أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - ‏ الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (6) ‏















المزيد.....

‏ الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (6) ‏


محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)


الحوار المتمدن-العدد: 7584 - 2023 / 4 / 17 - 19:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نمكل معاً كشف التزييف التاريخي في البرديات المصرية القديمة ، حيث عمد ‏الصهاينة إلى تأليف تاريخ يحكي قصة حياة كل بلد من بلدان العالم وبلغتها وبلسان ‏أبنائها، وفي وادي النيل كان لدينا مثال صارخ على ذلك هو برديات مانيتون السمنودي ‏الذي وضع قواعد التاريخ المصري القديم وحدد لنا بداية عصر التدوين وحدد بداية ‏قيام نظام الحكم المركزي بعصر الملك مينا نعرمر موحد القطرين وأنه يعود إلى عام ‏‏4400 ق.م أي تقريباً ذات التاريخ الذي اعتمدته التوراة ! وقسم لنا تاريخنا إلى 31 أسرة ‏ملكية حكمت بلاد وادي النيل على مدار حقب تاريخية متتابعة ، كما شرح هو ذلك ‏تفصيلاً في مدونة " إيجبتياكا " التي يعتمد عليها الآن علماء الآثار المصرية " ‏Egyptology ‎‏ ، وصار هذا علم يدرسه الطلاب في الجامعات المصرية وكل جامعات العالم ‏‏! ... هذا هو الروائي الصهيوني اليمني العربي الذي يقوم بتأليف كتب التاريخ لكل ‏شعوب العالم تفصيلاً حسب ما تقتضي سيناريو نصوص التوراة ! .. نتناول الآن حزمة ‏بردياته المعنونة " إجبتانا " تكملة لسلسلة مقالاتنا في كشف الأدلة حول هوية المؤلف ‏اليهودية العربية رغم أنه كتبها بالهيروغليفية، وذلك من خلال فحص الكلمات ‏والعبارات وأساليب الصياغة التي يتصاعد منها بخر البلاغة العربية بنكهتها المميزة ...‏

‏24)‏ الأسماء نمطية وتحمل خواص سامية آرامية، مثل (كوفو وكوفا وشاسو ‏وشاسا وكونو وكونا ولابانو ولابانا، تينو، رامو، جبتو جبتانا، ‏جباتا..إلخ)... وجميعها آرامية وتنتمي أكثر إلى اللهجة السريانية المميزة ‏بهاتين النهايتين دون غيرها، ولا يوجد لها أي جذر هيروغليفي مطلقاً، بل ‏إن لابانو ولابانا هي تحريف لاسم " لابان" الوارد عشرات المرات بالتوراة وهو ‏اسم عَلَم مذكر لشخص، وكان اسم عشيرة اللابانيين في التوراة. وأما "لابانا ‏‏" فهو اسم شخص واسم مقاطعة عربية آرامية كانت واقعة تحت الاحتلال ‏البابلي، كما سنقرأ في رسالة (أكيزي) ملك قطنا إلى ملك بابل‌‎ التي ‏يؤكد له فيها الولاء، ويخبره بأن (إيتكمّا) ملك قادش، حاول كسبه ‏ليتحالف مع الحثيين مثله، ولكنه رفض، ولذلك شّن (إيتكمّا) ‏الحرب ‏عليه، كما هاجم بلاد أُبِ وعاصمتها دمشق، واحتل القصر الملكي ونهبه، ‏وكان يدعمه في ذلك حاكما «لابانا» ‏و«زُخيزي»..( انتظر الإضاءة القادمة ‏بعنوان " مراسلات تل العمارنة).‏‎ ‎‏ وأما شاسو وشاسا، فهما اختراع المؤلف واشتقاق ‏من اسم شيس التوراتي. ومسألة نمطية الأسماء هذه تؤكد أن المؤلف كان ‏يبحث عن ضبط مسميات، ولم يكن يلتقط الأسماء والحكايات ‏بتلقائية، ولم يكن ذلك تجميعاً لتراث شعبي إيجبتي من على متون ‏البرديات والأهرام والمعابد والتوابيت كما قال كذباً.‏

