أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - • عندما يخالف المصلح حقوق العقل .. احمد امين أنموذجا ...















المزيد.....

• عندما يخالف المصلح حقوق العقل .. احمد امين أنموذجا ...


ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)


الحوار المتمدن-العدد: 7562 - 2023 / 3 / 26 - 00:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد يكون هذا المبحث غير مستساغ من قبل جماعات الاصلاح : أي الاسماء المثيرة التي برزت في سماء العالم العربي وقدمت نماذج مهمة من رؤى وافكار اصلاحية كانت ذات اثر بين في نهضة المجتمعات والامم ولكن كانت لدى بعض هذه الاسماء المصلحة اخطار فادحة ارتكبتها بأشاعة افكار ينبغي نقدها ، وهذا المبحث سيتناول جانب سيء ارتكبه احمد امين المفكر المصري الذي ارسى ومن خلال كتبه: ضحى الاسلام ، فجر الاسلام، وغيرها دراسات عقلية مهمة في قراءته للتاريخ ، ولكن كغيره وقع في فخ الافكار المتطرفة التي اعتبرها جزء من منظومة الاصلاح دون ان يسلط نقده على بعض الاسماء التي ساهمت في تدمير العالم الاسلامي بسبب افكارها السيئة ومنها: محمد عبد الوهاب زعيم المذهب الوهابي والذي اعتبره امين في كتابه" زعماء الاصلاح في العصر الحديث" احد الزعماء المصلحين بل على راسهم ، حيث تضمنت رؤاه حوله اسماء عشرة مصلحين تناول اولهم "محمد عبد الوهاب" يقول عنه امين انه دعى الى توحيد خالص ويتساءل معه : فما بال العالم الاسلامي اليوم يعدل عن هذا التوحيد المطلق الخالص من كل شائبة الى ان يشرك مع الله كثيرا من خلقه؟ فهذه الاولياء يحج اليها، وتقدم لها النذور ويعتقد فيها انها قادرة على النفع والضر وهذه الاضرحة لا عداد لها، تقام في جميع اقطاره، يشد الناس اليها رحالهم ويتمسحون بها ، ويتذللون لها، ويطلبون منها جلب الخير لهم ودفع الشر عنهم، ففي كل بلدة ولي او اولياء، وفي كل بلد ضريح او اضرحة تشرك مع الله في تصريف الامور ودفع الاذى وجلب الخير ، وهكذا يتبين نقمة احمد امين على الناس فهو يعمل على منهجية التكفير بدلا من ان يسوق العالم الى تطوير الذهنيات بخصوص هذه المراقد والتبعية لها .
ويستمر بتكفيره والتعدي على حريات الناس مبررا افكار ابن عبد الوهاب " بل وا أسفاه لم يكتف المسلمون بذلك ، بل اشركوا مع الله حتى النبات والجماد، فهؤلاء اهل بلدة"منفوحة" باليمامة يعتقدون في نخلة هناك ان لها قدرة عجيبة ، من قصدها من العوانس تزوجت لعامها، وهذا الغار في الدرعية يحج اليه الناس للتبرك، وفي كل بلدة من البلاد الاسلامية مثل هذا ، ففي مصر شجرة الحنفي ، ونعل الكلشني وبوابة المتولي ، وفي كل قطر حجر وشجر ، فكيف يخلص التوحيد مع كل هذه العقائد" ويتضح من كلامه كرجل دين لم يخرج عن نطاق تكفير الاخرين ومطالبتهم باتباع افكار عبد الوهاب محمد لخير الدنيا والاخرة على حد وصفه وبان هذه الافكار التي يتبع من خلالها الناس اوليائهم تصدهم عن التوحيد الاساس" انها تصد الناس عن الله الواحد ، وتشرك معه غيره، وتسيء الى النفوس، وتجعلها ذليلة وضيعة ومخرفة،وتجردها من فكرة التوحيد، وتفقدها التسامي، واساس اخر يتصل بهذا التوحيد كان يفكر فيه محمد بن عبد الوهاب، وهو ان الله وحده هو مشرع العقائد وهو وحده الذي يحلل ويحرم، فكلام المتكلمين في العقائد ، وكلام الفقهاء في التحليل والتحريم ليس حجة علينا، انما امامنا الكتاب والسنة" فأساس دعوة بن عبد الوهاب التي يشيد بها احمد امين هو تكفير الاخر والدعوة الى الغاء عقولهم والاسهام في ضربها بل والاسهام في التركيز على التوحيد والتشريع، والكتاب والسنة، وكأن العقل البشري لم ينتج سوى هذه المفاهيم، بل الادهى ان احمد امين لا يشيد فقط بابن عبد الوهاب بل يشيد بابن تيمية احد اهم فقهاء التكفير ويطلق عليه "عالما كبيرا" ويعتبره حرا بتفكيره فيقول عنه " اقتفى في دعوته –يقصد محمد بن عبد الوهاب- وتعاليمه عالما كبيرا ، ظهر في القرن السابع الهجري في عهد السلطان الناصر هو ابن تيمية وهو مع انه حنبلي كان يقول بالاجتهاد ولو خالف الحنابلة، وكان حر التفكير في حدود الكتاب وصحيح السنة ، ذلق اللسان، قوي الحجة، شجاع القلب، لا يخشى احدا الا الله، ولا يعبأ بسجن مظلم، ولاتعذيب مرهق، فهاجم الفقهاء والمتصوفة، ودعا الى عدم زيارة القبور والاضرحة وهدمها ، والف في ذلك الرسائل الكثيرة ، ولم يعبأ الا بما ورد في الكتاب والسنة ، وخالف امامه احمد بن حنبل حين اداه اجتهاده الى ذلك، فيظهر ان محمد بن عبد الوهاب، عرف ابن تيمية من طريق دراسته الحنبلية ، فأعجب به ، وعكف على كتبه ورسائله يكتبها ويدرسها، فكان ابن تيمية امامه ومرشده وباعث تفكيره ، والموحي اليه بالاجتهاد والدعوة الى الاصلاح"


