحن، بل إنهم بلبلوا أفكارنا وعقولنا بكاملها بأفكار من نوعية الغراء ‏المصنوع من عظام الحيوانات النافقة !‏

‏ تقول التوراة (سفر التكوين 11): 1. وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً‎. ‎‏3 ‏وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نصنع لَبِناً ونشويه شيّاً ». 4. وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا ‏رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ‎.‎‏ 6. وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا ‏شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ... وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ‏‎.‎‏ 7. هَلُمَّ ‏نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ‎».‎‏8. فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى ‏وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ،9 . لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ ‏لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ‎.‎‏ 10. هذِهِ مَوَالِيدُ سَامٍ: لَمَّا ‏كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ، بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ‎."‎

ولما كانت عشائر العرب من سلالة نوح انتشرت بعد الطوفان في منطقة وسط وجنوب ‏الجزيرة العربية، وكانت هناك عزبة أسموها (بابل) وبها حصن خرب بالطوب اللبن، وبعدما ‏تهدم الحصن انتشر سكانه إلى الجنوب وكان من سكان هذا الحصن الذين خرجوا هو ‏مصرايم ابن نوح، وأقام بعضهم ممالك مثل مصرايم ابن نوح بنى مصرايم تقع إلى جوار ويهوذا ‏وبابل والشامرا وإرم ذات العماد وأورشليم والقدس ممالك سليمان وداود في جنوب غرب ‏الجزيرة، وبابل هي التي ورد ذكرها في القرآن قرينة بحكايات سليمان، يقول تعالى ‏‏(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ ‏كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) 102/البقرة. ‏وواضح أن أسماء هاروت وماروت عبرية على غرار أوزان الأسماء العبرانية وليست سومرية ‏أكدية بأي حال مثل نابورياش وكدشمان إنليل..إلخ. أي أن مضمون الآية واضح أن بابل لها ‏علاقة بسليمان والجن الذين سخرهم الله له والملكين هاروت وماروت، فلو كانت مملكة ‏سليمان بفلسطين الحالية، فما علاقتها ببابل العراقية الحالية ! ‏

في الحقيقة كانت عزبة بابل هذه وممالك سليمان وداود ومصرايم وإرم متجاورة في ذات ‏الإقليم الذي صبت فيه سفينة نوح أحمالها، وهو نطاق الطوفان، أما قول اليهود بأن أولاد نوح ‏انتشروا في بقاع العالم انتشاراً عنكبوتياً ليعمروا العالم فهذا محض كذب مفضوح لأن الذي ‏دمره الطوفان هو إقليم الجزيرة العربية 5000 سنة ق.م أي كانت الحضارة الأكدية ‏والآشورية والقبطية قائمة، فهل يترك أبناء نوح الإقليم الذي خلا من الحياة بفعل الطوفان ‏وينتشرون في أقاليم عامرة بالسكان لتعميرها !! فهناك في هذا الإقليم تركزت عشائر أولاد ‏نوح ومصرايم وبابل التي وردت بنص التوراة والقرآن قرينة بسيرة الملك سليمان. وبعدما انهار ‏حصن بابل خرجوا منه وانتقلوا جهة الجنوب.. هذا كل شيء عن بابل، أما حكاية انتقال ‏اسمها إلى الدولة الأكدية السومرية فهي ذات الحكاية التي انتقل بها اسم مصرايم إلى ‏إيجبت في التوراة السبعونية، لكن بآلية منعكسة، بمعنى أنه تم تجريح نص التوراة وغرس ‏اسم إيجبت في نص التوراة نفسه لأن إيجبت كانت عاصمة البطالمة وغير ممكن طمس ‏اسمها، أما بابل التي وردت في نص التوراة فقد تم إطلاقها اسماً للإمبراطورية الـ" أكادية " ‏فصارت بابل عاصمة لها ضمن مشروع الانتشار العنكبوتي للخرائط التوراتية!‏

ولم يتوقف الأمر على حدود هذه الشعوب المجاورة لوكر الثعالب من كل جانب، بل ‏نجده في أسبانيا أيضاً ! حيث كان المشروع السبعوني أضخم مما نتصور! حين نقرأ في كتاب ‏التاريخ للمؤرخ اليهودي يوسيفوس (القرن 3 ق.م)، يقول: أن أهل الأرض بعد الطوفان اجتمعوا ‏وكانت لغتهم واحدة فاختلفوا وتفرقوا في البلاد، وذهب بنو كتيم إلى أسبانيا وأقاموا بها، ‏ومضو بنو توبال إلى أرض يوسينا وأقاموا بها وشيدوا مدينة أسموها أسبانيا باسم البنّاء الذي ‏بناها وكانوا يرغبون في مصاهرة أعمامهم بني توبال(3). فبرغم أن مسمى" أسبانيا لم يرد في ‏نصوص التوراة إلا أن كتب اليهود التاريخية أكملت من نقص في هذا النص.. وهذا ما يعني في ‏عرف اليهود أن الطوفان لم يكن يكتسح الأمم والشعوب والبلاد، بل كان يتقافز مثل ‏العنكبوت ليحط بيضاته في بؤر معينة ستعتبر محور ارتكاز مهم لليهود فيما بعد أن يفقس ‏البيض. ‏