بل إن حصر نهايات الأسماء (في الغالب) بإحدى هاتين النهايتين (الواو – الألف الممدودة) ‏وهي خواص آرامية يؤكد جنس المؤلف نفسه كان سامياً آرامياً، فقد اعتمد المؤلف النهاية ‏المضمومة لأغلب الأسماء التي اختارها لأبطال قصته، خاصة " جبتو" الذي اختار دمجه في ‏الهدف المنشود "مصرايم"، فأجدادنا لم يرد في لغتهم تطعيم الأسماء بهذه النهاية ( ُ) لتصبح ‏نهايات الأسماء مضمومة هكذا، فقط كانت (الواو) علامة الجمع وتضاف نهاية الكلمات ‏المفردة، خاصة اسم الإله "جبْ" أو " جبتْ " لم يرد مضموماً في أي مواضع أخرى وبصيغة مفردة ‏غير الجبتانا، وكذلك كلمة "نبو " التي جلبها المؤلف من لغته بثقافتها، وهي موجودة على ‏وضعها في اللغة الآرامية وبذات المعنى، حتى أنه الملك الآشوري (سنحاريب) لما اكتسح مناطق ‏جنوب غرب الجزيرة العربية وساد على أهلها سجدوا تحت قدمه ولقبوه (نبو – خذ – نصر) أي ‏صاحب القداسة وحده، وصار هذا اصطلاحاً تاريخياً للملك سنحاريب، وكذلك الملك الآشوري ‏نبو كودورو اوصر الذي حصل هو الآخر على لقب (نبوخذنصر) فكيف نقول أن كلمة نبو ‏هيروغليفية وأن كتبة التوراة نقلوها ! بل إن ضم نهايات الأسماء أو فتحها بالمد حصراً هي ‏خاصية ترجع أساساً إلى اللغة الآرامية ولهجتها السريانية، حيث نجد فيها أغلب الأسماء ‏تنتهي بـ"واو " مضمومة، أو ألف ممدودة مثل (عمر) في العربية، هي بالآرامية (عمرو أو ‏عمورو) و رفح= رفحو أو رفاحا، و حيفا= حيفو أو حيفا ، و عامر = عومورو أو عامورا ، و تدمر = ‏تدمرتو أو تدمرتا ، وصور= صورو أو صورا ، واليمن = تمنو أو تمنا ، روح= روحو ، يم= يأمو، ‏عشرة= عسرو، جمل= جملو، وبيت الدين= بيت دينو أو بيت دينا ...إلخ. (كتاب: الذات الجريحة – ‏سليم مطر ، ص 285 وما بعدها)‏

بينما كان الجبتيون القدماء يجعلون أغلب نهايات الأسماء في حالة سكون، مثل ( آل ‏نيلْ –جبْ – مفكتْ - ستْ – ستنْ – سننْ - سِنْجمْ– سقننْ رعْ – رع مسيسْ– بِنْبِنْ – أونْ – توتْ – ‏نوتْ – تفنوتْ - تحوتْ – أتومْ – آمونْ - أتونْ– أوزيرْ – حورْ – سِخمتْ – أنوبْ – سوبكْ – أبيسْ – ‏أنوبيسْ - مانيتونْ - ميرتْ..إلخ. فغالبية الأسماء والكلمات تحافظ على نهايات ساكنة حتى ‏وإن وجدت بعض الكلمات مضمومة لكن هذا لا يشكل ظاهرة أساسية، فاللحن اللغوي ‏‏"الفونيميا " مختلف تماماً عن لحن اللسان الآرامي، بل إن الظاهرة المهيمنة هي تسكين ‏النهايات مع استخدام أصوات رقيقة بعيداً عن الطاء والظاء والضاد، لأن اللغة وهي اللسان ‏يعتبر نَسْخاً ملموساً للعقلية الذهنية، والعقلية كانت (علمية عملية تطبيقية) ومن هنا ‏التزمت الضبط والإحكام في كل شيء، بخلاف العقلية العربية ألأدبية الشعرية الغنائية ‏التي استطاعت مط وثني وليّ الكلمات واشتقاق ألفاظ وأفعال حتى وصلت اللغة إلى 12 مليون ‏كلمة من أصل 16 ألف جذر لغوي فقط، فاللغة العربية وأمها وأخواتها كانت أكثر مرونة ‏ليس فقط في الاشتقاق ولكن في النطق الغنائي اللحني، وهذا يختلف عن العقلية الجبتية ‏العلمية التي التزمت الضبط والإحكام في كل جوانب الحياة. ‏

