أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لماذا ينتحر الأدباء ؟














المزيد.....

لماذا ينتحر الأدباء ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 7506 - 2023 / 1 / 29 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


انتهيت من قراءة مجموعة " البومة العمياء" للكاتب الايراني صادق هدايت رائد ومؤسس القصة القصيرة في الأدب الايراني الحديث الذي أنهى حياته بالانتحار بالغاز في أبريل 1951 عن ثمانية وأربعين عاما، وأحرق قبل انتحاره العديد من أعماله غير المنشورة. جرفني التأمل في دوافع انتحار كاتب لامع في عز سنوات الابداع.. أهي الحالة النفسية الذاتية؟ أم الظروف التاريخية؟ أو تحالف العاملين على الإنسان؟. في قصته" البومة العمياء" ترد على لسان الراوي كل الإشارات الدالة على سيطرة فكرة الموت على الأديب حتى أنه يقول:" الموت فقط هو الذي لا يكذب"، وفي موضع آخر: " الخوف من الموت لم يترك تلابيبي قط"، ويلح عليه السؤال : " أين أنت أيها الموت؟ أين أنت؟"، ويقول : " الجميع يخشون الموت ولكني أخشى من حياتي" ! وفي قصة أخرى له بعنوان " من مذكرات رجل مجنون " يجنح إلى اعتبار الموت غريزة فطرية لدي بعض البشر فيقول : " إن الانتحار موجود عند البعض، في أصلهم وفي طبعهم، ولا يستطيعون الهرب من براثنه". وبقدر ما تصف تلك العبارات حالة الراوي في العمل الفني فإنها أيضا وبالقدر نفسه تصف حالة الكاتب. لكن الاكتئاب وفقدان الايمان بكل شيء لا يصلح وحده تفسيرا للانتحار، فقد عاش صادق هدايت انكسار آمال الشعب الإيراني في الحرية، مرة تلو أخرى، واختبر في شبابه ديكتاتورية حكم رضا بهلوي الذي أطاح بأبسط الحقوق الديمقراطية، وتجرع في نضجه مرارة حكم محمد رضا بهلوي الذي سار على خطى والده الديكتاتور حتى وقوع الثورة الايرانية 1979، وكثيرا ما ظهرت مرارة المعاناة من البطش في إبداع الكاتب. أيضا دفعت الظروف التاريخية أديبا عملاقا هو ستيفان زفايج للانتحار في فبراير 1942 وهو في الحادية والستين عندما دخل إلى حجرة نومه ومعه زوجته" لوت آلتمان" وابتلعا في لحظة عشرات الأقراص المنومة وغابا في عناق أبدي. ستيفان زفايج العظيم الذي قال إنه " يهودي بالمصادفة"، وقد تغلبت على الكاتب العظيم مخاوفه من زحف هتلر على أوروبا ففضل الانتحار بعد أن أصابه اليأس من الحلم بأوروبا متحررة ديمقراطية. ويبدو أن اليأس من الآمال التي تتكسر – في ظل الديكتاتورية - يغذي ويطعم وحش الانتحار إلى أن يبتلع الأديب. لكن فرجينيا وولف لم تحيا تحت وطأة ظروف اجتماعية معينة تسوقها إلى أن تكتب لزوجها رسالة أخيرة تقول له فيها : " لقد عدتُ إلى الجنون مرة أخرى. ولا أظنّ أن بإمكاننا النجاة مجددًا.. أنا لن أتعافى هذه المرّة. أصبحت أسمع أصواتًا كثيرة داخل رأسي، ولم أعد قادرةً على التركيز. لذلك سأفعل الأفضل لكلينا"، وفي مارس 1941 تملأ فرجينيا جيوبها بالحجارة وتتجه إلى البحر لتغرق نفسها فيه. ربما تكون الوحدة؟ ربما الاكتئاب المرضي الذي ساق همنجواي لإطلاق رصاصة على رأسه في يوليو 1961، خاصة أن لأسرة همنجواي تاريخا طويلا مع الانتحار، فقد انتحر والده وأختاه وحفيدته لاحقا. وربما يكون الدافع الى الانتحار افتقاد الحب؟ الطمأنينة؟ وعندما انتحر الرسام العظيم فان جوخ عن سبعة وثلاثين عاما كتب فرويد عبارته الشهيرة : " لو أنه وجد امرأة تحبه لعاش طويلا". وإذن ألا يحق لنا أن نقول ربما يكون الحب وحده هو الذي لا يكذب؟. في ظني أن معظم الذين أقدموا على إنهاء حياتهم كانوا في أمس الحاجة إلى الحب، الحب الذي لا يعوضه مجد ولا شهرة، فلم تكن مارلين مونرو بحاجة إلى أي شيء، ولم تكن سعاد حسني بحاجة إلى شهرة أو مال، ربما كانتا فقط بحاجة ماسة إلى الحب والطمأنينة. مجموعة صادق هدايت " البومة العمياء" وقصص أخرى ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا، صفحة جميلة من الأدب الإيراني، إبداع كاتب وجد الجرأة على الرحيل من وطأة شعوره بالغربة.

د. أحمد الخميسي قاص وكاتب صحفي مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قــصـة انـقـضـى عـلــيــهــا مــئــة عـــام
- ولــمــاذا نــكــتـــب إذن ؟
- مــغــالــطــات الــتــرجــمــة إلــى الــعــامــيــة
- تزييف الثقافة
- - ربـــمـــا - - قـصـة قــصـيــرة
- رجــال وســـجــايـــر
- حـفــيــف صــنــدل - قــصـة قــصـيــرة
- بــيــن نــجــيــب مـحـفـوظ و يـوسـف إدريــس
- إدوار الـخـراط .. أنـت مـعــنــأ
- نــســـاء وحـــب وأزيــــاء
- الآن دونو .. نظام التفاهة
- الإبـــداع فــي الــفــن والــعـــلـــم
- إغــفـــاءة - قـصـة قـصـيـرة
- تكفير الفن والثقافة
- ضـــــوء فــــي الــشــرفـــة - قـصـة قـصـيـرة
- حـمـايـة الـتـعـلــيــم .. تــلامــيــذ ومــدرســيــن
- اللا أمــــكـــنــــة .. أوجــيـــه مـــارك
- - أفندم - قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- أشـــــواق شـــاقــــة
- بـــوتـــيـــن .. حـــديــث عــن مــصــــر


المزيد.....




- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لماذا ينتحر الأدباء ؟