وهذا الكلام الصادر عن احمد امين يبين منهجيته كرجل دين لم يستطع ان يرى بعينيه تطرف محمد عبد الوهاب وابن تيمية من قبله. ونحن مع نقد هذه المظاهر المتخلفة ولكن ليس مع تكفير والغاء من يقوم بها ، على العكس فالحرية الشخصية لممارسة هذه الطقوس يجب ان تكون مكفوله لكي تستطيع الامم ان تتعايش بسهولة دون الغاء وقتل الاخر .
وفي استكماله لمديحه لمحمد عبد الوهاب يضع احد امين اسباب اخرى لسموه حسب رؤيته ، فهو يرى وصفه الناس بتعدد الهتهم من حجر وشجر واعواد خشب وقبور اولياء، وهنا اقول ان كنا ننقد هذه الظواهر لاجل الاصلاح فمرحى لهذا النقد ، ولكن عبد الوهاب ومن تبعه كانوا ينتقدون لاجل التكفير والشرعنة لقتل الاخر المختلف عنهم مما يجعلني ومعي الكثير نقول ان اسوأ شخصية مرت بتاريخ المسلمين الحديث هو محمد عبد الوهاب.
والاسلام في تاريخه حث على التعصب ودعا اليه بل ان ما فعلته داعش اليوم من هدم اثار فعله المسلمون الاوائل والمؤرخون يروون ان اهل الطائف لما اسلموا كان لهم كعبة على اللات فأمر النبي بهدمها ، فطلبوا منه ان يترك هدمها شهرا لئلا يردعوا نساءهم وصبيانهم حتى يدخلونهم في الدين ، فابى ذلك عليهم وارسل معهم المغيرة بن شعبة وابا سفيان وامرهما بهدمها، وهنا نرى ان هذه الرواية تشجع كثيرا على التطرف.ودفاع احمد امين عن شيخ المتطرفين محمد عبد الوهاب لا غرابة فيه لانه حاول ان يكون مفكرا ولكنه لم يغادر عقلية رجل الدين في ضربه الاخر ودفاعه كما يدعي عن التوحيد، اما اليوم وحتى سابقا لم يكن مبدا التوحيد هو الاساس الذي تقاس فيه الاخلاق بل ان الملحدين اليوم اكثر الناس اخلاقا وتعاملا حسنا وان اكثر الاشخاص علمانية في التفكير اليوم هم اكثرهم اخلاقا، فالتغيير هو الشيء الكبير الذي يطمح اليه اي مجتمع اليوم ، اما كيف يكون التغيير واقعا والتكفير يحتل البلاد ، ان محمد عبد الوهاب وقبله ابن تيمية وقبه تاسيسات الاسلام الاولى كلها قامت باختزال الاخر الى هوية احادية مسطحة واعتباره كافرا وعميلا خائنا. ان انتزاع صفة الادمية عن العدو تحوله الى كائن لاقيمة له ولايستحق الحياة ، وكذلك ان اليقين الراسخ الذي يملكه الارهابي هو حالة اعتقاد مشابهة لحالات المرض العقلي الذهاني التي تتميز باعتقاد لا يتزحزح بالاوهام التي غالبا ما تؤدي الى اضطرابات في السلوك ، وقد نختلف مع هذه الاعتبارات ونعتبر الارهابي ليس مريض نفسي وبالتالي نرفع عنه تحمله لنتائج اعماله الارهابية ، والارهابي هو شخص غايته الاساسية تنفيذ ما يمليه عليه ايمانه المطلق بالاشياء التي يقاتل في سبيلها، اننا امام اشكالات عدة مفادها ان الارهاب مؤسس وفق منهجيات دينية غايتها اثبات الذات ونفي الاخر منذ العهود الاولى للاديان كافة كانت الذات هي الاولى والاخر منفي ، اننا بحاجة الى نظرية (دوهيم كوين) وتعني نظرية كلية لدلالة الخبرة التجريبية وخلاصة النظرية ، حيث يتضح من الخلاصة اننا لا نستطيع الحكم على الارهابي من خلال ما يقوم به فقط ، بل نحكم عليه من خلال النسق الذي تنتمي اليه، قضية بأسرها، اي من خلال حكمنا على افكاره التي ينتمي اليها وتنتمي اليه، ووهذه هي القضية الاساس التي نحن ببصددها، ان نظرية دوهيم كوين مهمة للحكم على ما نعيشه اليوم من نسق فكري ينتمي اليه الارهاب الاسلامي العالمي ككل.
وبالتالي فان حكم احمد امين تجاه التكفيري محمد بن عبد الوهاب كان نتيجة ايمان احمد امين المطلق بالمبادئ الاسلامية الاولى وعدم ابتعاده عنها بتاتا مما يجعله مفكرا بالايمان الخالص وبمبادئ التوحيد المطلقة وعلاقتها بالانسان ككل، وما درى احمد امين وغيره ان الاسلام او الاديان برمتها لا تشكل شيئا امام نظرية الاخلاق الانسانية العليا التي تنتمي اليها رؤانا المعرفية الفكرية .