‏25)‏ ‏ كلمة " آمين " التي يقول محقق الجبتانا أنها مشتقة من الأصل المصري " آمون" بينما الحقيقة ‏أن كلمة " آمين" برسمها ونطقها موجودة في اللغة الآرامية (أصل العربية والعبرية ‏والسريانية) وتعني؛ يا رب استجب ( الذات الجريحة – سليم مطر ، ص 285 وما بعدها)، أي هي جملة ‏فعلية وليست اسم عَلَمْ مثل " آمون". وكلمة " آمين" وردت كذلك في النقوش الأثرية اليمنية ‏ذات اللغة والحرف الكنعاني وليس العبري، فترد إشارة إلى (عبران)، كما يرد في نقش "بيت ‏الأشول" الذي يعود إلى عصر ملوك سبأ، اسم صاحب النقش وهو (يهودا يكف)( عبد القادر ‏بافقيه. تاريخ اليمن القديم. 1973 ص.158)، وأسماء مثل: أشوع ويشوع، في حين أن الآلهة الوثنية ‏المتعددة تصاحب كل نقش، فيما عدا نقش متأخر عثر عليه الباحث مطهر الإرياني في ‏منطقة ناعط، وردت فيه عبارة الإله الذي في السماء، وعبارة آمين .( مطهر علي الارياني. نقوش ‏مسندية وتعليقات. مركز دراسات البحوث اليمنية، ط.2، 1990 ص 402)‏

‏26)‏ ‏ كلمة " جبار " التي وردت في الجبتانا باعتبارها اسم لحصان البراق، لا يوجد لها أي جذر ‏لغوي في الهيروغليفية، إنما هي اشتقاق حي من كلمة " جبرائيل" في العبرية، والتي هي اسم ‏ملاك، لكن المؤلف حاول تطويعها حتى لا يبدو واضحاً أنه يقتبس أسماءه من التوراة.‏

‏27)‏ ‏ الجبتانا تصف النيل بأنه ذا الماء الأحمر ! بينما كلمة النيل: تعني النهر الأزرق ‏!‏ وهي محاولة خبيثة للربط مع أحداث الدمار والخراب والدم الذي أصاب نهر مصرايم بعد نكول فرعونها عن تلبية طلبات موسى وبني إسرائيل في جنوب الجزيرة العربية ..

‏28)‏ ‏ هناك نمط اجتماعي معين سارت عليه أحداث السيناريو من البداية للنهاية دون أن يتغير، ‏برغم أن أدوات الرواية تغير، مثل ذكرها لأنواع الآلهة، خاصة "أدونيس" الذي لم يظهر إلا في ‏العصر اليهودي أي في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد، وهي اشتقاق من الاسم الوارد في التوراة " ‏أدوني‎ ‎‏" بالنطق اليوناني تصبح "أدونيس" تلقائياً، والعبادات جميعها في إيجبت وفينيقا وآشور ‏بابل وغيرها، وأسماء مدن متطورة ظهرت في عصور متأخرة، وبرغم ذلك يظل النسق ‏الاجتماعي للرواية متحجر يطوف حول الحياة القبلية البدائية والعشائرية البدوية، ‏والاعتماد على الصيد البري والتقاط الثمار!، خاصة الاستمرار في استخدام كلمة " ‏معسكر" التي لا تتسق مع طابع الحياة المدنية في وادي النيل والقائمة على الزراعة ‏والاستيطان والاستقرار، وهذا النمط من الحياة القبلية العشائرية والمعسكرات لا نجده إلا ‏في نمط الحياة اليهودية على سفوح وفي وهاد جبال عسير خاصة مضارب الخيام المتنقلة ‏والبيوت التي هي أخصاص من الحطب والقش.‏

‏29)‏ ‏ كون الجبتانا قد حددت اليوم الثامن لميلاد الطفل موعداً لختانه، وفقاً للميثاق أو العهد بين ‏الله وإسرائيل، فلا يعني ذلك أن الديانة اليهودية اقتبست هذا الطقس من متون الجبتيين ‏القدامى، إنما من قام بتدوين الجبتانا يعلن سهواً عن هويته فيضع الموعد اليهودي موعداً ‏للجبتيين القدامى، تقول الجبتانا:" وأعلن جبتو في نهاية الاحتفال أن الربة حتحور جاءته ‏في المنام ونقلت إليه رغبة التاسوع المقدس الذي يوصي بضرورة ختان الجبتيين لأنهم من نسل ‏الآلهة وبما أن الآلهة أطهار ومقدسون فإنهم مختونون وهكذا فكل مولودٍ ذكر من نسل ‏جبتو مصرايم فلا بد وأن يختن في اليوم الثامن من ميلاده .( الجبتانا " ص 112)‏

