اتريس سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 7550 - 2023 / 3 / 14 - 23:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في الليلة الماضية وأنا غائص في عالم النوم، فجأةً تحول جسدي إلى فراشة خفيفة الظل، مستمعةً بجناحيها بين الأغصان، لم أدرك أنه أنا، أنني تلك الفراشة في منامي، وإذا لم أكن أنا حقاً وصدقاً، فهل أنا تلك الفراشة التي تحلم أنها أنا؟ أم أنا الذي حلم أنه فراشة؟
إن حياتنا مجرد وهْم وخيال، فنحن نحلم كثيراً، وفي هذا الحلم نعتقد أننا وسط الحقيقة حتى نستيقظ، فنتأكد أن ما عشناه في الحلم هو مجرد وَهم، فما الذي يوقفنا عن التفكير بأن حياتنا مجرد حلم طويل لم نستيقظ منه.
وإذا تأملنا في حاضرنا فإننا نستدرج حقيقةً غائبة وهي أنْ لا حاضر لنا، فكم هو هذا الحاضر؟ كم وقته؟ وهو أكثر ما نخطط له سواء إعتمدنا على بنية الماضي أم على تطلعات المستقبل هذه الصورة المعاكسة لما نفكر فيه كل الوقت، ونعتقده حدثاً هو مجرد وهم في معاكس الصورة الحقيقة، فلن نمتلك القدرة نهائياً على تحديد أين نحن؟ أو أين نتحرك وفق محرك الزمن؟ وهذه هي النظرية حول الحياة الحلم، لأننا لا نتحكم في أحلامنا في الماورائيات، بل نسير وفق إتجاه معين وهو الأمام دون توقف.
أثناء نوم عميق، قد نصادف، أو في الحقيقة غالباً ما تحاكي رؤيتنا الحلم ما شعرنا به للحظات متفرقة أثناء يومنا.يسمى هذا التخزين الدماغي، أي أن عقلنا اللاواعي يحفظ كل حدث على حدة، ثم يقوم بتجميعه على شكل صور أو وقائع أو سقطة من على السرير، أو صراخ إلخ. وبمجرد ما أن يقع التسارع حتى يبدأ الإنسان في الشعور بمحاكاة حقيقية لكل كآبة أو حزن أو سعادة أو نجاح في حلم بعيد نظرياً عن الحياة المعاشة، إلا أن هذه المدة الزمنية تصور حقيقة ربط الحلم بالواقع دون أدنى شك.
لتقريب النموذج بين الحلم والحياة، فصل الروح عن الجسد يمثل جزءاً مهماً بين الزمن الوهمي أي الذي نعيشه والزمن الحقيقي الذي سنعيشه، الفارق هو أن الزمن في الحياة الإنتقالية بعد الموت كما يتصور لا يحكم بتقسيمات الزمن الحالية، بل لا يكاد يخضع لأدنى قانون بسيط مما نعرفه.
للزمن بعد إنسلال الروح من الجسد معايير مختلفة تماماً حسب المعتقدات الواردة في العديد من الكتب المقدسة و تجارب الخروج من الجسد و إقتراب من الموت.
إذاً فحياتنا مجرد حلم مقدم لما نعيشه الآن فنعتقد أننا نعيشه، قد تجزئنا هذه الإستنتاجات على وضع الأجوبة على التساؤل الأكبر هل حياتنا مجرد حلم؟ هل تمنحنا هذه الفرضية إحساساً بالراحة أم شعوراً بالعبثية؟
حسناً، إننا نحدد على أن حياتنا مجرد حلم، وهذه جدلية قائمة منذ زمن ولها حججها، وإذا افترضنا وجودها فإنها ستمنحنا إحساساً بالطمأنينة لأن نسير وفق نظام غير متعمد أو عابث.
#اتريس_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