ملحوظتان:
1- ان سلوك الكاتب وامانته الفكرية هما اساسيان مهمان ولقد اعجبني نصيحة لابن المقفع في الامانة الفكرية اثبتها هنا لاهميتها فالبصريين تكلموا عن هذا الموضوع قبل 1400 سنة يقول: " ان سمعت من صاحبك كلاما او رايت منه رأيا يعجبك فلا تنقله تزينا به عند الناس واكتف من التزين بان تجتني الصواب اذا سمعته، وتنسبه الى صاحبه واعلم ان انتحالك ذلك مسخطا لصاحبك وان فيه مع ذلك عارا او سخفا فان بلغ بك ذلك ان تشير براي الرجل وتتكلم بكلامه وهو يسمع جمعت مع الظلم قلة الحياء وهذا من سوء الادب الفاشي بين الناس ،، ثم يضيف قائلا: " ومن تمام حسن الخلق والادب ان تسخو نفسك لاخيك بما انتحل من كلامك ورايك وتنسب اليه رايه وكلامه وتزينه مع ذلك ما استطعت" ( ابن المقفع ، الادب الكبير، تح: احمد زكي باشا، دار ابن حزم، بيروت، 1994، ص70)
2- المراحل التي تحدث عنها الوردي في الكتابة اهمها حسب رايي البحث الواعي والتنقيب فهو الاساس ،فالعقل الباطن لا يعمل حسب الوردي وهو فارغ فاهمية هذه المرحلة والمراحل التي تليها تجعل من الباحث والكاتب انسانا ممتلئا وتختمر عنده المعلومة وتتلاقح مكونة سيلا هادرا من قلمه حاويا لبحث وتحليل وتنقيب.



#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)       Yaser_Jasem_Qasem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن خلدون بين: علي الوردي ،عبدالرزاق مسلم الماجد، فالح عبدال ...
- الزهويون السياسيون في نظر الوردي
- متى يأخذ المثقف زمام المبادرة؟
- قيس سعيّد وعلمانية الدولة ...... الدولة – الأمة أ ...
- من سينقذ دجلة الخالد من سد أليسو؟ قراءة في كتاب -المفاوض الع ...
- الى المسؤولين في البصرة لماذا لا نحتفي بعلمائنا ؟نوري جعفر أ ...
- مفاهيم في الثقافة
- مقاربة لسمات التحديث في فكر رفاعة الطهطاوي الحداثة تشتبك مع ...
- الوعي بالعقل ، من سلسلة الوعي المجتمعي ، الكتاب الثاني ح 20 ...
- الوعي بالعقل ، دفاعا عن التنوير ح 19 من سلسلة الوعي المجتمعي ...
- الوعي بالاخر المختلف ، دفاعا عن التنوير ، ح 17 ، من سلسلة ال ...
- دفاعا عن التنوير ح 16 الوعي بالفلسفة وممارساتها
- دفاعا عن التنوير ح16 من سلسلة الوعي المجتمعي ك 2 - الوعي بال ...
- دفاعا عن التنوير ح 15 من سلسلة الوعي المجتمعي ، الكتاب الثان ...
- الوعي بالنص الديني دفاعا عن التنوير ح 14 من سلسلة الوعي المج ...
- الوعي بالاسلام السياسي والارادة لنهضة المجتمع ح 12 من دفاعا ...
- الوعي بجحرية المعتقد ح 10 من كتاب دفاعا عن التنوير من سلسلة ...
- دفاعا عن التنوير ح 9 - الوعي بالاستبداد ... ورسالة النائيني ...
- الوعي عبر الفن -ب- دفاعا عن التنوير الكتاب الثاني من سلسلة ا ...
- دفاعا عن التنوير .. ح 9 الوعي بقضاايا الانسان عبر الفن أ من ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر جاسم قاسم - • عندما يخالف المصلح حقوق العقل .. احمد امين أنموذجا ...