بينما تفرض التوراة ختان كل الذكور في اليوم الثامن من ولادتهم (التكوين 17: 1ـ14، ‏اللاويون 12: 3)، وتشدد في هذا الأمر، حتى وليد الأم اليهودية غير المختتن نادراً أن يعتبر ‏يهودياً. (ويمكننا مراجعة النسخ الأصلية للتوراة قبل أن يدخل اليهود إيجبت كي نتأكد ‏أنها من عقيدتهم الخاصة وليست من إيجبت، ويسمى حفل الختان بالعبري "بريت ميلاه" ‏بمعنى "عهد الختان". وجاء الختان ليكون مفهوماً بأنه علامة العهد الذي بين الله وبني ‏إسرائيل منذ قصة إبراهيم في سفر التكوين. وتقع فريضة الختان على الأب إلا أنه ينيب عنه ‏عادة خبيرا للقيام بذلك يسمى "موهل" (المُطهر). يتم حفل الختان في اليوم الثامن من الولادة إلا ‏إذا كانت الظروف الصحية للوليد لا تسمح بذلك. ففريضة الختان تنسي حتى أمر الالتزام ‏بالسبت، وبالتالي قد يتم القيام بحفل الختان في السبت أو العيد‎.‎‏ إن حفل الختان يعد مناسبة ‏بهيجة وسارة تجلب حشوداً من الأهل والأصدقاء إلى منزل أهل الطفل. وبما أن المشاركة في ‏طقس الختان شرف فإنه يتم تعيين ذوي القرابة جداً لحمل الطفل في أثناء الاحتفال الذي ‏يشتمل على القراءات والصلوات.‏

بينما يوضح الباحث الأثري أحمد عامر ("البوابة بتاريخ 9/2/2018) أن الجبتيين عرفوا الختان ‏منذ أقدم العصور، حيث تم الكشف عما يدل على ذلك من آثار في جبانات عصور ما قبل ‏التاريخ منذ 4000 عام ق.م، وذلك يمكن تبينه من المومياوات التي بلغت درجة حفظها أن ‏أمكن فحصها والاستدلال منها على إجراء عملية الختان، هذا بالإضافة إلى وجود صورة ‏تمثل‎ ‎عملية الختان يقوم بها جراح مصري في قبر في جبانة "منف" ترجع إلى عهد الأسرة ‏السادسة من الدولة القديمة، وأخرى من الدولة الحديثة بمعبد الكرنك‎.‎‏ وكان الختان ‏عندهم من أنواع العناية بنظافة البدن على نحو ما ذكره "هيرودوت". ‏

ويؤكد الباحث أن النقوش وخاصة التي تتصل بغير الملوك والآلهة، قد مثلت‏‎ ‎العملية‎ ‎وهي ‏تُجرى على أشخاص متقدمين في السن إلى حد ما، ما يعني أن عملية الختان كانت تُجرى ‏للأطفال فيما بين السنتين السادسة والثانية عشر من العمر أو قبل المراهقة بقليل‎.‎‏ ومن أهم ‏النقوش أو الصور التي تمثل عملية الختان هو النقش الموجود في مقبرة سقارة في مقبرة "عنخ ما ‏حور" من الأسرة السادسة وهو مكون من جزأين، ففي الجزء الأيمن منه نري الجراح وقد ‏ذكرت قبالته عبارة "الكاهن المختن‎" ‎، ويتضح من الصورة أن الطفل كان في حدود العاشرة ‏من عمره. بينما هناك اتجاه توراتي آخر من المؤرخين يصر على تأويل النقوش بما يتوافق فقط ‏مع نصوص التوراة، فيقول هذا الفريق بتتابع الولادة والختان مباشرةً، ويتخذون بعض نقوش ‏المعابد الخاصة بولادة وطفولة الأمراء، دليلًا على أن‎ ‎عملية‎ ‎الختان إنما كانت تُجري بعد ‏الولادة بأيام، لكن الغالب أن هذا التمثيل كان رمزيًا وليس توثيقاً لعملية الختان في ذاتها. ‏وفي كل الحالات لا يوجد دليل على أن القدماء تقيدوا بموعد اليوم الثامن لميلاد الطفل كما ‏هو مذكور في التوراة نصاً وحرفا. والخلاف في الجبتانا ليس حول ظاهرة الختان في ذاتها وإنما ‏تحديد اليوم الثامن بالذات كموعد له هو الذي يوضح هوية المؤلف بالإضافة إلى الأدلة ‏الأخرى.‏