أما الوضع في بلاد الإغريق فكان مختلفاً نسبياً، فلم يرد اسم " الإغريق ‏Greek‏ " في ‏نصوص التوراة لكن التوراة اخترعت لهذه البلاد اسماً من ثوبها، فصار " اليونان" وهذه الكلمة ‏لا يوجد لها جذر في لغة بلادها الإغريق، إنما هي كلمة عربية آرامية متينة، لكن ‏التصقت ببلاد اليونان كاسمٍ لها تلبية لرغبة اليهود.. وتبنت الثقافة العربية والعقل العربي ‏بالكامل وجهة الرغبة اليهودية ! على الرغم من أن‎ ‎الإغريق‎ ‎أطلقوا على بلادهم اسم" ‏هيلاس أو إلادا‎ (‎اليونانية‎: Ἑλλάς ‎أو‎ Ελλάδα) ‎واسمها الرسمي هو ‏Greek‏ ،‎ ‎باللغة ‏الإنجليزية وتعني الإغريق بالعربي.‏

وتقول المصادر أن تسمية اليونان تعود نسبةً لقبيلة الإيوانيين‎ ‎الإغريقية (‏‎: (Ἴωνες ‎‏ ‏وهم من أهم القبائل الإغريقية من سكان منطقة‎ ‎إيوانية‎ ‎في غرب الأناضول. لكن كما ‏حدث في ليبيا أن قامت السبعونية باختراع رابط واشتقاق لغوي بين "شعب ليبيا- ليبوس" ‏وقبيلة (لابان) العربية في أدغال عسير، قاموا أيضاً باختراع رابط مشابه للإغريق فقالوا ‏أن‎ ‎تسمية هذه القبيلة الإغريقية (الإيوانيين-‏‎ (Ἴωνες‏ ترجع إلى لیاوان بن یافث ‏‏(حسب‏‎ ‎سفر التكوين، وفي النهاية تم تحوير الاسم الإغريقي ليتلاءم مع اسم نبي من بني ‏إسرائيل اسمه "يونان" .. وهكذا يتم خلق قواعد ثقافية توراتية متشعبة في كل مكان ‏وفي كل الشعوب... أليس شيئاً غريباً أن ترتبط جميع أسماء الدول بأسماء عشائر وأشخاص ‏ذوي خلفية توراتية ؟! هل جاء ذلك بحسن نية من اليهود!‏
يُتبع ...‏

‏(قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت ) ‏‎
‏ (رابط الكتاب على نيل وفرات): ‏‎ https://tinyurl.com/25juux8h‎‏ ‏‎
‏(رابط الكتاب على أمازون) : ‏‎ https://2u.pw/124aO
‏#مصر_الأخرى_في_اليمن‎
‏#ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني.‏

الهوامش:‏
‏1- مقال بقلم ليلى طارق الناصري بعنوان " معنى اسم العراق" منشور بتاريخ 9"11/2016 - رابط الموضوع: ‏
https://tinyurl.com/2p8ndyz7
‏2 - كتـاب: اسم العـراق، أصله ومعناه عبر العصور التاريخيـة، تأليف: سالم الالوسي، ط1، ‏منشورات المجمع العلمي العراقي، بغـداد، 2006 .‏
‏3- المؤرخ اليهودي يوسيفوس: الفصل الأول ص 4 رابط الكتاب:‏
https://www.mediafire.com/file/ejen1x3nan8rigz/tari5_yosifos.pdf/file



#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)       Mohamed_Mabrouk_Abozaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ‏بتزوير الكتاب ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب ...
- إيچبت ... ليست هي مصر (3)
- إيچبت ... ليست هي مصر (2)
- إيچبت ... ليست هي مصر (1)
- قراءة في كتاب؛ ( مصر الإسرائيلية ) - 2
- قراءة في كتاب؛ مصر الإسرائيلية
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (5)
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (4)
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (3)
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (2)
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (1)
- كيف أصبح تاريخ العرب ديناً للشعوب ! (3)
- كيف أصبح تاريخ العرب ديناً للشعوب ! (2)
- كيف أصبح تاريخ العرب ديناً للشعوب !‏ (1)
- بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (6)‏
- بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (5)‏
- بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (4)‏


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - عنوان الموضوع: رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ‏بتزوير الكتاب المقدس (6)‏