‏30)‏ ‏ يصور المؤلف على لسان مانيتون قصة قديمة جداً قدم الزمان تدور أحداثها في قرية بدائية ‏اسمها "جبتانا " ويسكنها الجبتيون، وكان الفتيان والفتيات يخرجون للصيد كل صباح ‏ويعودون بالطعام وما التقطوه من ثمار الأرض وبما اصطادوه من بط وإوز وبما جمعوه من بيض ‏الطيور.. وكان كبير القرية وزعيمها هو "جبتو" ثم بعد عدة فقرات يظهر أنه يسمي ابنه ‏أيضاً جبتو، ويصبح هو جبتو الكبير "جبتو مصرايم"، برغم أن ذلك لا معنى له، لكن ‏المؤلف كان يريد الحفاظ على استمرارية الاصطلاح "جبتو مصرايم " الجد الأكبر ‏للسلالة، ليتم ترديده مئات المرات في كل فصول وأحداث القصة حتى يترسخ المعنى ‏المقصود !‏

ويقول المؤلف: من بين الشجيرات التي نبتت في مدخل القرية ظهر جبتو ودان ومجموعة من ‏الغلمان يقودون أحد صغار فرس النهر بعضهم يسحبه من رأسه بحبال من الليف وبعضهم ‏يدفعه من خلف ثم تكاثر حولهم الوافدون وتجمعوا وذبحوا ذلك العجل الثمين على طرف ‏البحيرة وتم تقطيعه وإعداده للشواء.. ثم يذكر مانيتون من بين شخصيات القصة الفتاة ‏جبتانا ولابانا وتونا وأخريات... ويصف جميع سكان القرية بالـ"جبتيون " الذين يشعرون ‏بالامتنان لتاسوع الآلهة الذي أرسل لهم جبتو الذي هو من نسل الإلهة لكي يأخذ بأيديهم ‏ويصل الفروع بأصل الشجرة الجبتية... وكان جبتو سعيداً بتزايد أعدد الجبتيون الذي به ‏يتحقق أمن جبتانا، كما تُنجز الأعمال التي تيسر شؤون المعيشة، وعاود جبتو شعوره الغامر ‏بالوجد والسلام والتميز، وبأن الآلهة معه وبأنه " نبو " وكان جبتو حاكماً لأهل هذه القرية، ‏وكان كاهناً وطبيباً وحكيماً لها.. وكان يضع على جسده مئزراً عبارة عن قطعة من ‏جلد بقرة (الجبتانا " ص123)‏

وكلمة " نبو " لا وجود لها في الهيروغليفية، إنما هي كلمة سريانية ويقابلها الكلمة ‏العربية الأصل " نبي" أي كاهن مقدس مكلَف من قبل الإله. والغريب أن مؤلف الجبتانا لم ‏يستطع إخفاء هويته اليهودية الإسرائيلية، فالسلالة الإسرائيلية هي سلالة الأنبياء لأنهم ‏قومية فاسدة ولا تنصلح أحوالهم ولا تسير إلا بوجود نبي أو رسول بينهم، ومعروف أن النبوة ‏والرسالة ليست من إبداعات البشر بل هي وحي سماوي مصدره السماء لإصلاح شؤون الإنسان ‏وتصويب سلوكياته الفاسدة، أي ليست من عبقرية وإبداعات الإنسان نفسه... وهذا على ‏العكس تماماً من نظرية العبادة لدي المصريين القدماء، إذ أن أحداً منهم لم يدع الوصل ‏بالإله، وليس في عرفهم نظرية الوحي ولا المعجزات إطلاقاً، بل إن العبادة لدى القدماء كانت ‏تقوم على تصورات معينة للإله، وليست أوامر خارجية منه أي إلزام منه، فلو تدبرنا العقيدة ‏الدينية القديمة نجدها تقوم على أساس الإبداع والابتكار الفكري البشري وليس الوحي ‏الجاهز، وكل الكهنة لم يدعو أنهم تلقوا وحياً خارجياً من قبل الإله، إنما الترانيم كانت ‏نصوص بشرية يتم تأليفها لوصف الإله ومناجاته وليس ترديدها باعتبارها كلام الإله ‏ونصوصه هو وتأليفه هو، إنما هم كانوا يؤلفون له هذه النصوص كي يرضى عنهم. ولذلك ‏جاءت جميعها ابتهالات وأدعية وليست إلزامات، وفي المقابل كان العرب يذبحون أطفالهم ‏ترضية للإله، أو يذبحون أحد أبناء القبيلة كي يكرمهم الإله بمحصول وافر..‏

‏ ولم يعرف أجدادنا في وادي النيل نظرية النبوة والوحي. بينما مؤلف الجبتانا اعتبر النبوة ‏أساس العقيدة الدينية منذ البدء، وهذا خطا استراتيجي وقعت فيه الصهيونية المبكرة، وعلى ‏هذا نسج المؤلف في خياله أن جبتو ادعى النبوة وأن مانيتون ادعى النبوة ..إلخ. في حين أن ‏فكرة النبوة والوحي السماوي كانت لازمة فقط لبني إسرائيل بشرط أن يصحبها معجزات ‏مادية لأنهم بطبيعة جنسهم لا يؤمنون بإله، وتقوم العقيدة لديهم والعبادة شريطة أن ‏يُعجزهم الله عن فعل ما ويأتي بأفعال لا يقدر عليها بشر "المعجزات" والتي مصدرها السماء ، ‏بينما أجدادنا كانوا يتأملون في قدرة الخالق وإبداعه فيبحثون عنه ويتقربون إليه بالمناجاة ‏والشكر ، يبحثون عن الإله بالفطرة وبتلقائية ودون الحاجة لمعجزات، ولهذا لم يكن ‏الكهنة في حاجة لادعاء النبوة، بل إن النظرية معكوسة تماماً.‏

يُتبع ...‏‎

‏(قراءة في كتابنا : مصر الأخرى – التبادل الحضاري بين مصر وإيجبت‎ ‎‏)‏‎ ‌‎
‏ (رابط الكتاب على نيل وفرات):‏‎
‏ ‌‎ ‏https://tinyurl.com/25juux8h‏‎ ‌‎

‏(رابط الكتاب على أمازون) :‏‎
‏ ‏https://cutt.us/sxMIp‏ ‏‎

‏( رابط الكتاب على جوجل بلاي‏‎ ):
https://cutt.us/KFw7C

‏#مصر_الأخرى_في_اليمن):‏‎
‏ ‏https://cutt.us/YZbAA

‏#ثورة_التصحيح_الكبرى_للتاريخ_الإنساني



#محمد_مبروك_أبو_زيد (هاشتاغ)       Mohamed_Mabrouk_Abozaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‏ الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (5) ‏
- الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (4) ‏
- الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي عبراني (3) ‏
- الجد الأكبر - جبتو مصرايم – هيروغلي.عبراني (2) ‏
- الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي عبراني (1) ‏
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط (8)‏
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط (7)‏
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ‏بتزوير الكتاب ...
- عنوان الموضوع: رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط ‏بتزوير الكتاب ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب ...
- رحلة الغزو الثقافي اليهودي لشعوب الشرق الأوسط بتزوير الكتاب ...
- إيچبت ... ليست هي مصر (3)
- إيچبت ... ليست هي مصر (2)
- إيچبت ... ليست هي مصر (1)
- قراءة في كتاب؛ ( مصر الإسرائيلية ) - 2
- قراءة في كتاب؛ مصر الإسرائيلية
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (5)
- حضارة العرب من منظور التوسع الاستعماري (4)


المزيد.....




- كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية
- باستخدام العصي..الشرطة الهولندية تفض اعتصام جامعة أمستردام ...
- حريق في منطقة سكنية بخاركيف إثر غارة روسية على أوكرانيا
- ألمانيا تعد بالتغلب على ظاهرة التشرد بحلول 2030.. هل هذا ممك ...
- في ألمانيا الغنية.. نحو نصف مليون مُشّرد بعضهم يفترش الشارع! ...
- -الدوما- الروسي يقبل إعادة تنصيب ميخائيل ميشوستين رئيسا للوز ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود إضافيين في صفوفه
- مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي يقرر توسيع هجوم الجيش على رفح
- امنحوا الحرب فرصة في السودان
- فورين أفيرز: الرهان على تشظي المجتمع الروسي غير مُجدٍ


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد مبروك أبو زيد - ‏ الجد الأكبر - جبتو مصرايم - هيروغلي.عبراني (6) ‏